الفصل التاسع

289 19 0
                                    

الفصل التاسع

(الشك)

عندما انهى مكالمته استدار ونظر اليها وبدا هادئ الملامح.... دعكت يديها ببطء وأبعدت بصرها ثم تنفست بارتياح لأنه لم يلمح الى موضوع الغرفة ولا تينا ولا حتى الحاسوب اعاره اهتماما.... قال وهو يقترب وشعر بارتباكها تحت نظراته المسلطة عليها: "لا يجدر بك ان تقولي لعمتي كلاما خاصا بنا.... وأيضا تبالغين وتكذبين..... هذا ليس لائقا..... أتتباهين مثلا؟" شعرت بشدة اضطرابها وابعدت بصرها بصمت... ارادت ان تخبره ما تفعله جيسيكا وما تخطط له الا انها تراجعت.... مستحيل ان يصدقها... نظرت اليه وكان منتظرا اجابة قالت باستضعاف ولا تدري لماذا تفقد شجاعتها وتكون ضعيفة امامه دائما وخاصة عندما يقوم باستجوابها بشخصيته المؤثرة وقربه وحركات يديه الغير ثابتة في مكان والمقلقة لها تشعر انه سيقبض على عنقها فجأة او يشد شعرها: "صدقني... لم اخبرها كما قالت وإنما..." قال مقاطعا: "اصدقك... اصدقك" كان ساخرا ومستخفا... قالت بأنفاس متلاحقة: "لا اعلم لماذا هي تريد احراجي دائما.... اشعر انها تكرهني وتريد ان ننفصل... انها تفتري علي كثيرا" وضع كلتا يديه على وجهها الساخن وقال بنبرة وعيد: "حذاري.... انت تتكلمين عن عمتي..... اياك والخطأ" تغيرت ملامحها وهو يمرر يده على وجهها وعنقها ثم قال بنبرة مسيطرة: "أتمانعين ان امضيت الليلة معك يا زوجتي؟ ام ستوافقين بسرعة لئلا اهجرك طويلا" ابتلعت ريقها وقالت بصعوبة: "لا يهمني هجرك..... افعل ما تشاء" قال وهو يتأمل عينيها: "جواب دبلوماسي.... لا يدل على الرفض.... او حتى القبول..... سياستك تعجبني.... اضطرابك ايضا..... تريدين ان توصلي الي فكرة انك لا تريدين بقائي..... لكن عينيك.... نظراتك تفسر لي الكثير.... تفسر لي رغبتك بوجودي معك ايها الفرنسية" صمتت وكأنها ابتلعت لسانها وقال وهو يجلس جنبها ويجذبها الى صدره الدافئ: "اريدك يا كارلا..... وأريد طفلا منك..... لا تنسي ان هذا هو الهدف من زواجي..... ان تكون لي عائلة.... رغبتي ملحة بالأبوة فأنا ابلغ ستة وثلاثين عاما ماذا انتظر بعد اليس من المفروض ان يكون لي اولاد؟..... اعتقد ان هذا حقي..... ساعديني على ذلك" اغمضت عينيها وهو يمسح على شعرها وظهرها وشعرت بالعذاب والخداع لأنها تمنعه من تحقيق حلمه لكن ماذا تفعل؟ هي تشعر انها سوف لن تستمر معه وانه سيتركها فجأة.... وربما لو انجبت طفلا سيأخذه ويطلقها فخوسيه غير مضمون ومازالت لا تطمئن له ولا تأمنه.... لذلك مستحيل ان تذعن لرغبته ليعتقد ان الحمل لن يحدث لأسباب طبيعية... كثير من النساء لن يحملن بسرعة.... هي واثقة انها لو اخبرته بعدم رغبتها سوف يعارضها ويرغمها ويضطرها الى فعل امر ليس من صالحها ابدا.... هو اناني لا يهمه شيء يريد طفلا بدون ان يفكر بالعواقب ومهما حدث لها من صعوبات فهو لن يبالي لأنه لا يهتم لأمرها شخصيا المهم عنده نفسه وحصول مراده... غمر يده بشعرها ورفعت بصرها اليه وتطلع بعينيها الساحرتين المزينتين بالماكياج والظلال الزرقاء الباهتة وابتسم بشفافية, مررت يدها على صدره وأرادت ان تقول له كلاما لكن الكلمات تتبعثر بلسانها ولم تجد ما تقوله وهو يراقبها بتمعن, قالت بنبرة رجاء: "خوسيه ارجوك.... لنعيش بصورة طبيعية بدون مشاكل ولا حواجز" اومأ قائلا: "حسنا لا مشكلة في ذلك" استمرت بمداعبة صدره و ازرار قميصه وقالت بجدية: "لا ادري اشعر انك..... تكرهني احيانا" امسك ذقنها وقال بهدوء: "ولماذا هذا الشعور؟.... ما الذي يدفعني الى كرهك؟..... انت لم تفعلين لي شيئا سيئا حتى اكرهك..... اطردي هذه الافكار السلبية من رأسك" قالت بتأمل: "حاول ان تحبني..... انا بحاجة الى ذلك" قال بابتسامة مسيطرة: "و انا افعل ذلك.... صدقيني" اضطربت شفتيها وهو يقرب وجهه وشفتيه ويحاول تقبيلها فقالت وهي تبعد وجهها قليلا: "انا لا اريدك ان تنسى عائلتك وتحبني..... اريدك ان تحبني معهم.... لا اعتقد ان ذلك يسيء اليك او اليهم" رفع حاجبه وأومأ موافقا وقال: "هذا تطور جيدا.... ما كل هذا التغيير المفاجئ..... الآن اصبحت لينة وارى عنادك قد تضائل كثيرا..... وهذا مشجع" انزلت بصرها وداعب خدها بابتسامة مسيطرة.... لماذا يسخر منها عندما تحدثه بجدية وتود التقرب اليه؟ هذا الاسلوب يحبطها كثيرا فهو يلمح الى انه قد روضها بهجره لها اشهرا وأصبحت متوطنة لكل رغباته.... لكن الحقيقة ليست هذه الحقيقة انها ضعفت امام جبروت حبه على قلبها.... كانت تحبه منذ البداية الا ان مشاعرها الآن اتخذت منحى اخر اكثر بكثير من السابق اصبحت تعشقه على حساب كل شيء ولحظات اقترابه منها وعندما تكون بأحضانه تكون اضعف اللحظات عليها وأكثرها حيرة لقلبها وتعبا.... ابعد خصلات شعرها الناعم المتناثرة على عنقها وصدرها وقال بوجه قريب جدا: "خلال الفترة التي مضت.... اكتشفت الكثير.... بدأت افهم الكثير من النساء وطباعهن.... ووجدتك مختلفة جدا..... ادركت قيمتك انت جميلة..... جميلة الى حد يرضيني" قفز قلبها وشعرت بالسعادة والفرح لكن هناك ما يجعلها تفكر انه لم يصدق الكلام معها وإنما يريد ان يعيش لحظته معها ويستمتع بوقته او بالأحرى يريد استدراجها وإقناعها حتى تسلم له, هي تخاف منه ومن تقلباته وتغير مزاجه فهو يستطيع بأي لحظة ان ينكر كل ما قاله لمجرد ان يقرر ذلك.... استسلمت لقبلاته وعناقه الشفاف ورضيت به على حاله.
وهي مسندة رأسها على صدره فكرت بتيم وأدركت انه لا يعني لها شيئا امام خوسيه سخرت من احساسها سابقا عندما فكرت ان تتقبله وراودها شعور بالزواج منه يوما.... تصورت كيف سيكون طعم الحياة معه... ستكون باردة وتافهة.... هي لا يعجبها سوى هذا الرجل الصعب الوصول الى افكاره... هذا الرجل الذي يثير بها عدة مشاعر واضطرابات وانفعالات مختلفة... كل كلمة وفعل منه يصعد بها الى اعلى درجات السعادة وفجأة يتركها تسقط الى اخفض مستوى بكلمة وفعل آخر... يقول لها كلام يبكيها وفجأة يستطيع بكلامه ان يفرحها, أي شخص هذا ويا لجاذبيته وتمكنه لم تشعر ابدا منذ عرفته بالملل منه... كل شيء فيه يدعو الى الفضول والتأمل والتفكير هكذا تكون حياتها معه حافلة ولا تشعر بالسأم يوما..... لكن ليته يحبها ليتها تعرف ما بقلبه اتجاهها ليتها تستطيع ان تبقى ترضيه.... شعرت بسكون انفاسه واستقرار نبضات قلبه ووضعت يدها على يده الموضوعة على صدره وداعبت يده عدة مرات وهي تلمس الخاتم وبرفق شديد حاولت ان تزحزحه من اصبعه إلا انه شد اصبعه ببطء وقال باسترخاء: "لا تقدرين على ذلك" ابعدت يدها وزمت شفتيها وشعرت بالإحباط والفشل.... وبعد لحظات وجدته قد نام.... هذا يوما آخر ينام في غرفتها هذا تقدم وخطوات ايجابية استطاع ان ينام بغير سرير هيلين الى الصباح وباستقرار هذا يعني انه بدأ يرتاح معها.
قطبت جبهتها وشعرت بالغصة والألم عندما تصفحت هاتفه ووجدت فيه عدة مكالمات فائتة من تلك المرأة التي تدعى كلوديا ثم رسالة جاء فيها"اين انت حبيبي انتظرتك طوال الليل لا تقول انك امضيت الليل مع زوجتك سوف اعاقبك بشدة لو حصل هذا.... اعلم انك ترغب بطفل منها لكن رغما عني اغار لا اتصورك بأحضانها... رد الآن ارجوك" ضغطت يدها على الهاتف وقاومت دموعها كلوديا تعلم كل شيء عن علاقتهما هذه المرأة مقربة جدا منه حتى انها تعلم متى ينام عندها! تبدو علاقتهما قوية.
وبمرور شهرين اخرى قد لاقت الويل من جيسيكا وابنتها اذ ان خوسيه لا يستطيع ان يكون طبيعيا معها كلما اقتربت بينهما المسافات وجدته ينفر من جديد كلما اختلت به عمته وعلاقته بكلوديا مستمرة هي تشعر بذلك لكنها لا تستطيع الكلام لأنه صارم الطبع ولم يعطيها أي مجال للتحكم بحياته وبه.... صحيح انه يأتي اليها بين الفترة والأخرى وينام عندها الا انها لم تكن سعيدة بذلك لأنها تعلم جيدا انه يفعل ذلك من اجل هدفه بالحصول على الطفل ... انه اناني جدا والمشكلة انها لا تستطيع التوقف عن حبه كل يوم تغرم به اكثر حتى بدا لها كالحلم عندما يأتي اليها.... ملهوفة عليه وراغبة بوجوده دائما ومتحسرة عليه وجيمس الوحيد الذي يهون عليها عذابها و مرارتها وكذلك اصدقائها وأهلها بالمراسلة... مضت خمسة اشهر على زواجها به ولا شيء مهم حدث ولا تطور.... ان خوسيه يحرقها بنيران حبه الهادئة حتى شب قلبها وأصبحت تشعر بالغليان والغضب من حياتها معه الى متى تبقى تضحي وتجاهد للفوز بقلبه؟
وهي تراسل كاثرين حدث شيء بالحاسوب وحاولت مرارا ان تسوي الامر إلا انها فشلت... اتصلت بجيمس واستفسرت منه عن الامر اخبرها انه موجود بغرفته وليس بالخارج.... توجهت اليه وانشغل بإصلاح ما حدث معها.... قال اخيرا: "انظري لقد نجحت الآن.... اعتقد ان كل شيء على ما يرام" قالت بامتنان: "آسفة لأني ازعجتك بهذا الوقت.... شكرا لك" انزل بصره الى صدرها و وضعت يدها عليه بسرعة قائلة: "ماذا؟" قال بابتسامة: "انظري ميداليتك ستقع" نظرت الى الميدالية وتنفست بارتياح وهي تنتزعها من عنقها فكانت مفتوحة ومتدلية ثم تأوهت فجأة لأنها علقت بشعرها... اسرع وساعدها قائلا: "اتركيها لي ... حسنا الآن" والتفتا بسرعة عندما دخلت جيسيكا ورفعت حاجبها.... ابتعدا وخرجت كارلا مسرعة بعد ان اخذت الحاسوب وكانت مرتدية قميص نومها... ادركت ان ذلك غير مناسب فالساعة تشير الى الحادية عشر ليلا.
في غرفتها جلست ومررت يدها على شعرها وأعادت خصلاتها الى الخلف بتوتر وتفكير... اللعنة ما الذي اتى بها بهذه اللحظة؟ بالتأكيد ستخلق من ذلك حدثا تقيم به القصر وتقعده.... لكن معقول ان تضر جيمس؟ اليس من المفترض ان يكون كابنها لأنها ربته بيديها حتى اصبح رجلا اليس لهذه المرأة عاطفة؟... لا ربما هي تبالغ لكونها لا تحبها ليس من المعقول ان ترمي جيسيكا الى هكذا اتهام بشع.
اقبل خوسيه من الخارج وتوجه فورا الى غرفتها وغير ملا بسه وبدا منهكا ومتعبا... سألته ان كان يريد الاستحمام وقال لها: "لا ..... لا استطيع اشعر بالتعب اريد ان انام فقط" ونظر الى ميداليتها المقطوعة على منضدة المرآة وتناولها ثم اعادها وتوجه الى السرير.... استلقى وقال بتعب: "ألا تأتي؟" هي وبسرعة: "سأبقى بالشرفة قليلا" اغمض عينيه قائلا: "تعالي بالله عليك وادعكي جبهتي اشعر بالصداع" نام فورا تحت تأثير لمسات يدها على وجهه.
في اليوم التالي قالت بقلق: "ماذا قالت لك عمتك عندما ذهبت الى غرفتي؟"... داعب حوض الاسماك واجاب: "لا شيء ذهبت دون كلام" هي وبتحديق: "لو كنت وضحت لها ما حصل افضل....... ربما ينحرف تفكيرها عن الحقيقة" نظر اليها وقال: "لم تعطني فرصة ذهبت فورا...... ليكن.... ماذا تستطيع ان تقول او تفكر.... ليس هناك ما اخشى منه" ثم ابتسم قائلا: "كيف وجدت عملي البارحة؟" بادلته الابتسامة قائلة: "حقا كنت بارعا..... لم اكن اعلم ان لك خبرة كافية" وتسمرت نظرات جيمس امامه فالتفتت لتجد خوسيه واقفا ويتطلع اليهما بنظرة فيها علامة استفهام.... وضعت خصلة شعرها خلف اذنها وحدقت بخوسيه الذي بدت ملامحه غامضة ثم تركهما وانصرف.... تبادلت النظرات مع جيمس وبدا تصرف خوسيه غير مفهوما وكأنه كان يسترق السمع!..... منذ فترة وتراه يتصرف هكذا..... ماذا يحدث بحق السماء؟.... حتى ان مرة اوصلها جيمس الى السوق فوجدت خوسيه هناك وقد اختفى من امام عينيها وعندما سألته انكر ذلك حتى انها شككت بنفسها ربما رأت سيارة تشبه سيارته لأنها لم ترى وجهه بوضوح.
بعد ان ذهب خوسيه لازم غرفته طوال الفترة حتى حلول المساء وعندما ذهبت تينا اليه اخبرتها انه مستلقي على السرير وشارد الذهن وكأن موضوع كبير يشغل باله... وضحت لها الصورة اكثر ان خوسيه يشك بها وبجيمس ولكنه غير متأكد ولا يريد ان يتأكد من شيء لكون هذا الشك غير لائق.... جيسيكا زرعت الفكرة برأسه هي متأكدة من ذلك... جيسيكا وعدت ابنتها ان تسقطها امامه وتجعله يكرهها وليست هناك طريقة افضل من هذه للنيل منها..... موضوع خطير بحاجة الى اصلاح وإلا ما ذنب جيمس المسكين ان يتهم هكذا والشاب حسن النية ومهذب ويحترم خوسيه ويحبه.
عندما حان موعد العشاء طرقت هي على بابه مرارا ثم دخلت ورأته جالس وبيده هاتفه قالت بلطفك "خوسيه ألا تتناول العشاء معنا؟" نظر اليها بتحديق مطولا وابتسمت له ببهوت, اومأ موافقا ونهض قائلا: "نعم ... هيا" وهبطت السلم معه وهو يحيط خصرها بذراعه.... تطلعت اليهما جيسيكا بنظرة مظلمة وكذلك ريتا نظرت اليهما بوجوم ثم اقبل جيمس وجلس وساد صمت, قدمتا سنتيا وتينا اطباق الطعام وقال جيمس: "ما بكم مكتئبون هل حدث شيء؟..... هيا تكلم خوسيه و انت يا عمتي ما هذا الجو المتوتر!" خوسيه وباستفسار و مقاطعا: "صرف مبلغ كبير من خزينة الشركة قبل اسابيع...... انت فعلت ذلك جيمس؟" تبادلت جيسيكا النظرات مع ريتا وبدتا مترقبتين لما سيحدث.... جيمس وبتأمل: "نعم انا...... احتجت المبلغ ونسيت ان ابلغك.... اليس لي حق بسحب شيء من نصيبي يا خوسيه؟" اومأ خوسيه بسرعة ثم قال بملامح باهته: لا ..... طبعا لك الحق لكن اود ان اعرف ماذا فعلت بكل هذا المبلغ بدافع الاطمئنان ليس إلا" جيمس و ببرود: "من حقك لكن سؤالك كان بنبرة تحقيق ازعجتني..... على كلا انا اشتريت شقة لي" فتحت جيسيكا فمها متظاهرة بالذهول وابتسمت ريتا ورفع خوسيه حاجبه وبدا جامدا ثم قال: "شقة!..... لماذا؟...... وما الذي يجعلك تفكر بمشروع كهذا الآن" جيمس وبتوتر و ضيق: "نبرتك هذه لا تعجبني...... لست ولدا صغيرا..... انا بحاجة ان يكون لدي مكان خاص بي" خوسيه وبشيء من الانفعال: "ولماذا هذه السرية؟..... لماذا لم تخبرني؟" ريتا وبلطف: "من حقه...... ربما يريد استضافة حبيبته هناك من يدري" رمق خوسيه ريتا بنظرة مطولة وضرب جيمس على الطاولة بقوة قائلا بعصبية: "هذه مهزلة...... لا احد منكم له الحق بالتدخل بحياتي وان اردت ان استضيف من اريد هذا لا يهم احدا مفهوم" ساد صمت مريب وعادوا لتناول الطعام بجو مشحون بالتوتر والقلق..... فجأة اتسعت عينا كارلا على اشدهما وجفت شفتيها عندما لوحت جيسيكا بقطعة ذهبية من ميداليتها كانت مفقودة وتبحث عنها وقالت بصوت واضح و مرتفع: "سنتيا وجدت هذه القطعة في غرفة جيمس..... وفي السرير" رفع خوسيه بصره بسرعة وكانت عينيه حادتين كالصقر.... بهت جيمس ونظرت ريتا بتسلية للموضوع كله.... قال خوسيه بصوت متخاذل وهو يكتم غضب شديد: "في السرير؟...... ماذا يحدث؟..... هذه ميداليتك لماذا في سرير جيمس؟" خفقت اهدابها باضطراب وارتجفت يديها بخوف وهي واثقة انها مهما بررت سوف لن تقنعه هي تعرفه جيدا.... نهض وقال بصراخ: "اجيبي..... لماذا كانت هناك؟.... لماذا تقطعت وسقطت هناك؟ فسري لي الآن الأمر" ونظر الى جيمس الذي نهض قائلا: "البارحة.... اتت الى غرفتي ل..." ضرب خوسيه الكرسي وأسقطه ارضا وقال بغضب: "عندما اكتشفت انك بارع وتملك خبرة كافية اليس كذلك؟.... تكلم يا جيمس ماذا تفعل مع زوجتي..... تكلم يا اخي الوحيد أأعجبتك زوجتي؟ أ تقومان بخيانتي؟" وضعت يدها على فمها ولم تعد قادرة على النهوض شعرت ان ساقيها قد شلتا .... اراد ان يتكلم جيمس الذي كان بغاية الفزع والقلق والارتباك إلا ان جيسيكا قالت مقاطعة الجميع: "اهدأ يا خوسيه.... انا رأيتها البارحة بغرفته..... اهدأ ولا تدفعك هذه المرأة الى الجنون.... نعم رأيتها بقميص النوم بغرفته... هذه الفتاة تلاحقه هي تذهب اليه.... كم مرة نبهتك يا خوسيه ان هناك امرا غير طبيعي يحدث بينهما كنت لم تصدقني" اتسعت عينا جيمس وقال بنفور واستنكار وصدمة: "عمتي اجننت؟.... انا افعل هكذا امر بشع؟ وأنت صدقتها يا خوسيه؟"... امسكه خوسيه من قميصه بعنف وهربت هي راكضة الى غرفتها وقلبها يرتعد, ضربت جيسيكا ضربتها القاضية وقد ساعدتها الظروف على ذلك.... عندما فتح باب غرفتها بغضب وعنف التصقت بالخزانة وقالت بارتجاف: "يا خوسيه.... انه شقيقك.... ان جيسيكا تكذب عليك.... كن.... كنت هناك حقا... ذهبت... ذهبت" وابتلعت ريقها وهو يقترب منها بوجه شديد الوجوم وقالت بأنفاس لاهثة: "ذهبت اليه ليصلح لي الحاسوب.... اقسم.... جيمس مهذبا لا تخسره بشك مريض زرعته عمتك لديك.... يبدو ان قلادتي وقعت هناك حينها.... كان جالس على السرير وانشغل بإصلاح الخلل و انا كنت واقفة اراقبه صدقني ودخلت حينها عمتك و" قال بصوت خافت و مرعب: "لأنها رأتكما.... فكرت بهذه التمثيلية لتكون حجة لك" هزت رأسها نفيا وقال بصراخ: "انظري تخلصت من اخي الفاسد الآن وطردته.... لأنه خائن وشاذ ودنيء..... ضربته وطردته الى الابد.... لم يعد لي اخا بعد الآن.... اما انت..." دخلت جيسيكا و سنتيا خلفها وقالت: "ليس هذا فقط يا خوسيه..... ليست الخيانة فقط بل ان زوجتك كانت تضحك على عقلك طيلة خمسة اشهر..... كانت تتناول حبوب مانعة للحمل دون علمك وهذه سنتيا رأتها بعينيها.... سنتيا كانت ترى الكثير لكنها تخاف ان تنطق اما تينا فهي اليد المساعدة لزوجتك بكل شيء" وضعت هي يديها على وجهها وهي تنظر الى التغيرات التي طرأت على وجهه وملامحه ثم قال بصوت ارعب جيسيكا وجعلها تهرب مع سنتيا: "اخرجا الآن هيا اخرجا" ووضعت يديها على اذنيها وهي منهارة ومفزوعة وهو يحطم كل شيء في الغرفة وكان مهتاجا وغاضبا جدا وقال لها بصراخ: "طبعا من الاجدر ان تتناولين تلك الحبوب...... لماذا جيمس؟.. تريدين الانتقام مني و معاقبتي؟.... لماذا تفعلين ذلك؟..... اين تلك الاقراص اللعينة.... تخفينها عني؟..... تسخرين مني؟ تضعيني بموقف المغفل المخدوع الاحمق!........ اين هي لو وجدتها سوف انهي حياتك" وبحث في الغرفة كالمجنون و ازاح السرير الكبير و اسقطه ارضا وهي تبكي بفزع وفتح كل ابواب الخزانة وبعثر الملابس حتى تهشمت المرايا وانهارت الخزانة بيديه.... لقد حطم كل شيء وسيأتي الدور عليها.... يبدو ليس طبيعيا وكأنه عاد الى صدمته ومرضه العصبي.... اقترب منها وهو لاهث الانفاس و قال: "اين هي .... اريد ان اراها عندك اريد ان اتأكد" انهارت ونزلت على الارض وهي تقول بدموع وتوسل: "ارجوك يا خوسيه.... ارجوك لا تفعل هذا" ابتسم بعصبية ونيران الغضب تخرج من عينيه وجسده: "اخذ لك شقة ليواعدك هناك اليس كذلك؟" وركل الاريكة وسقطت محدثة ضجة بالغة وجذبها هي بقوة ورماها باتجاه الخزانة قائلا بصراخ: "اين هي؟ اعطني اياها الآن وإلا قتلتك" جرحت يديها بالزجاج المتهشم وسال الدم منهما.... ناولته الحبوب بيد مرتجفة وهي تقول مختنقة بالبكاء: "انا....آسفة يا خوسيه..... سامحني"

الحب الانانى الجزء الاول من سلسلة قلوب منكسرة لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن