"الوعد"

1.2K 39 2
                                    

•كان يضع رأسه على وسادته بكل ثقل، و بجانبه طاولة مليئة بالأوراق المبعثرة و القليل من المخدرات... فتح عينيه ببطئ شديد ثم أقفلهما مرة أخرى... و هو يتذكر جميع لحظاته معها، تلك التي رسمت على شفتيه ابتسامة رقيقة... تلك التي كانت مؤنسته في ذلك القصر الكئيب... تلك التي كانت كل شيء بالنسبة له... تلك التي كانت محبوبته...

•كل هذه الآن مجرد ذكريات قبل عام من الآن

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

•كل هذه الآن مجرد ذكريات قبل عام من الآن... فهي الآن قد انتقلت للعالم الآخر و ظلت صورتها تتناقل بين ذكرياته في كل لحظة... يتنهد مرارا و تكرارا و لولا وعده لها لكان الآن جثة هامدة منذ وقت طويل...
•لنعد الآن إلى ما قبل عامين من هذه الحادثة... "فيوليت ديلايت"، و التي كانت فتاة عادية مثل أي فتاة في سنها... لا، مهلا... لم تكن فتاة عادية... لقد كانت ذات حظ سيء... فتاة لطيفة و طيبة... ذات شعر حريري، مع ذلك اللون البني الفاتح، و الذي يعطي مظهرا جميلا عليها... عينين يملأهما السواد... لدرجة أن بؤبؤ عينها يحتوي ظلمة الليل حين غياب القمر... شفتاها جذابتان تملكان لونا ورديا داكنا مائلا للون القرمزي... كانت هذه معالم وجهها الظاهرة للعلن... لأنها، و بحادثة، أصبحت تخفي وجهها بقناع أبيض اللون، لأنها تعرضت لحرق شوه وجهها في حادثة ما...

 لأنها، و بحادثة، أصبحت تخفي وجهها بقناع أبيض اللون، لأنها تعرضت لحرق شوه وجهها في حادثة ما

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

حسنا، للختام، كانت تخفي نصف وجهها العلوي تاركة لون شفتيها القرمزي ظاهرا... و هذا ما كان يميز جمالها عن جميع الآنسات الأخريات...
•ولدت هذه الآنسة الملقبة ب"ذات القناع الأبيض" وسط مجتمع طبقي ظالم... وسط عائلة متفرقة لم تشعر بالحب و لو لمرة... كانت هذه العائلة للدوق "ديلايت" الذي كان يفرغ شهواته في جميع النساء اللواتي يزرنه... و قد كان له ما يقارب خمسة عشر ابنا دون أن يعرف حتى أسمائهم... لكن بسبب أن فيوليت ابنته الشرعية من زوجته الأولى المتوفاة... ظلت معه في قصره، و لم تكن تفارقه إلا في المناسبات المهمة... لأنها كانت "تهاب المجتمع الناقد"...
•و في يوم، طلب إمبراطور تلك الإمبراطورية خادمة لابنه الذي كان منعزلا في أحد القصور... و قد عرض جائزة مالية للدوق مقابل إهداء ابنته فيوليت كخادمة لابنه... و بكل سرور، وافق ذلك الخبيث على الأمر دون تفكير، و أرسل ابنته لمصيرها المجهول دون رحمة و لا شفقة منه... نحو شخص غامض، قد يكون يعاني من خلل نفسي... لم يكن يهتم حتى برأيها لذا أرسلها بعدما جمعت حاجياتها، و انطلقت إلى القصر...
•{العائلة المالكة، هاروتشيو...} تلك التي حكمها إمبراطور ظالم، كان يعامل النساء مثل دمى ليفرغ شهواته فيهن... و من بين هذه النساء... خادمة ضعيفة كانت قد حملت في بطنها بطفل جميل... و قد أصبح ذلك الطفل وريثا غير شرعي بموافقة الإمبراطور... لكن بعد وفاة أمه الخادمة، نفي إلى أحد القصور المهجورة الكئيبة، لكي يكمل حياته دون التدخل بحكم إخوته الثلاثة، الذين كانوا عكسه يملكون وراثة شرعية للحكم... "هاروتشيو مانجيرو" "هاروتشيو ران" "هاروتشيو ريندو"... لوصف هذا المسكين بدقة، فهو رجل طويل ورث طول قامته من والده الإمبراطور، شعر وردي غامق متوسط مائل للون الأحمر... مع عينين بلون المحيط الأزرق العميق... اللتان تشكلان بحرا واسعا داخل عينيه حاملا معه فجوة عميقة بآلام كثيرة... و قد أهدته والدته اسما اعتز به منذ وفاتها..."سانزو"...
 •على صوت قطرات الماء التي تتدفق من الصنبور المتواجد بالمطبخ، دخلت "فيوليت" القصر الذي يوجد به ذلك الرجل من أجل خدمته... تنهدت ثم وضعت حقيبتها الثقيلة على الأرض... أمعنت النظر حولها... -إنه قصر كبير-... هذا ما قالته بينما كانت تمسح الغبار على أحد الصور المعلقة على الحائط...
قصر واسع ذو أسطح داكنة مع إشاعات عن وجود أشباح تسكنه... هو أمثل منزل للطفل الغير شرعي "سانزو هاروتشيو"... ففي الأساس، يعتبره شعب الإمبراطورية شبحا مات منذ زمن بعيد... لمحت "فيوليت" غرفة كبيرة عن الأخريات متواجدة بآخر الرواق في الطابق الأول، أثارها الفضول ثم ذهبت راكضة لتلك الغرفة... لتجد آلة موسيقية كبيرة ذات لون بني... مع أوتار رقيقة وسطها... إنها آلة "الكمان"...
فور رؤيتها لتلك الآلة، ظهرت ملامح السعادة تحت وجهها المقنع ذاك، لتتقدم و تجلس فوق أحد الكراسي القديمة و بيدها آلة الكمان... ثم بدأت بالعزف بكل رقة، محركة أصابعها الرقيقة على تلك الأوتار... منتجة بذلك لحنا هادئا...
من جهة أخرى... كان "سانزو" قد نهض من سريره بعد صراع مع نفسه و التفكير في أشياء بلا جدوى... ظل يتنقل بين الرواق لأنه سمع حركة غريبة في البيت... ظل يترنح يمينا و شمالا، و رؤيته الضبابية تلك قد جعلته يتوقف قليلا ليستوعب الأمر... و ذلك نتيجة لتناوله للمخدرات بلا توقف... بينما كان ينزل ببطء شديد على الدرج... توارى لمسامعه لحن هادئ...و لوهلة، اختفى ذلك الشبح الذي كان في رأسه حاملا معه كل تلك الذكريات المثقلة بالآلام ليترك عقله صافيا للحظة... لكن اختفى ذلك الشعور فور انقطاعه...
"ما الذي سيحدث لفايوليت التي لا تعلم شيئا عن قدرها؟..."
~Sano Crista~

|هوس سانزو...|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن