قيل في الحور ان بياض اعينهن شديد و سواد اعينهن دامس، و ليس حور الجنةٍ كحورِ الارض. و إنّ كنّ حور الأرض يهوونَ بالناظر سبعينَ خريفًا، فمبالك بحورِ الجنة.و هي من حور الارض، 'حوراء الديجور'، لها نصيبها من الاسم، فكانت حوراء وسط قبيلة كالليل في اشد حلاكه، تلفحن بالأسود كحجابٍ لهن، و كان رمزًا لعفتهن، و لم يسع احدٌ ان يتغنى بجمالهن، الا الشعراء من اهلهن.
و في حسنها تغنى الشعراء، و في نباهتها اندهش الوجهاء، حكيمةً هيّ، بحجابها الاسود تلفحت، و بقوة كلماتها تجبرت.
امتلكت بالكلمة قوة، و بالدين ثبات، امرأة ليست كمثيلاتها، تحضر مجالس الرجال و تحكم عليهم بالعدل.
و كيف للنساء ان يحكمن على الرجال بالعدل! لكنها فعلت، امتلكت العقل و الدين لتفعل. كانت ذات واجهة قوية، و هل ذلك بحسنها الذي يظهر من حوراء عيناها ام بخلفيتها ذات الاصول المجيدة، قريبة السلطان كانت، لكنها بدلًا من الخضوع و السير خلفه، هي اثبتت نفسها لتقف جانبه و تمتلك حق الإقرار.
لم يكن منصبها هينًا، هي اساسًا لم تملك منصبًا، لكنها فقط وقفت هناك لجانب سلطانها فتناقلت الأقاويل على الألسنةِ بشأنها، مؤلفين و محرفين للحقيقة إلى ما قد يرضي اهوائهم، فوجدت نفسها تتصف بأقاويل هي لم تسمع بأحد اتصف بها قبلًا، و هذا كان سخيفًا. كيف يزيد الناس باللغوِ و يخرجون بمؤلفاتٍ يصدقونها و افواههم هي من ألفتها.
و ليس ايًا من ذلك كان صحيح، هي فقط تتخذ مقولة'من تواضع لله علاَ شأنه'،شأنها علاّ، وازعها الديني كان ثابتًا، دافعًا كافيًا ليمنحها الله الحكمة و النباهة.
و على عكس مثيلاتها، هي تميزت بحجابها الاسود، لونٌ يدل على قبيلة الديجور في الجنوب، قبيلة ذات سمعة يقف لها العرب احترامًا، لكنها هنا، حيث الشرق، حيث الحجاب كان متجسدًا بخمارٍ يلف حول الوجه و يستر ما عداه، جُل النسوة من حولها كُنا ذوي اخمرة و يكشفن الاوجه، ذلك ليس معيبًا فقد كان الدين يضيء على مباسمهم، لكن هي من خالفت، لا يُرى منها سوى الحور في مبصرها و النعومة بكف يداها، و اللون الاسود كان كظلٍ يحميها من الانظار.
و بالفعل لا احد لينظر لها، هنالك الحمراء و الصفراء من حولها، لا احد يلتفت للسوداء، و هذا يثبت للناظر ان ادق التفاصيل بالاسلام تأتي بفائدة دائمًا، كان لون اسود فقط، لكنه كان كحجازٍ حامي للمرأة العفيفة، لا عين زائغة لتتفحصها و لا كلمات بذيئة تقطع لها طريقها.
و كان من الغريب ان شخصيةً معروفة لديهم كالحوراء خاصتنا حينما تسير بالاسواق لا يعرفها احد و لا يلتفتوا له، حتى انها تسمع بعض الاقاويل تتحاكى بين الباعة بشأنها.
أنت تقرأ
|الحوراء|
Historical Fiction-مكتملة- قيل في الحُور ان بياض اعينهن شديد و سواد اعينهن دامس، و ليس حور الجنةٍ كحورِ الارض. و إنّ كنّ حور الأرضِ يهوينَ بالناظر سبعينَ خريفًا، فما البال بحورِ الجنة. و هي من حور الارض، 'حوراء الديجور'، لها من الأسم نصيب، فكانت حوراء وسط قبيلة كاللي...