الفصل الثالث

725 21 2
                                    

الفصل الثالث

إستقامت لاني بجلستها على السرير ذو الحجم الملكي بعينين متسعتين.
لقد إعتقدت قبلاً أنها كانت تحلم.
لكن الآن تساءلت إذا كانت قد فقدت عقلها بالكامل.
"دعني أرى إذا كنتُ أفهم"، قالت بضعف. "إذا تمكنت من جعلي أستجيب لكَ، يجب أن أتزوجكَ وأحصل على طفلكَ؟"
كانت تعابير وجه كاسيوس غير قابلة للفهم، "ما جوابكِ؟"
"لا بد أن هذه مزحة سخيفة، أو أنكَ مجنون!"
"أنا عاقل تماماً، ولم أكن أكثر جديّة من ذي قبل في حياتي"
"لكن المخاطرة بالزواج والأطفال.. بناءاً على علاقة عابرة؟ هذا الجنون بحد ذاته!"
إتسعت عيناها حين خلع قميصه وأسقطه على الأرضية الرخامية، وحدّقت في صدره العضليّ العريض، فلعقت شفتيها وحاولت تذكّر ما كانت تقول، تلعثمت قليلاً وهي تتابع، "نحن بحاجة لأن نكون واقعين بالحب. يجب أن نكون شريكين متجانسين. يجب أن تكون مفعماً بالمشاعر.."
لكنه إنحنى نحوها يوقفها بقبلة صغيرة، وفجأة أدركت قربه الخطير منها حين شعرت بحرارة جسده الحار الملامس لها بينما لا تغطيها سوى قطعتين صغيرتين.
إبتعد عنها، يبحث بين نظراتها عن إجابة، "ما هي إجابتكِ؟"
(لا) ستكون الإجابة المنطقية.
بل.. (لا) هي الإجابة الأكثر ذكاءاً.. سترفض ثم تهرب من هنا بسرعة وكأنه شعرها يشتعل على رأسها وتريد إخماد النيران.
لكن...
عشرة ملايين دولار.
رغم أنها لا تزال عذراء، إلا أنها ليست عديمة التجربة بالكامل. حين دعاها بوبي جو برانفورد- نجم فريق كرة القدم في مدرستها الثانوية- إلى حفل التخرج، كانت متحمسة لنيل قبلتها الأولى.
لكن الليلة كانت كارثية.
ففي منتصف رقصتهما سوياً، دفعها خارجاً نحو رواق مظلم في المدرسة، وقبلها بعنف أثناء إصطدام رأسها بالخزانات الحديدية. لكنها شعرت بالإشمئزاز بسبب رائحة الويسكي الرخيص المقززة التي كانت تملؤه وكادت أن تختنق بين يديه.
كان الأمر مريعاً حتى أنها عرفت أن ما يحصل هو وضع خاطىء بالكامل. فحاولت البقاء هادئة بمثالية، حتى لم تعد تستطيع التحمل ودفعته بعيداً عنها بكامل قوّتها.
وسقط على الأرض في صدمة حقيقية تماماً، وتصادف مرور مجموعة من أصدقاءه في تلك اللحظة، فضحكوا عليه، وحدّق بها بوبي جو بقسوة.
" عذراء باردة"، ثم مسح فمه، "كان يجب علي أن أدرك أنني أضيّع وقتي معكِ"
ذهب برفقة أصدقائه، ووجد فتاةً أخرى ليرقص معها تاركاً لاني لوحدها في فستانها المستأجر المجعّد وسوار يدها قد ذبلت الورود المنعشة التي تزيّنه، بينما تحاول العثور على طريق العودة للمنزل.
لكن أصبح الأمر أسوأ بكثير.
لقد عادت إلى المدرسة صباح يوم الإثنين لتجد أنها أصبحت أضحوكة الجميع. كانت بالفعل الفتاة القصيرة القامة، الممتلئة البدن، الغير محبوبة و التي تعيش في ذلك البيت الحقير بقرب جدول المياه، وترتدي ثياباً باليةً خارجةً عن إطار الموضة. ووالدها هو ذلك الرجل الأعمى المقعد الذي هجرته زوجته وتركت إبنتهما لتهرب إلى كاليفورنيا مع عشيقها.
لكن الآن أصدر الفتى المحبوب في الثانوية-بوبي جو- الحكم النهائي المدمّر عليها، وأصبحت فكرة الجميع عنها: العذراء الباردة.
ولم يفكر أي أحد بمعنى اللقب، فقط نادوها به وجهاً لوجه بكل قسوة.
إن تذكّر الأحداث المؤلمة والإذلال الذي تعرّضت له، جعل لاني تشعر مجدداً بالغضب، وفجأة بالبرود التام.
لا بد أن كل الألم الذي عانته كان لأجل هدف ما.
وما هي المخاطرة؟ ستأخذ العشرة ملايين دولار وتخرج من هنا كالملكة، قادرةً على إحتواء عائلتها لبقية حياتها.
رفعت ذقنها، لتحدق بـ كاسيوس بلاك بعينين لامعتين، "أنا أقبل"
مرّت نظرة إنتصار سريعة على وجهه الوسيم، ثم اقترب منها ينتزع الدبابيس التي زيّنت تسريحتها البسيطة لينسدل شعرها الأسود الطويل على كتفيها.
"أخيراً"، همس بصوت أجس ثم دفعها على السرير، وإقترب منها يقبّلها بدفء.
لم تشعر بأي شيء.. تلك العشرة ملايين دولار تعطي شعوراً جيداً وهي تتخيل وجودها بحوزتها.
مرر يديه ببطء مثير على جسدها، وتحوّلت قبلته للرقّة، بلحظة كان يأخذ منها ما يريد دون سؤال، والآن أصبحت لمساته مثل الهمس الناعم.. تسرقها من نفسها.
شعرت بشيء حار يتشكّل في باطن جسدها لكنها أبعدت أي شعور عن نفسها وهي تفكر.. عذراء باردة..
مرر يديه خلفها ليحررها من القطعة العلوية من ملابسها، فكادت أن تشهق حين شعرت بالهواء البارد يلسع بشرتها العارية لأول مرة خاصة مع لمساته التي لم ترحمها بل ازدادت جرأة.
أطلق صوت زمجرة يعبر عن إعجابه ممررًا يديه على جسدها بلمسات خبيرة تعرف خبايا جسدها.
هي لا تشعر بأي شيء.. أقنعت نفسها.. برغم أن قلبها كان ينبض بقوة.. لكنها كانت كالحجر بلا حياة بين يديه.
ثم أخفض رأسه يتأملها بنظراته التي تسحب الأنفاس.
مثل الحجر.. فكّرت بينها وبين نفسها بيأس.. كوني كالحجر!
ثم إزدادت لمساته جرأة.. وحبست أنفاسها بتوتر، لكن أبت يداها الانصياع لعقلها فتشبّثت بكتفيه بينما يتابع اكتساحه السافر لها.
همس في أذنها بصوت أجش، "ستخسرين"
"لن أفعل"، إعترضت بضعف، لكن شعرت بلمسة من الخوف تنتقل عبر جسدها.
لا تستطيع أن تخسر!
فهي لن تخسر فقط أمان عائلتها الماديّ، لكن أمانها الشخصي أيضاً. هذا سيعني أن تصبح حاملاً بواسطة رجل بالكاد تعرفه.
أن تصبح زوجته.. هذا يعني زواج بلا حب. ولن تفعل هذا وتضحّي بنفسها لأجل لحظة حب عابرة! لا تستطيع.. لن تفعل..
لكن هل يمكنها...؟
ضغط جسده العضليّ أكثر عليها يدفعها إلى الفراش. أحاط معصميها بيده بينما كان يقبلها ويطبع بصمات شفتيه على حنجرتها، أذنيها، عظام ترقوتها، حتى أنه شعرت بجسده يتصلّب مع مرور الوقت. تذمّرت قليلًا، فأطلق سراح يديها، وباتت لمساته هادئة كرفرفة الفراشات تداعب وجنتيها، حنجرتها، وجسدها. مرر يديه على انحراف وركيها، مغيظًا إياها، فكانت لمساته كالهمس الساحر.
لا! تمسّكت يداها بقماش الفراش تحتها.
لا! لا يمكنها أن تتفاعل معه!
يجب أن تقاوم!
توقف قليلًا ثم مرر أصابعه على طرف القماش الناعم. حبست لاني شهقتها وعضّت على شفتيها بقوة تمنع نفسها عن الشعور. تابع لمساته نزولًا مسببًا ظهور القشعريرة على جسدها.
نشر قبلاته الصغيرة على بطنها إلى حيث تلكأت أصابعه منذ قليل يغيظها بحرارة أنفاسه الملامسة لبشرتها، مقبلًا طرف القماش.
الرغبة.
هل هذا ما تشعر به؟ لكن لا يمكن.. لا يجب أن تترك هذا يحدث.
إذا أصبحت حاملاً سيغيّر هذا حياتها للأبد.. وليس فقط حياتها... لطالما علمت أنها حين تصبح أمّاً، ستقوم بالأمر بطريقة مناسبة.
ستجد رجلاً تحبه ويكون لطيفاً وحنوناً وأهلاً للثقة.. سيتواعدان لمدة سنة.. يشاركان بالدفع سوياً لأجل زفافهما البسيط بدخلهما المتواضع من وظائفهما المستقرة.. ثم سيجمعان الأموال لشراء منزل بسياج أبيض.
حينها فقط... حين يصبحان مستعدين، سيقرران إنجاب طفل إلى هذا العالم، لأن الطفل يحتاج للرعاية والحب والأمان. ولاني تعرف هذا أكثر من أي أحد آخر.
لذا حتى ولو كانت فرص حملها ضئيلة الليلة، لن تخاطر.. ليس لأجل تحدي سخيف عالأقل!
يجب أن تجعله يتوقف.... أن تنهي هذه اللعبة.... أن تخبره أنه يمكنه الإحتفاظ بأمواله الغبية.
يجب أن تخرج من هنا، قبل أن يفوت الأوان!
كوني كالحجر! أمرها عقلها.
لكن المشكلة كانت... أنها لم تعد تشعر بالجمود كالحجر الآن.
أصبح تنفسها عبارة عن شهقات صغيرة متتالية، وإنفجرت الأصوات في الخارج، فتوقف كاسيوس عن الحركة لينظرا سوياً إلى نوافذ الشرفة الكبيرة.
من خلال الستائر الشفافة، شاهدا المفرقعات النارية الخلاّبة تتفجر في السماء المظلمة.
نظر إليها كاسيوس،
"إنه منتصف الليل... سنة جديدة سعيدة!"
إنحنى يحتضن كفها، ويمنحها قبلة السنة الجديدة بتطلّب وإصرار.شعرت بشعيرات ذقنه القاسية تحتكّ ببشرتها الحساسة.
وغابت في ثورته الحسيّة... وأسوأ.. هامت في رغبتها نحوه!
فقط دقيقة أخرى بعد وسأخبره أن يتوقف.. وعدت نفسها.. دقيقة أخرى بعد..
إندفعت موجة من الهواء البارد عبر الغرفة فتطايرت معه الستائر، وملأت الغرفة برائحة عبير الورود المنعشة لتزيد من سحر اللحظة وتعانق جسديهما المتشابكين وتهدىء من حرارة بشرتها. تشبثت بكتفيه بقوة أكبر. ثبّتها كاسيوس مكانها وداهمها بقبلة حارة ليستميلها إليه إلى أن أدركت أخيراً أنها كانت تبادله القبلة بعد طول مقاومة.
بعد لحظات.. أو ساعات..لا تعلم عددها.. رفع رأسه، لكن لم تكاد تلتقط أنفاسها حتى تابع لمساته لجسدها وفمه الحار يترك خلفه أثرًا لا يندمل.
ابتلعت ريقها، وأغلقت عينيها بقوة بينما تشهق بسبب القبلات الرطبة التي تركها على جسدها في كل الأماكن.
بعد لحظات، ارتفع قليلًا عنها ليزيل القطع الأخيرة المتبقية عن جسديهما، فلم يعد يفصل أي شيء بينهما فوق ذاك السرير الواسع.
"أرجوكَ.. لا.."
"صمتاً"، تمتم، "سأوفي بوعدي لكِ"
طالعها بمكر.. "أنتِ.. باردة!!"، تمتم بعصبية، "من الغبي الذي أقنعكِ بهذه النظرية!"
نظرت إلى كاسيوس تراقب جسده القوي تحت ضوء القمر ولم تتمكن من إبعاد نظراتها. صدره منحوت مثل الرخام البارد، وشعيراته الصغيرة السوداء تغطي صدره وصولًا إلى عضلات بطنه القاسية. إنها المرة الأولى لها. لم ترَ رحلًا عاريًا أمامها من قبل. ابتلعت ريقها.. ويا له من رجل.. قاسي وقوي عنيف بكل طريقة ممكنة.
"أرجوكَ.. هل يمكنني؟"، همست بصوت ناعم ثم سحبت نفسًا عميقًا، "أنا لم..."، احمرّت وجنتيها، "لم ألمس.."
حدّق بها ثم أطلق سراح يدها.
مدّت يدها بخجل لتلمس جسده بأطراف أصابعها.. بشرته مثل المخمل حين يُوضع فوق الحديد. شعرت بارتجاف جسده بفعل لمساتها.
نظرت إليه بصدمة، "هل.. ترغب بي.. بهذه القوة؟"
"دعيني أثبت لكِ"، همس بنعومة مغوية.
وضع يديها على كتفيه، ثم دفعها على الفراش وقبلها بجوع تامّ بينما يغطي جسدها بكفيه. أغمضت عينيها تدع ذكريات هذه الليلة تُحفر في ذاكرتها للأبد.. عضلاته القاسية.. شعره المتمرد.. مقابل جسدها الرقيق.. ذقنه الخشنة التي بدت مثل الرمال حين احتكت ببشرتها الصافية. لكن أكثر ما أثارها هو رغبته الشديدة بها.. هي الباردة!
شعرت بحرارة لحظاتهما تصل إلى أماكن خطرة. كادت أن تصرخ حين احتكّ صدره العضليّ بها حين اقترب. يمكنها الشعور به يحاول الوصول إلى كافة أجزاء جسدها في آن واحد. كل ما أمكنها فعله هو الاستسلام له. تابع كاسيوس نزوله حتى قدميها مقبلَا بشرتها في طريقه.
"ماذا تفعل؟"
"هشش"، همس في أذنها بخفوت، "سوف تحبين ذلك"
أخفض رأسه فأمكنها الشعور بأنفاسه الحارة عليها تصل إلى أماكن مخفية لم يصل إليها اي أحد من قبل. أدركت أن عليها أن تتوقف.
تعلم أن الوقت يهرب من بين أصابعها كالرمال.. أنها يجب أن تبعده عنها بقوة.. أن ترفض ما ينوي فعله.. أن تقفز وتهرب صارخةً من السرير الذي يجمعهما..
لكن لم تستطع..
تمسّكت بغطاء السرير الأبيض، وجسدها المرتجف لا يساعدها لكي تمنعه عن الاقتراب منها.
مرر يديه على ظهرها متمسّكًا بها قوة، فأمكنها الشعور بأنفاسه الحارة تصل إلى أكثر النقاط حساسيةً في جسدها. توقف للحظة، وكأنه يمنحه الفرصة الأخيرة للرفض.
أخفض رأسه بسرعة يعبث بها باعثًا سحره الدفين، فتتابعت لمساته مع تنهداتها. بينما شهقت كان كاسيوس يتنهد باسترخاء؟
"مذاقكِ كالكراميل"، همس بخفوت، "حلوة لكن مالحة"
هذا محض جنون. يجب أن تتوقف الآن.. الآن!
لكن دقيقة واحدة بعد. فكّرت بيأس.. فقط واحدة... ستموت إن لم تحظَ بدقيقة أخرى في أحضانه..
تاهت عنها أفكارها حين لم يمنحها الوقت للتفكير بحصاره المستمر لمشاعرها وحرارة جسدها. جعلها تحبس أنفاسها بينما يمنحها المتعة الحسية حتى شعرت وكأنها ترى النجوم في ظلام عينيه.
لا يجب أن تبقى..
لكنها لا تستطيع التحرّك!
ليس صحيحاً أن تستسلم له..
لكنها لا تريده أن يبتعد!
ازداد ارتجاف جسدها حين باتت لمساته حارقة متسرّعة لا يسعها الانتظار. احتضنها بين ذراعيه، يحاصرها بجسده، يجبرها على الاستسلام له، أن تكف عن ادعاء البرود. فكانت تلك بداية انهيارها التام.
تمسكت بكتفيه لتتلاءم حركاتها مع لمساته الخبيرة، يعلّمها كيفية الغوص في بحور المشاعر، يكرّس خبرته لارضاءها.
حبست أنفاسها في حلقها كثيرًا إلى أن تفجّرت المشاعر في أعماقها بكل الألوان التي رأتها عيناها. تمسكت بكتفيه أكثر وحفرت أظافرها آثارها على بشرته المشدودة، بينما شعرها الأسود يطير في غمامة داكنة حولها وهي تتحرك ليلتحم جسديهما ورئتيها تتصارعان لنيل القليل من الهواء للتنفس.
بحركة واحدة سريعة تمكن من دفعها إلى أقصى حدود احتمالها، بقوة وعمق، فاختلطت السعادة بالألم، لكن سرعان ما تبخر شعورها بالوجع وانتهت أفكارها العاجزة عن مقاومته حين انحنى برأسه مقتربًا منها بفخر رجولي هامسًا، "أنتِ ملكي الآن"
***********
وبالنسبة لـ كاسيوس.. كان الأمر أفضل مما توقع.. أفضل مما عاشه في حياته كلها.. جسدها كان طوع بنانه ولا تزال صرخاته اللذيذة ترنّ في أذنيه باستمتاع..
لقد حاول طيلة الساعة الأخيرة أن يتراجع، ويتحكم بنفسه.. أحب فكرة أن يكون رجلاً ذو إرادة حديدية وتحكّم بالذات.. لكن أي رجل بمكانه لا يستطيع مقاومة الإغراء طويلاً.
والشعور بـ لاني بين ذراعيه كان عذاباً لذيذاً... أراد أن يمتلكها منذ اللحظة الأولى، أن تختلط رائحتها به لكن كان عليه أن يتحكم بنفسه كي يثبت لها أنها إمرأة تعيش لأجل الحب!
لاني.. باردة المشاعر!
لا يزال يسخر من هذه النظرية التافهة، بالكاد يستطيع التصديق أن أي رجل يمتلك دماءاً حارةً يمكنه إقناعها بهذا.
لكنه سعيد الآن، لأنها ملكه.. هو وحده..
بحياته كلها لم يرد إمرأة مثلما أرادها.. ولم يكن راغباً بعلاقة عابرة تستمر لليلة واحدة فقط.. ولم يرغب بعلاقة حب بسيطة.. ولا يريد أن يمضي أسابيعاً وأشهراً وسنوات عديدة يلاحقها ويقنعها بحبه.
كان كاسيوس مستعداً للإستقرار أخيراً. أراد منزلاً حقيقاً تعتني به زوجة حقيقة وتعيش به عائلة بالإضافة إلى نجاحه في بناء امبراطوريته.
لكن لن يتناسب هذا الدور مع أي إمرأة، لأنه يريد زوجة يمكنه أن يثق بها.. إمرأة تقليدية تكرّس نفسها لأجل عائلتهما ومنزلهما.. وتطيع كل أوامره.. كل هذه الصفات بالإضافة إلى تمتعها بالجمال.
وقد عثر عليها!
كان بإمكانه أن يغريها ببساطة، دون أية ألعاب أو إتفاقات مسبقة ليقتنص منها وعوداً. لكنه أراد أن تعرف لاني هنري ما الذي يعتزم على إنتزاعه منها تحديداً، وما هو مستعد لتقديمه. أراد أن تتم علاقتهما دون أسئلة، فتبدأ كما يريد وتستمر كما يخطط، بإستسلامها الكامل.
ستكون زوجته، وسيجعلها حاملاً بطفله بأسرع وقت، وتضخّم قلبه حين تخيّل لاني ضخمة ومستديرة تحمل طفله بداخلها. تمنى بداخله أن يكون نجح الآن في زرع بذرته بداخلها.
نظر إلى وجهها الجميل، يشعّ ضياءاً في لحظتهما الخاصة، "أنتِ ملكي الآن"
فتحت عينيها البنيتين الكبيرتين ورأى ألمها الكبير.. وقد إندثر السحر سريعاً ولاحظ إشتداد ملامحها. حافظ على رباطة جأشه وانتظر أن يزول الألم سريعًا مثلما ظهر.
اصطكت أسنانها. عذراء. اللعنة! لعن نفسه بصمت. لقد كان شديد التركيز على هدفه الوحيد ألا وهو منحها المتعة، ثم تعاظمت رغبته بها فعمل على إرضاء نفسه، فنسي صعوبة المرة الأولى بالنسبة لها.
أخفض رأسه، "أنا آسف"، قال بصوت منخفض، "نسيت أن المرة الأولى تكون مؤلمة. لم أكن مع فتاة عذراء من قبل"
بادلته نظراته بنظرة ضعيفة، وهي تحاول الإبتسام، "أنا أيضًا"، همست له.
إحتضن خدّها بكفه، وأخفض رأسه ليقبّل شفتيها برقة، فتذوّق ملوحة دموعها، وبدأ بتقبيل وجهها لإزالة الدموع. للحظات طويلة، لم يتحرك، كي تعتاد على وجوده.
في البداية لم تستجب له، وتركها تفهم ما حدث للتو، ثم سمع تنهيدة صغيرة تخرج منها، ومدّت يديها تعانق كتفيه العريضين العضليين بفعل السنوات العديدة التي قضاها وهو يتدرّب كـ ملاكم ومدرّب للفنون القتالية.
ارتجف جسده حين لمسته بنعومة. ضغط جسده عليها ليستمتع بملمس بشرتها العارية أمام خشونة جسده. إنها ناعمة.. ناعمة جداً.
جعلته ينسى متى كانت بصحبة امرأة أخرى من قبل..
بل لا يتذكر أنه كان بصحبة إمرأة مثلها من قبل.. رقيقة.. هشّة.. وجميلة
هل قابل مثلها؟ إنه يشكّ بالأمر.
كان ذوقه بالنساء مماثلاً لعادة الأثرياء الذي ينتمون إلى الطبقات العليا.. أختار عارضات أزياء طويلات القامة كما يفعل جميع الأثرياء.. تماماً مثلما إختار نفس نوع السيارات الرياضية.. واليخوت الباهظة الثمن.. والشاليهات في أماكن الإستجمام والتزلّج.
في إمبراطوريته وعمله، كان مبدعاً، لكن في حياته الشخصية كان يقلّد الآخرين بشكل يائس.
حتى الآن..
حتى عثر عليها..
لا يعلم كم بإمكانه الصمود. بعد كل هذا الوقت يكاد ينفجر، لكنها تستحق الصبر والحنان. سيطرته تكاد تنفذ بسبب شعوره بجسده المستدير حوله فيريد جعلها تتفجر بالعواطف لأجله.
لكن حتى هذا ليس كافيًا. لقد أصابته بالجنون حين رأى ردة فعلها حين شعرت به للمرة الأولى.
أغمض عينيه مفكراً..
رغم أنه هناك عشرة ملايين دولار على المحكّ- وهو مبلغ خيالي لمن هي في وضع لاني- لكنها لم تستطع إخفاء طبيعتها الشغوفة عنه. وكاسيوس يريد المزيد من هذا.. أن يجعلها راضية أيضاً.. أن تصرخ باسمه هو فقط.. أن تصل مستوى عالٍ من السعادة لم تشعر بها قط.. فقط هذا ما سيشبعه الآن..
عمّق قبلته، وحين بادلته القبلة بأخرى أكثر حرارة، عانقته بذراعيها، فاستمد منها الجرأة كي يكمل ما بدأه معها وقد زال الألم. لكنه راعى حساسيتها وتحرك ببطء شديد رغم رغبته بالتهامها بكل الطرق الممكنة.
تحكّم بنفسه بشدة بينما شهقاتها الصغيرة تدفعه للهاوية. نظر إلى وجهها الجميل ليرى عينيها مغلقتين باشتهاء ووجنتيها محمرّتين بالحرارة. أما شفتيها المتورمتين فتفارقتا ولم يستطع مقاومة الدعوة المفتوحة.
أخفض رأسه وقضم شفتها السفلى، بينما شعر باستجابتها الخجولة. شعر بتسارع أنفاسها وحركة جسدها التي تفتقد الصبر بينما لا ينفكّ يضفي عليها شعوره الحارق. تركت أظافرها آثارها على ظهره تمامًا حين باتت في أقصى مراحل استجابتها القانعة له.
لم يعد يحتمل. تنهد قليلًا، ثم التحم معها للمرة الأخيرة ولم يعد يدرك أي شيء حوله سوى صوتها الذي يهمس باسمه.. اسمه فقط.. ليشاركها همساتها باسمها أيضًا تمامًا حين أنهى آخر مراحل امتلاكه لها مثبتًا أن البرودة هي آخر ما يُقال عنها.
وحين فتح عينيه مجدداً، كان ضوء القمر قد أصبح أكثر وضوحاً في الغرفة. نظر إلى الاسفل، ليجد أنه يحتضن جسد لاني الهش بين ذراعيه بحماية.
غريب. لم ينم من قبل بين أحضان إمرأة!
لكنه لم يحظَ بليلة مشابهة.. أو إمرأة مثلها!
تحركت رموش لاني السوداء الطويلة فوق بشرتها الكريمية، بينما وجنتيها لا تزالان محمرّتين بفعل عمق ما جرى بينهما بينما تنام بهدوء.
شعر كاسيوس بشعور غريب من الرقة حين نظر إليها.. هذه المرأة التي اصطدمت بسيارته.. موظفة ميمي التي تعمل بدورها كموظفة لدى والده.. إنها لاني المرأة التي أصبحت بالفعل تمتلك سلطة قوية عليه..لكنها لم تدرك هذا..
وسيتأكد من عدم إدراكها بتاتاً.
إبتسمت أثناء نومها لأحلامها، جسدها الصغير العاري دافىء بين أحضانه وشعرها الأسود منتشراً على الوسادة التي يتشاركانها.
سحب كاسيوس نفساً عميقاً وهو يشعر بإندهاش. لقد كان الرجل الوحيد الذي إقترب منها بهذا الشكل الحميمي، والرجل الوحيد الذي سيفعل. وسيجعلها عروسه وحاملاً منه بأسرع وقت.
ستكون في سريره كل ليلة تنتظره بحنانها.
إنها تشعره وكأنه بريء مثلها هو الآخر.. وكأنه برغم كل تجاربه مع النساء.. إلا أنه لم يصل إلى ذروة المشاعر قط..
إلا معها..
وهي ملكه الآن.. ولا يخطط للتخلي عنها مطلقاً..
&&&&&&&
نهاية الفصل الثالث

انتقامه الخاسر...... جينى لوكاس...... ترجمة ديلو..... حيث تعيش القصص. اكتشف الآن