وهجٌ أخضر

63 7 4
                                    

تسابقت الغيوم لتأخذ مكانها في كبَد السماء، وبعد عدة دقائق تسابقوا في إسقاط المطر على تلك الأرض الزراعية، أمعنت غيمةٌ نظرها فرأت غادةً حسناء، ترفع وجهها إلى السماء وتحمل بين أحضانها كتاب أزرق اللون، رأت الغيمة النار التي أشعلتها الغادة تلفظ أنفاسها الأخيرة، بدأت الغادة تتحرك وتترنح بين سنابل القمح والصفصاف الهش، ذعرت الغيمة عندما رأت سيدة سمينة تركض من بعيد بإتجاه الفتاة، تراجعت الفتاة قليلا بينما تزفر أنفاسا باردة استعدادا لوصلة التوبيخ التي ستتلقاها من امها
ستوبخها لأنها تأخرت ولأنها لم تعد للمنزل فور بدأ هطول المطر، أحكمت {ينسي} ذراعيها على الكتاب وأزاحت خصلات شعرها الشقراء "قليلا" من على عينيها ونظرت للسماء للمرة الأخيرة قبل أن تعود لمنزلها، فوقع بصرها على وهج أخضر لامع بين الغيوم الداكنة ، أخذ يكبر الوهج حتى أحتل مساحة لا بأس بها وظهر لمعانه من خلف الغيوم ، وصلت إليها أمها وأمسكت يدها وسحبتها خلفها وهي تصرخ بكلمات التوبيخ، ومازالت أعيُن الغادة على ذلك اللمعان، ثم سألت والدتها على ذلك الوهج، فنظرت لها نظرة استنكار وتابعت برطمتها

سارا إلى منزلهم، الكوخ الصغير المطل على التُرعة، أخذت السيدة{بنار} تمسح عن إبنتها "التافهة" كما تدعوها ماء المطر ومازلت الغادة شاردة تتسآئل عن ماهية ذلك الضوء..

مرت الايام والوهج يزداد كبرا ولمعانا، سألت ينسي الكثير عن هذا الوهج ولكنها حصدت نفس نظرات والدتها واتهمها احد جيرانها بالجنون، ولكنها لم تكن تتخيل هذا الوهج، أنه موجود

وفي يوم بعدما أطعمت الدجاجات في الحظيرة، وأزالت الثقل من ضروع الأبقار، جلست تتأمل ذلك الوهج اللامع في السماء البرتقالية، كان الهواء لطيفا على بشرتها رغم أنه محمل برائحة روث البهائم وعلف الدجاج، كانت ترى من بعيد مياه التُرعة تلمع، كان البرد"الذي اعتادت عليه في مناخ أعالى أوروبا" محببا إليها، رغم تجمد الدماء في عروقها أحيانا ولكنها كانت تشعر أن ذلك البرد هو الذي حماها من التيفويد
أغلقت عينيها عدة دقائق تتنفس ببطئ وما إن فتحتها حتى سقط من هذا الوهج في السماء كتلة من الريش الأبيض، صرخت ينسي وركضت مسرعة إلى الحظيرة، أمسكت عصا كانت ملقاه عل أرض الحظيرة وأقفلت الباب وظلت تنظر من كوة صغيرة إلى تلك الكتلة، فرت منها صرخة أخرى عندما رأت رجلًا عاري الصدر يخرج من بين الريش وكادت أن تفقد وعيها عندما رأته يفرد جناحيه

ارتعدت أوصالها ولكنها ظلت تراقب ذلك الكائن الغريب، فتح عينيه فرأتهما خضرواتان وكأن لمعان ذلك الوهج كان يصدر من عينيه، مرر يديه على شعره الفحمي الطويل وازاح خصلات غرته من على عينيه وتلفت يمينًا ويسارًا حتى وقع بصره على ينسي..

ركضت سريعًا إلى ركن من أركان الحظيرة، وهي ترتعش وقد اغرورقت عينيها بالدموع من الخوف

ودخل ذلك الكائن الحظيرة وأخذ يقترب منه بنظرات حادة كادت أن تؤدي بها وفجأة سقط على الأرض؛ ضربته ينسي عندما اقترب منها كردة فعل للافعل

أهدابُ المُجنح تَلمَعْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن