خِيمْيائِي برُوكْسِل

533 56 93
                                    

وَصَلَ القِطارُ إلى بروكسِل العاصِمة و نَزَلَ مِنْ عِندِها موشيه و دانيال و كانا يحملان حقائبَ صغيرة فَهُما لَمْ يأخُذا الكثيرَ من الحاجِيّاتِ مَعَهُم و كانَ الجَوُّ بارِداً جِدَّاً ، ذلك البَردُ الذي لَمْ يَعتَدْ عليهِ دانيال . لَقدْ كَانَ قَدْ تَّحسَّنَ مَزاجَهُ و لكنَّ موشيه كانَ يَشْعُرُ بأنَّهُ لَيسَ الدانيال الذي إعتَادَ عليه ؛ فلقَدْ كانَ كثيرَالسَّرحان و التَّشَتُّتْ .

موشيه مُخاطِباً دانيال : هاه ؟ ما رأيُك ؟

دانيال مُبْتَسِماً : الطَّريقُ إلى هُنا كأنَّهُ الطريقُ إلى الجنّة .

موشيه مُبادِلاً إيّاه الإبتسامة : ألم أُخبِركَ سَلَفاً بِهذا ..

و هَمَّ الإثنانِ يمشيان نحو الخارج و هُمْ يَتَفَرَّجونَ معالِمَ المدينة التي كانت تأسِرُ القُلوب حتّى خاطبَ دانيال موشيه : دعنا نَبِتُ الليلةَ في الشّارِعِ أرجوك !
و قد رجاهُ بتعابير بريئة فإستغرَبَ موشيه و قال : لا تقلق فأنا سوف أتكفل بأجرة النُزل الذي سوف نبيتُ فيه .

فقال دانيال : ليس بشأنِ المال و لكن أوَدّ أنْ أجَرّبَ هذا الشُّعورَ حَقَّاً

موشيه : أنْ تَبِيتَ في الشارع ؟

دانيال : نعم !

هَمْهَمَ موشيه : حسناً و لكن لِنَستَغِلَ أموالنا و نَحجز غرفةً صغيرةً في نُزُلٍ رخيص لأننا سوفَ نَبيتُ في الشارع أيّها المجنون .

فَرِحَ دانيال كثيراً و بانَ بَريقُ عينيه ، لَمْ يَكْتَرِثْ موشيه لِغرابةِ طَلَبِ دانيال و لكنَّهُ قَدْ أحَبَّ إسعادَهُ فَهوَ لَمْ يَرَهُ بِهذهِ السَّعادَةِ مِنْ قَبل .

تَوَجَّه الإثنانِ إلى نُزُلٍ قَديمٍ جِدّاً كانَ أشبَهَ بالآثارِ مِنَ القُرونِ الوُسطى ، إنبهرا بجمالِهِ و عِندَما كَلَّمَ موشيه الرَّجل الذي كانَ في الإستعلامات أجابه بأنَّهُ صاحِبَ النُّزل و قد كان ثَمَن الليلةِ الواحِدةِ فيه قليلٌ جِدّاً لا يتجاوَزِ السِّتَةِ يورو للَّيلةِ الواحِدة فقال دانيال مُستغرباً : هل هذهِ كاميرةٌ خفيّة أم أنّهُ يَمزَح ؟

فأجابَهُ موشيه : ليسَ الإثنين ؛ و لكنّ هذهِ المكانات اللطيفة أصبَحَتْ لا تَروقُ للناس الذين يُعاصرون التطور السريع و يعيشون فيه .

دانيال مُهَمْهِماً : عديموا ذوق .

دخلا إلى الغُرفَةِ الصغيرة بطابِعِها الأوروبيّ القَدِيمِ كأنّ الزَّمَنَ قَد تَّوَقَفَ فيها قَبل ١٥٠ سنة .

أومأ دانيال : موشيه

فأجابَهُ الآخر : نَعمْ

دانيال : لَقَد إستثنيتُ عَنْ قراري ، دعنا نرتح هُنا .

تَقَدَمَّ موشيه نحو دانيال و إستلقى على السرير

موشيه : مُتَعَبٌ حَقَّاً

موشيه بن بنيامين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن