أريد الموت!
الموت هو الخلاص الوحيد لي من كل هذا العذاب!
صفعة أخرى حطت على خدي المحمر و الذي قد تلقى صفعات عدة من يد ضخمة، يد الشخص الذي يجدر به أن يكون خلاصي، و منقذي.
"لقد جلبتي لنا العار بفعلتك هذه" صرخ أبي بصوت عالي غير مهتم بمحاولات أمي لتهدئته قبل أن يكتشف الجيران سبب هذا الصراع، حاولت إيقافه، ليس خوفا على ابنتها الكبيرة بل خوفا من كلام الجيران و ما قد يقولونه عنا.
"ما الذي يحدث هنا؟" سألت أختي بعد أن دخلت مسرعة إلى البيت بعد سماعها صوت صراخنا من الخارج.
"لا تتدخلي صغيرتي صوفيا والدك يحاول إعادة تربية أختك العاقة" و كان هذا صوت أمي التي نظرت لي باشمئزاز بينما تربت على ظهر صوفيا التي نظرت لكدمات وجهي بصدمة.
"هل جننتم، ما الذي تفعلونه ابتعدوا عنها" صرخَت و أخيرا بينما تمسك يدي تخبئني وراء ظهرها من بطش أبي الذي امتدت يده يحاول امساكي من شعري مجددا.
"أنتِ لا تعرفين ما فعلته هذه الفتاة، لم أعد مدركا هل ربيت فتاة طاهرة أو عاهرة فاسقة" أكمل كلامه بأسنان مصطكة و أعين تقدح شرارا، أغمضت عيناي لتتساقط دموعي للمرة الألف لهذا اليوم، لقد تعبت من هذا الذل.
"ما الذي فعلته لكي تستحق كل هذا الضرب و الإهانة أبي؟" سألت صوفيا بينما تضع يدها على يدي و تضغط عليها بحنان لم أتعوده طيلة حياتي.
"أختك التي تدافعين عنها حامل من شخص غير معروف، أختك قد لطخت سمعتي و جعلتها تحتك بالأرض، كيف لي الآن أن أتمشى وسط الجيران و رأسي مرفوع، كيف تريدين مني التعامل مع ابنتي التي جائت فجأة لتخبرني أبي أنا حامل!"
أنت أصلا لك تعتبرني ابنتك يوما! كفاك كذبا. لم أتجرأ على الصراخ بهذه الجمل لأنها ستصبح سبب موتي لو نطقت بها!
أحسست بتصلب عضلات صوفيا تحت لمسة يدي، نظرت لي بطرف عين باشمئزاز لكنها رغم ذلك تابعت الدفاع عني قائلة "لكن هذا لا يعطيك الحق لضربها أبي، فكما تقول أنت الآن هي حامل، ماذا لو تأذى هذا الطفل، مصيرك سيكون السجن أبي، اهدأ قليلا و لنفكر بروية" يبدو أن كلماتها قد هدأت الوحش الذي بدأ بالنظر ناحية أمي التي أومأت له بابتسامة صغيرة كأنها تقول له أن كلام صوفيا صحيح.
أغمضت عيناي بتعب، أتمنى الموت!
غادر أبي المنزل مصطحبا معه أمي ناحية منزل جدتي التي دعتهم لتناول العشاء، و قد حاول أبي اصطحاب صوفيا لكنها رفضت متحججة بكون الدراسة قد اقتربت و يجدر بها التجهيز.
جالسة أضم ركبتاي ناحية صدري بينما أحيطهما بيداي، لأدفن رأسي هناك، حضني هو مكاني الآمن، هو المكان الوحيد الذي يستقبلني في كل الأوقات رغم كل الظروف، و غرفتي الصغيرة التي حضنتني طيلة حياتي مؤنسة وحدتي.
"إذا لقد اتجهتي إلى ذلك الطريق؟" تسائلت صوفيا بعد أن دلفت إلى الغرفة مع ابتسامة ساخرة على فمها "أعتقد أنه ليس من شأنك صوفيا" أخبرتها بغضب و صراخ بينما أستقيم متجهة ناحيتها.
"و أين كان لسانك الطويل هذا يا قطة عندما كنا مع أبي؟" سألت باستفزاز و هي ترفع حاجبها، ازدادت عقدة حاجباي لأنظر ناحيتها ببرود بعد أن تداركت نفسي قائلة"هذا والدك أنتِ، أنا لا أعتبره كذلك"
لانت نظرتها قليلا قبل أن تسألني بصوت حاد "من هو أب هذا الطفل؟" و هنا استفقت على الجحيم الذي وقعت فيه.
كيف لي أن أقول أن والد الطفل بعمر والدي!
"شخص لا تعرفينه" أجبتها بحدة كأنني أضع حدا لهذا الحوار الذي قد يأخد منحنى آخر.
تراجعت إلى أن جلست على السرير مرة أخرى ضامة رجلاي إليَّ، و رغم ذلك لم تفارقني نظراتها إلى أن انطلق جرس الباب مشيرا إلى أن أحدا ما قد حضر، رفعت حاجبي باستغراب فأمي و أبي لن يحضرا إلا بعد ساعتين.
خرجت همهمة مستوعبة من فم صوفيا التي راحت تجري عبر السلالم لتفتح الباب للزائر، تبعتها بفضول رغم ألم جسدي الذي كاد يطرح جسدي أرضاً. و في اللحظة التي أطلت برأسي ناحية الزائر، توقف قلبي في مكانه.
إنه هو!
آريس، حبيب أختي، و الشخص الذي نبض له قلبي قبل سنتين عندما كنا في المرحلة الثانوية!
يلف يديه حول خصر صوفيا التي بدورها تحيط عنقه و شفتيهما تتحرك بانسيابية مع بعض، اشتد الألم في قلبي بعد أن لاحظت أن شفتيه استمرت بالنزول إلى وصلت إلى عنق صوفيا التي أدخلت أصابعها في شعره الأسود الكثيف.
ضغطت على صدري من الجهة اليسرى التي تحتوي على قلبي، قلبي الذي تحطم قبل قليل، كنت أعلم علم اليقين أنه يعشق أختي، و أن هذه المشاعر محرمة علي، و لكن فكرة أنه يقبلها هكذا أمامي، بينما هو يعلم بماهية مشاعري ناحيته.
هو يعلم بمشاعري، و أنا أعلم أنه يعلم، لكننا نتصرف كالغرباء.
حمحمت ليبتعد عنها ناظرا لي بطرف عين و هو لازال يتحسس شفتيه بلسانه كأنه لازال يتوق لتذوق شفاه صوفيا، نظرت لي صوفيا بانزعاج بينما تشيرُ ناحيتي قائلة "آريس هذه أختي التوأم ساينا، و ساينا هذا حبيبي آريس" حاولت تعرفينا على بعض، لكن كيف للغني عن التعريف أن لا يُعْرَفْ.
هززت برأسي كأنني أقول له مرحبا و أكملت طريقي ناحية المطبخ محاولة تمالك الدموع التي بدأت تطل علي، أنا لست جاهزة لسماع كلامه الجارح مرة ثانية، لقد تعبت بما فيه الكفاية، لم أعد أريد الموت داخليا يوميا، يموت الجسد البشري مرة واحدة في العمر، لكنني أموت داخليا آلاف المرات في اليوم الواحد.
لكنني واعدت نفسي منذ أن علمت بحملي أنني سأفعل أي شيء لكي لا يطال هذا الحظ السيء خاصتي طفلي، سأعيش من أجله، من أجل هذا الجنين سأفعل أي شيء!
٭ ٭ ٭
نهاية الفصل الأول.
أنت تقرأ
مراهقة
Romance"العائلة هي مصنع أشنع الجنح" ساينا مافريك ، التي تقضي نصف وقتها في كتابة الأغاني و العمل في وظائف بدوام جزئي ، مع بداية عامها الأول في الجامعة تقرر تغيير مصيرها المرتبط بعائلتها السامة. مصابة بداء السكري، علاقة سامة بمحيطها بالكامل، مشاكل مع عائلتها...