11:45 p.m
لَدى أمّي صوتٌ مزعج .. مزعِج جدّاً ! الأَمر ليسَ بعُلوّه بَل ..
لا أَعلم حَقاً ، أصبَح يشقُّ رأسِي لِنصفَين ، أشعر بِه يخترقُ طبلَة أذنِي و يطنّ عندَ أحد أكثر فُصوصِ مخّي حَساسيةً .. أحيانَاً اتمنَى فقط لَو استَطيع وضعَ سَدّادة فلّين فِي فمهَا كَـ زجَاجة النّبيذ !
بالحَديث عَن الفلين و السداداتِ و صَوتهَا ، هَا قد أتتْ مِن المطبخ تَتذمر مُجدداً ، تعيدُ نفس الكَلام ! أقسمُ أنّي سَمعتهُ بالأمسِ .. و مَا قبَله !
رفعتُ صوتَ سمَاعتي لأقصَاه ، أفضلّ أن تُثقَب طبَلتي بأغنيةِ phobia لستِريكيدز .. لا بصَوتها !كُنتُ أتصفحُ الأنستاقرام ، قابَلني منشُور شدّنِي .. لَيست الصورة .. بل الكلامَ تحتها .. بدأَت بالقراءَة بالتّدريج و دمِي يغلِي مَع تقدّمي ، كَانت أحدى الحساباتِ التّي اتابِعها ، فتاةً تعبّر عَن شعورهَا تُجاه تحديثِ مفضّلها اليوم .. الأمر عَادي صحيح ؟ نعم ، عادي جدّاً فَمن حَقّها الشعورُ بِكل هَذا .. إذَاً لِم أنا حزينَة ؟ أكادُ أبكِي ! أعدُتُ قراءة كَلامها البليغِ و المرتّب مجدداً و مجدداً..
كَيف تصفُ فراشات معدتّها و ضجِيج قلبَها و هِيامها بتفاصِيل وجههِ ، و كمّ يأَسها مِن فرطِ شعورِها تُجاهه ..
مَا يحزِنُني فِي الأَمر أنّ قَلبِي تَوقف عَن ذَلكِ ، تِلك الشُعلَة التّي تندلِع فِيه فورَ اتصَال عَيناي بِما أُحب ، لَم تَعد تَندلع ! و لَا أعنِي بالأمر شَخصاً أو شَيءً بَعينِه بِل أشمُل كُل شىءٍ .. خمولُ نبضاتِي مُنذ أجل بَعيد يزيدُ الأَمر إيلامَاً ، أرى الرّمادِي و الفتورَ ينعكِس مِن أعمَاقِي مصيبَاً كُل مَا تَقع مقلَتي عَليه ، فأَراه بَاهِتٍ بِلا حَياةٍ مِثلِي تَمامَاً ... أدركتُ الأمرَ مُذ أنّي بتّ لَا ألجأَ لِشىء فِي أوقَاتٍ كَهذهِ ، لَم يعد لَدي شخصٌ أشفَى بِه .. و لَم يعدُ النّظر إلى أي كَائن يخَففُ مَوجَة الغضب التّي تعتَري أطرافِي ..
سواءَ رأيتُ إشعار مِن مفضّلِي ، أو بثّاً مبَاشرِاً ، أو حتّى أداءاً ، لَم يعد الأمرُ يثيرُ حَماسِي لِذلك الحدّ ، بَل أبداُ بالشُعور بالثُقل .. أصبَح عَلي رؤُية و مشَاهَدة مَا فاتِني الآَن ! و كَشخصٍ خاوِ الطّاقَة كَاره للِمهام و التّكلِيف فَهذا مُرهِق جدّاً .عَرفت أنّني فقط أغَار ، أغار مِن أي إنسان مشتَعل .. أغبطُ المُحبينَ و العشّاق ، أحسدُ البَاكِين ، لأَن الدّموع تتجَمد تَحت أجفانِي و تَهلُك لتصبَح سواداً عَلى وجِهِي .. جُوفِي غارِقٌ بهذه الأفكارِ و لَم يعد لَدي مَكانٌ للحُبّ ، عادَت فراشاتِي لطور الشرنَقة خوفَاً ، و باتَ ضخُ الدّم مِن قَلبي هادئَاً لِعلمِه كَم بتّ أكرَه الأصواتَ .. و عَن الأصواتِ..
أنتَهت الأغنِية ، و لَا زالت أمي تتَحدث .
أنت تقرأ
شُتاتٌ .
Teen Fictionقِصّة مَا .. لَم تنتَهي بعَد. ⚠️ -مذَكرات . -عُنف ، أفكار و مصطلحات قَد لَا تناسب البعض . - mist.