الفصل السادس
(غريبة في القصر)قدمت الخادمة تينا الفطور في الغرفة وهي تتطلع بعينين متفحصتين الى كارلا المستلقية على الاريكة وبقيت صامتة وبدى عليها الاستياء والحزن ثم توجهت الى الباب لتخرج الا انها ترددت وعادت قائلة: "لا تحزني يا سيدتي.... كل شيئا له حلا.... بالله عليك سامحيه السيد رجلا طيب القلب وجدير بالحب.... لكن ظروفه صعبة و.... ويعاني من صدمة عصبية....كان يتلقى علاجا نفسيا طوال عامين ولتوه تحسن ارجوك لا تضغطين على اعصابه حتى لا يعود الى حالة الاكتئاب ماذا اقول على هذه المرأة..... لا حنان بقلبها عليه منذ فترة طويلة جدا وهي تريد رمي شباكها عليه وعلى ثروته لا تفكر بمشاعره قط المهم عندها ان يتزوج ابنتها.... لا ادري لماذا اتكلم معك هكذا لكني اشعر انك موضع ثقة..... بالله عليك اهتمي به لا تكوني كعمته لا تكوني معهم ضده" اومأت ببطء واعتدلت قائلة: "حسنا تينا.... فهمت..... شكرا" عندما انصرفت الخادمة خفضت هي بصرها وامسكت جبهتها نعم صحيح انه يعاني من حالة عصبية هذا واضحا جدا... واراد ان يخرج من صدمته من خلالها اراد ان يجرب كيف البدء من جديد مع امرأة اخرى حمقاء وسهلة مثلها عرضت عليه ان يتزوجها بدون تعقل وتفكير لمجرد انها احبته لم تفكر انه لا يبادلها ذلك الحب بتاتا... اراد ان يعالج نفسه دون التفكير بمشاعرها وكرامتها... لم تفكر ان الرجل عندما لا يحب يكون بمنتهى السماجة والانانية... لماذا عليها ان تتعامل معه كمريض؟ هذا وهم انه بأفضل حال كان يمارس حياته بكامل ارادته واهتمامه بدا لها المدير المثالي الواثق من نفسه ذا الشخصية المؤثرة الفعالة, لماذا عندما دخلت الى حياته الخاصة بدا لها مجنونا واحمق وانانيا؟ نهضت واحتست كأس العصير ببطء وهي تتذكر الليلة التعيسة السخيفة التي بالغت بالأحلام والاوهام والخيال بها لتجدها البارحة ليلة كريهة.... تراجعت خطوة الى الوراء عندما فتح باب غرفتها ودخل هو وبدا لها حاله مرهقا ومتعبا اذ ان قميصه مفتوح الازرار ويمسك بطرف من سترته والطرف الاخر متدليا الى الارض وشعره غير مرتب... نظر الى الخارج واغلق الباب ثم نظر اليها والى فستانها وترك سترته على الارض وجلس على السرير وركز بالخاتم المرمي ارضا امامه, مد يده وتناوله وتطلع اليها وهي واقفة مستندة على الكرسي وتنظر اليه باستياء.... قال بتأمل: "انا مستاء من نفسي كثيرا.... افسدت الليلة.... لك الحق بالنظر الي هكذا نظرة معاتبه.... لكن لماذا رميت الخاتم يا كارلا لقد تزوجنا لا داعي لهذه التصرفات" قالت بعينين حمراوين وبنبرة ضعف: "تصرفاتي انا ام انت؟..... لماذا فعلت بي ذلك يا خوسيه؟.... لقد عرضتني للأحراج والسخرية الكل هنا علم ما حصل...الى هذه الدرجة انت لا تريدني؟! اردت ان تغيب عقلك ووعيك حتى لا ترتكب خطأ بحق زوجتك الراحلة؟" اتسعت عينيه ونهض قائلا بتجهم: "لا تكرري هذا الكلام ارجوك.... لا تتكلمين عن هيلين ابدا" ضاقت عينيها باستنكار وقالت بثورة: "بل اتكلم واتكلم كثيرا.... لماذا لم تخلع ذلك الخاتم؟..... الا يجدر بك ان تضع خاتمي انا.... خاتم زواجك بي ام انا لا استحق مثلها؟" ضغط على اسنانه وقال وهو يقترب: "قلت لك لا تتكلمين عنها... لا تنطقي كلمة بحقها لن اسمح لك بذلك.... ولن اخلع ذلك الخاتم لو اضطررت لخلع روحي من جسدي انسي ذلك يا كارلا... وارتدي خاتمك وعيشي معي كما اريد انا.... لأنني اطلعتك على حياتي منذ البداية وعندما عرفتني واتيت معي كنت مرتديا ذلك الخاتم ولم اقل يوما لك انني احبك.... لا احبك... ولا اريد ذلك افهمت الآن؟ تزوجتك لأعيش حياتي بصورة طبيعية... لأنجب اطفالا لأكون عائلة.... فقط" وضعت يدها على فمها وهي لا تصدق ما سمعته الآن ولا يمكنها ان تستوعب كلامه! ها هو بكامل وعيه وأرادته ويتكلم دون تأثير سكر او صدمة! انه يقول الحقيقة.... الحقيقة المرة.
اقترب منها وتناول يدها ليلبسها الخاتم الا انها انتزعت يدها بقوة... قال بحدة: "ماذا تعنين بحق السماء؟ قالت بانفعال: "لا اكون لك حتى.... تخلع خاتم هيلين" ضاقت عينيه وضغط على اسنانه ثم ابتعد ببطء وتناول الشاي وابتسم بسخرية من نفسه ثم ضرب الكوب بالمنضدة محدثا ضجة وأخافها, التفت اليها قائلا والشرر يتطاير من عينيه: "تدركين معنى كلامك هذا؟... انت تهددينني وتخيرينني... انا لا احب ذلك.... تريدين معاقبتي ام استفزازي؟ .... تمنعين نفسك علي!" قالت بعصبية وقد فقدت صوابها: "نعم... لم اعد ارغب بك.... لقد احتقرتك.... لقد سقطت من نظري يا خوسيه لأنك مجنون" اتسعت عينيه بالتدريج وهو يومأ برأسه وشعرت بالقلق من نظرته المتوعدة تلك خالجها شعور الندم على كلامها الجارح وتماديها بعصبيتها وأخافتها نظرة الغضب المشتعل بعينيه الصقريتين , اقترب منها وقال بصوت خافت: "كيف تتجرئين على التحدث معي بهذه الطريقة؟... يا لسخرية القدر!.... انا خوسيه رينال اترك فتاة مثلك تعطي رأيها بي هكذا؟.... لا بأس.... دعيني اذن اعطيك ردا على ذلك.... لأريك كيف هو المجنون" وشدها من شعرها بعنف حتى صرخت متألمة والصقها بالسرير على وجهها وقالت برجاء: "ماذا تفعل يا خوسيه! أرجوك" ادارها لتلتقي عينيها بعينيه الخبيثتين وقال بنبرة واثقة: "لا يجدر بك ان تقاومينني الآن" نظرت اليه بفزع وقالت بتوسل: "خوسيه انا تراجعت ... سوف نتكلم" يبدو ان الأوان قد فات لأنه لم يعد يسمعها وأدركت انه شخص آخر شخصا مختلف ليس خوسيه اللطيف الهادئ الذي احبته ووثقت به وضحت من اجله انه مجرد رجل فظ ومتهكم.
اجهشت بالبكاء وندبت حظها لأنها تورطت بذلك الزواج يبدو ان خوسيه ازال القناع تماما ليظهر لها وجهه الآخر وجهه الحقيقي البشع.... قال وهو يرتدي ملابسه ومتأنقا ليخرج و بجفاء: "لم اكن اتوقع ان فرنسية جريئة ومتحررة مثلك..... تكون عديمة التجارب" ابعدت بصرها وأحاطت ساقيها بيديها وهي جالسة على السرير ولم تنطق بكلمة.... صفف شعره امام المرآة واستدار اليها واقترب قائلا بنبرة جليدية: "وصفتني بالمجنون.... هذا جارح جدا يا كارلا" خفضت بصرها ورمى الخاتم باتجاهها قائلا: "الافضل ان ترتديه الان" اغمضت عينيها عندما صفع الباب خلفه واخفت وجهها.... بعد ساعة تقريبا سارت بالغرفة ببطء واتجهت الى المرآة وتأملت شكلها بدا وجهها شاحبا وعينيها متورمتين من كثرة البكاء, ماذا ستقول للآخرين الآن؟ وكيف ستحتمل تعليقات جيسيكا وابنتها؟ وماذا لو اقبلوا الناس لتقديم التهاني لها! عليها ان تخفي مرارة قلبها وحزنها البادي على وجهها وعينيها, لا تحب ان ترى احدا الآن ولا تتكلم مع أي شخص يا لخيبتها وخيبة عائلتها لو علموا ما يحصل لها على ايدي خوسيه, كم كانت ساذجة وغبية عندما تخيلت ان خوسيه هو الرجل المثالي الكيس الدمث الخلق اثبت لها اليوم مدى قسوة قلبه ورعونته أي رجل يتحلى بالذوق لم يفعل فعلته.... ارتجفت يديها وأسندتهما على منضدة المرأة وأحنت رأسها وأغمضت عينيها... سمعت طرق الباب ودخلت جيسيكا وبيدها علبة تبدو كأنها هدية.... وضعتها على الرف ووقع بصرها على فستان الزفاف الممزق وقطبت جبهتها ثم اقتربت منه ورفعته بهدوء واومأت ببطء وهي ترى ما يفسر لها كل شيء ثم نظرت الى كارلا قائلة وقد رفعت حاجبها الاسود ألطويل "لقد حذرتك" شعرت هي بالحرج وضغطت يديها على المنضدة وتساقطت خصلات شعرها لتخفي تعابير وجهها عن نظرات تلك المرأة... رنت جيسيكا الجرس على المطبخ وساد صمت حتى اقبلت تينا قائلة: "بخدمتك" جيسيكا وبنبرة آمرة: " اهتمي بالسيدة كارلا تبدو متوعكة جهزي لها وجبة طعام ونفذي كل طلباتها" وخرجت من الغرفة محدثة ضجة بصوت كعب حذائها.
قضت فترة الظهيرة بغرفتها وسارحة تفكر بالمشكلة الحقيقة التي تواجهها انها عائلة خوسيه السابقة, اصبحت عثرة حجر بحياتها معه بل حاجزا كبيرا يجعله يكرهها ويحقد عليها, كلما تطلع بوجهها اعتقد انه مذنب وانه خان عهده بعدم نسيان هيلين.... ليست مجبرة على عيش هذه الظروف المرعبة ليست مضطرة ان تقضي ايام حياتها مع رجل لا يفكر سوى بنفسه وبأناس قد رحلوا منذ زمن طويل.... ليذهب الحب الى الجحيم حتى انها الآن تشعر بأنها لم تعد تطيقه بعد الذي فعله.
عندما اوشكت الشمس على المغيب علمت هي من الخادمة تانيا ان خوسيه موجودا بالقصر وجالس مع عمته و ريتا منذ فترة.... توقعت ان يأتي اليها بأي لحظة وعليها ان تكون مستعدة لمواجهته... قالت بهدوء وهي تنهض وتفتح الخزانة: "نادي تينا اريدها" اومأت الفتاة وخرجت... ارتدت هي فستان ابيض متوسط الطول وقصير الاكمام وشبه شفاف انيق واظهر مدى جمال قوامها الممشوق وصففت شعرها باهتمام حتى اقبلت تينا, التفتت اليها قائلة: "انت اخبرتني ببعض الاسرار الشخصية وقلت انني موضع ثقة..... لذلك انا اجدك موضع ثقة ايضا وسأطلب منك امرا". عندما خرجت مع تينا من غرفتها ورافقتها بالرواق رأته يصعد السلم وامتعضت وتوقفت بمكانها, نظر اليهما بعدم اكتراث وسار من جنبهما متجها الى آخر الرواق.... ربتت تينا على كتفها مواسية ثم ذهبت اما هي راقبته حتى دخل الغرفة دون ان يتطلع اليها وسمعته يغلق الباب برفق.... اشتدت قبضتها ودخلت الى غرفتها.... راقبت الساعة والوقت يمضي برتابة وشعرت بغربتها ومرارتها وأدركت انها ستنفجر لو بقيت هكذا جالسة مع احزانها واستسلامها بات يعذبها, نهضت وسارت في الممر ببطء وهي مترددة لكن عليها ان تذهب اليه وتخبره ان ما يفعله غير صحيح... فتحت الباب بقوة واستقرت نظرتها بعينيه وهو جالس مسترخيا على الاريكة وبيده هاتفه يتصفح به.... نظر اليها وكأنه ينتظر ان تبرر له لماذا اتت الآن؟.... قالت بتحديق: "آسفة لأني ازعجتك.... لا يجدر بي ان اقطع عليك خلوتك" وضع هاتفه على المنضدة امامه وسأل بهدوء: "ماذا تريدين؟" اغلقت الباب بتوتر وقالت باستياء: "تتصرف ببرود الآن؟..... ما الذي تفعله هنا؟ لماذا تجلس في هذه الغرفة؟..... اليس من المفروض ان تفكر بحياتنا البائسة الذي ابتدأتها معي بمنتهى القرف؟...... اسمع يا خوسيه...... سبب ارتباطك بي لم استوعبه ولا اريد ان استوعبه... لست من تتقبل ان تتزوج من اجل ان تستمر الحياة فقط..... ولا ارضى مطلقا ان اتزوج من رجل ليس لديه مشاعر اتجاهي ويكرس حياته للتفكير بماضيه..... ان كان هذا هدفك من الزواج كما قلت لي لماذا اخترتني انا؟...... لماذا لم تتزوج من ابنة عمتك؟... اعتقد انها متأهلة للعيش معك بكل جنونك وأنانيتك.... لماذا لم تخبرني بأنك لا تحبني منذ البداية منذ عرضت عليك حبي؟ ماذا كان قصدك؟ ان تورطني بحياة عديمة باردة؟.... قصدك احتجازي؟ سجني برباط الزواج الفاشل هذا؟... انا فتاة طبيعية وأريد ان اعيش حياة طبيعية وأنت مليء بالعقد لقد كرهتك وأدركت مدى انانيتك وحبك لذاتك" كان يتطلع اليها وكأنه يشاهد التلفاز لا تعليق ولا تغيير بملامحه الجامدة ولا تفاعل وكأنها برنامج سخيف ممل يتابعه فقط من اجل قضاء الوقت... قالت بعصبية: "الا احدثك؟.... الم تجد عندك ردا الآن؟" نهض واقترب وضاقت عينيها المرهقتين بعينيه الباردتين النظرة ثم ربت على خدها وقال بتأمل: "اذهبي واستريحي كارلا اراك منفعلة وشاحبة" قالت بغضب وهي تبعد يده بقوة: "أهذه طريقتك بالتعامل مع الامور؟ الا تخجل من نفسك قليلا؟" قال بنظرة جعلتها تتراجع خطوات الى الخلف: "هذه افضل طريقة لي لحد الآن.... انتبهي قلة التهذيب لا تناسبني نبهتك على ذلك مسبقا.... اقدر انك لم تفهمي ذلك الان لعدم معرفتك الكافية لي.... لكن غدا ستفهمين كل شيء" قالت بشيء من التحدي: "تظنني سأخضع لك مجددا؟" اقترب وقرب وجهه من وجهها وقال وهو يهمس بأذنها: "سأكرر الزيارة دائما .... اجدك جذابة" وضعت يديها على صدره ودفعته لكنها شعرت انها تدفع بجدار لا يتحرك وقالت ببهوت وضعف: "أكرهك" قال وهو يطلقها من قيود يديه الخشنة وباستخفاف: " هيا أذهبي "اغاضها بسخريته وخرجت من الغرفة مستاءة وتشعر بالغليان.... لم تجد اجابة لكل ما طرحته عليه ولا نتيجة حصلت عليها ان خوسيه كالمرض لقد حل بها ومن الصعب الخلاص منه.
انضمت اليهم عند موعد العشاء وكان مقعد خوسيه فارغا كالعادة, جلست ونظر اليها جيمس بتفحص وتطلعت اليها ريتا وأسندت ذراعيها على المائدة الطويلة وشبكت يديها وهي تتأملها ثم قالت ببرود: "قالوا انك متوعكة.... اراك بخير الآن" اومأت كارلا برأسها دون تعليق, ابتسمت جيسيكا قائلة: "اين خوسيه الم تريه بعد؟" اجابت بهدوء مصطنع: "انه في الغرفة" جيسيكا و بقصد: "أي غرفة منهما؟" تناول جيمس الطعام وهو يراقب الحديث المقتضب قالت ببهوت: "في غرفته" ريتا وهي تعبث بملعقتها بالإناء: "يبدو ان خوسيه لن يعتاد على حياة الزوجية والقيود" ساد صمت وتوترت هي كفاية... قال جيمس بلطف: "بعد قليل سيأتون بعض اصحابنا للتهنئة فأن زواج خوسيه حدث مهم.... الفضل يعود الى كارلا لقد اصطادته و..." قاطعه خوسيه قائلا وهو يسحب الكرسي ويجلس قربها: "اصطادتني؟.... أ سمكة انا؟" جيمس وبابتسامة: "وتشاركنا العشاء ايضا؟ أي تنازل هذا من حضرتك أم لأجل عروسك الحسناء" توترت ريتا واحتدت ملامحها وعبست اما كارلا فنظرت الى خوسيه والى الخاتم الذي مازال بيده وندبت حظها على هكذا ارتباط بائس.. صحيح ان القدر يخبأ للمرء الكثير من الهموم والمصير الغامض.. قال جيمس باهتمام: "الا نزوج هذه الفتاة ايضا... تبدو مبتئسه لعلها تصبح مثل خوسيه الآن انظروا اليه كم هو لطيف ووسيم وعلى شفتيه ابتسامة عريضة وسيأكل كثيرا على ما يبدو" قال خوسيه بهدوء: "ليس مضحكا ما تقوله" كارلا وبسرعة: "صحيح... ريتا فتاة جميلة.... الا تتزوجها يا جيمس ؟" ساد صمت طويل قطعته جيسيكا بنبرة باردة وابتسامة صفراء: "الزواج عندنا ليس بهذه السهولة يا كارلا.... علينا التفكير.... التفكير مليا" ريتا وبانفعال مبالغ به: "لماذا تتدخلين بحياتي؟ من انت حتى تقرري لي شريكا؟.... الا تهتمي بأمورك اولا..... اياك و التدخل" ورمت المنديل بعصبية على الطاولة وذهبت.. بقي خوسيه مركزا امامه دون تعليق حتى قالت جيسيكا بتوبيخ: "احرجتها كثيرا.... ليس لطيفا ما قلتيه" جيمس وبهدوء: "مهلا ما كل هذا التوتر؟..... كارلا لم تقصد شيئا سيئا" خوسيه وبتحديق: "وما ادراك انت ماذا كان قصدها؟" توترت يديها وقالت بهدوء مصطنع: "حسنا انا سأعتذر لها ان كنت مخطئة... ولو انني لا ادري لحد الآن ما خطأي بالضبط... لم اكن اتوقع ان جيمس صغيرا بعينها" التفت اليها خوسيه بطريقة آلية وقطب جيمس جبهته, جيسيكا وبسرعة: "يا الهي ... خوسيه زوجتك لا تتحلى بالياقة ابدا انها سمجة" قال هو بغضب: "انهضي الآن واذهبي" اتسعت عينا جيمس وقال بسرعة: "خوسيه!" .... نهضت وابتعدت وهي تسمع جيسيكا تقول: "ما زالت غريبة على تقاليدنا.... يبدو ان الفرنسيات لا يأبهن لقيمة الزوج ابدا".
اتجهت الى حديقة القصر الداخلية وتأملت حوض الاسماك ذا الاضاءة الذهبية ومررت اصبعها مع حركة السمكات وهي محاولة السيطرة على اعصابها.... قال جيمس وهو يقترب ويقف خلفها قرب الحوض: "انا آسف.... اعتقد انني جزء من السبب وراء تصرف خوسيه..... اعلم انه أساء اليك لكن.... هناك ووضع غريب يحصل بالقصر لا افهمه.... ظننت انكما تزوجتا عن حب... ماذا يحصل الآن بينكما؟..... الا تنسجمان؟.... أهناك سوء فهم؟...... أيمكنني التدخل؟....أتحدث مع خوسيه؟" هي وبسرعة: "لا ارجوك لا تفعل ذلك..... ان زواجنا هذا مجرد غلطة لا ادري من ارتكبها ربما انا وربما خوسيه.... شقيقك لا يريد التخلص من حب عائلته الراحلة.... ويريدني مجرد زوجة لا اهمية لها ولا لكرامة .... حتى يثبت للآخرين انه قادر على مواصلة حياته بصورة طبيعية.... اعتقد ان كل شيء سينتهي قريبا.... زواج وطلاق سريع.... انا معتادة على تحمل عواقب سوء اختياري" ساد صمت وقطعه جيمس باستياء: "آسف حقا لذلك..... شعرت بكل ما قلتيه منذ البارحة.... لكن عليك ان لا تحكمي هكذا بسرعة على خوسيه..... صدقيني خوسيه يريد ان ينسى ماضيه ويحاول ذلك.... لكن" واقترب منها قائلا بصوت هامس: "لكن ذلك صعب عليه جدا.... لأنه... يعاني من صدمة عصبية ولا يجب ان يتحدث احدا بذلك.... افهمي يا كارلا انك لم تتعاملين مع رجل بكامل صحته النفسية.... عليك تقدير ذلك" قالت بإمعان: "لن اتعاطف معه..... لا يهمني ما يمر به من مشاعر.... اريد الابتعاد... عاملني بمنتهى القسوة واستهزأ بي وبمشاعري... ظن انه امتلكني بماله وقدرته لكن الحقيقة مختلفة ليس له سلطان علي وسأتركه" جيمس وبعتاب: "اراك قاسية عليه ولا تريدين ان تضحي من اجله ولو قليلا" دمعت عينيها وقالت بأقل حدة: "لا ادري ... ربما... لكن علي ان اكون هكذا.... انا ايضا مضطربة وفوجئت بكثير من العثرات والمصاعب هنا.... عمتك.. وابنتها وخوسيه كلهم ضدي وكأني اتيت لأحطم حياتهم خاصة خوسيه يعتقد انني اريد ابعاده عن احبائه وكأني اريد ان احل محل زوجته السابقة وابنه وأريده ان يكرههم لا فقط ينساهم مع اني لا اريد ذلك بالتأكيد.... انا اريده ان يفهم ان الماضي قد مضى وعليه ان يعيش ويرتاح ويحب.... يحبني كما احببته" اومأ جيمس متفهما ومسح على شعرها اللامع الجذاب.
عند الساعة الحادية عشر قبل منتصف الليل اقبلوا اصدقاء خوسيه وجيمس وهي لا زمت غرفتها وبقيت ساهرة وتستمع الى اصواتهم المنبعثة من حديقة القصر من خلال نافذتها حتى الثالثة صباحا,... وضعت ذراعها على عينيها عندما اضاء النور واضطرب قلبها عندما شعرت به يقترب من السرير... قال بهدوء: "ما زلت مستيقظة؟" لم يسمع اجابة وجلس على السرير قربها ومرر يده على ذراعها العاري ببطء وشممت رائحة الشراب بأنفاسه فأبعدت يده قال بتبرير: "لست ثملا..... انا منتبه جيدا" قالت بعدم اكتراث وهي مستلقية: "لا يهمني امرك.... ثملا أم لا.... هذا شأنك المهم تعرف من اكون الآن" مرر يده مرة اخرى على ذراعها وقال بتأمل: "لست فاقدا صوابي.... حصل ذلك مرة ولن يتكرر" اعتدلت وقالت بسرعة: "انت اخترت ان تفقد صوابك بأصعب ليلة بحياتك.... استخدمت الشراب ليساعدك" قال وهو يمسك خصلات شعرها برفق: "انت متوهمة..... قلت لك مرارا لا تظني امورا قد تتعب رأسك الجميل هذا" قالت وهي تبعد شعرها من يده: "حسنا ابتعد عني الآن....اذهب الى غرفتك التي تجد راحتك بها" داعب خدها وقال باسترخاء: "راحتي؟..... لم اجد راحتي بعد....انت متعبة.... ارهقتني... كوني عاقلة يا كارلا" ابعدت يده وقالت بجفاء: "انت ثمل ولا تعرف ماذا تقول حتى.... وانا اكرهك هكذا بشدة.... ان لم تخرج من الغرفة الآن سأخرج انا" احاط وجهها بكفيه برفق وقال: "وجدتك جميلة جدا..... واسعدني كوني الاول بحياتك" ابعدت بصرها وحاول معانقتها الا انها قاومته بشدة حتى استفزته مجددا واثارت غضبه حتى قال وبصوت مرتفع: "أتجبريني على حبك؟..... هذا لن يحصل..... لما لا تخضعين لي هكذا بدون مشاعر؟.... ما فرق ذلك؟ .... الامر كله واحد سواء بتواجد الحب او بدونه" قالت بانفعال: "هذا بالنسبة لك فقط.... لا استطيع ان استجيب لك وقلبك مع اخرى" ابتسم وقال بعصبية وكأنه يسمع الكل: "أ قادرة على انتزاع حب هيلين من قلبي؟... هراء.... محاولات غير مجدية..... تزوجتك من اجل ان تلبي رغباتي فقط" اضطربت انفاسها وشعرت بالغضب والغيظ وقالت بدموع: "كيف تسمح لنفسك ان تهبط لهذا المستوى من الكلام.... لست عديمة الاحساس لست دمية.... اخرج واذهب الى هناك واستسمح الاموات.... حتى يغفروا لك زواجك بعد خمسة اعوام.... اذهب" صفعها ونظر اليها باحتقار وهو يقول: "الذي يراك الآن لا يصدق انك كنت تقدمين لي عروضا مغرية سابقا....نسيت انك عرضت علي نفسك بثمن بخس لولا انني رفضتك حينها لكنت الآن مجرد عاهرة اقضي معها اوقات حمراء.... انا تنازلت ورفعتك الى مستوى اسمي ايها الفرنسية المتحررة عليك ان تشكري النعمة التي وضعتك فيها" قالت بصراخ: "انت وضعتني وسط الجحيم...... لست متحررة وانت تفهم ذلك الآن اكثر من أي وقتا مضى..... لا احد ارغمك على الزواج بي يا خوسيه لذلك لا تتفضل علي وكفاك غرورا... لقد اعلنت ندمي" قال والشرر بعينيه: "اعلنت ندمك؟..... وماذا تتوقعين مني الآن ؟ ان أطلقك؟ ... طلاقك اصبح امرا محال" وبما ان اصواتهما بدأت تتعالى فتح جيمس الباب ودخل قائلا بقلق: "خوسيه ارجوك كفى" وقفت جيسيكا عند الباب وقالت: "اهدأ يا ابني لا تفعل بنفسك هكذا" قال بغضب وهو يدفع جيمس من امامه: "هذه بحاجة الى ... الترويض" وخرج من الغرفة بخطى سريعة حتى اصطدم بريتا القادمة على اثر اصواتهم فاصطدمت بالجدار وراقبته وهو يبتعد.. نظر اليها جيمس باستنكار لما يحصل وربت على كتفها قائلا: "لا بأس... لا بأس..... انظري يا عمتي ماذا يفعل خوسيه.... هذا ظلما" تطلعت اليها جيسيكا وكانت تبكي وتخفي وجهها بيديها وقالت: "لماذا استفزيته... قلت لك افهمي خوسيه ولا تغضبيه..... غبية" اقتربت ريتا وقالت بنبرة مزعجة: "لو كنت مهذبة معه لما حصل كل هذا..... يبدو ان الفرنسيات لا يحترمن الرجل" ارادت الصراخ بوجوههم الا انها تمالكت نفسها وقالت: "اتركوني ارجوكم" قالت جيسيكا بحنق: "سوف اجعل خوسيه يطلقها.... هذه لا تنفعه... تريد ايذائه جعلت دمه يغلي بهذه الساعة المتأخرة.... دمرت الرجل" ريتا وبنظرة شامته: "هذه نهاية متوقعة لزيجة لا معنى لها.... لن نسمح لك ايها الفتاة ان تضري خوسيه اكثر سوف نطردك" جيمس وبحدة وغضب: "كفى اليس بقلبكما قليل من الرأفة؟ ما كل هذا الحقد؟" اتسعت عينا جيسيكا وقالت بتعجب: "اسكت جيمس.... هذه الفتاة تعذب شقيقك كيف تدافع عنها؟" ابتعد وقال بثورة: "من الذي يعذب من انا لم اعد افهم..... اخي يفتري هذا واضح للجميع لماذا التجاهل؟" وخرج وهو يتمتم بكلمات الغضب والاستياء, خرجوا واغلقوا الباب عليها وشعرت بمدى ظلمهم لها جميعا وودت ان تخرج من هذا القصر الساعة.... خوسيه اسمعها اقبح كلام يمكن ان تسمعه امرأة وصفعها ايضا ماذا تنتظر بعد؟ كيف تسمح لنفسها السقوط بالهاوية؟..... يريدها ان تبتلع لسانها وتذعن له وهذا لم يحدث ابدا مهما استبد بظلمه سوف تجعله يندم يوما ما.
أنت تقرأ
الحب الانانى الجزء الاول من سلسلة قلوب منكسرة لكاتبة هند صابر
Romanceملخص الرواية عندما رأته كارلا اعتقدت انه الرجل الذي طالما حلمت به....احبته...لكن...هناك شيء غامض يباعد بينهما المسافات وكلما حاولت الاقتراب اتسعت الهوة. اغمضت عينيها وسارت كالعمياء وراء عاطفتها اغلقت اذنيها ودخلت الى عالم خوسيه الخاص...لسعتها نار ال...