صهيل خيله كان يخترق صوت أمواج البحر المتلاطمة، و كما كانت سرعته تكسر حِدة الهواء من حوله.
كان ككل مرة يكسب بدنه بعض الشدة على بعدوه على خيله على أطراف البحر عاري الصدر مستغلًا فرصة كونه بمفرده، ثقل الهواء و حِدته على صدره كان يزيد من قوة بدنه و صلابته لأجل المعارك.
و هذه المرة دون المرات الباقية كان الشعور بداخله مختلفًا، لم يكن هناك ثقل بقلبه و لا تعب بجسده، كان خفيفًا فروحه لا تتسع لحماسته. الغد، الغد هو الموعد المنتظر، و على عكس ما ينبغي عليه أن يكون من التوتر و القلق خشية رفضها، كان سعيدًا و تواقًا بشدة لتلك اللحظة، قضى لياليه الماضية بالدعاء في جوف الليل و الله أكرم من أن يرد دعائه، كان واثقًا بالأستجابة رغم معرفته بأنها ستستمر على رأيها برفضه، لكن الله يُسير الأمور من حيث لا ندركها.
"يكفينا عدوًا يا دامس."
ربت على عنق خيله و شد لجامه يوقفه عن العدو فأرتفع بظهره هائجًا بعدم أعجابه للتوقف الأن، حركته كانت خطيرة و كاد يسقط أبسل لولا أنه كان معتادًا على هيجانه و بقوة قام بترويضه يوقفه عن الهيجان.
"لا تجعلني أقابل عروسي بجسدٍ متكسر، أهدء و دعنا نعود نحصل على بعض الراحة و نتحقق من سير التجهيزات على ما يرام."
أنحنى يرفع الجزء العلوي من ردائه الذي كان يلفه على خصره، و سارع بتهذيب هندامة قبل العودة.
دخل على منزل أهلها و الضجيج كان يملؤه و أمه كانت ذات تعابير متوترة و متعبة و هي تسير بين حمولة القافلة التي سيذهبون بها غدًا لتقديمها كهدية للعروس.
"يلزمكِ بعض الراحة يا أمي."
أمسك بأكتافها يسحبها معه للجلوس لكنه حصل على نصيبه من التوبيخ"أنتم الرجال ذوي دمٍ بارد، غدًا خطبتك و تودني أن أرتاح."
أبتسم لها يمسد على كتفها"التوتر و القلق لن يحل شيء، يكفي أن نتوكل على الله و هو سيدبرها."
"أسال العون منك يا الله. أذهب لمنزلك يا بني و أحرص على النوم جيدًا لأجل الغد."
"طلباتكِ أوامر يا قرة عيني، تحتاجين شيء قبل ذهابي؟"
"سلمت."
ودعها و خرج متوجهًا لمنزله. أدخل دامس لأسطبله و تحرك للدخول، لم يكن منزله عاديًا و لم يكن فارهًا، كان ذو منظرٍ دافئ و أنيق و يغلب عليه اللون الأبيض، بهذا الوقت يصعب الحصول على طوبٍ و أثاثٍ باللون الأبيض الذي بات رمزًا للثراء، و بالقبيلة لا يستخدمه الا شيوخهم، و هو كذلك قام بأستخدامه في البناية الداخلية لمنزله كون لا أحد يدخله غيره و ترك البناية الخارجية بلون رملي أعتيادي.
أخذ له حمام دافئ و تزين بالعطور و هذب خصلات شعره و شواربه بمزاجٍ حسن ينتمي للعرسان فقط، و دعونا نتجاهل حقيقة أن الرفض سيكون واردًا بأجابتها.
.
.
و لدى حورائنا، كانت تقضي أيامها بعد العودة في راحة تامة و أغلب الوقت كانت بأجتماع مع عائلتها و جاراتها.
أنت تقرأ
|الحوراء|
Historical Fiction-مكتملة- قيل في الحُور ان بياض اعينهن شديد و سواد اعينهن دامس، و ليس حور الجنةٍ كحورِ الارض. و إنّ كنّ حور الأرضِ يهوينَ بالناظر سبعينَ خريفًا، فما البال بحورِ الجنة. و هي من حور الارض، 'حوراء الديجور'، لها من الأسم نصيب، فكانت حوراء وسط قبيلة كاللي...