مَـالِك | ٢

4.9K 865 347
                                    

_

بَـعدمَـا لاحَـظت هِي أنه يَـنظر نَـحو شُـرفتهَـا، جَـمعت شَـتات نَـفسهَـا ثُـم أقتَـربت مِـن الشُـرفة، لكنهَـا لَم تَـقف له بَـل أغلَـقتهـا وشَـدت الأستَـار بِـتوترٌ شَـديد.

لَـقد نَـظر عميقًـا داخِـل عينيهَـا رُغم المَـسافة الكَـبيرة نوعًـا ما، شُـرفتهَـا تَـكون بِـالطابق الأرضِي لِـذلك كَـانت نَـظراته نوعًـا ما ظَـاهِـرة لهَـا. نَـظرت بِـين الستَـائر فَـ لاحظت أنه رَحـل.

عَـاد شُـعور الحُـزن بِـقلبهَـا ودَقـت جُـملة بِـقلبهَـا تقول..
'كَـيف يُمكن الأشتِـياق لأحدٍ لَـم تُقابله يومًا؟'

ثُـم أسندت ظَـهرها عَـلى السَـرير تتَـأمل السَـقفِ وأخَـذت رَوحَـها الشَـاعرة تتحَـدث وقَـالت..

« كَـيف يُـمكن الأشِياق لِـأحدٍ لَـم تُقابله يومًا؟
كَـيف أشتَـاقُ أنا لَـك ولَـم أعلَـم أسمك.
كَـل ما يَـعلمه قَلبي أنك مَـالكٌ لِـ قَلبي وعَـقلي ورَوحي
فَـ يَـا قَـلبي وعَـقلِي ورَحِـي
أنـظر لِـي مرة..
مَـا بال قَـهوتكَ لا تُـريد بَـعض عَسل عينَاي أم مَـاذا يَـا قَـهوة؟
عَـلى رُسِـلِ عينَـاك رُغَـم أنِي رأيتهَـا مرةً
إلا أنهَـا لَم تكن كَـ كل مرة..
فِـ تلك المَـرة قَـد خَـسرتُ مَعركة الشِـعرِ
أنمَـا..
قَـد كسبتُ عَـيناك
أرِيد القُـرب من عينَـاك لا تَـكفنِي الأشَـعار
والشِـعر أمامِ هَـيئتك الفاخِـرة وبِـ شعري كَـم أنتَ مُتفاخر
ألّـم يَحن وقتَ الحَـنين
يَـا وطن المُـغتَربِ ومَـنزل المُسافِر
يَـا من سَـافر قَلبي بِـ عيناكَ دهورًا
ولَـم يَعد
ألَـم يَـحن وقت العَـودة؟ »

تَـنهدت ثُـم سَـمعت شيئًا يَـصطدِم بِـبِابِ الشُرفة، تَـجاهلت مُعتقدة أنهَـا عُـصفورة أو صفلٌ ما يَـتواقَـح.

أستَـقامت لِـ تُصلي الفَـجر وكَـانت بالفِعل متوضئة. أنتَـهت من الصلاةِ ثُـم أتجَـهدت لِـ تحضير الفطور لهَـا ولِـ والدها ووالدِتهَـا.

ذَهـبت وألقَـت التَـحية على أهلِـها.

« صَـباحُ الخَير يافيروز. » نَـطق والِدها بِـحبٍ بَـينما يُقَـبل مُـقدمة رأسهَـا. وقَـبلته هِـي بالمِـقابِل تِلك عادتهَـا معه.

ثُـم ذَهبت لِـوالدتهَـا وقَـبلت خَـديها بدون تَـحية، فَـقبلت وَالدتهـا خَدها المُعَـاكِس، تِـلك أيضًا عادتهم.

ثُـم ذَهبت لِـتحضير قَهوتها بَـعد جِدالٍ طويل مَـع والدتها على مَـن سيَـقوم بِـ إعداد الفَـطور وأتفقَـا أن والِدها من يَـفعل..

أخدت كوبًا كُـحليًا ووضعت عسلًا كَـ عينيها  ثُـم جَـلبت شيئًا صغيرًا مَـعدنيًا ووضعت به معلقةً وربع من مَـسحوق القَـهوة الدَاكِـن وكوبَ ماء يُوازِي كوبهَـا الكُحلى كِـ مظلته، ثُـم قَـلبت الخَليط حتى أختَـلطت القَـهوة بِـ المياة فَـهمست بينمـا تَبتسم أبتسامه صَـغيره..
« مَـتى أختَلط بك؟ »

ثُـم وَضـعتها على نَارٍ هادئة وأكملَـت تقليب، عندمَـا أقتَـربت القَـهوة على الأرتِفَـاع أطفَـأت النِار وأمسَـكتها لِـ سكبهَـا بالكوب.

سَـكبتهَـا فَـ أذ بالقَهوة تَـصدَم بالعَـسل بِـ قاعِ الكُـوب، فَـ ذاب العَسل وأحَـتلت القهوة الكُـوب، وكَـان الكوب قَـلبها وكَـانت القهوة عيناه.

أنتَهـت من التَـقليب وخَرجت لِـ تجلس مع أهلهَـا على المائدة قَـد تَكفل والِـدها بِـ كل شيء. جَـلست تأكـل بينمـا تَـشرب قَـهوتها وتدون بَـعض أبيات الشِـعر التِي قَـد تأتِي عَـقلها، لِـ هذا هي لا تُشاركهم أحاديث الفَـطور وعادةً هم لا يَـتحدثون حتى لا يُشوشون عَـقلها.

شَـعرت بِـبرودةٍ بِـ كَـعبها فَـ لاحظت أنها لا تَـرتدي خُفهـا، نَـست خُفيهَـا بالشُـرفة لِـذا أستَـاذنت وذَهـبت لِـ تجلبهم..

دَخَـلت غُرفتها وأبعَـدت الستائر وفتَـحت باب الشُـرفة، تَـبحث عن الخُـف وأذ بِـورقة بِين مَـشبك تُـعركل سَـيرها، فـ أنحنت وفَـاحت منها رائحَـة العود عندمَـا قربتها لِـ وجههَـا.

أزَالـت المَـشبك وفَـتحت الوَرقـة ووجَـدت كُـتبَ بِـخطٍ عَـربيِّ رِقعة.

« لِـم لَم تَخرجِ؟
٣:٤٠
-مَـالِك »

مَـن هُـو مَالِـك؟ هَـكذا تَـسائلت.
ثُـم تَـذكرت أنه هُـناك مَالـك واحِد فَقط بالقَـرية وهو الشَـاعر الذِي خَـسرت أمامه مَـرة وهَـذا الخَـط المُـميز الذِي يَـتحدث عنه الجَـميع لأنه يَـتميز بأنه يَـكتب كُـتبه بِـيده حَـيثُ أنها كلها أشعار.

وللتَـو أستَـوعبـت، أن كَـاتب تِـلك الرِسالة السَـائلة عَـنهَـا، هُـو مَـالِك قَـلبهـا،
مَـالِـك.

_

مَـالِك : شِعرٌ الفَـجر.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن