الفصل الخامس

299 17 4
                                    


                              بسام

كنا نحن الثلاثة متجمعين في مكتبة الأستاذ سليم، كان يقف امام لوسيل بينما تجلس تضع رأسها بين يديها، قال لها موبخاً: لقد اختفى، ترككِ واختفى، اخبرتني ان كل شيء سيسير على ما يرام، قلتِ انه يجمعكِ بمروان ولم يحدث، بل اختفى، كان يتلاعب بكِ.
التفت اليه: ربما هو مشغول، هو ليس شخصاً عادياً، من المؤكد قد حدث شيء.
قال لها سليم بسخرية: علينا نحن ان ننتظره حتى يكون متفرغاً لننفذ خطتنا.
حاولت ان تقنعه قائلة: حتما سيظهر، امهلني بضع أيام.
قال بتهكم: لن اسمح لك ان تتصرفي من تلقاء نفسك مرة أخرى، ستنفذين ما أقوله.
دون ان اشعر او ادرك وجدت نفسي أقول: انت الان تتصرف مثلهم، اليست هذه دكتاتورية، بأنك لا تسمح لها بفعل شيء هي مقتنعة به وتريدها ان تنفذ الاوامر دون نقاش؟
توقف كلاهما عن الجدال والتفتا الي، وكأنهما للتو ادركا وجودي، ابتسم الأستاذ سليم واقترب مني ليربت على كتفي قائلاً: انا فخور بك، انا فقط متوتر لأننا ملزمون بوقت محدد، الامر اخذ مني سنوات من العمل، لذلك الغضب سيطر علي.
نهضت من مكاني لأحضتنه قائلاً: اعلم، انا اثق بك، انت ابي،
اقترب لوسيل منا لتضمنا قائلة: كل شيء سيكون بخير، سألتزم بخطتك.
قال ابي سليم: هذا لأجل الجميع، ما نفعله للجميع ليس لنا فقط، ،لأنه شيء للجميع، يجب ان يكون هناك تضحيات منا.
ثم نظر الى لوسيل، ففهمت هي مقصده، اعتقد ان لوسيل باتت متعلقة بمراد، تريد ان تكون معه وتتزوجه هو لا اخاه.
انصرف كلانا انا ولوسيل بعد ان ثرثرنا بأشياء تافهة لأن الأستاذ سليم قرر ان ندع الكلام عن المهمة ولنحظى بوقت دافئ معاً وهذا اكثر شيء احب فعله وهو ان أكون بينهما كأنهما افراد اسرتي الحقيقية، كأنه ابي وكأنها اختي، ليتنا كذلك، كان كل شيء سيكون رائعاً.
قررت ان أوصل لوسيل لمنزلها، اثناء مشينا في قلت لها: اشعر انه سيعاود الظهور.
سألتني: من؟
- مراد.
التفت الي لتقول بحماس: انه شخص طيب جداً عكس ما يُظهر، هو ربما تعرض لظروف صعبة فأصبح هكذا، ثم ان معظم ما نسمع عنه مجرد أكاذيب، انا مستاءة لغيابه، بشكل اخر اشعر انني قلقة.
توقفت لأقول لها: انا اصدقكِ.
توقفت هي ونظرت الي فأكملت انا: انا اصدق ما تشعرين به .. ان كان هو جيد او شرير .. او حتى انه يتألم .. لا أرى افضل دليل في الحياة غير قلوبنا لاسيما تجاه من نحب .. اشعر ان هناك رابط يُصبح بين القلوب .. بالإضافة لا يعني كون الشخص سيء مع الجميع عليه ان يكون سيء معكِ .. ربما انتِ مختلفة .. مميزة بطريقة اجبرته على ان يكون معكِ طيب.
تجمعت الدموع في عينيها لتقترب مني وتحتضنني قائلة: لو كان لي اخ لما كنت سأحبه بقدرك .. انت رائع.
تأبطت ذراعي لتقول: وجودك يجعلني اشعر ان هناك مستقبل .. بأن الحياة نظيفة .. ان هناك جيل سيكون عبقري يعرف ماذا يُريد.. انظر الى نفسك .. تصغرني بعشر سنوات لكن حكمتك تكبرني .. فخورة لأنك اخي.


                             سليم

ذهبت الى الجامعة مبكراً، لدي اعمال أقوم بها هناك كاستاذ، بسبب البرنامج الذي أصبحت اظهر فيه والمكتبة تراكمت علي اعمال الجامعة، عند وصولي للجامعة كانت فارغة فقط المزارعين وهم يسقون الحدائق والمنظفون، اتجهت الى مكتب الأساتذة عندما اقتربت وجدت الباب مفتوح، احدهم جاء مبكراً مثلي، دخلت للداخل فرأيت سارة تجلس امام الطاولة تصحح بعض الاوراق، مرتدية نظارتها الطبية الكبيرة وترفع شعرها باهمال، قلت برسمية: صباح الخير.
ابتسمت هي لتنهض من مكانها: صباح النور .. انا محظوظة اليوم لأنني اتيت مبكراً.
قلت بدون اهتمام وانا اجلس على مكتبي: حقاً! لم ؟
سارت لتقترب من مكتبي قائلة: لأنك في كل مرة تكون مشغولاً لدرجة انني لا استطيع ان اجلس معك .. انت حتى لم تعطيني عنوان منزلك ولا احد هنا يعرف اين تسكن.
رفعت رأسي لأنظر اليها لأسأل: لماذا؟ هل هناك شيء هام ترغبين بالحديث عنه معي؟
سألتني بقهر: لماذا تتصرف بهذه الطريقة .. كف عن هذا .. أصبحت شخصاً اخر.
ابتسمت لها: اصبتِ .. انا شخص اخر غير ذاك الذي عرفته من خمس عشرة عاماً .. تعايشي مع الامر .. اكملي حياتكِ وتوقفي عن الانتظار .. تنتظرين اموات!
نهضت من مكاني لأسير واقف اقابلها: نديم مات .
ضربت صدري: لم يمت .. ها هو يقف بشحمه ولحمه امامي.. لم يمت.
امسكت بذراعيها من معصميها لأجز على اسناني: انا اسمي سليم .. اياكِ ان تناديني بنديم.
سحبت ذراعيها من يدي لتقول بغضب: انت تعيش كذبة .. تعيش حياة شخص اخر .. سليم هو من مات وانت تعيش حياته بكذب .. استطعت ان تخدع الجميع لكن انا لا .. لن نكذب كذبة ونصدقها.
تنهدت لأحاول ان ابتسم وأقول: اردتِ ام لا لن تستفيدي شيئاً .. سأبقى انا سليم .. استمري في وهمك .. بانتظار شخص مات .. والاموات لا يشعرون .. لا يعودون للحياة .. تزوجي وابني عائلة وكفي عن ملاحقتي .. كفي عن الظهور في طريقي .. انتِ تقفين امام جثة.. شخص ميت لا مستقبل معي.
اقتربت لتضع يديها على ذقني: دعنا نترك كل شيء .. دع الانتقام .. دع الماضي ولننسى .. سأجعلك تنسى .. لنصنع منزل كمنزل العائلة في الماضي .. دعني أكون لك وطنك واهلك.
رمشت عدة مرات أحاول ان لا اتأثر بكلامها .. اعرف جيداً ان الاوان قد فات .. امسكت بيديها اريد انزالهما لكنني عاجز .. قالت برجاء: اعطني عنوانك .. لأزورك مساءً .. اصنع لك العشاء كما كنت افعل .. لنتحدث.
اومأت برأسي بالإيجاب لأكتب لها العنوان على ورقة .. منذ متى اتصرف انا هكذا دون التفكير؟



                             لوسيل

خرجت في الصباح من المبنى الذي اسكن به اقصد مكتبة سليم ومن بعدها سأذهب للجامعة، عند ناصية الشارع رأيت سيارة تشبه تلك السيارة التي تقلني اليه، ترجل حارسه الشخصي تزامناً مع رنين هاتفي اشرق وجهي واشرق العالم كله في ثانية واحدة، اجبته ببرود لا يشبه الربيع الذي بداخلي: اهلا.
قال هو ببرود مشابه: الحراس سيحضرونكِ لك.
- حسناً.
قلتها وانهيت المكالمة، سرت تجاه سيارتهم لأركب وانا العنه بداخلي، يختفي متى يشاء ويظهر متى ما شاء؟ شهر وهو لم يتصل بي حتى والان يظهر؟ ماذا يحسبني؟ بدأت انظم انفاسي واتوعده حتى اصل، لا يهمني امير او ملك سأضربه لأنه جعلني أسيرة افكاري.
توقفت السيارة ليُفتح الباب، كان نفس القصر الذي التقينا به في المرة الثانية، في النهار كان جميلاً جداً، الستائر تتطاير مع نسمات الهواء، عبرت خلالها لأدخل للداخل وكل خطوة اخطوها اضرب الأرض بقدمي، كان هو يجلس على الاريكة نهض عندما رآني، سرت تجاهه حتى اقتربت لأضرب صدره بقوة: انت حقير.
تألم ليضحك بهدوء: انا اسف.
ضربته مرة أخرى لكنها كانت اخف: اسف عن ماذا؟ عن اختفاءك؟ ام عودتك؟ ماذا سأفعل انا بكلمة اسف.
ثبتني من كتفي بيديه ليقول: كانت ظروف خارجة عن ارادتي.
قلت بغضب: مثل ماذا ؟ شهر .. انت حتى لم تتصل بي! لم تكن تملك دقيقة لتتصل وتخبرني انك بخير؟
سألني وهو يبتسم: هل ظننتِ انه حدث لي مكروه؟
اخفضت نظري للأسفل وانا اعقد حاجبي قائلة: لا اعلم.. شعرت بضيقة حينها .. بأن هناك شيء يحدث معك .. رفعت رأسي لأنظر اليه .. ولكنك بخير وها انت تضحك امامي.
قال: كنت في رحلة خارج البلاد .. الليلة الماضية عدت.
دفعته: كنت تمرح وانا قلقة.
تألم قليلاً فتوقفت لأنظر اليه: لماذا انت تتألم؟ لم المسك بقوة.
قال: اخبريني كيف حالكِ؟
قلت وانا انظر جيداً لوجهه.. الهلات السوداء تحيط عينيه .. فقد بعض كيلوغرامات ،، سألت: لم تكن تأكل؟
- اتبعت حمية غذائية.
قاطعته: انت تكذب .. اخبرني..
حاول ان يراوغ: المهم اجلسي لنتحدث .. احضرتكِ من اجل شيء اخر.
جلست بجانبه على نفس الاريكة فبدأ يقول وعينيه لا تنظران في عيني بل تدور في الارجاء: انتِ فتاة جيدة جداً جيدة بطريقة لا تستحقين ان تكوني بهذا العالم .. لا مع مروان او غيره .. انتِ انقى من ان تتورطي مع اشخاص مثلنا.
بقيت صامتة استمع اليه فأكمل: انتِ فتاة حالمة .. طفولية .. ذكية جداً .. تستحقين ان تعيشي بطريقة صحية .. بعفوية بلا تكلف ولا كذب.. مروان لا يناسبك .. ولا وجودنا معاً يناسبكِ..
قاطعته: لا يهمني اخاك .. لا يهمني ما تقوله .. انا اريد ان أكون معك الم تفهم؟
ابتسم بمرارة لينظر في عيني: لا يمكننا .. انا متزوج .. القانون لا يسمح بزواجنا لأنني متزوج .. ولا يسمح بطلاقي .. الذي يملك السلطات كلها من بينها السلطة التشريعية هو ابي .. وابي لم يسمح بالرغم من محاولاتي .. لم ترضى أي محكمة قبول الدعوة التي رفعتها للطلاق ..
سألته بصدمة: اردت ان تطلقها من قبل؟
قال وهو يبتسم: ثلاث مرات .. لذلك هي تعيش بمفردها وانا بمفردي.
بلعت ريقي لأسأله: هل هذا هو السبب الذي منعك عني شهر؟
حرك رأسه نافياً: لا .. المهم يجب ان
وضعت يدي على فمه: لا تقول كلمة يجب .. لا يجب شيء سوى ان أكون معك.
اعلم ان عقلي لم يكني مكانه حينها، وان من كان يُحركني هو قلبي فقط، قلبي الذي يريد احتضانه لا شيء اكثر في هذا العالم، ففعلت، اقتربت منه لأحتضنه، وضع رأسه على كتفي ابتسمت لأنه لأول مرة يستسلم ،، مسحت يداي ظهره فهمس هو: كنت احتاج لهذا.
همست له بالمقابل: كل شيء سيكون بخير.
كأن النجوم هي من تُحركنا وتدفعنا بقوة باتجاه بعضنا، بلا تخطيط منا لشئ او نوايا انسلت اجسادنا لتتقارب اكثر، قبل رقبتي فشعرت بلسعة كهربائية تسير في جسدي، يديه تتغلل شعري واصابعي كذلك تتخلل شعره، قبل وجهي كله، عيناي وامتص شفتاي بقوة، دفعني جسدي تجاهه اكثر لتحاوط ساقاي خصره، نهض وهو يحملني والحرارة في جسدي ترتفع اكثر فأكثر لأجدنا على سرير كبير يشبه الذي في القصص الخيالية،، ستائر شفافة تُحيط به من كل اتجاه ووسائد بيضاء كبيرة وثيرة عليه، خلع عني قميصي ليقبل صدري وبطني، بينما انا أأن بصوت يخرج مني لأول مرة، صوت أنفاسه العالية تُثيرني اكثر متناغمة مع صوت اناتي، رحم جسدي قليلاً ليبتعد ويبدأ بخلع قميصه، رأيت جسده الضخم عارياً لكنني نهضت قليلاً لأقترب تجاه الاثار الواضحة على صدره بخوف مددت اصابعي لألمسه وانا انظر اليه بفزع، لم يقل بل غمرني وهو يعتليني قبلني، يمتص لساني، اشعر بطعمه، بأنني بداخل روحه، جسده يغطيني، ينفيني بعيداً عن الواقع ويحملني معه لعالم اخر، بألم وقوة لكن الم لاذع حلو ولاذع في ان واحد، اشعر انني في دوامة، لا شيء سوى صوت صراخي واهاته في الغرفة، السرير يتحرك معنا يُساير حركة جسده، لا اعرف كم مر من الوقت ونحن نُكرر هذا، حتى سقطنا مُتعبين واضعاً رأسه الضخم على ذراعي ويدي تمسح ذقنه، كان يبتسم الي بينما انا مذهولة، بأنه قريب مني لهذه الدرجة، بأنه معي وبداخلي واثاره على كل انش في جسدي.

شنو رأيكم بالاحداث؟
وشنو توقعاتكم؟

عندما التقى نجمينا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن