على الواجهة الأمامية للباب الزجاجي لقسم الشرطة، انهارت امرأة بثوب منزلي من القطن و أقدام حافية، خرجت موظفة الاستقبال من كرسيها وركضت نحو الباب، سقطت المرأة في الداخل وهي مبللة من المطر وملطخة بالطين ،كانت تتعثر وتنزلق ، انكمش جسدها و راحت تجر نفسها إلى المقعد.
أغلقت موظفة الاستقبال الباب واقتربت منها ببطء.
"لا بأس ، أنت بأمان الآن" مدت موظفة الاستقبال يديها نحو كتفي المرأة بطريقة مؤدبة و هادئة نحوها .
"هل يمكنك إخباري باسمك؟"
ارتجفت و نطقت اسمها كما لو كانت تقرأه من ورقة .
"أودري تايلز"
"حسنا يا أودري. هل تريدين بعض الماء؟"
أومأت أودري برأسها وبدأت تسترخي.
أمسكت الكأس بكلتا يديها و هي تحدق في أعماقها.
انتظرت الموظفة بصبر أن تجمع أودري رباطة جأشها قبل أن تتحدث مرة أخرى.
"هل يمكنك إخباري بما حدث ، يا سيدة تايلز"* * *
كانت أودري قد انتهت لتوها من صباح طويل شاق أمضته في ترتيب منزلها لاستقبال أختها و أطفالها .
عندما شاهدت ، من نافذة غرفتها في الطابق العلوي ، ثلاث فتيات مراهقات يتلاشين بين أشجار الغابة الكثيفة ، كن بالفعل في حالة من الفوضى ، إحداهن تمسك بطنها كما لو كانت على وشك أن تستفرغ .
بينما الأخرتين تمسكانها من ذراعيها و تدفعان بها إلى الأمام.
و جميعهن متجهمات الوجه و يلتفتن حولهن بقلق .
شعرت أودري بلسعة في أحشائها.
جعلها هذا المنظر تستحضر ذكرى بغيضة من عامها الأخير في الثانوية .
أمسكت بسترة خفيفة و تركت الكتاب الذي كان بين يديها مفتوحا ثم اندفعت عبر الشارع لتتبعهن.
كانت الأشجار كثيفة لدرجة أن ضوء شمس الظهيرة لم يكن قادرًا على اختراقها.
تقدمت نحو الأمام بأكبر قدر ممكن من الهدوء .
زمجرت فروع الأشجار بعنف حين ارتطمت بها الرياح فوق رأسها و أصابتها قشعريرة مُحذرة إلا أنها أصرت على ملاحقتهن .
و من بعيد وقفت تستمع إلى محادثتهن خلف شجرة صنوبر .
"... رأيت صورك في هاتف حبيبي ..."
"…ليس الأمر كما تعتقدين…"
ضغطت أودري على لحاء الشجرة وحاولت التركيز على الهمسات الضعيفة.
"... ماذا تحاولين أن تثبتي ..."
"... هل تعلمين ما الذي سأخسره بتصرفك..."
لم تفهم أودري من يسأل و من يجيب و من مكانها استطاعت أن تلمح فتاة بفستان أزرق تصفع فتاة أخرى جاثمة على الأرض .
تقدمت أودري إلى الأمام ، داست على غصن بالخطأ .
تصلبت و عم الهدوء فجأة.
"هل سمعتِ شيئا؟"
تسارعت تحركات الفتيات ، وسقط الصمت لفترة قبل أن تجرؤ أودري على التقدم .
استغرقت وقتًا طويلاً ، وكانت تعلم أنهن ابتعدن عنها كثيرًا. مرت عدة دقائق قبل أن تسمع أي صوت آخر غير أصوات الريح .
صرخ أحدهم.
تصلبت أودري مرة أخرى.
جاء الصوت من حافة النهر ، على بعد شجرتين فقط.
شجعت نفسها وزحفت إلى شجرة قريبة.
رأت إحدى الفتيات ، و قد ظهرت بقعة حمراء على قميصها.
ضغطت أودري يديها على فمها.
صراخها الصامت اخترق دماغها ، التفتت بعيدًا وأجبرت نفسها على استرجاع أنفاسها .
خدشها لحاء الشجرة .
ذكرها الألم الذي سببه أن ما تعيشه حقيقي.
شيء مبلل يقطر على خدها ،في البداية اعتقدت أنها تبكي ، لكن القطرات على خصلات شعرها كانت تنذر بالمطر.
سمعت صوتا يشبه الشخير ثم اصطدم شيء ثقيل بالمياه . ركضت أودري ،كانت تلهث بشدة حتى ألمها صدرها.
التفتت خلفها مرتابة فتعثرت و علقت قدمها في الوحل الطري .
سقطت ببطء و خيل لها أنهن يلاحقنها.
مسحت الوحل عن وجهها بأكمامها ، ورفعت نفسها ، ضربت قدميها الأرض.
سمعت خفقان قلبها بوضوح ،كانت بين الأشجار الآن، لم تتوقف لترى ما إذا كان هناك أحد يتبعها ، ركضت إلى مركز الشرطة وضربت بقبضتيها على الباب ما إن وصلته.
أنت تقرأ
قصة بعد منتصف الليل
Mystery / Thrillerعشر قصص قصيرة. مزيج من الجرائم ، الاضطرابات النفسية و الرعب .