🤍الفصل الرابع والعشرون🤍

2.8K 83 1
                                    

*هتفت منفعلة والهاتف علي أذنها بينما تتحرك في أنحاء شقتها ويدها في خصرها:
_ياخسارة تعبي و شقاية عليكي مكنتش بحسبك ضعيفة كده وخايبة ده أنتي بت صفية البكري ومهدى القناوي أستنى أيه واصبر ايه يامروة.....أصبر لما كل حاجه تضيع من بين ايدك وأنتي وقفه مكانك محلك سر مش عارفه تحيلي ولا تديلي.
*زفرت بقوة تستمع الي أبنتها وهي تحاول شرح الأمور
التي تعقدت بسبب خطبة على الناجي المفاجئه من كابر التهامي بعد أن كان كل شئ يسير علي مايرام كما كان مخطط له تماماً..بينما هي لا تمنحها الفرصة لسماع مهاترات وحجج فارغة علي حد قولها فكان الهدف أمام عينيها لا يصبرا ولا يهدأ الا بعد الإنتقام ممن كانوا سبباً في كل شئ:
_أنتي اتحرمتي من حاجات كتير بسبب الناجوية ودلوقتي حتت بت مشلولة يادوب بتتحرك بكرسي هتاخد منك ابن الناجي وانتي بتتفرجي زي الغبية اتحركي قبل ماتندمي وتقولي ياريت اللي جري ما كان.
*أغلقت صفية الهاتف بعنف وعقدت حاجبيها بمقلتين توهجت كالجمرتين وهي تقول بخفوت قاس محذرا:
_ياخوفي يامروه يابت بطني..ياخوفي.
_وبعدهالك ياصفصف.
*هتف صوت وهن ضعيف النبرة كضعف شخصيته واخذ نفسا عميقا من سيجارة رديئة تحرق القلب أكثر مما هو محترق......ومن جيب قميص منامته المتسخة كحياته أخرج زجاجة نبيذ باخسه الثمن ليتجرع منها مشروب الكحول القاسي وجلس فوق كرسي يقبع في احدي زوايا المنزل الكبير:
*التفتت صفية تنظر له بحدة تقل:
_أنت ايه اللي خرجك من اوضتك مش قولتلك طول من هنا مش عايزه اشوف وشك النحس ده.
*انشقت شفتاه بابتسامة بائسة كابؤس حاله وهيئته وقال وهو يتجرع من زجاجته رفيقة نسيانه:
_اااخ يادنيا دلوقتي بقيت وشي نحس بعد ما كان وشي ده هو وش السعد عليكي يانكرة الجميل.
*صاحت وهي ترمقه بغضب:
_فتتتحي ناسيت نفسك ياخمورجي يانتن باين كده وحشتك قاعده البدروم تحب تنزله تاني.
*اشاح برأسه واخذ يدندن اغنية قديمة لعبد الوهاب ويدخن من سيجارته الرديئة التي أوشكت أن تنفذ
لتزفر صفية وتضرب جانبي ساقيها تقل له:
_شكل مروة حبيت الواد ابن الناجي مش عارفه قلبي مش مطمن ليه الفار بيلعب في عبى.
*قال مازحاً بصوته الخافت وهو يحرك حاجبيه:
_تعالي وانا اطلع الفار من عبك.
*صاحت غاضبه في وجهه:
_وبعدهلك ياراجل ياناقص خلينا في الهباب اللي إحنا فيه.
*ابتسم فتحي واحني رأسه يهزها قائلا:
وايه يعني لما تحب...ده الحب جميل.
*وعلي مقامات أغنية ام كلثوم الورد جميل دندن:
_الحب جميل جميل الحب...خليها تحب زي أمها وبعدين تاخد علي قفاها أصلها شبهك تستاهل افعي ربت حربايه.
*بكل ماتملك من قوة صفعته فوق وجهه صفعة أدارت وجهه واسقطت زجاجة المشروب من بين أصابعه لتقل
من بين أسنانها المصطكة:
_كلمة تانية وهرميك في الشارع زي كلاب السكك كان يوم اسود يوم ما شوفت خلقتك ربنا يجحمه في نار جهنم اللي عرفني بيك.
*ظل فتحي منحني الرأس يكتم دموع ذله وعاره وخذلان نفسه يلعن حاله قبل ان يلعنها لأنه أحبها ذات يوم بجنون...ليقل وهو مازال منحني الرأس منكسر النفس:
_اللي يشوفك وانتي بتدعي عليه مايشوفش كلامك عنه وانتي بتحرضي بتك عشان تنتقملوه.
*عقدت ساعديها وضحكت بشر قاتم كالون قلبها:
_طول عمرك حمار هتعيش وتموت حمار مش هتفهم ابدا اللي طول عمري بخطط له وبزرعه في قلب مروة وكنت بسقيه بالحقد والسواد كل يوم وكل ليلة عشان ابدا احصده دلوقتي.
*هز رأسه بقلة حيلة يقل:
_وياتري بتك هتعرف تحصد الشر اللي زرعتيه من بين انياب الأسد دول الناجوية اللي طول عمرك بتحكي عنهم وعن قوتهم وعدلهم ده من كتر كلامك عنهم بقيت بخاف منهم من غير ماشوفهم ياشيخه.
*صرخت بغل:
_هتحصده غصبن عن الكل لازم تحصده لازم تاخد حقي وحقها منهم...لازم تاخد حق سنين عمري اللي راحت وأنا بشتغل خدامة في البيوت بمسح و انضف واستحمل من
كل من هب ودب بعد ماكنت بت محروس البكري لازم
تدخل بيت الناجي وتبقي وحده منهم ليها اسم وصيت
بين اهل البلد كلهم....والأهم من كل ده لازم تاخد حقي
من عزة البكري ومفيش حاجه هتوجع قلب عزة البكري
وتقهر قلبها زي ماقهرت قلبي غير بنات أختها فهمت يا
حمار.
*نهض فتحي من فوق كرسيه وعاد ليدندن من جديد
بأغنية قديمة لعبد المطلب وهو يبتسم بسخرية ليمر
من جانبها ويتوقف قليلاً ويهمس بخفوت:
_بكره نشوف ياخوفي من اللي جاي ياصفصف ياخوفي.
_غور من وشي ياخمورجي ربنا ياخدك.
*هتفت وهي تدفعه بقوة وتبصق بصقة وهمية فوقه ثم رحلت بنيران تزداد اشتعالاً ولن يخمدها الا انتقامها بينما ظل فتحي واقفاً في مكانه يهمس:
_ااااخ اشرب يافتحي يا ابو الفضل اشرب من نفس الكأس اللي شربته لمراتك الست الأصيلة اللي بعتها عشان تشتري الافعي وتربي في حضنك بتها الحية أشرب المر و دوقه بعد ما كنت المعلم فتحي ابو الفضل بقيت حتة خمورجي مرمي في اوضة زي الكلب.
**************
_وداد..وداد أنتي يا واكلة ناسك.
*تعالي صوت بهية وهي تدخل هائجة غاضبة بوجه شاحب اللون.....أنتفضت وداد جالسة من نومها فجأة وهي تلهث بقلق:
_في ايه ياماما؟
*صرخت بهية بغيظ علي ابنتها وهي ترفع ساقها في حركة بهلوانيه اعتادت عليها عندما يفيض كيلها من ناجي فتلجأ إليها مضطره لتتناول خفها المنزل بين يدها ومثل قذيفة مدفعية صوبت سلاحها البدائي نحو وداد التي فغرت شفتيها بفزع قبل أن تقفز واقفة تتحاشى خف والدتها:
_ايه ده ياماما..في ايه؟
*دمدمت بهية من بين أسنانها بغيظ:
_في الخيبه والويبه علي دماغك يابت بهية لساتك ياوداد لساتك زي مانتي مفيش فايدة فيكي يابت بطني.
*زفرت وداد بحنق تضرب قدمها الحافية بأرض الغرفة وتسأل أمها الغاضبة بقلق:
_ممكن تهدي وتقوليلي حصل ايه؟ أنا مش فاهمة حاجه وبلاش الشبشب ده لو سمحتي ياماما انا مبقتش صغيرة.
*اقتربت منها بهية وامسكت بذراعها تهزها وهي تقول:
_الشبشب دهو راح انسله نسايل فوج رأسك أياك تكوني مفكره حالك كبرتي علينا وبجيتي خلاص مالكيش حاكم بوكي لساته بخير وحسه بالدنيا الله يطول بعمره....وأني اضربك بالجزمة فوج رأسك اللي كيف راس البجر يابجرة ياوكله ناسك.
*هتفت وداد بضيق محاولة إخفاء معرفتها سبب غضب والدتها:
_ممكن أفهم كل الغضب ده سببه أيه؟
*اخذت بهية تكيل بالاتهامات والشتائم لوداد حتي هدأت واستعادت أنفاسها الضائعة لترمق أبنتها وتقل لها بتصلب:
_اجعدي جاري أهنيه وجوليلي رايده ايه من محمود؟
_محمود!!!!!!
_ايوه محمود ياوداد الخلج كلاتهم عملينكم لبانه في خشمهم ناجص يتغنوا ع الربابة ع اللي حصل بينتكم عند السواجي.
*شعت عيون وداد بالكره بسبب تلك العادات المتخلفة التي مازال أهل البلدة يحتفظون بها ويستمرون عليها وكأنها شئ مشرف يحتذون بتنفيذه لتهتف بسخط يتخلله بعض الغرور:
_يووو هما لسه متخلفين زي ماهما بيتكلموا علي ده و يجيبوا في سيرة ده مهما ولادهم اتعلموا وبقوا خرجين
جامعات هيفضلوا زي ماهما جهلة شوية متخلفين مفيش حاجه وراهم غير الكلام علي الناس بجد انا زهقت ومش عارفه ايه اللي رجعني هنا تاني.
*أتسعت عيون بهية بالدهشة وظلت تنظر الي أبنتها التي أصابها الغرور والتعالي حتي في طريقتها القاسية وملامح وجهها النافرة...بلعت ريقها وقالت تلومها:
_هو دهو اللي اتعلمتيه في بلاد الخواجات تجولي علي ناسك وأهل بلدك چاهلة ومتخلفين يعني أمك و بوكي كماني كيفهم معميفهموشي...
*وصمتت بهية لتبكي....جلست وداد القرفصاء أمام أمها وضمت شفتيها وهي تشعر بأن خديها يحترقان بالخجل ماذا أصابها حتي تنطق بهذه الكلمات الجارحه المهينة كيف استطاعت ان تهين والديها بكلمات غير مباشرة سددها فمها القاسي فاهما أيضا من اهل البلدة وينتمون إليها......لتلك الدرجه أصبحت قاسية تحجر قلبها وأصبح كقطعة جليد عادت به من بلاد الجليد والضباب:
_ماما أنا اسفة جدا سامحيني والله مكنتش أقصد حقك عليا انا اسفه...ماما.
*بقسوة نفضت بهية يدها من بين يدين ابنتها وقالت لها بحدة:
_حطي جوات راسك اللي راح اجوله دهو وحطيه حلجه في ودنك علشان متبكيش بعد اكديه يابت بطني وتجهري جلبك ع الفاضي محمود خلاص مش راح يكون ليكي مهما عملتي...اعجلي وحطي عجلك جوات رأسك وارضي بالي ربنا جسمه ليكي وجولي الحمد لله انتي احسن من غيرك.
*قالت وداد بصوت هادئ وهي مستنده علي مكتبها القديم المتهالك:
_عارفه يا ماما محمود مبقاش ليا من غير ماتقولي شوفت ده عيونه اللي مكنتش بتشوف غيري.
*رمشت بهية بعينيها قبل ان ترفع رأسها ناظره الي أبنتها البكر بقلة حيلة وهتفت قائله:
_طيب ليه يابتي بتعذبي جلبك و روحك انتي اخترتي طريج من للأول همليه هو كماني يشوف طريجه وحياته.
*تكلمت وداد بصوت حزين عصبي:
_أنا مروحتش حبيت ولا اتخطبت لواحد غيره أنا كنت بتعلم و عشان يكون ليا مستقبل و.....
*قاطعتها والدتها قبل ان تكمل بغضب:
_متبجيش أنانية وتفكري في حالك وبس كنتي رايده يفضل مستني جنابك لما تاخدي الشهادة الكبيرة وتعاودي تلاجيه علي حطت يدك...محمود مش بوكي الغلبان اللي كان بيجطع من جوتنا عشانك ولا امك اللي كان جلبها بياكلها عليكي كان لازمن هو كماني يشج طريجه ويشوف حاله.
*استقامت وداد وهي تعقد ساعديها قائله بهدوء استفز والدتها اكثر:
_محمود مش هيكمل معاها عشان لسه بيحبني وعايزني.
*هتفت بهية بغضب لم تعد تجيد السيطرة عليه منذ أن عادت أبنتها وفي رأسها شئ واحد تسعي اليه وهو محمود:
_يامرارك يابهية يامرارك من بت بطنك...انتي لسه جايله بعضمة لسانك أنه اتغير ومبجاش كيف زمان كيف واثجة اكديه من حالك انه راح يهمل بت الناس اللي عجد عليها وبجيت في حكم مرته كأنك مدرياش بحالك.
*وجلست بهية علي الكرسي متأوهه برأسها متابعة:
_انتي ناوية ع الخراب.
*هتفت وداد بنفس الهدوء المستفز والذي يبدو أنها اكتسبته من معاملة وطباع الانجليز:
_انا واثقة أن أمه هي اللي مأثره عليه هي من الاول شايفه ان وداد بت مناع و بهية الخدامين مش هتليق بمحمود ابن سمية و سلمان ابو السعود ولاد الأصول هي السبب وأنا مش هستسلم ابدا للي هي عايزاه.
*وكأنها بكلماتها المستفزة قد أعلنت شارة الحرب حيث انفجرت فيها بهية تقل بغضب قاسي وهي تصفعها فوق وجهها وتجذبها بقوة من منتصف رأسها:
_جطع لسانك ياجليلة الحيا يا وكله ناسك جبر يلمك جبل مالسانك ينطج بالي جولتيه ابوكي زينة الرجال عمره ماكان خدام عند حد طول عمره اخ وشجيج لحمزة الناجي بوكي اللي عم تجولي عليه اكديه بجا صاحب أرض بوصية من الحاج حسين علشان طول عمره بيجول مناع ولده كيف حمزة وعمار....
*وامك اللي عم تجولي عليها خدامة ليها دوار كبير ترمح فيه الخيل من وانا لساتني حتة لحمة حمرا وتحطيت في حجر أمي الحاجه دهب الله يرحمها وهي كتبته ليا كيف ماكتبت لبتها سلمي إحنا مش خادمين يابت السوهاجى....إحنا من عزوة الناجي وهنفضل طول عمرنا من عزوتهم واهلهم....بس انتي اللي ناسيتي أصلك ونفسك روحي شوفي دهب وشوفي حالها عمرها ماوجفت زيك اكديه بوشي طول عمرها راضية وسكته لكن أنتي......
*صمتت بهية وظلت تتطلع الي وداد التي انهمرت عبارتها
ودفنت وجهها بين كفيها تبكي لتكمل دون شفقة:
_ياريتك ماعودتي ياريتك كنتي فضلتي بعيد ع الاجل كان زماني بجول وداد بتي العاجلة الراسية بدل مادلوكت ما طيجاش اطل في وشك.
*صرخت وداد صائحه من بين نوبات بكائها تقل:
_أنا مش عارفه بقول ايه؟ انا تعبانه ومكسورة قلبي وجعني اوي يا ماما حاسه ان قلبي مبقاش جوه مني وروحي بتسحب مني كل مافكر انه خلاص مش ليا بقا لوحده تانية...
*نهضت وتشبثت أصابعها بجلباب امها وأكملت وهي تبكي بحرقة:
_تلت سنين وانا عايشة علي امل ان هيكون ليا مستني رجوعي وهيسامحني يمكن اكون أنانية...لا أنا فعلا أنانية مش بفكر غير في نفسي وبس عندك حق بس غصب عني والله لسه بحبه ياماما بحبه اوي.
*رق قلب بهية كأم مقهورة يؤلمها قلبها علي فلذة كبدها تعلم بأن أبنتها سليطة اللسان تجرح دون وعي لتعود وتندم من جديد هذه هي وداد ابنتها...احتضنتها لتملس فوق شعرها الاشعث برفق وحنان وهمست لها بصوتها الباكي:
_أرضي بالنصيب وجولي الحمد لله يابتي محديش بياخد في الدنيا ديه كل اللي هو رايده بكره ربنا يعوضك بالخير ويكتبلك السعادة مع واد الحلال اللي يعوضك عن محمود ارضي يابتي وكفياكي اعتراض ربنا يهديكي يابت جلبي يارب.
*******************
*في ليلة خاصة ناعمة كملمس نسيج ثوبها الأزرق الستان ورائحة عطرها الفرنسي الساحر وسواد عينيها اللمعتان كالنجوم المضيئة في كبد السماء شارك أركان صديقته كوكي الرقص علي أنغام هادئة بعد دعوته لها علي أمسية رائعة لتناول العشاء...
*قربت تستند بذقنها فوق منكبه واسترخت قليلا شاعرة بذراعي أركان تضمها أقوي و أقرب لجسده لتهمس:
_قلبي بيقولي أن ده عشا وداع.
_وداااع..
*همس بانفاس ساخنه بجانب أذنها ليطبع فوقها قبلة ناعمة اذابتها لتقرب جسدها من جسده أكثر وتتعلق به أكثر تقل:
_حاسه بكده نزولك المفاجئ مصر معناه أيه غير كده.
*رفع ذقنها المرتاحة فوق منكبه لينظر لها بجاذبية تخطف الأنفاس قائلا وهو يبتسم:
_معناه اني واخد إجازه ونازل مصر اشوف امي واخواتي وعيلتي وكمان رامي عايز يقضي إجازته في مصر.
*لوت شفتيها ساخره وقالت بنزق:
_مش فاهمه أيه اللي مخلي رامي متحمس بالشكل ده عشان يقضي اجازته...أكيد البنت ديه هي السبب.
*هز رأسه مستفهم وهو يسألها مستغرباً:
_بنت..تقصدي مين؟
*ردت ساخرة ولكن بنبرة توازي جديته التي اعتقدت أنه يتصنعها:
_يعني مش عارف؟ البنت اللي كانت تلميذة عندك وبخبث ومكر قدرت تتقرب من رامي.
*ارجع رأسه للخلف يهتف بتذكر:
_اااه تقصدي وداد..وداد متقربتش لرامي بالعكس هو اللي اتقرب منها وحبها جدا.
_وداد ياسلام من امتي بتفتكر أسامي تلاميذك بسرعة ديه يادكتور يظهر مش رامي بس اللي اتقرب منها.
*قالت وهي ترمقه بغضب شديد:
*ابتسم أركان ابتسامة جامدة بها بعض من الملل الا انه قال ببساطة:
_وبعدين معاكي بقا مش هتعقلي احنا كبرنا علي الكلام الفارغ ده والغيرة العبيطة اللي ملهاش اي داعي.
*توقفت عن الرقص وناظرته بنظرات متلبدة وقالت وهي تلوي شفتيها مغتاظة من كلماته الجارحة لانوثتها:
_افندم قصدك اني عجزت خلاص وبقيت بخرف لا يادكتور انا كوكي اللي الكل بيطلب رضاها واشاره بس منها إياك تنسي كده.
*جذبها من خصرها ليكمل رقصتهم وقال بهدوء نافذ علي الانتهاء:
_كوكي خليكي فاكره ان انا اللي جيت لحد عندك واعتذرت بكل شياكة برغم أن في آخر مرة كنتي انتي اللي غلطانه وقولتي كلام ميصحيش يتقال بس اتغضيت عن كل ده عشان خاطر الأيام الجميلة اللي بينا والعشرة بس كل ده ميدكيش الحق انك تتمادى وتقولي كلام حقيقي بدأ يستفزني ويخنقني.
*تنفست وقالت وهي تحاول أن تبقي هادئة:
_سوري درلينج..لو كنت ضيقتك بكلامي بس انت عارف انا قد ايه بحبك وبغير عليك وبتمني رامي كمان يحبني زي مابحبه.
*بآلية ابتسم لها يردد:
_مين قال ان رامي مش بيحبك بالعكس هو بيحترمك وبيعزك جدا لكن هو منغلق شوية ومش بيظهر شعوره بوضوح...اوقات كتير بيكون معايا نفس الشئ صدقيني
من يوم انفصلنا انا وأمه وهو بقا كده.
*رفعت حاجبها بسخرية تقل:
_بس اللي انت بتقوله ده كله مش بينطبق نهائي في علاقته وتمسكه بالي اسمها وداد ديه.
*انتهت فقرة الرقص وامسك بكفها يقبله ثم توجه بها الي طاولتهم حيث بدأ النادل بتقديم طعام العشاء رفعت كأس المشروب لتتناول رشفة بشفتيها الرقيقة وباغواء رطبت شفتيها بطرف لسانها وهي تنظر إليه تهمس:
_أركان انا مش مرتاحة بالمرة للبنت ديه...خايفة تأثر علي رامي وتخليه ميرجعش لندن تاني وطبعا انت لازم تفضل معاه معتقديش انك ممكن تسيبه وترجع.
*صمت أركان يستمع إليها وهو يسند رأسه فوق راحت يده لتكمل كوكي بحزن:
_انا واثقة ان رامي رافض وجودي في حياتكم ومش متقبلني بس انت تقدر تقنعه بوجودي وسطكم.
*رفع أركان رأسه من فوق راحت يده وقال وهو يؤشر علي الطعام:
_ممكن ناكل علشان انا جوعت ج....
*قاطعته بغضب:
_انت بتهرب من الكلام معايا.
*نظر حوله بضيق ثم عاد وناظرها و زمجر بعصبيه وقد تمكن الغضب من ملامحه:
_قولتلك مش بحب الصوت العالي ولا الطريقة المستفزة ديه في الكلام قولتلك اكتر من مرة رامي طفل منغلق علي نفسه مش بيتكلم كتير ولا بيظهر شعوره اعمله ايه.
*هتفت من بين أسنانها بخفوت:
_بس مش بيحبني وحتي لو كان بيحبني شوية صغيرين من يوم ماظهرت البنت ديه بقا يكرهني مشوفتش اخر مرة كان بيتعامل معايا ازاي.
*هدر أركان بعصبيه وملامح مكفهرة وهو يبدأ في تناول طعامه:
_وبعدين معاكي هنقضي الليلة كلها في الكلام الفارغ ده يعني عايزاني اغصب علي ابني يحبك انا مقدرتش اغصب عليه انه يفضل مع أمه.
*خففت حدتها وهي تلمح غضب ملامحه خائفة لتتراجع فقد ضغطت عليه اليوم كثيرا وهي ليست مستعدة ان تفقده بعدما عاد إليها من جديد:
_طيب اوعدني انك هترجع تاني.
*ضحك ساخرا يقل:
_كوكي علي فكرة انا مقدمتش استقالتي ولا بعت بيتي وعربيتي ومعنديش اي استعداد اني اتخلي عن حياتي هنا فياريت لو سمحتي تقفلي ع الموضوع ده وتاكلي عشان بسبب كلامك الكتير الاكل برد.
_سوري بيبي.
*دمدمت وهي تبتسم برقة...ثم قالت بميوعة:
_هتقضي الليلة معايا.
*هز رأسه رافضاً وقال بهدوء وهو يقطع قطعة الحم ويضعها بفمه:
_رامي لوحده في البيت مقدرش أسيبه وحده.
*فتحت كوكي حدقتيها علي وسعها وتساءلت بغيظ:
_يعني ايه؟ انا افتكرت اننا هنقضي اللية مع بعض قبل سفرك خلاص أروح معاك ع البيت ونقضي السهرة عندك.
*تمتم أركان بصوت أجش وهو يطعمها بيده بالطف شديد سحرها وزاد من تمسكها اكثر بقضاء ليلتهم معا:
_لسه قدامي تلت ايام علي السفر هحاول فيها نقضي يوم مع بعض فيه.
*اومات كوكي برأسها وهي تغمز بعينيها المكحلتين تهمس:
_وعد حبيبي.
*اوما لها برأسه يقل:
_وعد يا كوكي.
*******************
_أتفضل..اتفضل ياضاكتور يا اهلا وسهلا البشمهندز جاي حالا.
*ابتسم الضيف الوسيم الي الحارس الضخم الذي استقبله بمضيافة الزوار الملحقة بسراي الناجي فخامة المبني عتيقة الطراز وقف ينظر حوله باعجاب شديد وهو يتامل هذا المكان ويشيد بفخامته وضع كفيه داخل جيوب سرواله وتقدم نحو النافذة الواسعة التي تطل علي مساحات شاسعة من الأراضي الكائنة وسط مبني عالي عتيق شامخ وسط تلك المساحات التي لاتعد ولا تحصي ليرهف سمعه صوت صهيل الخيول وأصوات رجال يهتفون بعلو بأسماء خيول عربية وسط تجمع كبير حول ساحة دائرية يتصاعد منها غبار أقدام الخيول التي يتم ترويضها علي مايبدو...
ليلتفت برأسه حيث الطريق الاسفلتي المؤدي الي مدخل السرايا وتلمح عيناه من موقعة الذي لايبتعد كثيرا عن بوابة القصر الكبير ثلاثة فتيات بل ثلاثة من الحوريات تتوسطهم امرأة بالغة يافعة الجمال يبدو من مظهرها الانيق انها سيدة هذا المكان تبتسم وتتحدث ويبادلها الحديث والضحك تلك الحوريات الثلاث..
*أطال بالنظر نحوهم بشرود حتي استفاق من شروده علي صوت أجش رخيم النبرة:
_السلام عليكم..
*التفت الضيف مبتسم وهو مازال يضع كفيه في جيوبه ونظر نحو الشاب الواقف أمامه بطوله اليافع وشخصيته المهيبة ووسامته الخشنه ليقترب منه وهو يمد يده قائلا بصوته الرخيم:
_عمر الناجي..
*سريعا بتلبك اخرج الضيف كفيه ومد يده ليصافحه وهو يبادله الابتسامة المثقلة بالهيبة والوقار:
_دكتور رمزي أمين..
*قال عمر وهو يصافحه بشده كما تعود علي مصافحة الرجال:
_اهلا وسهلا بيك شرفتنا اتفضل يادكتور.
_الشرف ليا يابشمهندس...حضرتك تبقي ابن السيد حمزة مضبوط.
*اوما عمر رأسه بنعم قائلا:
_مظبوط انا ابن كبير الناجوية.
*ثم اكمل بنبرة ودودة شديدة الذوق:
_أتفضل يادكتور اجعد وارتاح من المشوار باللاول.
*دمدم عمر وهو يؤشر علي اريكة عربية مصنوعة من الارابيسك.
*ليبتسم رمزي اكثر وهو يقول بمرح:
_في الحقيقة المشوار مش بعيد زي ماتخيلت والمكان هنا جميل جدا.
*وجلس عمر مقابله وقال وهو يحك ذقنه المرتبة:
_الكبير بيعتذر انه مجدرش يستجبلك بنفسه اصله مشغول شوية في مسألة الانتخابات.
*هز رمزي رأسه متفهما للأمر وهو يفكر بجدية "لو الشاب اللي قدامه ده واللي في نفس عمره تقريبا لو مكنش هو أكبر منه بكام سنه يبقي ابن كبير البلد بهيبته ووقاره يبقي والده هيكون ازاي يظهر ان السيد آدم اللي رشحه لشغل ده كان عنده حق لما قاله انت هتدخل جوه إمبراطورية كبيرة لازم تكون قدها"...
*ليقل رمزي بهدوء:
_كان الله في عونه علي كل حال انا جاهز لكل حاجه وان شاء الله اكون قد المسؤولية اللي رشحني ليها آدم بيه.
*زوي عمر بين حاجبيه وعلت ملامحه النظرة الجدية التي تخص العمل بالتأكيد ليقل:
_وأنا واثج من اختيار عمي أدم وان شاء الله تكون مبسوط ويانا اهنيه.
_علي بركة الله انا جاهز علشان نروح المزرعة ولا تحب نبدأ بمزرعة الخيول الأول اعتقد انها قريبة من هنا و....
*قاطعه عمر مبتسم:
_بالهداوه يادكتور مش باللاول تاخد واجبك انت ضيف الناجوية وبعد اكديه راح اخدك علي الاستراحة اللي راح تبجي فيها...طبعا دكتور شعراوي اللي كان موجود معانا اهنيه جبل منك كان ساكن فيها بس اني غيرتلك كل حاجه فيها وبيجت جديدة وهي مجهزة بكل حاجه تجدر تجول شجة كاملة كيف مابتجوله في مصر لو تحب تجيب اسرتك وياك بعد اكديه ان شاء الله.
*أوما رمزي برأسه يشكره بشده ثم قال وهو يخرج من علبته سيجاره يقدمها لعمر الذي اعتذر بدوره قائلا انه لايدخن تبسم رمزي وأشعل سيجارته يدمدم:
_الحمد لله انا مش متجوز..
*ضحك عمر برزانة وهتف بصوته الرخيم علي حسنين الذي دلف مسرعاً فقال عمر بجدية:
_خليهم يحضروا الوكل وطوالي اطلع بيه علي استراحة الدكتور بس وصي ع الجهوة في للاول.
*والتفت عمر الي رمزي وهتف بتأكيد:
_طالما بتدخن يبجا أكيد بتشرب جهوة ولا انا غلطان يادكتور.
*قال رمزي وهو يهز راسه موافقاً:
_لا مش غلطان يابشمهندس يظهر اننا هنتفاهم مع بعض في الشغل وغير الشغل كمان.
_أن شاء الله.
*أكد عمر بارتياح...ليكمل رمزي وهو يلتفت الي حسنين قائلا:
_قهوتي مظبوطة ياحسنين.
*ودام الحديث لمدة ساعتين بين رمزي الطبيب البيطري الجديد لمزارع الناجي وشركاه وعمر الذي تحدث معه بكل التفاصيل ثم انتقل رمزي بعد ذلك حيث منزله الجديد الذي تفاجي بتجهيزاته الرائعة والتي لم يتوقعها بسيارة رباعية الدفع خصصها له عمر لتساعده في الانتقال بين منزله و مواقع العمل ليبدا العمل الفعلي في صباح اليوم التالي:
******************
*أصبح الجلوس في غرفتها وحيدة هو ملاذها الوحيد بعيدآ عن الجميع خوفاً من أن يكتشف أمرها احداً من عائلتها وخاصةً والدتها التي أصبحت تحاصرها بالكثير من الاسئلة من وقت رحيل عايدة أو اختفائها أو "قتلها".....
*طاهر مازال يتعلق بها حتي انه يحرص دائما علي معاودة الاتصال علي هاتفها المغلق وياتي ليخبر الخالة بهية بأنه شديد القلق علي اختفاء عايدة المفاجئ ولكن الخالة بهية تصبره بقولها:
_أنت ربنا بيحبك ياولدي وريدلك الخير انه بعد عنيك البنته الواعرة ديه.
*ويعود الشاب المتيم بعشق عايدة التي غالباً ماكانت تخدعه الي ادراجه خائبا الرجا والفؤاد...
*جلست فوق مقعدها القريب من نافذة غرفتها تضم ركبتيها الي صدرها وتحاوطهم بساعديها تتحرك بآليه وكأنها تتأرجح بجسدها كله يرتجف وهي تنظر حيث وقعت عايدة جثة هامدة في تلك الليلة المشؤمة عندما اكتشفت حقيقتها وخبث أفعالها حدقتيها متسعتان تلمعان بالدموع تتذكر هذا المشهد الذي يهاجم أحلامها ويقضي علي راحتها وهي تنقض علي عايدة وتخنقها والآخري تعافر وتسعل تحاول ابعادها ولكنها لم تبتعد كلما كانت تشدد الضغط حول عنقها كلما كاتت تشعر براحة غريبة وكأنها تتخلص من كل أعدائها حتي قطعت عايده أنفاسها واصبحت بين يديها جثة لا روح فيها ولا حياة...
*حينها افاقت من عنفوانها وأخذت تضرب فوق خديها وهي تبكي وتهتف باسمها والاخيرة راقدة وقد فقدت الحياة...ظلت تدور بغرفتها تلطم خديها وتهمس بعويل
خافت:
_أني عملت ايه؟ اني جتلتها.
*ركضت نحو نافذة غرفتها تغلقها ثم باب غرفتها لتعاود إغلاقه من جديد ونظرت حولها بتوتر ودموعها تتساقط كامطار باردة تغرق خديها...تفكر ماذا تفعل وكيف تبرر للجميع فعلتها أنها قاتلة ثم ينتهي أمر والدها وعائلتها جميعآ سوف تدمرهم كما دمرت نفسها..
*جلست بجانبها تهزها وتبكي:
_فوجي ياعايدة فوجي انا مكنش جصدي اجتلك فوجي..فوجي.
*وأخذت تضرب فوق صدرها بكفيها المرتجفان ولكنها لم تستيقظ وظلت ترقد بجانبها جثة هامدة شاحبة لاتتحرك وظلت تجلس جانبها تبكي وتنوح ترتجف من سقيع يجمد اوصالها...لا هروب من الواقع فقد أصبحت قاتلة مذنبة امام الله وأمام الجميع وعليها تحمل عواقب فعلتها توقفت وهي تقرر الخروج من غرفتها والذهاب الي والدها حتي تعترف له بفعلتها...
*وجرت ساقيها الهشاتين والقت نظرة اخيرة علي عايدة وهي تردد:
_مش راح اخلي حد يتحمل ذنبي...انتي السبب ليه عملتي اكديه ليه تعملي فيا وفي حالك اكديه دمرتيني ودمرتي حالك بعمايلك الخسيسة اني مش ندمانه ايوه مش ندمانه هخرج واجول للكل اني جتلتك.
*وسريعا ودون تفكير كانت تفتح باب غرفتها لتخرج وتخبر الجميع ولكن رنين هاتف عايدة استوقفها لتعود وتوصد باب غرفتها وتمسك بالهاتف الذي لم يتوقف رنينه اتسعت عيناها وملامح تنقبض بالغضب فكان المتصل من دمرها وقضا عليها لتجيبه وهي تلهث بجنون:
_ريح حالك ياواد البكري عايدة مش راح ترد عليك.
*هتف مدهوش وهو يردد اسمها:
_دهب..دهب صوح.
*اجابته وهي تمسح دموعها بكفها المرتجف:
_ايوه دهب اللي دمرت حياتها بوجودك فيها..دهب اللي عم تكرهك وتكره اليوم اللي جمعها بيك..خلاصي ياواد البكري ريح حالك عايدة اللي كنت عم تشغلها جاسوسة عليا وعلي عيلتي ماتت ومش راح ترد عليك واني خلصت منيك ومنها ياجاسم خلصت منيكم انتم التنين.
*بنبرة ملهوفة خائفة دمدم قاسم:
_دهب اسمعيني..اسمعيني انتي اللي جتلتيها انتي.
*بصرخة هتفت:
_ايوه انا ولو مبعدتش عن خواتي وابويا راح اجتلك انت كمان راح اجتلك ياجاسم اني خلاص ضيعت وانت السبب.
*صاح فيها بجنون:
_انتي عملتي ايه يامجنونه هتروحي في داهيه اكديه راح يسجنوكي كيف تعملي اكديه يادهب كيف؟
_أنت السبب...أنت اللي خلتني جاتلة...بس السجن اهون عليا منيك انا راح اعترف واجول انا اللي جتلتها...
_لا لا اوعكي تعملي اكديه اوعكي...
_خلاص معنديش حاچه اندم عليها راح أجول للكل اني جتلت عايدة...
*صاح قاسم من جديد بصراخ:
_عنديكي يامچنونه عنديكي حمزة الناجي مش راح يسمح ان بته الوحيدة يتحط في يدها الحديد راح يضحي بروحه عشانك وخواتك مش راح يرضوا علي حالهم وواحد منيهم هيجول اني اللي عملتها...خواتك وبوكي اللي خايفه عليهم مني هما اللي هيضحوا عشانك فكري في امك هتجع من جهرتها عليكي وعليهم فكري يادهب وإياك تعملي حاچه تخليكي
تندمي العمر كله.
*كانت تستمع إليه بذهول لتجد وجهها غارق بالدموع وكأنها كانت مغيبة عن تلك الحقيقة والدها لم يسمح بذلك نعم لن يسمح..احد اشقائها سوف يتحمل عواقب فعلتها ويسجن ستقضي عليهم جميعاً.
*عندما شعر قاسم بهدوئها واستمع الي شهقات دموعها علم انه استطاع ان يؤثر عليها فقال مستغل ضعفها:
_أني راح اخلصك يادهب متخافيش ومتبكيش اني هخلصك إياك تخافي من أيتها حاجه.
*زامت ببكاء منهارة وقد ضعفت قوتها التي كانت تتصنعها:
_اممممم اني خايفة...خايفة جوي معيزاش بابا واخواتي يضيعوا بسببي...خايفة علي ماما من الجهر خايفة جوي ياجاسم.
*قال بقوة وهو يتمزق لبكائها فقد نطقت اسمه بحتياج وهو لن يسمح لها ان تضيع من بين يده عليه أن يستغل تلك الفرصة ويخلصها لتصبح له...سوف تكون له بارادتها سوف يرتبط مصيرها بمصيره من هذه الليلة وتكون دهب حبيبته وزوجته حلمه سوف يتحقق دهب القلب ستصبح ملكاً له:
_دهب اسمعيني زين انا راح اجيلك دلوكت امسكي حالك زين بس جوليلي مين موجود دلوكت في السرايا عنديكم.
*قالت بخفوت وهي ترتجف:
_محديش اهنيه اني بس لحالي.
_زين جوي راح اكون عنديكي بعد عشر دجايج بس افتحي باب المطبخ الوراني واني هدخل منه استنظريني وراجبي باب السرايا زين وتأكدي ان مفيش حد فيها.
*دمدمت بخوف:
_لا لا لو حد شافك راح يجتلوك لا إني راح أجول لبابا وهو راح يتصرف.
*صرخ عليها قاسم بغضب:
_ابوكي راح يخبر المركز مش هيسكت عن الحج ابدا ولو هو مش راح يشيلها حد من خواتك هيشلها يادهب انتي عارفه عيلتك زين...انا هدخل من باب دخلتني منيه عايده جبل سابج ومنه ع المطبخ محديش من الغفر راح ياخد باله منيه كل اللي عليكي تراجبي السرايا وانا هتصرف.
*وقبل ان تعترض كان قاسم يغلق الهاتف ويبدأ في التحرك وكان عليها تنفيذ ماامرها به السرايا كانت خالية تماما من الجميع والدتها التي مازالت في زيارة لعمتها سلمي اشقائها الغير متواجدين والدها الذي يعود بوقت متأخر من الليل خالتها بهية عادت لمنزلها....غفر السرايا يلتفون أمام البوابة الكبيرة يلتهون بالحديث كأن كل شئ يساعدهم في إتمام الأمر وكأنها كانت مغيبة عن الواقع خوفها علي عائلتها اولا وصدمتها ثانيا يفرضان عليها تقبل الأمر ومساعدة قاسم الذي جاء سريعا وبلمح البصر كان يقف داخل غرفتها:
*كانت تقف دهب بعيداً تراقبه وهو يتحسس نبض جثة عايدة المطروحة ارضاً ويضع أذنه فوق صدرها يسترق السمع لدقات قلبها بصمت مهيب ثم رفع رأسه عن صدرها الساكن من النبضات وهمس بوجه شاحب: _ديه ماتت.
*كتمت دهب صرختها وهي تكتم فمها بقوة ودموعها تتساقط بانهيار...اخذ نفسا عميقا ثم نهض من مكانه و اقترب منها وهو يحاول لمسها قائلا بهدوء:
_ماتبكيش إياك تبكي انا فدا دموعك ياست البنات انا....
*صرخت وهي تبعده عنها وتدافعه في صدره بقوة: _بعد عني أنت السبب...انت السبب اني بكرهك بكرهك أنت السبب انت...
*اكتم صرختها وهو يضمها لصدره ويخفي وجهها فيه وهي تبعده عنها وتدفعه بقوتها المستضعفة وتبكي وتصرخ بصوت مكتوم...وهو يحاوط جسدها يعتصرها بين ذراعاه يستنشق رائحتها الوردية ويستمتع بنعومة جسدها الغض فوق جسده المتصلب وظل يردد بهمس: _حجك عليا...بس لازمن تعرفي اني بعشجك عشج كنت بعمل كل حاجه عشان اتجرب منيكي وابجا جارك مكنتش خابر ان بت الكلاب ديه بتعمل اكديه واصل اني راح اخلص منيها مش همسح ابدا انك يحصلك ايتها حاجه بسببها...
*ابعدته عنها بقوة والتقطت أنفاسها ثم قالت بغل: _يعني أنت معرفش انها بتلعب علي بابا وريده توجعه في الغلط مش أنت اللي جولتلها تعمل اكديه؟
*أتسعت عيناه بصدمة والتفت ينظر الي جثة عايدة الهامدة ليهتف بصبية:
_معرفش ورحمة أمي الغالية معرفش ومليش ايتها صالح بالي كانت بتسويه.
_كداااب...كداااب أنت اللي مخطط لكل حاچه إياك فاكرني هبلة ولا...
*انقض عليها يكتم فمها براحة يده يقل:
_جولتلك ماليش صالح...وبعدين كفياكي عويل وسدي خشمك دلوكت خلينا نخلص من المصيبة ديه جبل ما اهلك يعاودو وبعدين نبجا نكمل حديتنا.
*راقب صدرها وهو يعلو ويهبط ببطء وعينيها الحمرتين ترمقه بكرهه ورغم ذلك فيها تعد أيه في الجمال والرقة والإغواء الشديد كم يتطوق الي تذوق شفتيها والتهم عنقها الطويل واقتحام جسدها بقوة حتي يجعلها ملكاً له...تنهد بصعوبة وهو يحاول ان يسيطر علي ثورة جسده وقال وهو يرفع يده عن فمها المتورم من كثرة البكاء:
_خلينا نخلص باللاول وبعدين راح اشوف اخرتها وياكي ايه..همي بسرعة جيبي ملاية ألفها فيها وبعدها روحي راجبي الطريج.
*ناظرته بحقد ثم هزت رأسها توافقه وتحركت بآلية لتفعل ماطلبه في صمت شديد..وبعدها خرجت تراقب أجواء السرايا الهادئه وأثناء ذلك خرج قاسم من غرفتها وهو يحمل جثة عايدة فوق كتفه ويهرول بهدوء ودهب تؤشر له ان يتحرك وفجأة شهقت ليتوقف قاسم خلف احدي الاعمدة يتخفا...
*لتقل دهب بنبرة مهتزة:
_بتعمل ايه اهنيه ياحسنين.
*قال حسنين وهو يرفع بندقيه الالية فوق كتفه:
_ولا حاجه ياست دهب جولت ادخل اشجر ع السرايا عليكي كماني زي الست نيرة ماجالتلي...وكأني كماني سمعت صوت نواح ولا عويل جولت....
_أنا زينة ومفيش نواح ولا عويل يمكن كانت الخالة بهية بتزعج لطاهر ولا...ولا ل....
*هتف حسنين يكمل:
_تحصدي البنته عايدة لا ديه بينلها في سابع نومة جبر يلمها جولتلها من بدري تسخنلي وكل بس كأنها اتخمدت والواد طاهر مش اهنيه ادلي لحد بيت الست سلمي عشان يعاود بالست ال.....
*صرخت دهب بتوتر عندما علمت باقتراب قدوم والدتها:
_خلصنا روح شوف شغلك ومتهملش باب السرايا الكبير يلا هم من اهنيه ياحسنين.
*هز حسنين رأسه مستغرب من دهب التي يراها لأول مرة فاقدة الأعصاب بهذا الشكل المخيف ويبدو علي وجهها البكاء الشديد..ورحل سريعا حيث امرته وخلفه خرجت دهب تراقبه ثم هتفت بخفوت علي قاسم الذي مازال يختبئ:
_أخرج بسرعة من عنديكي.
*وخرج قاسم وهو يحمل جثة عايده فوق اكتاف علي أطراف أصابعه ودهب تراقب غفر السرايا الذي بدأ كل شخص منهم المراقبة المكان حول السرايا واستطاع قاسم الخروج من البوابة القديمة الخلفية والوصول الي سيارته التي كان ينتظره فيها رجله مطاوع ووضع جثة عايدة والانطلاق سريعا قبل وصول أحد غفراء السرايا لمراقبة البوابة الخلفية القديمة لسرايا....
*اما دهب التي كادت ان تفقد اعصابها وتقع في مكانها مغشياً عليها من الخوف حاولت التماسك وهي تجاهد للوقوف وسريعا دلفت الي غرفة عايدة لتجمع بعض من ملابسها كما أمرها قاسم حتي يعتقد الجميع بأن عايدة تركت السرايا وغادرت دون علم الجميع.

في العشق والهوي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن