•انزعج جدا ثم توجه بخطى سريعة للقاعة... حيث وجد "فيوليت" قد وضعت الكمان على الأرض و على وشك النهوض... "لم توقفت؟"... قالها بغضب شديد و ملامح التعب ظاهرة على وجهه...
رجل بقامة طويلة... شعر مبعثر طويل، و وجه مليء بهالات سوداء اللون... آلام تظهر على ملامحه كما أن جسده كان هزيلا مثل الطفل... نظرت إليه"فيوليت" بعينيها السوداوتين... مع نظرة شفقة على حاله... لتجيب قائلة..."لقد انتهى اللحن"...
فتاة ذات قناع أبيض يخفي وجهها... مع شعر حريري طويل... صوت رقيق و شفتين قرمزيتين... هل هي شبح؟... شبح ظهر ليأخذني من هنا؟... وضع يده على رأسه قائلا -من أنت؟ ماذا تفعلين هنا؟-...
-فيوليت ديلايت، لقد أتيت للعمل كخادمة لك سموك-
-سموك؟ لم ينادني أحد منذ فترة بهذا الاسم... على كل... اخرجي من الباب الذي دخلت منه...-
-لا أستطيع ذلك، أنا مجرد خادمة تنفذ أوامر سيدها-
تنهد ثم توجه نحوها، أمسك بطرف من شعرها ثم صرخ قائلا...! -خادمة أم لا، أخبرتك أن تخرجي!...-
ظلت تنظر إليه بعينين فاقدتين للأمل، أبعدت يده ثم تراجعت للوراء... -هل أعجبك اللحن؟-...تشكلت ملامحه الباردة على وجهه مرة أخرى... ليردف قائلا... - هل تستطيعين عزفه مرة أخرى؟-...
نظرت حولها، ثم جلست مرة أخرى على الكرسي... لتتوارى في أذنه تلك ألحان معبرة و هادئة... كانت نقية تماما مثل فيوليت... أغمض عينيه ثم استسلم للأمر الواقع... يجب عليه إبقاؤها بجانبه لكي تسمعه مثل هذه الألحان... ابتعد قليلا عنها ثم اختفى بين ناظريها عندما صعد لغرفته بالطابق الثاني... متتبعة صوت خطواته وصلت لمكان غرفته... عندما فتحتها... رائحة كريهة تنبعث منها كرائحة الأموات... طاولة مليئة بأنواع المخدرات متبعثرة في أركانها... سرير أبيض أصبح أسودا بسبب إهمال تنظيفه... الكثير من الصور المقطوعة التي تحمل امرأة جميلة مرمية في أنحاء الغرفة... كانت مثل غرفة
الأموات...
و من بعيد... كان ذلك الرجل الهزيل مرميا على سريره بكل تعب... مد يده نحوها لتقترب إليه... رفضت الدخول لأن الأمر مستحيل بالنسبة لها... و أنه هو الذي يجب عليه الخروج من هذه المقبرة قبل أن يصبح مجنونا...
نظر إليها ثم أدار وجهه للجهة الأخرى... ظل كذلك ثم تمتم ببعض الكلمات التي وصلت لمسامع "فيوليت"..."ما رأيك إذا أن أقوم بلوي عنقك بخفة حتى تلفظي آخر أنفاسك؟"...
ارتعبت من كلامه ثم تراجعت للوراء قليلا... انسحبت من المكان و هي تعلم أنه شخص خطير بإمكانه قتلها دون أن يرمش له جفن... ثم دخلت لإحدى الغرف من أجل مكوثها لأن الوقت قد تأخر... وضعت رأسها على الوسادة... ظلت تنظر للسقف و هي شاردة الذهن...
"ما الذي فعلته حتى يتم نقلي لهنا كخادمة؟... لم علي التحمل كل هذا؟... لم أنا بالضبط؟..."
تشكلت القليل من الدموع على عينيها حتى أصبحت رؤيتها ضبابية... لكنها قامت بمسحهما بسرعة قبل أن يغلب شعور الحزن عليها... ثم أغمضت عينيها لتترك نفسها تغرق في بحر من الفراغ...
إنها الساعة الثالثة صباحا... استيقظ "سانزو" من نومه مشوشا... أخذ حفنة من مخدراته ليبتلعها مباشرة... ثم عاد ليضع رأسه تلك فوق سريره... لقد ترك نفسه تضيع مرة أخرى... لا يعلم للآن لم قد ولد في مثل هذا العالم؟... كونه ولد عن طريق الخطأ... و كونه في عائلة مستهترة... سؤال كان يراوده منذ ولادته... تنهد قليلا... ليتذكر تلك الفتاة ذات القناع التي أتت لقصره...
"ربما ذهبت صحيح؟... لقد فرت هاربة بعد سماعها لكلامي بالطبع..."أطلق ضحكة هستيرية ثم نهض من فراشه، تسلل بين حجرات القصر الرئيسية... ليجد فجأة "فيوليت" نائمة على أحد الأسرة... "أما زالت هنا؟"... تقدم نحوها بخطى سريعة ثم ألقى نظرة على ملامحها المخفية... "إنها فاتنة"... رددها ببطء حتى لا تستفيق من نومها... مد يده بخفاء ثم وضعها فوق عنقها مباشرة... أمعن النظر في رموشها الطويلة تلك... ثم أوشك أن يخنقها... لتفتح عينيها فجأة مما جعله يسحب يده بعيدا... ظلت تنظر إليه
و قد أدركت حينها أن موتها كاد أن يكون على يديه...نهضت مسرعة من سريرها ثم وقفت أمامه بعينين غاضبتين... لم تتكلم ثم غادرت المكان فورا و تركته ينظر إليها بفضول... كانت ترتعش بعيدا عنه بعدما علمت أنه كاد يقتلها... انتصبت عيناها نحو أحد الغرف البعيدة... ركضت إليها ثم أقفلت بابها بإحكام كي لا يدخل عليها من كثرة خوفها... و ظلت وراء الباب خائفة لا تدري ماذا تفعل... لكن بعد تأكدها أن الباب مقفل و لن يستطيع الدخول... ارتاحت ثم أغمضت عيناها لكي تنام قليلا...
*يتبع*...
Sano Crista~