الفصل الرابع : سأكسر جبل الجليد هذا

648 21 18
                                    

في اليوم التالي بذلت ماغي جهداً فائقاً للتأكيد على صورتها العملية، فارتدت أكثر البدلات تجهماً و هي بذلة مصنوعة من قماش البوبلين البني القاتم، لكنها إلى ذلك أنيقة تلائم جسدها، ارتدت لها قميصاً حريرياً بلون الكريم مزرراً جيداً حتى العنق ثم وضعت نظارتها بثبات فوق أنفها، رافضة أن تخلعها أو تخلع سترتها رغم الجو الخانق في مكتبها الصغير .

غاب أندرو و مات طوال فترة الصباح أيضاً، و عندما عاد أندرو وحده بعد الظهر، حدثها بلهجة صارمة أكثر من المعتاد، بينما كان يوجه لها الأوامر بحدة، تساءلت عما إذا كان لقاؤهما بالأمس قد أزعجه .

لكنها لم تستطع إيجاد سبب لهذا، فما تفعله وقت الفراغ هو من شأنها الخاص الذي لا علاقة له به، إنها حقاً لا تحبه ... راقبت النظرة القاسية على وجهه و هو يتصفح ملف أحد الزبائن أمامه، إنه بارد، مستبد .

في الساعة الرابعة و النصف، هب من مكانه و وقف بالباب يمعن فيها النظر فنظرت إليه عبر نظارتها متسائلة ... قدم إليها ملفاً أصفر، فأخذته و تصفحته ... وجدت عدة أوراق ملأى بكتاباته العريضة الواضحة .. فتنهدت داخلياً .

قال لها بصوت لا أثر فيه لأي شيء :
ـــ أريدها الليلة مطبوعة .

هزت رأسها، لقد تعودت على التأخير الذي لا يسبقه إنذار و ما كانت تعترض لأن لا شيء ينتظرها في المنزل، و لأنها تقبض أجراً جيداً على العمل الإضافي .

بدأت الطبع .. مرتبة كل شيء ترتيباً منظماً خاصة الأرقام، عملت بشكل متواصل ما يقرب الساعة، حيث فرغ المكتب كله من العاملين الذين عادوا إلى بيوتهم، و قد أشعرها الهدوء النسبي بالراحة فعملها الذي بين يديها معقد سيحتاج إلى ساعتين آخريين لإنهائه، لكن هل يريده أندرو حقاً ؟ تنهدت، عندما سمعته يناديها من مكتبه :
ـــ تعالي لحظة .

التقطت دفتر الإختزال و قلماً ثم دخلت مكتبه لتجده منكباً على أوراق موضوعة أمامه .

ـــ اجلسي .

أطاعته و هي تتساءل عن المهمة الجميلة التي سيطلبها منها، إنها تعبة و تتمنى أن تنهي ما بين يديها من عمل لتعود إلى بيتها .

وقف أندرو أخيراً، و تقدم إلى الباب ليغلقه، ثم عاد ليجلس على حافة مكتبه، طاوياً ذراعيه إلى صدره، كان يرتدي البذلة الكحلية التي كان يرتديها أمس و هذا ما حدا بها إلى التساؤل عما إذا كان قد قضى ليلته عند إيڤا بانديث .

ـــ أريد التحدث إليكِ .

أجفلتها لهجته الباردة الجافة فاستوت جالسة تحدق إليه ... لماذا يبدو غاضباً كل هذا الغضب ؟ بحثت في ذاكرتها عن خطأ قد ارتكبته في عملها، فهي تخطيء أحياناً لكن ليت الخطأ غير خطير هذه المرة .

ـــ لا يعجبني عبثكِ مع مات ماكلاود .

فغرت ماغي فمها، فسألته و هي تكاد لا تصدق ما سمعت :
ـــ عبث ؟ لا أفهمك .

أشواك الحرير // روايات أحلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن