الأحلام أحيانا لا تترك لنا رفاهية الأختيار
*طرفت بعينيها الواسعتين وأناملها الصغيرة تتكور حول قماش ثوبها الأبيض المائل لونه للون حبيبات السكر الكريستالية........وهي تلمح طرف حذائه الأسود اللامع صوب عينيها.
*لهثت أنفاسها وصدرها يعلو ويهبط بشكل ملحوظ.......و ظل الصمت رفيق ليلتهما الأولى حتي
كسره هو بصوته الرخيم:
"ارفعي وشك"
*وكأنها لم تسمع أول أوامره المتكبرة بصوته الرخيم الذي يرسل القشعريرة لأوصالها........ فزادت إنحناءة رأسها لأسفل بتشنج رافضة رفع وجهها:
"اقلعي هدومك كلها"
*هتف بنبرة آمرة وقد أشتدت حدقتا عينيه أتساعا ونال منه الغضب مبلغه........أرتجفت شفتها العليا
بالخوف وهمست متلعثمة:
"لأ....مش مم...كن"
*قبض عاصم راحه يده بنفاذ صبر حتى أبيضت مفاصل أصابعه وصاح فيها من بين أسنانه المصطكة:
"أنا ميتقليش لأ أبدا فاهمه......إنتي هنا تحت أمري وقت ما أحب وأحدد"
"أنت مشترتنيش.....علشان تعاملني زي جارية أشتريتها من سوق الجواري"
*أجابته بجرأة وقد رفعت وجهها أخيرا لتقابل بركانا ناريا يشتعل بعينيه الرماديتين اللامعتين.
*أتسعت عيناه من المفاجأة ...الصغيرة الناعمة تبدو أنها قطة شرسة تظهر مخالبها الصغيرة عند اللزوم
ها قد ظهرت تلك المخالب وماخفي كان أعظم:
"إنتي فعلا جارية أشترتها بفلوسي ولازم تنفذي اللي أنا عايزه من غير ولا كلمة"
*هزت تميمة رأسها مرددة بتشدق:
"يظهر إنك متأثر بأفلام التاريخ والعبودية وبتحب تاخد دور السيد اللي بيشتري الجارية من سوق العبيد....َ..بس أنا مش همثل الفيلم ده"
*وجه لها أكثر نظرة متكبرة أمتلكها يوما وقد أعتلى الأشمئزاز ملامحه:
"يظهر إنك إنتي اللي نسيتي نفسك ونسيتي أنا دافع فيكي قد إيه.....وفعلا أنا ناوي أخد دور السيد
اللي إنتي حددتيه بنفسك"
*غلفت غلالة من الدموع عينيها الواسعتين وقالت بصوت متهدج من البكاء:
"أنت ازاي كده.....فاكر إنك فوق الناس بفلوسك والكل لازم يقول سمعا وطاعة"
*أغمض عينيه بشدة وهو يزفر أنفاسه بضجر وصرخ فيها فإنتفضت وأبتعدت تأخذ أنفاسها بخوف وتلهث بسرعة.........زفر وشتم من بين أسنانه المصطكة بغضب:
"إنتي ازاي......ازاى تبيعي نفسك.....ازاي طفلة زيك تفكر كده إنتي حقيرة"
*قلبها تخبط داخل ضلوعها بقوة وبكت بأنين مختنق.......وأخيرا وجدت نفسها تنطق بصوت ضعيف بائس:
"أنا بعت وأنت أشتريت يبقى أحنا الأتنين متعادلين في الحقارة"
*صفعها بقسوة قائلا قبل أن يخرج ويتركها:
"حقيرة....."
*أبتلعت غصة مؤلمة بحلقها تخنقها بشدة وهمست وهي تتحسس خدها بمرارة:
"بكرهك......بكرهك"
*أرتمت بجسدها الصغير علي السرير الواسع تبكي
بشدة حتى أرهقها البكاء وثقل جفناها و
ذهبت في سبات عميق تتمنى آلا تستيقظ منه أبدا.
**********
*وأمام أمواج البحر المتلاطمة وقف بسيارته ليجلس داخلها يدخن بشراهة سيجارته الخامسة تقريبا ثم أستند برأسه للخلف يشعر برأسه يتضخم بألم حاد كاد أن يفتك به وكل ما حدث خلال تلك الأيام القليلة يدور بمخيلته كشريط سينمائي.
قبل أسبوع
"خير يا عاصم في إيه.....قلقتني"
*هتف صديق عاصم يزيد الجبالي وهو يجلس أمامه على مقعد بأحد المقاهي القديمة والذي أعتاد الصديقان أن يلتقيا به دائما.
*قال عاصم بهدوء ما قبل العاصفة وهو يحرك أصابعه فوق سطح الطاولة الرخامية بحركة رتيبة
مملة بعد زفرة قوية محرقة:
"مخنوق يا يزيد ومحتاج أتكلم معاك....حاسس إني
هنفجر من الضغوط اللي عليا شويه من إيناس و شويه من بابا مش عارف أرضي مين فيهم على حساب مين"
*حك يزيد عنقه بتفكير ودمدم قائلا بتساؤل:
"موضوع الخلفه طبعا.....بس اللي أعرفه إن الحاج فهمي عمره ماضغط عليك خاصة في الموضوع ده"
*هتف عاصم غاضبا بنفاذ صبر وقد أشتعلت عيناه احمرارا :
"بدأ يضغط وبدأ يحطني قدام الأمر الواقع وفي وضع الأختيار............رافض موضوع جوازي اللي حكيتلك عنه قبل كده و......."
*قاطعه صديقه المقرب قبل أن يكمل وهو يقول بجدية:
"اااه موضوع الأم البديلة......أنت عارف رأيي أنا كمان ياعاصم في الموضوع ده من أول ماقولتلي
عليه"
*حدق عاصم في صديقه بغضب وهم واقفا قائلا بعصبية :
"أنا فعلا غلطان إني أتصلت بيك كان لازم أفهم من الأول إنك هتقوللي كده"
*وقف يزيد مقابله وأمسك بذراعه المتشنج بقوة وهتف مبتسما:
"مهما كبرت هتفضل عاصم اللي بيغضب على طول ومش بيعرف يتفاهم.....أقعد يا أخي وخلينا نتكلم بالعقل شويه...........بس الأول خلينا نطلب كوبيتين سحلب سخن"
*جلس عاصم مرة أخرى ينفخ بتململ وقد بدأت زوجته في الحاحها المستمر بالأتصال ليغلق هاتفه
منعا لأي أحتكاك بينهما قد يؤدي إلى شجار يومي كعادتهما في الآونة الأخيرة.
*وبعد قليل كان عاصم يسرد على صديقه ماحدث بينه وبين والده في تلك الليلة الممطرة شديدة البرودة.
*وكان رد يزيد بعد أن أستمع إلى حديث عاصم كاملا دون أن يقاطعه:
"باباك عنده حق ومن غير نرفزة موضوع الأم البديلة ده مرفوض بالمرة يا عاصم أنت راجل متدين ومثقف.....عارف إن الأمور دي مش بتاعتنا
ومش من عوايدنا وهقولك نفس كلام عمي فهمي ليه تلجأ للحل ده طالما ربنا شرع الجواز في الحالات اللي زي كده"
*فرك عاصم وجهه وقال لصديقه بأستهجان:
"أنت بتقول كده علشان ظروفك غير ظروفي أنت راجل عازب كل يوم تقضي ليلة مع واحدة شكل و
مش شايل للدنيا هم......يوم ماتحب وتتجوز واحدة تحبها وتحبك وتبقى في نفس ظروفي وقتها بس
هتقدر كلامي"
*أبتسم يزيد أبتسامة خبيثة متعجرفة زادت من وسامته الرجولية المهلكة والتي يوقع بها أجمل النساء وأرقهن فى شباكه وهمهم قائلا:
"أنا مش عاوز أحب كفايه عليا اللي شوفته م الحب ومش ناوي أعملها تاني بصراحة........أنا كده تمام كل ما أكون عايز أعيش يومين أضرب ورقتين عرفي وأعيش حياتي وبعدها بالسلامة وكله بتمنه....."
*قال عاصم ضاحكا بسخرية:
"مش عارف بتلاقى اللي توافقك على الهبل ده فين
هو أنت خلاص يابني هتعيش حياتك كده بسبب واحدة......."
*صمت عاصم وقطع كلماته عندما رأى غيمات من الحزن تعتلي وجه صديقه......ولكن يزيد أجابه بأبتسامة متسعة خالية من الهموم أو تظاهر بذلك وأخذ الحديث بطبعه المرح كعادته:
"دول موجودين زي الهم ع القلب....المهم خلينا في
مشكلتك العويصة دي أنا لو مكانك كنت نفذت كلام أبويا من غير ما أفكر........خاصة وإن البنت ظروفها صعبة وماهتصدق تلاقى منقذ ينتشلها من
الظروف الهباب اللي هي فيها دي لا هتقولك أنا الأولى ولا التانية ولا بات هنا ومتبتش هناك ولا كل كلام النسوان العبيط ده...........وياحظك بقى لو حلوه وتحل من على حبل المشنقة يبقى حظك تحت رجليك يابن المحظوظة"
*تنهد عاصم يهز رأسه بقلة حيلة وهمس يسب صديقه بشتائم بذيئة متداولة بينهما وأكمل قائلا:
"طبعا مانا بتكلم مع واحد فايق ورايق.........أصلك متعرفش لو أنا عملت كده مش هخلص من إيناس ومن الزن والعياط ليل ونهار وخاصة بقى لو زي مانت بتتفلسف كده وتقولي حلوه وتحل من على حبل المشنقة يمكن ساعتها تولع فينا أحنا الجوز وفي نفسها بعدنا"
*غمز يزيد بعينه إلى صديقه الذي يحفظه ككف يده.....وهتف قائلا:
"متهيئلك إيناس مش هتعمل حاجه"
*قطب عاصم جبينه بغيظ ليردف مستهجنا:
"تقصد إن إيناس مش بتحبني وحبها وغيرتها عليا مجرد تمثيل......أنت كمان بتأيد بابا في أفكاره ناحيتها"
*أغمض يزيد عينيه للحظات متجاهلا أستهجان عاصم الغير مبرر وقال بهدوء:
"أنت عارف كويس إني مقصدش كده ياعاصم أنا عارف ومتأكد من حب إيناس ليك......وواثق إنها بتحرص هي كمان على سعادتك وموضوع زي ده مستحيل يأثر على علاقتكم خاصة وإن جوازك من
أي واحدة هيحققلك اللي نفسك فيه من زمان"
*مرر أصابعه بين خصلات شعره المرتبة وعيناه الرماديتان منكسرتان بحزن:
"خايف أجرحها كفايه إنها مش حاسه بالأمان لمجرد إنها عارفه إن عمرها ماهتكون أم يايزيد"
*تشبث كف يزيد بكف عاصم المتشنج ببرودة قارصة وهو يقول بعملية شديدة يحتاج عاصم لسماعها:
"خلينا نتكلم بوضوح أكتر يا عاصم في كل الأحوال
جوازك من أي واحدة هيجرح إيناس أكيد وهيسبب لها الغيرة خصوصا وإن الستات موضوع الغيرة عندهم ماركة مسجلة غيرة بغيرة يبقى تقبل عرض باباك وتخلص وبعدين............
نفرض إن إيناس متقبلتش الطفل ده ورفضت تربيه ساعتها ممكن أنت تعمل إيه في الولد اللي ملوش ذنب ده غير إنك روحت أستخدمت أمه كوعاء وجبت منها طفل للدنيا هيكون بعيد عن حضن أمه وحنانها.......وخد بالك الحنان ده مش هتقدر تدهوله أنت مهما عملت ووقتها الأم البديلة الأجنبية هتكون شافت بزنس تاني وتالت وطز في أبنها رقم عشرة ولا عشرين"
*وأكمل يزيد حديثه عندما بدا على وجه عاصم علامات الأقتناع والقلق في آن واحد ليسأله:
"أنت واثق جدا إن إيناس هتقبل إنها تربى ولد مش أبنها...........لو واثق ومتأكد يبقى أقتراح الأم البديلة أنا معاك فيه لكن لو مش واثق يبقى أقتراح باباك هو الأفضل"
*شعر بغصة فى حلقه وتقلصت أمعائه من فكرة عدم تقبل زوجته لطفل من المحتمل كثيرا أن ينجبه....
خاصة وأنه لايعاني من أي مشاكل صحية تعيق الإنجاب بتوثيق مؤكد من كبار الأطباء في هذا المجال.....
حماته ربة الصون والعفاف لن تسمح لأبنتها بتربية طفل ليس من رحمها بالتأكيد وهذا ما يقلق منامه ويشتت أفكاره:
"لأ يايزيد مش متأكد"
*أحس يزيد بتوتر عاصم الشديد وشعوره بانعدام الثقة من ناحية زوجته بعدم تحملها لهذه المسؤلية التي سوف يضعها علي عاتقها عاجلا أو آجلا بتأكيد ليقل مؤكدا:
"يبقى رأيي إنك توافق ياعاصم ووقتها صدقني أنت عمرك ماهتظلم حد فيهم وأنا واثق من كده
إيناس هتفضل هي حبك الأول والأخير.....والتانية
هتكون أم ابنك أو أولادك وساعتها هتلاقي نفسك متقبلها كزوجة وأم أولادك ويمكن حبيبتك"
"مستحيل طبعا....مستحيل واحدة تانية تاخد مكان إيناس في قلبي يا يزيد"
*هز يزيد رأسه مبتسما يقول:
"في حاجات كتير بتكون مستحيلة يا عاصم بس بعد كده ميكونش في أسهل من تحقيقها صدقني"
*أستشعر عاصم أضطراب صديقه وتشنج فكه المصطك وقد تبلدت ملامحه فهمس له بهدوء:
"في أخبار وصلتك عنها بعد أخر مرة ؟؟"
*رد بصوت خشن ثابت وقد أختفت من ملامحه معالم الحياة:
"سمعت إنها رجعت مع جوزها من شهر تقريبا دي آخر حاجه وصلتني عنها"
"لسه بتحبها"
*سأله عاصم بقلق خائفا من أجابة لا يتمناها.....لقد
عانى صديقه من جرح إمرأة خائنة تركته في أشد
أوقاته صعوبة وأحتياجا.
*أبتسم يزيد بخفة وأنتفض واقفا وهو يرفع عينيه الحزينتين لصديقه وقال مشاكسا:
"على فكره أنت طيرت مني لوزة مقشرة هند رستم يابني بس على متختخ حبتين......المهم فكر كويس قبل ما تاخد أي قرار ممكن تندم عليه العمر كله يا
عاصم.......سلام يا صاحبي"
*رنات الهاتف المتتالية أفاقت عاصم من غفوته فتح عينيه الناعستين ونظر إلى السماء التي بدأت تعلن عن أشراقة فجر جديد......ونظر إلى الهاتف ليجد المتصلة كما توقع هي زوجته وعندما أجاب على الهاتف بصوته المتهدج الناعس جاءته صرختها المدوية التي كادت تخرق طبلة أذنه :
"طبعا نايم في حضن العروسة ... الهانم الجديدة حرم عاصم بيه الفيومي وسايبني أنا أولع بجاز......."
*أبعد الهاتف قليلا عن أذنه وتمتم قائلا بخفوت:
"أصطبحنا وصبح الملك لله والحمد لله"
"إيناس ممكن تهدي شويه أنا مش ناقصك إنتي كمان"
*شهقت ببكاء وهي تصرخ عليه بجنون:
"طبعا مش ناقصني مش أتجوزت من اللي هتجبلك ولي العهد......تعالي دلوقتي حالا يا عاصم وإلا أنا اللي هجيلك بنفسي حالا أنت عارفني مجنونه وأعملها"
*صراخها العالي أغضبه وأوشكت أعصابه على الإنفلات ليصيح فيها بجنون:
"بلاش جنان يا إيناس أنا مش في البيت أصلا"
*جزت فوق شفتيها ومخيلتها ترسم الكثير والكثير
من المواقف والتخيلات التي جعلتها تزداد اشتعالا
فصاحت مرتجفة:
"أنت سافرت معاها...فين يا عاصم؟...أتكلم متجننيش
أنا هموت من الغيظ"
*أعتصرت أنامله المنقبضة عجلة القيادة بعصبية حتى أبيضت مفاصله مجيبا بخشونة:
"إنتي فعلا أتجننتي أنا لا سافرت ولا روحت ولا جيت وعلشان ترتاحي أكتر.....أنا مقربتش منها أصلا ف ياريت بقى تقفلي دلوقتي وتسبيني في
حالي"
*كتمت ضحكة صاخبة كادت أن تفلت منها وهي تقفز فوق الفراش بجنون......وعندما أحست بأنفاسه تضربها بقوة أطبقت فمها بشدة وظلت ساكنة حتى آتاها صوته الرخيم ليمحو فرحتها:
"متفرحيش قوي كده عشان كل حاجه أنا فيها دلوقتي إنتي السبب فيها......مشيك ورا كلام الست
مامي وعنادك هما اللي وصلوني إني أبات في الشارع جوه عربيتي....عمري ما هنسي ردك على سؤالي أبدا يا إيناس عمري"
*قوست حاجبيها الدقيقين وتغلغلت الدموع لمحجرى عينيها الزرقاء الداكنة لتشهق باكية:
"عاصم أنا أس........"
*أغلق الهاتف ولم يدعها تكمل أسفها المزيف وتركها تغلى من الغيظ.....ليرتسم فوق وجهها الحسن أعتى علامات الغضب وتمتمت بصلابة:
"ماشي يا عاصم حسابنا بعدين.....أما دلوقتي بقي لازم أنكد على عروسة الهنا يوم صباحيتها"
**********
*كانت تجلس أمام مرآة الزينة تنظر إلى وجهها الشاحب الذي أصبح يحاكي وجوه الأموات وعينيها التي أنتفخت من البكاء..أصابعه مازالت مرتسمة
فوق خدها المندى بالدموع يالها من عروس سعيدة
زوجها تركها ورحل بعد أن ترك لها أثرا لتبك عليه.
*أحنت تميمة رأسها تتذكر حديثها مع صديقتها تقي حينما قالت لها:
"إنتي بتقولي إيه لازم يقربلك وجودك معاه ضمان لحاجات كتير أولهم إنك تكملي تعليمك وتدخلي الجامعة......ثانيا واحدة زي عزيزة وبناتها هيعرفوا إنتي كنتي فين وبقيتي فين ربنا بعتلك الراجل ده
من السما"
*أخفت تميمة ثغرها المرتجف:
"بس هو أمبارح بعد مالبسني الخاتم قالي إنه عمره ما هيحبني وإنه بيحب مراته جدا يا تقي.....ده غير
بصاته ليا مكنتش مريحة بالمرة كنت حاسه إنه زي مايكون عايز يخنقني ولا يضربني"
*تنهدت تقي من صديقتها بسأم وقالت لها بتصلب:
"إنتي إيه غبية إنتي وهو عارفين أنتوا متجوزين بعض ليه..هو عشان يخلف وإنتي عشان متجوزيش
جلال العتره وتبعدي عن مرات خالك يعني إنتي و
هو مكشوفين قدام بعض يبقى الحب هيجي منين
ولازم طبعا يكون بيحب مراته........"
*كزت تقي على شفتيها وأقتربت من تميمة الشاردة في أصبعها الذي يحمل خاتما مرصعا ثمنه يشتري الحي بما فيه من سكان.......خاتم باتت عزيزة بسببه
ليلتها تهذي بين الجدران......وهمست لها:
"لكن إنتي لازم تخليه يحبك تعرفي ازاي تشديه ناحيتك .....لازم يا تميمة وإلا مهمتك بالنسباله هتنتهي بسرعة جدا"
*عادت إلى واقعها حينما دلفت الخادمة إلى غرفتها
وهي تحمل الهاتف المنزلي بين يديها تقل:
"صباح الخير يا هانم في تليفون لحضرتك"
*عقدت تميمة حاجبيها وأعتلت شفتيها أبتسامة متهكمة ساخرة لقد أصبحت هانم في غمضة عين تلقبها إمرأة تكبرها سنا بهانم........
*تنهدت بحرقة وهى تنظر إلى الخادمة التي تقف أمامها في هيئة عصرية تتميز بالرقي و الأناقة....
وتذكرت أنها منذ أسبوع مضى كانت مثلها تخدم وتمسح وتطبخ كانت خادمة هي الأخرى مع الفارق الضخم بينهما فقد كانت خادمة بلا أجر فضلا عن الذل والأهانة:
"تميمة أسمي تميمة يا....."
*تبسمت الخادمة لسيدة المنزل الصغيرة وأجابتها
برقة:
"أسمي سمر.....سمر يا هانم"
*ردت لها تميمة الأبتسامة وهي تأخذ من كفها الممدود الهاتف وسألتها بأستغراب عمن يسأل
عنها في الصباح......ومن يعرف رقم هاتف المنزل من أقاربها أو أصدقائها وكانت أجابة الخادمة:
"معرفش مين يا هانم.....واحدة قالتلي عايزه مدام تميمة"
*أومأت برأسها ووضعت سماعة الهاتف على أذنها هامسة:
"الو.....مين معايا"
*توحشت مقلتي إيناس بجحيم مستعر وسددت نظراتها النارية الحارقة إلى إنعكاس صورتها بالمرأة وبدت كشيطان ينمو له قرون:
"الو.....أنا تميمة مين حضرتك ؟"
*هتفت تميمة بصوت أعلى وأوضح.....فجائها صوت كفحيح
الأفاعى يقطر السم من لسان إيناس التي
تغضنت ملامحها وهدرت كأنها تبصق الكلمات بصقا:
"أنا إيناس الأناضولي....أقصد إيناس الفيومي مرات
عاصم بيه"
*أحتقن وجه تميمة وشعرت بسخونة تغزو جسدها وتحرقه......فتلعثمت قائلة:
"اه.....أق....أقصد أهلا....أهلا وسهلا بحض......."
*قاطعتها إيناس بغل:
"لا أهلا ولا سهلا مفيش الكلام ده بينا يا ماما إنتي مع عاصم علشان حاجه معينة هتنتهي قريب
يا أما ميجبش منك الحاجه دى ويرميكي تانى في البيئة القذرة
اللي أخدك منها......
*وجهها الناعم أرتسمت على ملامحه علامات الغضب وتمتمت تميمة بتصلب:
"ممكن تقوليللي متصلة هنا ليه قبل ماقفل السكة في وشك"
*شهقت إيناس وبرقت مقلتيها وصاحت فيها قائلة:
"تقفلي السكة في وشي أنا يا حقيرة إنتي متعرفيش أنا مين وإنتي........."
*تلك المرة قاطعتها تميمة وهي تتحكم في زمام الأمور بصلابة وقوة لم تعرف مثلهما من قبل فهتفت بصوت يبدو من نبرته السخرية والتحقير:
"عرفتيني بنفسك من شويه...بس أعتقد الحقيرة هي
اللي تتصل وتعمل عرض رخيص عشان ترهب ضرتها....أنا كمان تميمة الفيومي والزمي حدودك معايا كويس مش هقولك يا حقيرة لأني أعتقد إن البيئة القذرة اللي أنا جايه منها أنضف من بيئتك إنتي بمراحل"
*دلو من الماء المثلج صب فوق رأس إيناس التي أعتقدت أنها ستفقد ضرتها الجديدة كرامتها وستجعل منها أضحوكة اليوم وسيرة لها ولوالدتها.........ولكنها
تفاجئت أنها تتحدث مع خصم عتيد مشاكس لا يهاب ولا يخاف يبدو أن تلك اللعينة نمرة متوحشة
قوية لها أنياب ومخالب.
*أبتلعت إيناس ريقها وتنحنحت تبتلع أهانتها وهي تعتقد أنها ستتغلب على تميمة تلك المرة فهمست من بين شفتيها بحقد دفين وضحكتها تعلو:
"هسيبك تفرحي شويه إنك تميمة الفيومي.....بس ياحرام مكنتش أعرف إن العروسة حرم عاصم بيه
هتبات لوحدها في سريرها.....وعريسها سابها وجه جرى عشان ينام فى حضن حبيبته"
*كتمت تميمة غيظها وحرقتها بشق الأنفس وفي تحد سافر خرج صوتها أجش خافت كجذوة عود الثقاب المشتعل:
"مش مهم أستمتعي معاه يومين قبل مايكون حضني أنا هو بيته وراحته......وبكره تشوفي عن إذنك بقي أروح أستعد علشان من الواضح إن عاصم خرج من عندك.....سلام"
*أغلقت تميمة الهاتف وهي تجز على شفتها بألم والدموع تترقرق داخل مآقيها من القهر
بينما أخرى تقف في مكانها متصلبة متسعة العينين
فاغرة الفم من الصدمة التي تلقتها للتو الفتاة تتحداها علنا بأنها ستأخذ عاصم من بين ذراعيها.....ستحصل على زوجها وكنزها الدفين الجاهلة ساكنة الحواري تتحداها.......تنفست بسرعة
وفجأة أطلقت صرخة قوية بجنون وهي تقذف بالهاتف فى المرآة بقوة لتتهشم المرآة إلى شظايا
كما تهشمت هي الآن ليتها رفضت.....وأصرت عندما
ألح عاصم عليها بسؤاله وأنتظر أجابتها ليتها لم تفعل ولم تقل ما قالته لعاصم الذي لم و لن ينس أجابتها وموقفها أبدا.......ليتها وليتها.
**********
قبل خمسة أيام
*ضربت عزيزة فوق صدرها بقوة بينما أسقطت أبنتها هبة كوب الماء الزجاجي من بين أصابعها عندما قال مرسي لأبنة أخته تميمة التي أتسعت عيناها هي الأخرى متفاجئة:
"أنت بتاخد رأيها لأ طبعا بقى دي تتجوز أبن الحاج فهمي..ياراجل بدل ماتقوله على بت من بناتك رايح
تدلل على بت أختك الصايعة دي"
*هز مرسي رأسه وهو يضرب كفا بكف وقال لزوجته التي تقف على جمر متقد:
"لا إله إلا الله نقول تور يقولوا احلبوه..........ياوليه حرام عليكي إنتي دايما كده بقولك الحاج فهمي شاف تميمة مرة وهي جايبلي الغدا.....الأكل اللي بناتك بيكسفوا يعدوا عليا بيه أهو الراجل شافها وقال عايزها لعاصم بيه أبنه"
"اااااااخ ياني هتشل.....هتشل بقى دي تتجوز بيه قد الدنيا وبناتي أنا اللي ليهم أصل وفصل لأ"
*دمدمت عزيزة بصراخ وهي تناظر تميمة الواقفة أمام خالها تلتزم الصمت وتعلم جيدا بأن خالها هو من عرض هذا العرض على رب عمله.......أو ربما قام
بشيء آخر لمحاولة إنقاذها:
"إيه رأيك ياتميمة الحاج فهمي عايز نكتب الكتاب يوم الجمعة الجايه"
*سأل مرسي تميمة التي أطرقت برأسها وظلت ملتزمة الصمت.......بينما صرخت عزيزة بهياج:
"لأ قوله على هبة ولا على مني.....الزفته بنت أختك مخطوبة للمعلم جلال العتره"
"أنا مش مخطوبة لحد"
*فاجأتها تميمة بأجابتها القوية ثم أستدارت برأسها إلى خالها الذي ظهرت على ملامحه السعادة وشعر بأن تميمة ستغير مصيرها بخبرتها القليلة:
"أنا عندي شروط يا خالي قبل ما أوافق"
*همهمت تميمة بوجه مرتفع صلب...فصرخت عليها
عزيزة وهي تجذبها من ذراعها بقوة:
"وكمان عندك شروط يالهوتي أسمعي يابت إنتي ..واحدة من بناتي هتتجوزه وإنتي هياخدك جلال العتره غصب عنك"
*جذبت تميمة ذراعها بقوة وعيناها تجمدت على عزيزة وكأنها أكتسبت قوة دفعتها إلى التفوه بوجه
عزيزة الغاضب:
"لأ لأ قولتلك أنا مش مخطوبة لحد.....ولا موافقة عليه وموافقة على أبن الحاج فهمي بس من حقي يكون ليا شروط خاصة أنا هوافق على واحد أكبر مني بتمنتاشر سنة"
*رددت عزيزة بصلابة وهي تقترب من زوجها:
"شايف البجحة بت الكلب دي آخرتها.....هو أبن الحاج عارف إنها بت حرام أتكلم ياراجل أنطق"
*تطلع مرسي في زوجته وقبل أن يجيبها كانت تميمة تصرخ في وجهها بصوت أكثر غضبا وعنفوانا:
"أنا مش بت حرام أنا ليا أب وأم وبطلي تقوليللي كده فاهمه...وجواز من العتره مش هتجوز والفلوس
اللي بتسحبيها منه على حسابي أنا مليش دعوة بيها"
*شحب وجه عزيزة وأبتلعت ريقها المختنق في حلقها وفجأة أنقضت على ذيل فرس تميمة المنساب خلف ظهرها حتى آخره وأخذت تكيل لها اللكمات والعضات التي تركت أثرها في جسدها:
"إنتي هتجوزي العتره يعني هتتجوزيه ... يكونش مقصوفة الرقبه دي كانت لايفة على أبن الحاج من وراك يا راجل..........ماهي صايعة وضايعة زي أمها هتجيب الشرف منين"
*وقف مرسي بين زوجته وتميمة التي كانت تحاول تخليص خصلاتها من بين أصابع عزيزة ومرسي أخذ يردد بغضب أستولى عليه لأول مرة
أمام زوجته الحاقدة:
"فلوس إيه ياوليه اللي بتاخديها إنتي عايزه إيه منك لله......وبعدين مين قالك إن الحاج فهمي هيقبل واحدة من بناتك هو عايز تميمة من وقت ماشافها أقوله لأ خد واحدة من بناتي"
"جلال العتره مش هيسكت"
*قالت عزيزة بنزق.....صاح مرسي وهو يبتسم في وجه زوجته المغتر ولأول مرة يشعر بأنه لا يهابها:
"ميقدرش يعمل حاجه ده الحاج فهمي الفيومي وعاصم بيه"
*همست تميمة بأسمه تتذوقه بينها وبين حالها:
"عاصم"
*أرتبك مرسي عندما دق هاتفه المحمول القديم وأسم الحاج فهمي يظهر فوق شاشته المهشمة
فقال سريعا لتميمة التي تجفف دموعها:
"الحاج فهمي بيتصل أقوله إيه يابنتي"
*التفتت تنظر إلى عزيزة المتجمدة في مكانها تتلقى صدمة تلو الأخرى.....وأبتلعت تلك الغصة بحلقها قائلة:
"موافقة ياخالي بس عندي شرطين"
*أنتفضت على يد سمر الخادمة وهي تهمس لها:
"أنا أسفة يا هانم......عاصم بيه وصل وقاللي أقول لحضرتك تنزلي تتغدى معاه"
*ضمت شفتيها وكانت علي وشك الرفض إلا أنها تذكرت إيناس وحديثها لها......أرتخت أصابعها المتشنجة ونظرت إلى السيدة مرتبة الشعر أنيقة
الزي وهمست لها بوجنتين تشتعلان احمرارا:
"ممكن تساعديني !!"يتبع
أنت تقرأ
تميمة حظ
Romance"نوفيلا مكتملة" "نبذة من الأحداث" "" "" "" "" "" "" "" "" "أنت مشترتنيش.. علشان تعاملني زي جارية أشتريتها من سوق الجواري" *أجابته بجرأة وقد رفعت وجهها أخيرا لتقابل بركانا ناريا يشتعل بعينيه الرماديتين اللامعتين. *أتسع...