- حَقيقةُ الفَناءِ وأنَ مَصيرنا جميعًا هوَ الفَناء.. حقيقة على الكل تقبلها، مهما حصل..أو سيحصل ! بل ومع حقيقةٍ كهذه، يُصر الكثيرون على التمسك بما سيفنى..
هكذا قاطع الظل المرعب التسجيل بهمسات.. وجهه يقابل وجهي بأبتسامة عريضة خبيثة..لم يتسنى للمسجل أن يذكر ذلك العدد الوفير من الكلمات التائهة بين حشود الصرخات المتجلية فيه.. بل حتى أنني لم ألحظ سوى تلك الأرقام المتكررة ! بترتيب معين هو ذات ترتيب أرقام ما سلف من التسجيل الأول.. لم تكن سوى خمسة أعداد كالآتي:
8 ، 20 ، 21 ، 18 ، 20
إنها لثاني مرة يُذكر فيها ترتيب ارقامٍ بهذا الشكل بعد إذ كان الأول مريبا، لحظةً حتى أعادني الظل لواقع أنه أمامي يقف ! ليبعد رأسه عني ويذكر قائلا بصوته الغليظ:- كي أكون صريحًا، ما أنا إلا هنا لأنهيَ حياتك أيها الفتى.. فحظك التعيس قد قادني إليك.. - ليغير من نغمة صوته مُخافتًا - ..إلى حيث تقبع هنا..
لأرد عليه بعد إذ سيطرت على أنفاسي المتسارعة:
-كيف..كيف ذلك ! ما الذي أقدمتُ على فعله لأجل هذا ؟!!
ليرد علي بعد إذ وجه اصبعه نحوي :
- أرواح متعطشة لإهلاك أي مخلوق.. أرواح لا تعرف معنى الرحمة، وبدل ان أُقدم على قتلك قبيل مجيئهم.. سأحاول أن أرشدك إلى ما يُمَكنك من التخلص مني.. ومنهم، وللأبد. فضلا عن إنقاذ أرواح الملايين من شرهم..
هكذا دب الرعب في قلبي مع تلك النظرة المعتادة ليغير من نبرة صوته مجددًا نحو نبرة غاضبة ويكمل :
- ولكنني أذكرك.. أنا هنا، لأضمك إلى صف الأموات.. إلى أولئك ممن آواهم التراب..
لينهي حديثه وهو ينظر صوب الحائط بنظرات عميقة.. لا أدري ما الغاية منها ! إنه روح على أية حال !! ولكن.. ؛ بدر إلى ذهني العديد من تلك التساؤلات المزعجة.. تساؤلات احتوت ما يثير استعجابي كمن هي الأرواح.. ومن هو اساسًا، وعلاقته بالمسجل الغامض هذا؛
وغيرها من الإشكالات التي راودتني وأنا بالكاد أتمكن من التقاط أنفاسي !
بعيدا عن كل ما جرى، أثار فضولي تلك الأوراق الغامضة الصغيرة الملفوفة على حزامه الأدكن.. منظرها غريب فعلا، والأغرب عودته للكلام إذ قال :
- إنهم هنا على أية حال، لن تسر أبدًا لمعرفتهم، والعلة هذه القطة - ليشير إلى دارلين ويكمل - .. يتواصلون معك حاليًا فقط مع ذلك المسجل !
- انتظر ألستَ أنت هو...
لم أكد الحقُ سؤاله عن المسجل حتى تلاشى من أمامي كما يتلاشى الغبار.. حيث لم يعد له أثر يُذكر، لأجد نفسي بطريقة عجيبة أقف في باحة منزلي.. بصورتها النقية والطبيعية بعيدًا عن المناخ الأخير والذي تسبب بالحظر ! حديقةٌ زاهيةٌ وبديعةٌ، أجواء هادئة أفضل بكثير ممن ما مضى، هواء نقي وعصافير تغرد.. يا لها من أجواء ! ، إلا أن ما عكر صفوتي وجعلني اتضايق .. هو اختفاء قطتي "دارلين" وعدم حضورها، فضلا عن طاولةٍ فريدة واضح اثر الزمن عليها موضوعةٌ فوقها لعبة شطرنج قديمة سحرية لم تكن هنا في السابق !!!
لتُختم هذه الأمور العجيبة اخيرا بالمسجل مجددا وهو يذكر :
- لنبدأ لعب الشطرنج
أنت تقرأ
«أَنَا وَقِطَّتِي»
Terror«لَعَلَّكَ لَم تَكُن عَالِمًا قَبلُ، أُو لَرُبَّمَا عَلِمتَ غَيرَ مُدرِكٍ، أَنَّ جَوهَرَ الحَقِيقَةِ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا المَوتُ دَائِمًا، وَأَنَّ الإِنسَانَ لجَحَودٌ مُحِبٌّ لِأَبَدِيَّةٍ فَانِيَةٍ، وَلِعَدَمِيَّةٍ كَاذِبَةٍ..» "أَنَا و...