|حِكمة الحوراء|

397 55 77
                                    


الشمس اشرقت ، و إشراقتها اطلت عليهم من بين زجاج القبب بالاعلى. هندسة القصر كانت محترفة، فمجرد سقوط الضوء بشكل طفيف على زجاج القبة يبدأ بالانعكاس على كل قطعة زجاج بالقصر، من نوافذ و من زينةٌ على الحوائط المكسوة بالزجاج.

الجو بات منعشًا، لا سيما ان بعض الخدم كانوا يقرون بعض آيات من القرآن اثناء اتمامهم لعملهم، الروحانية تلمئ بالمكان و تجعله ملجئًا للاسترخاء.

"اذن؟ ما بال الاثيال و فرسانهم، هل وافقوا ام اعرضوا؟"

"اذا كان الدين في الشأن فهم اول من يوافق."

كانت تسير بالممرات رفقة خالها بعد تناولهم للإفطار، كلاهما يعلمان ان يومهما هذا سيكون شاقًا بالاخص ان الفرسان الذين يباتون في القصر المجاور سيتم الخوض بإجتماع معهم في الظهيرة.

"عجبًا لأمرهم، دينٌ و دنيا."

"و ما بالكِ انتِ بهم؟ فليس من العيب ان يسعى العبد للحوز على الخيرات التي اوجدها الله على أرضه، فإن لم نحوز عليها فلمن سنتركها؟"

"لا عيب بالحوز على خير الدنيا، لكن ليس بأن يترفعوا بها و كأن الله فضلهم على العالمين، قدوتنا الرسول و سُنته التواضع."

"عليه الصلاة و السلام، ليشغلنا الله بأنفسنا، لا حِمل لنا بالناس و ذنوبهم. كيف تركتِ امي و اختي؟"

"تركتهم و كلٍ مشغولة بعبادة ربها، من تصلي و من تقرأ القرآن."

ابتسم السلطان على سيرة امه، ود زيارتها الا ان الاعمال اشغلته عنها، و يخشى ان يعُقها بقِلة صلتهِ بها.

"يا عم، فل تكتفي بوضع البخور، لستَ مضطرًا للسير بالمعطرات في ارجاء القصر."

خاطبت حوراء الخادم العجوز ذو الظهر المقوس و الحال الرهيف، من النظر له ستعلم ان لا حيل له بالتحرك اكثر مما ينبغي عليه، و بدلًا من إتعابه بالسير بالمعطرات فالافضل إشعال البخور لينتشر بنفسه في جميع الارجاء.

"طاب اصلكِ يا ابنتي."

"زادك الله فضلًا يا عم."

انهت حديثها معه و اتمت المسير رفقة السلطان الذي على عكس ما كان عليه صباحًا من بعثرة، كان انيقًا حسن المظهر ليثبت اصوله كسلطان، بالاساس حوراء هي من بذلت جهدًا بانتقاء ثيابه و تحسين مظهره لليوم، فاما هو لن يمانع الظهور امام الفرسان بحالته المعتادة من تبعثر. فكما يقول'الافعال قبل المظاهر.'، و بالفعل افعاله يسري صيتها بين القاصي و الداني، لكن لازال للمظهر اهميته.

"حضروا المشروبات و التحليات لاجل الظهيرة، قاعة العرش زودوها بمقاعد كافية لعدد الفرسان، و احرصوا على الذهاب لسؤالهم ما إن احتاجوا لشيء ما، لا تدعوا ضيوفنا يشتكون من تقصيرنا."

|الحوراء|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن