الفصل الثاني

28 5 0
                                    


فتحت عيني وأنا ألهث فزعًا تنهدت براحة وهمست لنفسي :

" إنه كابوس " 

نظرت للمكان من حولي وجدت أنها غرفتي أرتاح قلبي وجسدي أكثر وتأكدت حينها أنه كابوس لا أكثر، نهضت من سريري وكنت أرتدي بيجامة قصيرة فرأيت أثار لقبضة شيء ما على قدمي تملكني الرعب حينها وأخذت أنظر لكل شيء من حولي بعيني فزعتين، فاقتحم هذا الجو المتوتر صوت أمي :

" صغيرتي هل استيقظت ! " 

ارتاح قلبي لسماع صوت أمي وخرجت مقررة تناسي كل شيء وأعتباره كابوس لا أكثر، فتحت باب غرفتها وحدثتها :

" هل تريدين مني شيئًا ؟ " 

" لا يا ابنتي كنت أتأكد بأنك استيقظت وأردت أن تفطري جيدًا  " 

أبتسمت بحب لها بالرغم من معرفتي أنها لا ترى ابتسامتي التي لطالما أحبتها ولكنني أعلم يقينًا أنها تشعر بها، اقتربت منها وقبلت جبينها بحنان وغادرت الغرفة في صمت. 

***

كنت أعد الإفطار لنفسي عندما لاحظت أنها الساعة العاشرة وأنني فوت موعد ذهابي للجامعة لأُعيد النظر إلى الهاتف وأجد أنه يوم الجمعة، تملكني شعور الدهشة في هذه اللحظة كيف لهذا أن يحدث بالأمس كان لا يزال يوم الأحد وهو أول يوم لنا في الأسبوع والآن نحن الجمعة، أصبح ذهني مشوشًا ولم أقوى على جمع معلوماتي .

استسلمت للأمر الواقع وأخذت إفطاري وجلست على الطاولة أكل ما في الطبق وذهني شارد أفكر في كيف حدث هذا لماذا لا أذكر أي شيء مما فعلته في الاسبوع هذا بأكمله، جررتي قدماي في محاولة أخيرة لفهم ما يجري، دخلت إلى والدتي وسألتها وصوتي مليء بالعجز :

" ماذا فعلت طوال الأسبوع هذا يا أمي  ؟" 

ابتسمت ابتسامتها الهادئة وبدأت تسرد لي ما كنت افعله :

" تغادرين المنزل صباحًا قبل بدأ دوامك في مهمة البحث عن عمل من ثم لا أعلم ما تفعلينه ولكن الاكيد تذهبين للجامعة وفي الساعة الحادي عشر تعودين وتعدين العشاء من ثم تنامين، هذا ما تفعلينه كل يوم "

كنت انظر لها بعجز حقيقي كيف لي أن أفعل هذا كله والآن لا أذكر شيئًا منه، سألتني في استغراب :

" ماذا حدث معك يا ابنتي ؟ " 

حاولت جمع شتاتي و نطقت بصعوبة كبيرة حتى لا يظهر صوتي ضعيفًا :

" لا أعلم ما يحدث، لم يحدث شيء أمي " 

غادرت الغرفة نحو غرفتي أنظر لقدمي بدقة أكبر تبدو كالكدمات لكن أنا لا أعلم كيف حدثت، هل خلال هذا الأسبوع تعرضت فيه للتنمر من أشخاص ما ؟! العديد من الأسئلة في ذهني ترفض التوقف، فلم أغادر غرفتي اليوم كله  فضلت المكوث فيها على مواجهة الحقائق .

***

كنت مجبرة على النهوض من موقعي والتحرك للبحث عن عمل لن نستطيع العيش هنا أكثر من شهر دون عمل، لهذا أخذت معطفي وحقيبتي رفعت شعري بعشوائية وذهبت لوالدتي :

" سأذهب للبحث عن عمل يا أمي " 

" ليكون الرب في عونك صغيرتي " 

خرجت من المنزل وكل تفكيري في ما حدث وكيف لي أن أفقد كل هذه الأيام وكأنها لم تكن، أسير وعقلي ليس في أرض الواقع لأشعر بجسدي يرتطم بجسد ما توقف لثواني أحاول استيعاب ما حدث، رأيت ذلك الشاب يعتذر لي وهو يشيح وجهه عني وغادر مسرعًا فلم ألاحظ من ملامحه شيئًا.

تناسيت ما حدث منذ قليل ودخلت أول مقهى كان يضع لوحة بأنه يحتاج لعامل، دخلت وتحدث مع أول من رأيته وأخذني لمن يقوم بأختبارِ ويرى مدى كفاءته .

" نعم آنسة كلارا، أرى بأنك تستطيعين أخذ هذا العمل وسيكون مرتبك بالشهر ….. " 

بعد حوار طويل وأسئلة عديدة كان هذا ختام لقائي شكرته والسعادة تغمر قلبي وأخبرني بأن أبدأ من اليوم، أخذتني أحدى العاملات لغرفة التبديل  وعطتني شي يناسبني .

خرجت للبدء في هذه المعمعة التي لا علم لي متى ستنتهي، التحرك هنا وهناك أخذ طلبات كل الطاولات إلى المساء أنتهى اليوم واخذت أبدل ثيابي وكانت أحدهم معي سألتني :

" ما هو اسمك ؟ "

" كلارا وأنت ؟ "

" أستير " 

مدت يدها لتصافحني ومددت يدي لها وأنا أتمتم :

" زهرة " 

سألتني :

" تحدثني ! "

حركت رأسي نفيًا وسحبت يدي من يدها وغادرت الغرفة والمقهى بأكمله عائدة للمنزل بتعب كبير لعمل أول يوم، وصلت المنزل بعد المسير في شوارع كثيرة ورؤية الكثير من الأشخاص المتسولين والطبقة الغنية والمتوسطة كل منهم يسير في همومه غير مكترث لمن حوله .

تحدثت بصوت مرتفع :

" أمي لقد عدت " 

" أهلًا يا ابنتي هل عثرت على عمل ؟ " 

" سآتيك الآن " 

خلعت ما عليَّ واردتيت ثيابًا مريحة خذت الطعام الذي اعددته في الصباح وجلست مع والدتي اطعمها واكل أنا، أخذت اسرد لها ما حصل معي وأن العمل جميل ومبلغه يتقفل بتسديد جميع الفواتير والايجار، رأية علامات الراحة على ملامحها وارتاح قلبي لهذا أكثر. 

بعد هذا اليوم الشاق نسيت ما حدث ولم أفكر فيه بالي أصبح مشغُولًا في العمل والدراسة أريد أن أنهي هذه السنة بمعدل جيد حتى اتمكن من الحصول على وظيفة بشكل سريع .

أخذني النوم ما أن وضعت رأسي على الوسادة وأخذني عالم الأحلام حيث كل شيء مُتاح . 

***

واقعة السنة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن