روح حالمة ورسائل ترصفها الكلمات، وحياة أقبلها بزلّاتها علَّها تقبلني كما أنا، وعيون ترعى وأخرى تُعَرِّي، وقلب بين هذا وذاك يصارع بغريزة قوية للبقاء وظروف صنعت من جوف الضعف مُحاربة .. أي بُنيتي، قفي في وجه الأزمات ولا تخشي الهزيمة.. أي رَوَاء، القوة خُلِقَت من أجلك وداخل كل أنثى في هذا العالم قلب رَوَاء
(رسائل رَوَاء)
************
رَوَاء
رحلة البحث عن الذات تبدء بخطوة، خطوة واحدة فقط تفصلك عن الحقيقة وتضع قدميك على أول الطريق وتثبتها لتجد مسارها الصحيح، وفي البحث حرب محسومة لصالح المثابر وما البقاء إلا للأقوى وصاحب الحق بِحق.. كانت تجلس خلف مكتبها منهمكة في عملها وصوت نقراتها السريعة على لوحة مفاتيح حاسوبها الآلي يلعب دور الموسيقى التصويرية للمشهد، ترفع أناملها الرقيقة تارة لتصحح وضع نظارتها الطبية دائمة الإنزلاق أعلى أنفها، وتارة أخرى تزيح أطراف غُرّتها الناعمة التي تغطي جبهتها، لاعنة في سرها تلك الملاقط الحمقاء، الفاشلة في تثبيتها مع باقي خصلاتها وتعد نفسها بشراء نوع أفضل المرة القادمة، لا تنتبه إلا للعمل، ولا تفضل الحديث في أي شئ سوى العمل، ولاتجد مُبرر يستحق إستيقاظ الإنسان من النوم والإختلاط بالجنس البشري سوى العمل، لذلك يفضلها مديرها ويثني عليها دوماً ويلقبها بـ (المُنجِزة) أو (المُنقذة).. فتاة مثلها تتجسد الجدية والرسمية في روحها وطباعها بشكل يبدو مبالغ فيه لا ينجذب إليها الرجال، يعتبرونها معادلة حسابية صعبة فيثاغورس بقيمته وقامته يقف عاجزاً أمام حلها، عملة نادرة تجمع بين الجمال والملامح الناعمة ومظهر ذكوري يكسبها خشونة مخيفة، شعرها الطويل المجموع دائماً بهيئة ذيل فرسة عربية عنيدة لايتناسب مع البنطال الچينز والحذاء الرياضي والسترة المُقفلة بإحكام وشال المقاومة الفلسطينية الذي تلفه حول عنقها صيفاً وشتاءً وكأنها تحتمي به وتقول للعالم بطريقة واضحة وصريحة (أنا الخصم في معركتي والحكم، أنا السوط والمناضل المجلود) .. رَوَاء بفتح الرَاء ترويك وتسقيك حتى ينتهي عطشك، وإذا ضممت راءها كافئتك بالنظر لوجهها الحسن وإياك وكسرها وإلا قيدت أطرافك الأربعة بحبل شموخها وألقتك في بئر مسعود أحد المعالم التاريخية الشهيرة في مدينة الإسكندرية مسقط رأسها ورأس والديها..
_ (رَوَاء، من فضلك عايز التصاميم الخاصة بشركة فؤاد مدكور) .. قالها السيد مؤنس مديرها من خلال جهاز الإنتركوم المُلحق بمكتبها ..
ردت عليه رَوَاء وهي تجمع الأوراق داخل ملف خاص بها (حاضر يا أستاذ مؤنس ثواني وتكون عند حضرتك).. نهضت من مقعدها ثم عدلت وضعية نظارتها بطرف سبابتها واتجهت بخطى ثابتة نحو مكتبه لتلبي طلبه، استغرقت المهمة بضع دقائق وانتهت كالعادة بإطراء وعبارات إعجاب من جانب رب عملها وابتسامة رسمية من جانبها وشكر جاف دون حرف زائد يتبعه خروج ونظرة خاطفة لساعة يدها، إنها الخامسة والنصف مساءً موعد الإنصراف وانتهاء مواقيت العمل الرسمية، زفرت بيأس من تلك الدائرة المُفرغة التي لا تعرف قياس قُطرها، ومع الأسف مضطرة للعودة إلى المنزل ورؤية زوج والدتها والتعامل معه وهي تضع بذرة حبهان تحت ضرسها، فالليمون لا نفع له مع هذا الرجل المثير لجميع المشاعر المُقززة، أطفأت رَوَاء حاسوبها النقال ورفيق دربها في كل مكان لتضعه داخل حقيبته الخاصة ثم رتبت طاولتها وتأكدت من وجود كل شئ بمكانه وأثناء انشغالها بما تفعل انتبهت لصوت زميلتها وصديقتها الوحيدة "وسام" _مع التحفظ على مسمى صديقة، رَوَاء لاتمتلك أصدقاء حقيقيين على أرض الواقع_ (بسرعة شوية يا رَوَاء التِرام هايفوتنا)
![](https://img.wattpad.com/cover/271083497-288-k895572.jpg)
أنت تقرأ
رسائل رَوَاء
Romanceروح حالمة ورسائل ترصفها الكلمات، وحياة أقبلها بزلّاتها علَّها تقبلني كما أنا، وعيون ترعى وأخرى تُعَرِّي، وقلب بين هذا وذاك يصارع بغريزة قوية للبقاء وظروف صنعت من جوف الضعف مُحاربة .. أي بُنيتي قفي في وجه الأزمات ولا تخشي الهزيمة.. أي رَوَاء القوة خُ...