حتّى مرّت الأيام، و كان الجو صحو، و الشمس مشرقة، الغيوم المتكدسة خلف الجِبال، العصافير تزقزق، آثار الأمطار على الطرقات، مع لطخات الوحل،و أصوات محركات الدراجات النارية.
إنه يوم عطلة، لذا؛ كان على جوسي التوجه إلى طبيبها، رغم أن هذا لا يجدي نفعاً، فـ ربّما قد يكون آخر موعدٍ لها معه.
فضَّلت اختيار فستان أزرق بـ نسيجٍ أبيض على أطرافه، مع حذاء جلدي بُنّي ذي كَعبٍ متوسط، بينما فضّلت تظفير شعرها على الجانب، و قبّعة قشّ واسعة مع زهور صفراء مناسبة للجو عليها.
استقلّت القطار السريع للوصول إلى شينجوكو، الذي يستغرق وصوله إنطلاقاً من شيبويا قُرابة الخمس (٥) دقائق.
انتظرت أن يتم المناداة عليها كَـ كلِّ مرة، دخلت و خرجت مُخبرة طبيبها أنّه آخر موعد لها؛ و أنها -إذا حدثت معجزة- إذا استعادت بصرها سوف تخبره بالأمر.
إختارت الذهاب للتجول في شوارع شينجوكو الواسعة، لـ تُقرر في النهاية البقاء و شرب مشروب ما.
كانت حائرة بين حليب الشوكولاتة الذي تعتليه طبقة من حلوى الخطميّ و عصير الفواكه؛ لذا قررت طلب الاثنين.
وضع النادِل واحداً أمامها و الآخر على طرف الطاولة المقابل لها، ظانًّا منها أنّها تنتظر أحداً.
قوطعت محاولتها لـ تناول حلوى الخطمي بواسطة القشة، رنّة دامت لـ ثانية، معلنة عن وُصول رسالةٍ جديد، حملت هاتفها ذا اللون النّيلي، معلقة عليه صورة زجاجية لنجمة بيضاء.
فتحت الهاتف المطوي، و انتقلت لـ الرسائل، و جدت أن الرسالة من رقم غريبٍ، كان محتوى الرسالة:
"كوميكو! مرحباً، إنه أنا، شيفويو، احتفظت بـ رقمك للحاجة، هل يمكنني الحصول على دفترك الخاص بـ اللغة الإنجليزية؟".-" أوه، ماتسونو؟ " قالت بهدوء و نبرة الحيرة تعتليها.
-------
كان شيفويو يحاول الدراسة، حيث أبعد مجلّات المانجا عنه، هو بالتأكيد لن يُقاوم قِطّه ' بيكي-جي' لذلك، أخرجه من الغرفة، لـ يقوم بخدش الباب، ليفتح له شيفويو، لكن من دون جدوى.
"متى تريده؟" أرسلت جوسي له.
"هل يمكنني القدوم لإحضاره الآن، أنا بـ حاجة إليه حقاً!" أرسل شيفويو منتظراً منها ردّاً مُرضياً.
"آسفة حقاً، شيفويو، أنا في شينجوكو الآن"
_______________
شعر شيفويو بالخيبة، إلّا أن ذلك لم يدم، فقد تهلل وجهه عندما تذكر رغبته في شراء إحدى مجلاته المفضلة ذات النسخ المحدود، ثم تردد، فـ هما ليسا صديقين حتى، فـ حسم أمره و طلبه منها.
"كوميكو، أ يمكنك الحصول على نسخة من مانجا رجل القطار؟"
________________
اندهشت جوسي من طلبه، فـ لطالما عرفت أن تلك المانجا تحمل تصنيف الـ "شوجو"، الموجَّه لـلفتيات، إلا أنها لم تشأ رفض طلبِه.
" بالتأكيد! "
أنهت شرب عصيريْها، ثم نادت على النادل لتدفع له.
توجهت إلى أحد متاجر المجلات، لشراء ما طلبه شيفويو، ثم استقلت قطار طوكيو للعودة للمنزل.
__________
كان على جوسي إرضاء أختها الصغرى، التي تتذمر بسبب عدم إحضارها لأي شيء لها.
-"أرجوكِ هانا.. توقفي عن البكاء"
-"أنتِ.. أ.. أخت مريعة! " قالت بصوت مختلط بـ شهقات بكائها.
لم يبقَ لـ جوسي حل، فـ قامت بإحظار حلوى الدّانغو التي اشترتها لـ تناولها بعد العشاء، لـ تمتلأ عيناها دمعاً بعد أن فارقت حلواها المفضلة، ثم تحاول إخفاء ذلك بـ بعض البهجة.-"هانا خذي! إنها.. لقد اشتريتها لك و نسيتها! "
نظرت الصغيرة ناحيتها بينما تمسح دموعها محاولةً ترتيب وجهها، لـ تمسك قطع الحلوى ذات الألوان الثلاثة و تتوارى أصوات شهقاتها خلف أصوات الضحكات المنعشة، فـ يختفي الجو الكئيب.
انتهى وقت توتر جوسي من بكاء أختها، ثم تنهدت بـعمق، و رسمت على وجهها الإبتسامة الدافئة، التي لا يقاومها أحد، لـتقول:
-"لا تبكِ مجدداً، هانا، الزهور يجب أن تبقى جميلة"قوطعت جملتها من قِبل أمّها التي كانت تصفق لها، ثم قالت بـ فخر:
-"أخبرتك أنك مناسبة لتعتني بـ أختك أثناء غيابي! "نظرت إليها جوسي بـ نظرة تقول "كنت تشاهدين؟"
ثم قالت محاولة التغطية على خسارة الدانغو:
-"أمي! "انتهى المطاف بها في غرفتها-كـ المعتاد-، تشاهد المدينة، و تراقب مرور العامّة، من العجائز حتى الجانحين الذين لا يندثر صوت هدير محركات دراجاتهم.
فجأة لمحت درّاجاً ذا شعر أشقر، كانت تدقق النظر، لـ ربما هو شيفويو، الجميع في الصف يتحدثون عن كونه جانحاً، فـ الشبّان العاديون لا يضعون الأقراط، أو يصبغون شعرهم.
-"هاه؟ إنه ليس هو.. "
___________________________
ملاحظات:
•آسفة بحق على التأخر بالنشر، أنا لا أتكاسل، و إنما هي الدراسة.
•المانجا التي طلبها شيفويو، دينشا أوتوكا (باليابانية |電車男 / でんしゃおとこ) (وتعني رجل القطار) هو مسلسل دراما يابانية كوميدية مبنية على رواية وقصة مانغا تحملان ذات العنوان، عرض المسلسل على قناة فوجي في الفتر ما بين ٧ يوليو ٢٠٠٥و ٢٢ سبتمبر ٢٠٠٥، لذا ارتأيت أنها مناسبة كونها تحمل تصنيف شيفويو المفضل.
•قط شفويو له قصة أخرى، قد ذكرت في المانجا-و لم أقرأها- يمكنكم البحث عنها.
•معنى جملة جوسي لـ أختها -"لا تبكِ مجدداً، هانا، الزهور يجب أن تبقى جميلة"- و تشبيهها لها بالزهور، هو أن اسم هانا (花 بالكانجي) تعني زهرة.
دمتم برعاية ﷲﷻ
- يتبع -
أنت تقرأ
عمَى أَلْوَان
Short Storyتُرَى... كَيْفَ هِيَ الحَيَاةُ مِنْ دوُنِ أَلْوَان؟ فيِ رحْلَةِ الحَيَاة، نقَابِل مخْتلَفَ الأَشخَاص، الطَّبيِعيونَ وَ غَريبُو الأَطوارِ، لكنْ.. فيِ هذهِ الحِكايَة؛ سيَكونُ لدَيناَ عميَاءُ-نوعاً ماَ-تقُودُ دفَّةَ القصَّة، أتمَنَّى أنْ يُكلِلَها ﷻ...