توجه شيفويو بالاعتذار لـ والدي جوسي، إلا أنهما أوقفاه فوراً، شاكرين له، فـ لو أنه قام بالتقصير في الاتصال بالإسعاف لـكانت ميتة.
ثمّ قضوا الساعات التالية منتظرين أي مستجدٍّ بشأن حالة جوسي، إلا أن قدوم الشرطة للتحري و البحث عن الفاعلين أخرج شيفويو من دائرة الإنتظار.
حاول كل جهده وصف الفاعلين بـ دقة، على الأقل لـيرضي نفس جوسي المتأذية.جوسي، كانت في صراع داخلي مع نفسها، كانت تؤنب نفسها، و تبكي داخلياً، فـ هي مدركة لـ كمية القلق التي سبّبتها.
عند انسدال الليل، غادرت والدة جوسي لـتلحق بـ زوجها الذي ذهب لاصطحاب هانا الصغيرة، و أصرت على شيفويو لـ يعود لمنزله، فـ بالتأكيد عائلته قلقة عليه.
إلا أنه رفض، محتجاً بأنّه اعتاد التأخر، و لـ يطمئنها اتصل بـوالدته لـيخبرها أنه سـيتأخر، أو لن يعود فـصديق له في المشفى.
أبدت والدة شيفويو قلقاً و رفضاً قاطعاً، و بإلحاح شيفويو المستمر، سمحت له بالبقاء.
لـيبقى شيفويو لـوحده، واقفاً أمام النافذة الزجاجية المضلَّلة، محاولاً كبح دموعه، حين رأى جسد جوسي، و الأجهزة المتصلة به.
كان يردد داخله ' لو كنت أقوى، لو كنت مثل باجي-سان، لما حدث هذا ' و استمرّ بإلقاء اللوم على نفسه.
ثم لـيغفو جالساً على كرسي المشفى، و قد احمرت و انتفخت عيناه من الندم و ذرف الدموع.
في الصباح التالي، أتى صديقه، تاكيميتشي.. كان يحاول مواساته و إخباره أنّه ليس ذنبه، لكن من دون جدوى.
حتى بدأ معه حواراً جدياً:
-"شيفويو-كن، علينا لقاء باجي-كن"
كان شيفويو راغباً بـشدة في لقاء باجي، لـيقف القدر بـجانبه على شكل رسالة:
' لاقيني عند مخبأ الفالاهالا، لا تحضر أحداً معك'كان ذلـك خطيراً بالتّأكيد.. لكن من هذا؟ إنّه شيفويو، و في وقت كهذا سـيفعل أي شيء لـلقاء باجي.
لذا، توجه "الشريكان" إلى خارج المشفى، ثم انفصلا، لـيذهب شيفويو لـموعده، متحمّساً غير صبور لـلقاء باجي.
بعد أن اُستل ستار الليل، في أحد الشوارع المتهالكة، يسير ذو الشعر الأشقر مترامياً، بالكاد يستطيع الوقوف.. كان عقله يفكر، لن يُمكنه العودةُ للمنزل على هذه الحال، لذا كان الخيارُ الأنسب التوجه إلى المستشفى.
على كلٍ، حتى بعد قلق الممَرّضات عليه، كان عقله مليئاً بـالفوضى التي أحدثها باجي، و جوسي.
و بعد الانتهاء من تطهير جراحه، توجه نحو غرفة جوسي، بعد أن تم نقلها لـغرفة أقل تشدّداً.
جلس في الكرسي الخشبي الموازي لـسريرها، ثم نظر إليها، لعلّها تستيقِظ فجأَةً مثل القصصِ الخيالِية.. إلاَّ أن أمراً أكثر تعقيداً ينتظره.
ثم نبس بـكلماتٍ يتخلَّلها الحزن و النَّدم:
-"ألا تظُنّين أنّك تأخرتِ؟ النّدم ينهش جسدي.."
فقط، قال هذا ثم غادر.
مع شروق الشّمس التّالي، كان شيفويو غير راغبٍ بـفعلِ شيء، بسبب ما واجهه من صديقهِ المقرّب و ' قدوتِه ' باجي كيسكي.
على أيّة حال، تمّ إجباره -من قِبل والدته- على الذهاب للـمدرسة، حتى مع كل قلقها ذاك.. إلاّ أنّها كانت مهتمةً بـمستقبل ابنها -كـكل أمّ- .
بـمجرّد وصولِه، رمى رأسه فوق طاولته، متفادِياً أسئلة الطلاّب القلقة عن وجهه، و عن زميلتهم جوسي.
كانت تلك الأسئلة كفيلة بـاشتعال النّيران داخل صدره.. فـهو لم يتخلّ قط عن فكرة كونه مذنباً أوّلاً في ما آلت إليه حال زميلته.
و رُغم ما أصابه من قائده، إلاّ أنّ كلّه ثقة بأنّه سـيعود، و بأنّ لديه خطّة ما.
_____________
و بعد حلول المساء، توجّه نحو المشفى، لـإلقاء نظرة على فقيدته النّائمة، فـمن المقرّر أن تستيقظ بعد عدّة ساعات من نقلها.
حينها.. و دون كلّ الأوقات، فوجئ بـخبر تشخيص نومتها، بـدخولها غيبوبة.
لـيعود النّدم أشدّ و أقوى عليه، بعد أن نزل ذلك الخبر كالصاعقة عليه.
ذهب إليها، جلس بـمحاذاتها، موجّها عينيه اللتين اغرورقتا بالدّموع نحو وجها، قائلا و الشهقات تظهر حزنه:
-" أقسم..أقسم أنني سبب ما أنت عليه! أرجوك.. فقط.. افتحي عينيك!"
و كـالمرّة السّابقة، غادر.. يجر أذيال الخيبة وراءه.
_____________
ثمّ صار شيفويو يتردّد يومياً عليها، يلقي كلماته و يغادر.
-"لقد سألني الجميع عنك اليوم."
-"أ تعرفين؟ لقد فاتك امتحان اليوم، لكن الأستاذ يقول أنه سيعيده لك حالما تعودين."
-"لقد قرر تورو المزعج القدوم و زيارتك أيضا."
-"لقد أحضرت زهوراً، أخبرتني أختك أنك تحبين اللافندر."حتّى صار ذلك أمراً روتينياً بالنسبة له، فقد تخطّى ندمه بعد حديثه مع والديّ جوسي لـعدّة مرات.
حتّى مرّت الأيّام، و حلّ عيد الهالوين، أو ما يعرف في الثقافة اليابانية بـعيد القديسين الدّامي.
على غِرار كل الأيام، شيفويو لم يذهب لـجوسي في ذلك اليوم.
____________
ملاحظات:
•ٱسفة بحقّ.. قد اكتشفت الآن خطأً في التسلسل الزمني للقصة... و لا أعرف ماذا أفعل.. لذا أود سؤالكم، هل أقوم بتعديلها أم أتركها على ما هي عليه؟
دمتم بـرعاية اللّٰه
-يتبع-
أنت تقرأ
عمَى أَلْوَان
Short Storyتُرَى... كَيْفَ هِيَ الحَيَاةُ مِنْ دوُنِ أَلْوَان؟ فيِ رحْلَةِ الحَيَاة، نقَابِل مخْتلَفَ الأَشخَاص، الطَّبيِعيونَ وَ غَريبُو الأَطوارِ، لكنْ.. فيِ هذهِ الحِكايَة؛ سيَكونُ لدَيناَ عميَاءُ-نوعاً ماَ-تقُودُ دفَّةَ القصَّة، أتمَنَّى أنْ يُكلِلَها ﷻ...