VI

41 1 0
                                    


الحَضيضِ .. أجاهِد كَي أخرجُ مِنه ، و عند انبلاجِ بصيص الاستشفاء .. اعود لجّر نفسي لَه ، اعاود الخوضَ فِيما اعلمُ نهايتَه..
اعاود التشبثُ بهباءِ مهترئ يتفتتّ و يتبددُ حالمَا تعتادُ كفّاي عَلى ملمَسه .

نَظرتُ للمرآة اعايُن الخَطبَ بِي .. لَم أجد شىءً مميزَاً ، لَم أجد شيئاً أصلاً ، بدا متداخِلاً و مشوشاً كـ دوامَة بيضاء و سوداء نتاجُها رمادِي ..
استفقتُ عَلى حقيقَة شعوري ، لِم يساورنِي هَذا ؟
أهي نتاجُ أفعالٍ ؟ أم عقابٌ إلهَي ؟ لأَنّ بؤسي الأكبر أنه لا أحد يرى هَذه الرماديَة غيري .. لا أحد يشعر بِها عداي ، لا يفهمونَها !
لا يفهَمون كيف هو العيشَ مخطُوف اللون ، متسربّ الأفكار و باهِت الشعور ..

لا يفهمون اختلاط العصيان بـ التنازل ، ولا امتزاج المجون بالوازع الديني ، و لا تداخل رغبَة الموت بالطموح و الحياة ..
لا يفهَمون نتاجَ اجتماعِ الأضداد فِي حاوية واحدة ، تمنيتُ لو كانت النتيجَة انفجاراً مَا ، قوة سحرية ، اختفاء تام

لكنها كانت فقط الرمَادي ، النتيجَة كانت أنا ، علمتُ دائما ان السببَ هو الابيض و الاسود داخِلي .

طوال ثلاثَة اعوامٍ كنتُ اتأرجَح بين اللونينَ ، اجدُ الراحَة و الحرية في الاسود ، و اتجرع الرضى و الهدوء في الابيض ، لكنّ ليالي اتحادِهما تَطول قابِضه انفاسي .. مرسَلة الخدر لدماغي ، اشعُر بالضجّر و اود الاختباء
اود الاختباء مِن نفسي .. لَكّني لم افقه الطريقَ بعد ، كل شىء خاطىء ..
لا .. بل أنا الخطأ أينما حللت
لا أصلح لأي مكان ، أو شخص ، أو شعور ..
لا اصلح سوى لرقعتِي الرماديّة الخالية مِن اشكال الوجود ..

يملؤنِي القُبح ، ليس وجهَي فهو اقرب إلى العادي ، بل نفسي ، روحي هِي القبيحَة .. نحنُ نطلقُ مسمى "القبحِ " عند وجود شكل غير متناسق أو مريح للنظر ..

وقبح الروح ، هو أن لا ترتاح لشعورك جانِب هذا الشخص ، انت تشعر بـ قباحَة روحِه ولا تدرك الأمر حتى تجد أنكَ تبتَعدُ عنه ..

و هَذا أنا بالضبط ! لطالمَا شعرتُ أنّ هالتِي مستبعَدة ، مستنكَرة ، منبُوذة و غَير أساسِية ، بل غيرُ ثانويّة حتّى !

الروح الرمّادية قبيحَة ..
و كُل ما هو رمَادِي قَبيح .

شُتاتٌ .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن