(أبي)
أحس عيسىٰ بإحباط شديد ، حرف الراء يشكل أزمة في حياته ولا ينقصه التعامل مع شخص يبدأ إسمه به والطامة الكبرى الواو التي تتبعه فأصبح نطقه بالنسبة له في ذمة الله، لكنه مضطر والمضطر ينطق الصعب حتى لو تعثرت مخارج ألفاظه .. أجبر ملامحه على رسم ابتسامة مجاملة قائلاً (تشرفنا يا آنسة .... رَوَاء)
بادلته ابتسامته بأخرى أكثر عملية مصحوبة بإيماءة صامتة ولم تنكر أن طريقة نطقه لإسمها لفتت انتباهها بشدة، لدغته من النوع الذي يحول الراء لصوت ناتج عن اقتراب الأسنان الأمامية من بعضها دون تلامس فيصبح بين واو وياء خفيفين مثل رؤوف بطل الفيلم السينمائي الشهير "تيتا رهيبة".. وتنفيذاً لأوامر مديرها طلبت منه أن يتبعها بآلية تامة لتقوم بتعريفه على المكان وشرح طبيعة العمل وإرشاده إلى مكتبه الخاص والذي كان قريباً من مكتبها...
-(أوردرات الشغل هاتستلمها مني وأنا بسلم التارجت بتاعك لأستاذ مؤنس كل أول شهر).. قالتها رَوَاء موضحة خط سير المهام داخل الشركة فسألها عيسىٰ مستفهماً (هو كل مصمم هنا له حد معين بيسلمه الأوردرات؟)نظرت إليه باسترابه ولسان حالها يرد في سرها (إنت عبيط؟) لكنها حاولت السيطرة على تعابير وجهها الممتعضة من سؤاله الغبي قائلة باستهزاء (آه مشغلين لكل مصمم سكرتيرة)
اتسعت حدقتيه قائلاً بتعجب (بجد؟! ، بس كده الشركة هاتبقى زحمة أوي)
صمتت رَوَاء لثواني تستوعب مدى سذاجته، تقلب عينيها يميناً ويساراً، ضاَمَّة حَاجِبَيْهِا ثم قالت مشيرة لرأسه بشك (حضرتك بتتعاطى حاجة؟، لو بتتعاطى قول ماتتكسفش، فيه مركز لعلاج الإدمان قريب من هنا هايساعدك تخف)
أحس عيسىٰ بإحراج شديد يقول بوجه مُحمّر (انتِ بتسخري مني يا آنسة؟)
-(بتسخري؟، الناس بطلت تقول الكلمة دي من سنة 95،اسمها بتتريقي)
-(كلها مفردات لمعنى واحد وهو إنك بتستهزأي بيا)
-(بص ياكابتن، أنا خلقي ضيق ومش طايقة نفسي أساساً، فياريت تسأل أسئلة منطقية)
-(وإيه اللي قولته مش منطقي؟)
-(بالعقل كده فيه شركة هاتعين سكرتيرة لكل موظف؟، هو فرح خالتك؟)
- (انتِ تعرفي خالتي منين؟، ثم إن خالتي متجوزة من زمان، دي ماتت أصلاً)
لم تتمالك رَوَاء نفسها فانفجرت ضاحكة حتى أدمعت عينيها بينما وقف هو يرمقها بغيظ ثم قال (برضه بتسخري مني؟)
توقفت عن الضحك بشق الأنفس قائلة (أنا آسفة والله بجد ،إنت شكلك طيب ولطيف أوي)
كتف ذراعيه أمام صدره قائلاً بملامح واجمة (طيب بس مش أهبل عشان تضحكي عليا، ومابحبش كلمة لطيف دي)
قطبت جبينها متسائلة (ليه؟، هي اللطافة وحشة؟)
أجابها بخجل (الناس بتقول عليا لطيف عشان ألدغ وانا بكره ان حد ياخد الانطباع ده عني)
أنت تقرأ
رسائل رَوَاء
Lãng mạnروح حالمة ورسائل ترصفها الكلمات، وحياة أقبلها بزلّاتها علَّها تقبلني كما أنا، وعيون ترعى وأخرى تُعَرِّي، وقلب بين هذا وذاك يصارع بغريزة قوية للبقاء وظروف صنعت من جوف الضعف مُحاربة .. أي بُنيتي قفي في وجه الأزمات ولا تخشي الهزيمة.. أي رَوَاء القوة خُ...