الفصل السادس

36 4 1
                                    

الفصل السادس  :
كانت نهلة تعيش في منطقة شعبية قريبة من منزلي ، وصلت بحسب الموعد بيني وبين نهلة ، طرقت الباب وانصت هنالك من يقترب ليفتح لي ، ثم انفتح الباب كانت نهلة :
مرحبا هشام جيد أنك لم تضع .
ضحكت  : العنوان سهل
تفضل  تفضل
وأفسحت لي المجال لأدخل وصاحت :
هالة ... هالة الأستاذ هشام وصل ... تفضل
شكرًا
ثم جاءت مراهقة جميلة ، كانت تشبه نهلة لكنها أجمل بملامح طفولية بريئة جلست بالقرب من أمها وشعرت بتوترها وقلقها هذه فتاة خجولة لم تحظى بتجارب مع الجنس الآخر حاولت فتح حديث معها علي أبدد توترها قلت مبتسمًا:
هالة صحيحنهلة ؟
نعم
هل أستطيع مناداتها هالة ولا مانع لو نادتني هشام فقط
كما تحب بني لتأخذ راحتك البيت بيتك ... ما رأيك بفنجان قهوة
نعم لو سمحت  ... هالة هل تشربين القهوة معي ؟
هالة بصوت منخفض : نعم ربما !
تقول نهلة ممازحة ابنتها : ربما تفضل الكولا
هالة باستنكار وضيق : أمي سأحتسي القهوة مثلكما
ضحكت ضحكة صغيرة والتفت نحو هالة بعد مغادرة نهلة الغرفة وقلت :
بماذا أنت ضعيفة أقصد الرياضيات .
ضعيفة به أنا لا أحبه فحسب الأرقام تشعرني بالغثيان
ابتسمت لها : حقا سأخبرك سرًا أنا كذلك لا أحبها
فتحت هالة عينيها بدهشة وابتسمت : ولما تدرسه ؟
سؤال منطقي قصة طويلة هل أقصها عليك ؟
وزاد بريق عيناها حماسًا : نعم أحكيها أنا أحب سماع الحكايات
طيب ... لدي صديق منذ أيام الطفولة اسمه كريم عندما صرنا بالشهادة الثانوية والد كريم أصر على دخوله كلية التجارة كي يساعده بعمله ، ولم أشأ الابتعاد عن كريم فاضطررت للحاق به خصوصًا أنني لم أقرر ما أدرس بعد ، في السنة الأولى كانت ثقيلة ومرهقة خصوصًا أنني لست مغرم بالرياضيات ...
تدخل نهلة ومعها القهوة وتقول معقبة :
لكنك تنجح وبتفوق .
‏الحمد لله ...
واليوم مازلت لا تحبها؟
ليس تمامًا لكنني اعتدتها كيف يعتاد الأعمى الظلمة والمريض يتأقلم مع المرض هكذا ... هالة الحياة ليست كريمة للدرجة اللتي تمنحنا كل شيء ... جيد أن نختار ولكنالأفضل أن نحسن اختياراتنا
صحيح بني صحيح تفضل قهوتك بردت
شكرًا
قضيت وقتًا ممتعًا في منزل نهلة وسعدت بنظرات هالة الشغوفة بكل شيء يالها من طفلة بريئة .
في الأيام التالية وزعت أوقاتي ما بين العمل مع سعيد ودورة الطبخ وجولاتي مع كريم وزياراتي لمنزل نهلة .
كان المساء حارا عندما حضر كريم واصطحبني مع رهف لدرس الطبخ ، كانت أسعد لحظاتي في ذلك المكان ، كنت أمارس ما أرتاح له مع من أرتاح إليه ، عندما قاطعني صوتها الساحر :
هشام هلا ساعدتني
ابتسمت لها كانت تحاول تقطيع ثمرة جوز الهند ، كنا نحضر أحد الأطباق الشعبية في الهند تناولت منها السكين وقطعتها لها ابتسمت بامتنان ، ما هذا الشعور اللذي ينتابني ؟ رغبة عارمة بالقرب منها وحاجة جارفة بالابتعاد عنها .
كلما ضبطت رغباتي  وحصنت نفسي وسيطرت على مشاعري ، تجد حصوني تنهار أمامها بابتسامة عذبة أو نظرة حانية ، لست أدري هل انجذابي لرهف خيانة لكريم ؟ هل كتمي لمشاعري خيانة لصديقي ، هل مجرد استمتاعي برفقتها فيه إساءة لعلاقتنا الوثيقة ، وقطع أفكاري رنين هاتفي كان كريم:
نعم كريم هي في الحمام ... نعم انتهينا ... الآن  ... سوف أتخلف عنكما ... لا أشعر ببعض التعب ... نعم ربما بيوم آخر ....وداعًا .
أغلقت الاتصال وجمعت حاجياتي وانتظرت رهف حتى انتهت أوصلتها لسيارة كريم وودعتهما وفضلت السير بمفردي للمتجر .احتجت للخلوة مع أفكاري 
ولما وصلت كان سعيد منشغل مع بعض الزبائن ، وحينما انتهى منهم كنت شاردًا بأفكاري لقد انتبهت له كان يرمقني بتلك النظرة الثاقبة ثم ابتسم لي بحنان وهمس :
ماذا تخفي عني يا هشام ؟
فاجأني سؤاله فقلت بارتباك :
لا أخفي شيئا
نظر لي تلك النظرة المعاتبة : متأكد
اشحت بوجهي عن عينيه : نعم
كنت واثق أنه يعرف أنني أكذب ثم قال بهدوء :
عندما تمتلك الشجاعة الكافية لتتحدث ، لتكن رجل وتواجه الأخطاء بدلًا من تجاهلها ؛ هشام انا أشعر بخطب يحيطك لكنك لا تثق بي ربما تراني صرت عجوز لكن قلب الوالد يحدثني أنك متألم .
وهنا انهارت أعصابي جلست على مقعد قريب وغطيت وجهي بكفي كنت أحتاج للحديث والفضفضة لكن شعور مخجل يفضل التستر بداخلي ، جلس بالقرب مني ونظر لي باشفاق ؛ وقررت الحديث لا مجال للانكار :
لا أعرف لو كنت ستفهمني انا نفسي صرت لا أفهمني !.
هات ما عندك بني ربما لن أتمكن من المساعدة لكنك ستخفف هذا الحمل الثقيل عنك .ع
كريم تعرف على شابة وقد تحابا ، في البداية كنت سعيدًا بذلك ثم تحمست كلما تحدث عنها شعرت برغبة في لقائها ، لا أعرف السبب الحقيقي لكنني تهت عندما قابلتها شعرت أنني أعرفها منذ وقت طويل ، صرت مدمن على رؤيتها ، بت لا أفوت فرصة للحديث معها والنظر في عينيها ، صرت أتحاشى البقاء معهما أخشى أن ينظر إلي كريم فيراها في عيني .
نظرت بطرف عيني لسعيد اللذي تجنب النظر في وجهي سألته بانكسار وخزي :
يبدو أني خيبت ظنك بي ، هل انا خائن ؟؟
صمت للحظات مفكرًا مرت علي كدهر تنهد.ونظر نحوي وقال :
تجنبها
كيف ؟
لا تسمح لمشاعرك أن تكبر ، عندما سيظهر حبك لتلك الفتاة حبيبة أعز أصدقائك ستخسر الكثير ، ستخسر ثقة كريم  ومحبتها والأهم من هذا وذاك ستخسر احترامك لنفسك ، صدقني لن تكسب شيء من هذا الحب .
حب ... حب هذا هو الحب
أنت ماتزال شابًا حاول الابتعاذ عنها وستجد من هي خير. منها ، لكنك لن تجد صديقًا حقيقيًا مثل كريم
رن هاتفي وتساءل سعيد من يتصل بي :
نعم رهف  ... أفضل شكرًا... نعم ... ربما ... تصبحين على خير .
ظلت كلمات عمي سعيد تتردد في ذهني ، كنت أتذكر حديث كريم المستمر عن رهف ، هو حقًا متعلق بها هو يحبها بجنون ، كيف سأبرر موقفي أمام كريم ؟ كيف سأدافع  عن نفسي أمامه ، كيف سأواجهه ؟ .ظلت هذه الأفكار تتصارع في داخلي طوال الليل  .
دخل سعيد على غرفة نومي :
صباح الخير أمازلت نائم ؟
لم يغمض لي جفن
لا عليك هشام أزمة وستمر ... هشام لتشغل نفسك عنها طالما أنك وحدك ستبقى تشغل عقلك .
معك حق سأحاول النوم وإذا لم أستطع النوم سألحق بك للمتجر .
جيد .
استدار كي يغادر الغرفة عندما رن هاتفي فتمهل كي ينصت مع من أتحدث فرددت :
أهلا كريم ... لابئس لكنني لن أستطع النوم ليلة أمس ... لا ربما هغدًا... حقًا ممتاز ...
ثم انصرف سعيد بعد أن اطمأن علي ، ثم بقيت أحادث كريم لبعض الوقت ثم خلدت للنوم .
لقد قررت الابتعاد عن رهف قدر الإمكان ، فكرة خسارتي لصديق عمري تبدو مخيفة بالنسبة لي .
حتى في دروس الطبخ كنت اتجنبها كلما اندفعت للحديث معها تراجعت وتذكرت صديقي ؛ تجاهلي لها كان يؤلمني لكنني لم أجد خيرًا من ذلك ، حتى رهف انتبهت لتغيري معها .
ارسلت رهف لي رسالة لي مساء الخير هشام
ترددت بالكتابة لها لكنني حسمت أمري وتابعت المحادثة
أهلًا رهف هل من مشكل ما ؟
لا ولكن
ولكن ماذا ؟
هل أسأت لك بشيء ؟
لا
إذاً لماذا تغيرت ؟
لا أبدًا
لم تعد تحدثني لم تعد تكلمني كما كنت سابقًا ...
لم أعرف ما أقول فتابعت هي الكتابة
ربما أكون قد ارتكبت خطأ ما ولم انتبه
لا أبدأ
إذاً ما اللذي غيرك نحوي
لا شيء كل ما في الأمر أنني انشغلت قليلا ...
خشيت أنك تتجاهلني
لا
هشام أنت تغيرت
ربما لا تهتمي كثيرا فقط انتبهي لكريم إنه حقًا يحبك
وماذا عنك ؟
تصبحين على خير...
خرجت من المحادثة وقلبي يرتجف بين ضلوعي ، إلاما تلمح إلى أين تريد الوصول .
يتبع ...

صراع المشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن