*لن أنسى*

189 21 27
                                    


(ملاحظة: هذه قصة قصيرة، تتكون من بارت واحد فقط.)
.
.
.
قراءة ممتعة💞🌹

              *************

لن أنسى ذلك اليوم ما حييت، 15\5\1948، كان يوماً كئيباً على مدن وقرى فلسطين، كنت عندها في العاشرة من عمري، كنت أجلس مع جدي ووالديّ وإخوتي في منزلنا البسيط المجاور للبحر، كان جدي يروي لنا قصصاً وحكايات مسلية، كنا سعداء جداً... إلى ان سمعنا صوت اطلاق نار وصوت صراخ الجيران، وكل من في القرية، تملكنا الخوف فجأة، نهض أبي لاستطلاع الأمر وقال لنا أن نختبئ في أماكن آمنة في المنزل، لكن كيف لنا أن نختبئ والعدو لا يبقي أثراً لشخص على قيد الحياة، فتح ابي الباب فاستقرت رصاصة في رأسه أردته شهيداً، فوقع على الأرض غارقاً في دماءه،جفلت.... وخفت كثيراً، بدأت دموعي تنهمر من عيني، لقد فقدت أبي....لقد فقدته، لن أراه مجدداً لن نجلس معاً لنتحدث ونضحك ونلعب، سمعنا صوت الجنود يتقدمون نحو منزلنا، ذهب اخوتي وجدي وأمي الى غرفة أخرى، لم استطع اللحاق بهم، لذا اختبأت في الخزانة، وبدأت ادعوا الله الا يجدوني وأن يحفظ لي عائلتي، لقد كان القدر أن يجدوا عائلتي ولا يجدوني، سمعت صوت اطلاق النار وصراخ أمي على اخوتي حين ما قام الجنود برشقهم بالرصاص، دون أن تعلم ان دورها هي وجدي بعدهم، مع كل صوت رصاصة كنت اسمعها كان الزمن يتوقف ودموعي تنهمر على وجهي أكثر فأكثر، وكان قلبي ينبض بسرعة كأنه يسابق الريح ونَفَسي كذلك، لكني كبحت بكائي وصوت تنفسي كي لا يسمع الجنود شيئاً ويكشف أمري، قُتِلت عائلتي كلها، لم يبقَ لي أحد منهم، ذكرياتي في ذلك اليوم تقتلني، أكاد أموت من القهر والحزن، رحلوا الجنود من المنزل ظانّين أنهم قتلوا كل من فيه، خرجت بعد فترة من الخزانة ورأيت امي وجدي واخوتي في تلك الغرفة غارقين في دمائهم، لقد دمرت وتحطمت، أحسست أن قلبي توقف عن النبض، لو أنهم قتلوني لكان أهون عليّ من ان ارى عائلتي كلها مقتولة أمامي، لكن هكذا أراد الله لهم، أراد لهم *الشهادة*، مشيت اليهم ودموعي تنساب على وجهي بغزارة وهدوء، وضعت يدي برفق على عيني جدي وأغمضتها له، تذكرت والدي، فاتجهت له بعد ان قَبلتهم قُبلة أسميتها قُبلة الوداع، كان والدي غارقاً في دماءه، كان منظره مؤلماً لي بحق، جثوت على ركبتي بجانب رأسه ودموعي تأبى أن تتوقف، نظرت لوجهه بتمعن، غير مصدق لما حدث، أدركت ان هذه هي الحقيقة.. وأن هدف الاحتلال ليس فقط ان يقتلوا الشخص ويميتوه، بل وأن يقتلوه وهو على قيد الحياة أيضاً، قبلت وجه والدي بلطف، عندها سمعت صوتاً يناديني، نظرت الى الخارج فكان احدى شباب جيراننا، سألني عن عائلتي، لم أجبه بل بقيت صامتاً وعلامات الحزن على وجهي، فعلم انهم قتلوا، نظر الي بشفقة وقال لي ان أذهب معه الى مكان أكثر اماناً، لكني لم ارد ان ارحل عن عائلتي حتى ولو كانت ميتة، ولا حتى ان ارحل عن هذه القرية، فذكريات طفولتي فيها، لكن الشاب أصر ان يأخذني معه، وقال لي أنه من الخطر أن أبقى وحدي هنا، فجميع من نجوا من هذه المأساة سيرحلون عن القرية، ذهبت معه وأنا انظر خلفي، الى منزلي......عائلتي، الى ذكرياتي الجميلة مع اخوتي لم يدرك الاحتلال انه قتلني الف مرة مع صوت كل رصاصة تخرج من افواه بنادقهم وتقتل كل من امامها، وعندما قتل عائلتي كلها ولم يبقي لي أحد منهم معي، ذهبت معهم الى احدى مخيمات اللاجئين، كنت ابكي عندما ارى ان الناس الذين اعيش معهم ليسوا بأهلي او اخوتي، بقيت جالساً وحدي لا ألوي على أحد ولا يلوي عليّ أحد، الى أن تعايشت مع الامر وأدركت ان حزني هذا لن ينفعني، ولن يعيد لي أهلي او منزلي او اي احد قتل ذاك اليوم، لكن منظر أشلاء وجثث سكان القرية ودمائهم لم ولن يرحل عن ذاكرتي أبداً، كيف لأحد ان ينساه أصلاً؟!، لكن ليعلم الاحتلال انه مَهْمَا طَالَتِ السِّنِينُ، وَمَهْمَا فَعَلَ الاحْتِلَالُ بِفِلَسْطِينُ، فَإِنَّهُ إِلَى زَوَالٍ إِنْ شَاءَ اللهُ.

************
رأيكم ؟
هل كانت القصة مؤثرة ؟؟
أعلم انه لا يوجد لدي متابعين كثر لكن اريد مساعدتكم ما زال لدي الكثير من الكتابات المختلفة، وقريباً ان شاء الله سأقوم بنشر رواية بعنوان *سر عصابة* أريد مساعدتكم ودعمكم لجمع أكبر عدد من القراء وشكراً،،،
اتمنى ان تشاركوا حسابي وقصتي لأكبر عدد من اصدقائكم وسأكون شاكرة لكم مدى الحياة...

🎉 لقد انتهيت من قراءة قصة عن النكبة 🎉
قصة عن النكبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن