الفصل الثالث : تحقيق

69 29 7
                                    

أقبلت بالاستغراب وأنا أطالع تلك الطاولة الغامضة التي توسطت إحدى جهات باحة منزلنا.. وذات الأمر ينطبق على ذلك التسجيل الذي كان واضحًا إلى حدٍ ما؛ وهو يذكر لي أن ألعب الشطرنج.. ؛ تلك اللعبة التي تدور بين شخصين تطول وتطول بتحريك القطع بينهما منتهيةً بخاسر منهما وآخر رابح، لم يتسنى لي ابدًا فِهمَ ما الذي يجري هنا، فقط.. كان الخوف يعتريني بصدق ! حيث الأرواح والرعب والظل.. لِما كُلُ هذا يحصل لي ؟ أما كان الأفضل لو لم أقدم على تنظيف غرفتي ؟..

وايضًا.. جرى على بالي كيفية تفسيري اختفاء " دارلين " وكذا الأمر مع كل ما يحصل لوالداي عند عودتهما من السفر ! احقًا هنالك تفسير منطقي ؟ ليقاطع حبل أفكاري غبار انبثق فجأة من العدم تجلى في الهواء ثم تدلى على لوح الشطرنج.. حقيقةً لم أكن أمتلك تلك الجرأة الكافية لأتحرك نحو الطاولة.. ولكن ما حصل لي قبل لحظات، كافٍ ليثبت لي مدى مفاجأت الحياة حتى لأكثر الأشخاص هدوئًا..

وإذ بي أستمر في النظر إلى الطاولة من مكاني.. رأيت منظرًا عجيبًا، لقد رُصت اللوحة بالبيادق وباقي قطع الشطرنج التي تكونت في الهواء بلونها البني الأدكن، لقد كان منظرّا مبهرًا بحق ! مبهرًا لدرجة شده إلي أن أتقدم نحو الطاولة.. إلى أن تقدم بيدق ما نحو الأمام من تلقاء نفسه.. مما جعلني أترك قرار التحرك. ولكن.. تركني وسط إبهام.. تساؤل، أيعقل أنهم فعلًا يرغبون مني مجاراتهم ؟!

وبعد أن تأنيتُ قليلًا، إهتديت إلى أن اتجه صوب اللوحة.. وحركت بالفعل بيدقّا ما كرد فعل، فيتحرك بيدقٌ آخر.. هكذا استمرت اللعبة لمدة لم تتجاوز الثلاث دقائق منتهيةً بخسارتي، لست محترفًا بها على أية حال، لكن..أنا، لعبت مع أرواح ما هي ببشر مثلنا ! ومن المفترض أن يكون لخسارتي هدف.. كما هو الوضع المفترض على الفوز، ربما يكون موتي.. أو أي مصير آخر !

هكذا استمر الوضع وأنا أفكر بآلاف الاحتمالات.. لأتفاجئ بظهور قطتي "دارلين" تجلس عند عتبة باب منزلي ! هي لم تكن هنا قبل الآن.. وإلا.. وإلا لكُنت لمحتها !! فضلًا عن.. تلك النظرة التي تجلت في عينيها، نظرة شيطانية ما كنت قد رأيتها فيها سابقا ؛ نظرة كانت كفيلة من منعي الذهاب إليها وعناقها عناقًا عميقًا ! لا تبدو الآن وكأنها تلك القطة المرحة المعتاد عليها. لم يتسنى لي سوى ان أحدق بها بنظرات تخالطت فيها مشاعر إنكار..إستغراب..خوف؛ لتظهر تلك العبارة الغريبة في لوح الشطرنج بعد اذ اصبح سطحه كأنه مرآة..

« لا تنخدع بالمظهر.. فجوهر الشيء مغاير لظاهره احيانًا »

لتترك تلك العبارة داخل كياني المزيد من التساؤلات التي لا تنتهي.. والعديد من الطيات ورائها.. فكرت، فكرت.. بأنها قد تقصد المعاتب وما هو إلا بكاذب يحاول خداعي بظاهره النصوح.. أو أنها تقصد قطتي بمظهرها المرعب حاليًا.. أو أنها تقصد ذاتها والأرواح، ربما خديعة.. او أنها تصف بشكل فلسفي ما يجري أنه شرٌ سقط علي أمتلك معه ملحمة مستقبلية تؤول فيها الأحداث لمصير سوداوي !! كما ذكرت، ألف إحتمال يدور في مخيلتي.. فقط، أريد فهم الحقيقة..

«أَنَا وَقِطَّتِي»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن