لوسيل
لامست اصابعي تلك الخطوط الزرقاء على ظهره، خطوط كثيرة تتقاطع بعضها والوانها بين اللون الاحمر والازرق، بعضها حديث وبعضها قديمة، كان هو يجلس عند نهاية السرير يُدخن بصمت بينما انا خلفه، احتضنته من الخلف لتستقر ذراعي على صدره بينما جعلت رأسي يرسى على كتفه، وهل كل يوم نُقابل احد نرسو على كتفه لتتساقط منا همومنا؟ وهل نُقابل كل يوم شخص تجتمع فيه الرغبة والجموح والحب؟ همست متسائلة: متى ستُخبرني ما قصة هذه الاثار؟
وضع يده فوق يدي التي تستقر على صدره قائلاً: سأخبركِ .. ليس الان.. في يوم سأخبركِ بكل شيء .. سنتشارك كل الاسرار.
ابتسمت لأقول: اتفقنا اذاً .. في يوم سنبوح بكل اسرارنا.
التفت الي لتحاوط ذراعيه القويتان خصري، قبلت شفتيه بنعومة ثم ابتعدت لأبقى انظر اليه، بقي يمسك بخصري بيد فرفع يده الأخرى لتتلمس وجهي، ابهامه لامس وجهي بأكمله ثم استقر على شفتي السفلى ليقول: لا يُمكنني الاكتفاء منكِ.. اريدكِ بقوة.. بفجور.
لامس انفي انفه لأهمس: وانا ايضاً .. اريدك.
لامست يده القوية وجهي وكأنه يعتصر خدي فانهال علي يُقبلني بقوة، يلتهمني فأنن انا لكنني بكل حب امنحه حريتي، امنحه نفسي ليسجنني بين ذراعيه وبداخل جسده، اخذني في جولة أخرى تجاه النجوم حتى اصبحنا بينها، نأن، نتقاتل، نتسارع ثم ننتشي فنغيب عن العالم.
مذكرات نديم
كل شيء قد بدأ عندما تقدمت لخطبة سارة، عندما قررنا ان نُكمل حياتنا معاً، ذهبنا الى الجنوب جميعنا لنزور بيت عمي بشكل رسمي لأتقدم لخطبتها، رحبت عائلتها بنا ومنحونا تبريكاتهم، قررنا إقامة حفل الخطوبة هناك بين صديقاتها وعائلتها، جميع افراد اسرتي حضروا ايضاً وسليم لأنه اخي الاخر لا مجرد صديق، كان الحفل رائعاً، بسيط لكن يعمه الفرح وهذا ما كان يُغنينا حينها.
عادت معنا بعد الخطبة للعاصمة حيث سنُكمل إجراءات الزواج، قمنا بتقديم اوراقنا للموافقة ومن جهة أخرى استأجرت شقة لتكون وطناً لنا، كنت كل ليلة اعود من العمل وهي من الجامعة نخرج لنشتري قطع الأثاث، اخترنا كل قطعة بعناية كصديق لا مجرد جماد، قررنا ان نمنح كل قطعة الحب والامتنان لأنها ستسكن معنا، لأنها من ستشكل هويتنا في المكان، هذه هي سارة، حالمة، طفولية، تحب الحكايات لذلك تصنع من محيطها حكايات، حكاية الاريكة التي سنجلس عليها بعد زواجنا كل مساء، حكاية السرير الذي سيحتضننا كل ليلة، حكاية المطبخ الذي ستقضي وقتاً جيداً به وهي تصنع طعامنا بحب، جميعها حكايات ارادت سارة ان تقصها لها قطع اثاث منزلنا، لكن لم يحدث أي منها وظلت حكايتنا تُبكي كل من يستمع اليها.
بعد ان بقي طلبنا للزواج ست اشهر تحت المعالجة جاء الرد بالرفض وان نسبة التوافق بين برجينا ٤٥٪ وهي نسبة غير كافية لقبول طلب زواجنا، وان النسبة يجب ان تكون ٥٥٪ ليتم الموافقة، في اخر الصفحة كُتب ( وجب على المتقدم بطلب الزواج اختيار شريك ينتمي لبرج يتوافق معه .. هذا لبناء مجتمع متوافق ومنسجم مع بعضه )
حاول ابي حينها ان يتوسط لي لكن باءت محاولاته بالفشل، أتذكر سليم عندما قال: عندما اصبح منجماً مرموقاً ولدي مريدين سأقوم بطلب لتغيير هذا القانون، سأغير الكثير من القوانين.
حينها ربت على كتفه بحزن، كان اليأس قد بدأ يسكن قلبي الى ان اقترح زوجة اخي عامي فريدة انها ستفعل المستحيل لتحضر لي استثناء، فريدة كانت مديرة فرقة مسرحية، قالت لي حينها: الملك سيحضر في اليوم الوطني عرض فرقتنا، بعد ان تنتهي المسرحية سأحاول ان اتحدث معه واخبره بشأن قضيتك.
وهذا فعلاً ما حدث، حضر الملك المسرحية وبعد ان انتهت نزل جميع أعضاء الفرقة ليصافحهم جلالته، حينها تحدثت معه فريدة، وعدها انه سيرى الموضوع وانه سيبقى على تواصل، في تلك الليلة اقامت امي مأدبة عشاء على شرف فريدة لأنها نجحت، فتحنا ابوابنا للفرح ليزورنا، في يوم اثناء خروج فريدة ليلاً من المسرح خطفتها سيارة مجهولة، لكنها لم تُخطف من قبل عصابة بل قادتها تلك السيارة الى قصره الخاص لا الرسمي، حيث كان جلالته بانتظارها، ظنت هي انه سيتحدث معها بشأن طلبها، لكنه صدمها انه يريدها له، ابدى اعجابه بها، رفضت بأدب انها متزوجة طلب منها ان تطلب الطلاق من زوجها حتى يتزوجها هي، رفضت ايضاً ليتركها ترحل بهدوء، او هذا ما بدا.
لم تُخبر هي عامر بما حدث خشيت ان تُغضبه وانها قصة وانتهت، حتى تم اختطاف عامر بعد خروجه صباحاً من المنزل ليُساق الى مكان مجهول، كان رجاله هُناك، طلبوا منه ان يطلق زوجته بالتراضي ان لم يكن يريد ان يخسر كل شيء، رفض، لم يفعلوا شيء له حينها، هذه هي عادتهم، لا يتواجهون، يطعنون الناس في ظهورهم لا وانت تنظر في عينيهم.
بعد عودته باح لفريدة بكل شيء، فقررت هي حينها ان تخبره ليُصبح كل شيء واضحاً، وعدها انه سيتمسك بها، وفعلت هي الأخرى، كخطو؛ أولى تم فصله من وظيفته، بعدها تم فصل ابي، تلاها فصلي، كان ذلك دافعاً يجعلنا لا نرضخ، بل اصبحنا ندعم بعضنا البعض، حتى اختفى عامر ذات ليلة وبقينا نبحث عن لمدة أسبوع، بعد أسبوع تم استدعائنا لأحد المشافي بعد ان قمنا بالابلاغ عن اختفاءه والادلاء بمواصفاته، استدعونا للمشرحة، وجدوا جثة تنطبق عليها نفس المواصفات، دخلت فريدة للداخل لتتعرف عليها بينما بقي جمعينا ننتظر خروجها متمسكين بخيوط وهمية عل الجثة ليست جثته.
لكن صوت صراخ فريدة في الداخل اتانا بالخبر اليقين، اخرجوها الأطباء من الداخل وهي لا تكاد تقف على قدميها، قالت وهي تصرخ: لقد عذبوه، جسده مشوه، حبيبي تم تعذيبه الى ان مات، لقد وفى بوعده.
بدأت امي وجدتي تصرخان، بينما انا انطلقت اكذبهم، حتى جلست ارضاً، سليم وسارة كانا بجانبي، نهضت لأسير وانا اصرخ: لقد قتلوه، الملك قتله، تم تعذيبه.
رفضنا أي معالم للعزاء حتى يُرد حقنا، شاعت في الحي القصة، عُرفت انها قصة عامر المظلوم ووعده لزوجته، حتى في يوم قرر سليم اخذي الى مزرعة والدته تقع في ضحايا العاصمة، اصر هو وسارة على ذهابي، سُيرت رغماً عني، والدته كانت سيدة بشوشة، قوية ومُحبة، استقبلنا انا وسارة بكل حب، بينما عاد سليم ليُطمئن اسرتي عني وعن سارة، لكنه دخل منزلنا ولم يخرج منه ابداً، حينها تم تفجير المنزل ليموت الجميع بمن فيهم سليم الذي اُشتبه به انه انا، وان افراد العائلة قد اكتملت في الداخل.
عرفنا من خلال نشرة الاخبار التي ذاعت عن انفجار انبوبة غاز في احد المنازل وموت جميع افراد اسرته، لتصور الكاميرات المنزل والنيران تلتهم كل ذكرى وكل جسد بداخله، وقد حذرت المذيعة في اخر القائها للخبر بضرورة التأكد من عدم تسريب انانيب الغاز.شنو رأيكم بالاحداث؟
شنو تتوقعون؟