كونَ الجو غائماً لم يثنِ أحداً عما خطط له، المساحات الواسعة سواء كانت داخل المبنى الفسيح، أو خارجه، لا تُرى بـ مثل هذا الإزدحام طوال أيّام السنة.
كـ انطلاقة، إتخذت إدارة المتوسطة طالبة في سنتها الأخيرة لإلقاء الخطاب المعتاد إلقاؤه في المناسبات الهامّة، وليست أيّ طالبة؛ إنما هي أكثر المتفوقين والحائزين على أعلى النقاط و المراتب.
وقفت منتصبةً على مسرح القاعة الضخمة، خلفها طيَّات ستائر المسرح الغامقة، بـ هندامها المرتب، و شكلها هو الآخر، توحي بـ كونها مُستحقة لِما تحصل عليه حقاً.
استفتحت خطابها بـ كلمات روتينية، معتادة:
- أهلاً بـ جميع الحاضرين، من طلبة الثانويات و تلاميذ الابتدائيات الذين شرفوا متوسطتنا المتواضعة.
أكملت و الصرامة بادية على وجهها:
-أمَّا بعد؛ ترجوا إدارة مدرستنا استمتاعكم بـ ما حضّره لكم تلاميذنا، متمنين حصول مؤسستنا على استحسانكم، و تقدم الجدد من التلاميذ لها.
رغم أنها لم تطل كلامها، إلا أنها لاقت اعجاب جمهورها بها-وتعالت أصوات التصفيقات لها-، لكلماتها المتّزنة، و ثباتها على كلامها.بدأ تهافت الطلبة على مختلف الأكشاك الصغيرة، ذات الألوان المبهرجة، لتوزيع أو بيع المشروبات، و بعض أنواع الأطعمة، إضافة إلى المعارض المناسبة لكل الإهتمامات، تحت إشراف مُمثّلي الصفوف.
أما عن المقهى -الوحيد- في صفوف السنة الثانية، فقد زُينت جدرانه بعبارات الترحيب الزاهية، و الأشرطة المُلونة، وُضعت طاولات مستديرة متوسطة الحجم في أماكن متباعدة ، و تم اختيار مفارش بيضاء لـ توضع عليها، تتوسطها باقات زُهور يانعة ذات روائح فواحة.
ارتدت الفتيات أزياء نادلات بألوان قوس المطر، أما عن شيفويو الذي اختار دور النادل-بحكم عدم مقدرته على الطهو و وجود طهات عديدين بالفعل- فقد ارتدى بذلة شبيهة بالبذلات الرسمية، بـ لون أسود.تهافتت الطلبات من كل الطاولات، مشروبات هنا، و حلوى و مرطبات هناك، استمروا بالتناوب على تحضير المآكل، و استمر النُّدَّل في أخذ و جلب الطلبات.
تعالى صوت شيفويو الذي أعلن تعبه بعد منتصف النهار:
- "تعبت!"
-"استمر بالعمل، ماتسونو، ما كان عليك اختيار دور النادل" قال أوكانو [ للتذكير فقط: هو ممثل الصف].
ثم أكمل بـ كلمات خالطها التعب و المسؤولية:
-" ثم إن الفتيات معك لا يشتكين، كن مثلهن! "
شعر شيفويو بالندم لأنه أعلن تعبه و اضطر لـ تلقي درس-قصير- من زميله، أو بالأحرى رئيسه في العمل حالياً.-" أوكانو-سان لم يبقَ لدينا أي حليب أو قشدة" قال أحد الطهات.
-"مالذي تقصده بأنه لم يبق حليب أو قشدة؟ "قال أوكانو و القلق على محياه.
-" أيمكنك إضافة الشوكولاتة و الكعك الجاهز للقائمة؟ " قالت إحدى الفتيات.
-"ماذا؟ " قال أوكانو و هو يكاد ينفجر.
-" و عصير التوت أيضا! " أردفت فتاة أخرى.
-"هل تَنْوُونَ إصابتي بـ جلطة؟ لما لم تُخبروني سابقا؟ " قال أوكانو مؤنِّباً إياهم.
-"كي لا تصاب بـ جلطة! "قالت فتاة بنبرة ساخرة.
أنت تقرأ
عمَى أَلْوَان
Short Storyتُرَى... كَيْفَ هِيَ الحَيَاةُ مِنْ دوُنِ أَلْوَان؟ فيِ رحْلَةِ الحَيَاة، نقَابِل مخْتلَفَ الأَشخَاص، الطَّبيِعيونَ وَ غَريبُو الأَطوارِ، لكنْ.. فيِ هذهِ الحِكايَة؛ سيَكونُ لدَيناَ عميَاءُ-نوعاً ماَ-تقُودُ دفَّةَ القصَّة، أتمَنَّى أنْ يُكلِلَها ﷻ...