الفصل الرابع: المشهد الحقيقي

91 22 53
                                    

انطلقَ الشعاع الذهبي البهي في كل أرجاء الغرفة مما منعني من النظر لما سيحصل لاحقًا.. وتعالت صيحات الظل التي كان يردد فيها بالرفض القاطع لما يحصل مبديًا غضبه الشديد من ما فعلته ريثما

كنت أستمع إلى الأصوات البهية الخارجة من الأرواح والممزوجة بالصراخ مكونةً بذلك سمفونيةً أكثر من رائعة ! وكذا لمحت تلك الأرواح على حقيقتها المتلألئة وهيئتها الجميلة النقية، حقًا كانت جميلة.. كانت تتطاير في كل أرجاء الغرفة مسببةً بذلك الرعب للظل الذي كان قد جُن جنونه، وكذا نزع عنه ذلك الغطاء قليل السوداوية ليخرج بصورته الحقيقية ! جثة غليظة مظلمة ووجه شرير متوحشٍ متعطشٍ للدماء، ضربته ودفعته الأرواح أرضًا لتتركه هكذا بضعًا من الوقت يتألم بسبب خدش الأرواح له !

وبينما كان هذا يحصل.. تمكنت من النظر جليًا إلى المشهد الذي ترك وجه الظل شاحبًا؛ مشهدٌ كونته تلك الأشعة الذهبية المنتشرة في كل مكان ليتحطم أخيرًا مصدرها والذي كان المسجل الذي كان قد سقط أرضًا ! 

تكونَ مشهدٌ تجلى  أعلى سقف غرفتي مع تطاير الأرواح، ذات المقطورة وذات الوجوه الخائفة؛ إلا أن ما كان جديدًا ومختلفًا هو وجود أولئك الرجال الذين كانوا أشبه بعصابةٍ ما تفتش مقطورات القطار واحدةً تلو الاخرى وكذا رجلٌ آخر غليظ الوجه ذو جثة ضخمة يتصارع مع سائق القطار ليرميه في النهاية من القطار تاركًا جثته تتقطع تقطيعًا بشعًا ! وهكذا كانت المشاهد تتابع بشكل سريع ليظهر مشهدٌ ثالث لذات الرجل الضخم وهو يرمي بحقيبة محكمةِ الإغلاق من على النافذة المقابلة، ليظهر بعده مبشارةً مشهد لأحد هؤلاء المتنكرين ممن كانوا في المقطورة الأخيرة يذكر لذي الجثة الضخمة يدعوه بـ "فريدريك " أن أخر مقطورتين فيهما متفجرات حقيقية، تاركًا  بعبارته فريدريك شاحب الوجه يتحرك نحو النافذة وينادي:

- أخي؟ أخي! أضحيت بنا جميعًا؟؟ هذا ليس من المفترض أن يحد…

لم يكد أن يكمل يكمل كلامه حتى انفجرت المتفجرات لتزيد من سرعة القطار بشكل غير طبيعي جعلته ينحرف عن مساره مصطدمًا بحائط النفق لينفجر بمن فيه كي يمسوا في عداد الموتى. اصطدم منهيًا بذلك المشاهد المتتابعة وكذا تلك الأشعة الذهبية التي سرعان ما تلاشت. بينما لا تزال تلك الأرواح تلوح وتطير مقتربةً من الظل الذي نهض يهمهم متذمرًا : " بافوميت.. بافوميت، بافوميت أكرهك! ما نجوت ولن أنجوَ كما وعدتني أيها المخادع ! " ، ومن ثم بدأ بصراخٍ هستيري انتهى بتقدمه نحوي وصياحه موجهًا كلامًا لي قائلا بجنون: " استدر أيها الفتى!! " لأرد عليه: " ما الذي يحـ… "

لم أكد أكمل ما ذكرتُ حتى وجدت يده العظمية قد اخترقت قلبي، أجل.. لقد فعل بكل وحشية ما حذرني منه، ليخرج ذراعه من على صدري بكل برود.. لقد هدأ كل شيء من حولي وأظلم العالم من حولي فما عدتُ أبصر شيئا سوى، سوى تلك الأرواح التي حاصرت الظل وبدأت بتمزيقه ذلك التمزيق.. ثم أخذت تصعد به بكل هدوء إلى السماء.. لربما إلى محكمة السماء، وأنا.. أنا الذي يشهد أقسى ما يمكن أن يمر به البشر، أشهد نهايتي المروعة ! لقد أظلمَ كلُ شيء، وكذا سقطت على الأرض مغشيًا علي.. لقد أغمضت عيني لأخر مرة، تسيل دمائي على الأرض بينما أحاول النطق بعبارتي الأخيرة:

- ص..صرخاتهم لا، لا زالت تتردد في مسامعي.. إلى الآن.

ليسقطَ ذلك البطل الشاب ذو السبعة عشرة خريفًا بمشهد درامي تكونَ بسقوطه صليب مقلوب من لهيب النار على الحائط الذي كان خلفه، لتنبعث نارٌ أخرى كسرت ذلك الصليب المقلوب لتسقط كل النيران على الأرضية التي بدأت في الاحتراق.. فكان محتومًا على الأشياء، حطام المسجل، لوحة الشاب مع صديقه، جثمان الشاب نفسه وحتى منزله الأحتراق.. بالنار التي ستأكل كل شيء.. مكونةً بذلك، سمفونية اللهب الأخيرة.

🎉 لقد انتهيت من قراءة «أَنَا وَقِطَّتِي» 🎉
«أَنَا وَقِطَّتِي»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن