أخرجَ المسجل هذه المرة صوتًا مألوفًا للغاية، إذ وبعد برهة من استماعي واصغائي له تأكدت أن ما أسمعه هو ذات ما سمعته في أول مرة نطق بها هذا المسجل، لأترك نفسي وما يحيط بي من عالمٍ أصغي إلى التسجيل كل الإصغاء ممسكًا بمفكرة الملاحظات أدون بها ما أسمع؛ مر أول ترتيبٍ عددي لحقه الثاني فالثالث والذي كان الأحدث بين كل التسجيلات.
" ثلاثة وعشرون، واحد، تسعة عشر "
أرقام عديدة دونتها بنفس الترتيب الذي وجدتها عليه، قررت النوم وأخذ قسطٍ من الراحة ريثما يكون عقلي قد رتب ما استقبله من أحداث منذ أول تسجيل وحتى الآن.. فضلًا عن أنني متعبٌ للغاية، لِتمرَ الساعة بعد الساعة وأنا غارقٌ في النوم حتى أستيقظت في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحًا، وما إن نهضت حتى أنطلقت نحو مكتبة والدي الكبيرة والمليئة بالمعلومات الكثيرة. أراجعُ ما دونته محاولًا إستنباط حقيقة الأرقام.. تبادر إلى ذهني أولًا أن تكون شيفراتٍ لعنوان معين، إلا أنني سرعان ما قللت من منطقيتها؛ لأحاول بطريقة أخرى تتمثل بتحويل هذه الأرقام إلى أحرفٌ إعتمادًا الأبجدية اللاتينية، لينجح الأمر بصورة سريعة مع اللغة الإنجليزية!
" الحقيقة الحقيقية كانت... "
نهضت من على طاولة المكتبة المدورة مقررًا العودة إلى غرفتي المدمرة، إلا وأنه قد صادفَ أن أتذكر العاصفة وأنا أمشي في الممر لأقرر الذهاب إلى المطبخ بدلًا عن ذلك، أرتشفت القليل من الماء بينما كنت أحدقُ بالنافذة أفكر بكل ما حصل لي في السابق.
ظهر أولًا المسجل بتسجيله المليئ بالصراخ والغرابة تبعه ظهور الظل لأول مرةٍ وبشكل مرعب.. وقد عمل المسجل وقتها دون الضغط على زر البدء، ومن ثم لاحقًا وجدت نفسي في حديقتنا بالجو الهادئ ذاك عكس المُسَلمِ به، وكذا ظهرت طاولة الشطرنج الغامضة تلك التي خسرت فيها.. ليتبعه ظهور الظل مجددًا وسرده لتلك القصة المليئة بالمغالطات والأمور المبهمة، لابد أن لكل هذا تفسيرٌ واحد قادر كذلك على كشف تلك الحقيقة. فضلًا عن هذا، أنا شبه متأكدٍ بأن للحادثة وجهٌ آخر تغاضى عنه الظل! وأن الحقيقة ستظهر فقط بالمواجهة المباشرة، وأنا على اعتقادي أظن أن أول خطوة من الممكن القيام بها هي أن أتقدم نحو لوح الشطرنج وأحاول الأنتصار.
لأنطلق بالفعل للحديقة بعد أن هدأت العواصف قليلًا. أخطو خطوة بخطوة وأنا أفكر بجميع الأحتمالات الممكنة حتى وصلت للطاولة التي كانت قد أصبحت جاهزة لمباراة جديدة، لأجلس بهدوء وتركيز ألعب فأخسر، ألعب فأخسر، حتى وصلت للمباراة الثالثة ليظهر خلفي بشكل خاطف وهادئ ذلك الظل بهيئة أكثر رعبًا وينطق وأنا مستمرٌ في اللعب:
- تلك المأساة الحزينة والتي حصلت قبل ثلاثة أعوام.. إنها حقًا لمأساة سوداوية، ولكنني لاحظت فيكَ نوعًا من عدم التصديق.. أما عدت تثق بي؟
- من.. من قال أنني أثق بك من المقام الأول! أنا وكما ذكرتُ فقط متقبلٌ لحقيقة أن لا خيار لي سوى تص...
- هذا ليس بالمهم، أنت تعرف جليًا أن باستطاعتي القضاء عليكَ بسهولة، ما عليك إلا...
- لتكن الطاولة لي حاليًا، أنت تدركُ تمامًا معرفتي بأن قصتك ما هي إلا ملفقةٌ واضحٌ فيها معدومية الإتزان، وأن هنالك حقيقةٌ أعمق بكثير من ما ذكرتَه...
ليستمر هو بالنظر إلي وأنا أكمل لعبي متقدمًا هذه المرة مقتربًا من النصر.. لأردفَ مكملًا:
- من أنت حقًا؟ وما سرك الحقيقي؟
ليرد بنطقه لعبارة واحدةٍ فقط بصوت واحد:
- عليك فقط تحطيم المسجل، ومن ثم سيعيش الجميع بسلام.
- تمامًا كما توقعت..
لأنهي اللعبة باقصائي للملك.
أنت تقرأ
«أَنَا وَقِطَّتِي»
Kinh dị«لَعَلَّكَ لَم تَكُن عَالِمًا قَبلُ، أُو لَرُبَّمَا عَلِمتَ غَيرَ مُدرِكٍ، أَنَّ جَوهَرَ الحَقِيقَةِ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا المَوتُ دَائِمًا، وَأَنَّ الإِنسَانَ لجَحَودٌ مُحِبٌّ لِأَبَدِيَّةٍ فَانِيَةٍ، وَلِعَدَمِيَّةٍ كَاذِبَةٍ..» "أَنَا و...