.............
بالتفكير في الأمر ، اتضح لي أنني كما أنا لم أتعب من أجل نفسي و لم أسعى لإرضاء أحد ، كل شيء مضى و بات ماضٍ و غدا ، لا أتذكر لحظة شعرت فيها بالشغف ، كل وقتي قضيته في اللهو و اللعب ، لم أجعل لنفسي وقتاً لتحقيق ذاتي أو حتى مراجعة يومي ، هذا تأنيب.. أظن هذا ، ربما بات الأمر سوياً مع التجاهل و الاستسلام ، و أنا حقاً لا أهتم إن كان هذا يؤذيني أم لا ؛ لأنني و بشكلٍ ما ليس لدي أي هدف في هذي الحياة ، فهمي الأخير معرفة كم ملعقة ملح في هذا الحساء..
أنا حقاً لا أفهم لما يجب علينا امتلاك أهداف و أشخاص نسعى من أجلهم ، نجتهد و نضحي لكي لا نخسر منهم أحد..
○
○
○
○
- ماذا إذا نمت و لم أستيقظ ؟!
* في الحقيقة لن يشعر بغيابي أحد .
- ماذا إذا غابت الشمس مع غيابي ؟!
* هه ، هنا سيقلب العالم رأساً على عقب ، و سينتشر خبر ( اقتربت نهاية العالم ) ، من المؤسف حقاً أن الشمس ليست مرتبطة بي و لا حتى القمر .
- ماذا إذا قتلت والداي و إخوتي ، و رميت جثثهم في البحر بلا أثر ؟!
* بالطبع لن أفعل ، فهناك من هم مرتبطين بهم ، و متعلقين بأرواحهم ، هذا مؤسف فلست أحدهم ، فأنا الخفي هنا ، لربما أكون غير مرئي بصدق.. كم هذا مؤلم ، ههه.. و لكني لا أشعر بالألم ، فقد اعتدت .
○
○
○
○غرفتي قذرة للغاية ، فيها روائح غير محببة ، و ملابس متسخة منتشرة هنا و هناك ، و كتب و أوراق متناثرة كقطرات المطر في كل مكان..
ذاك الحاسوب المعطل ، و تلك الخزانة المحطمة
و هذا السرير القذر ، و هذا الهاتف القديم..
في الحقيقة لست أشفق على نفسي لأنني السبب ، هنا سؤال مفاجئ راودني : كيف يشفق الحزين على نفسه و يواسيها ، هل يضحك ؟!
ههه ، مضحك..
بالطبع هذا ليس مضحكاً ، لقد كان سؤالاً مبتذلاً..في الحقيقة أنا الفرد الوحيد بهذه النفسية السيئة بين عائلتي ، فكلهم لديهم شغفهم في هذي الحياة و يتوقون لتحقيق أحلامهم القيمة بالنسبة لهم ، لديهم عقلية مختلفة عن خاصتي ، لسنا متشابهين في شيء ، فبينما أنا القذر هنا هم الأكثر رقياً و تحضراً ، و الأجمل و الأحق مني بهذي الحياة..
لديهم شخصيات قوية يمكن الاعتماد عليها ، بينما أنا شخصيتي ضعيفة لا تأبه للمسؤولية ، لديهم أصدقاء حقيقيين يساندونهم وقت الشدة بينما أنا لا أعرف حتى صديقاً واحداً ، كما قلت مازلت كما أنا مذ خرجت من بطن أمي ، وحيداً بلا أحد ، لديهم المال و الحب و أيضاً العمل ، بينما أنا محبوسٌ بين خراب غرفتي ، مكروهٌ من إخوتي ، عارٌ على العائلة..أخاطب نفسي أحياناً متجاهلاً نبذي و أتساءل عن خطئي ، أ لأنني عانيت وحدي و تحملت الألم دون أن أبكي ظنوا جميعاً أني قوي و أستطيع الاستمرار هكذا دون أحد بجانبي أو يسند ظهري ؟!
أنا لا أعتاب أحد و لا أريد أن يحتضنني أحد لأنني أقف دوماً أمام المرآة و أحتضن نفسي ، لا أبتسم لها بجفاء و لا أتظاهر أمامها بالحياة ، أكون كما أنا بحقيقتي ، كئيباً كما اعتدت أن أكون..قد يظن البعض أنه من المؤلم أن تعيش وحيداً بين جموعٍ حية ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم أن تتأسف على خطأٍ لم يكن لك به صلة ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم أن تكون منبوذاً من أشخاصٍ على الأحرى يجب أن يحيطوك بحنانهم ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم أن تحبس دموعك لتثبت القوة أمامهم و أنت محطم بشدة من الداخل ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم أن تمنع نفسك من احتقار أو حب أحد ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم كبت ذلك الغضب بداخلك دون حتى أن تصرخ و لو لمرة واحدة في وجه أحد ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم رؤية تلك الندوب تتقرح دائماً و تعود لتفتح من جديد و تذكرك بذاك الماضي السيء ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم أن تعفو دائماً عن أناسٍ ما يستمرون في أذيتك و جرحك و احتقارك ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم التراجع عن حقك لشخصٍ لم يعترف بوجودك حتى منذ الصغر ، و قد يظن البعض أنه من المؤلم الابتسام بكذب و بلاهة أمام الغرباء أو أي أحد و أنت في الأساس لا تشعر بمعنى تلك الابتسامة حتى ، و لا تشعر بتلك المشاعر الدافئة التي تحيط بأي شخص يبتسم لأي شخص آخر ، هنا كلاهما يشعران بالدفء ، لذلك يظن البعض أن هذا مؤلم لأن أحدهم لن يشعر بالدفء الذي لم يعتده يوماً لأنها ابتسامة كاذبة .
و لكن ما لا يعلمه أحد أنني لا أتألم
أنا لا أشعر بالألم
هذا لا يعني أني قوي و لكني لا أشعر بالألم
حتى و إن جرحت و سال دمي
مازلت لا أشعر بالألم
لأنني تخليت عن مشاعري كلها
لربما قام أحدهم بنزع تلك المستقبلات الحسية و العصبية التي تستشعر الألم من جسدي و أنا لا أدري
أو ربما القلب الذي من المفترض أن يحس بالمشاعر لم يعد هنا في هذا الجوف الغبي
أنا أستشعره و مازلت لا أشعر بنبضي
إذاً ، كيف مازلت حياً حتى الآن يا ترى ؟!هذا يحير عقلي الأحمق كما يحير قلبي البارد .

أنت تقرأ
مذكرات مريض نفسي
Художественная прозаفي داخلي المؤلم تقبع أحزان الماضي هناك حيث تخلو الأيام من وجودي.. هناك حيث تختبئ أنفاسي وحيدة.. هل هذه الوحدة أم.. ؟!