رواية ألفا الجبل الأسود

البارت الثامن {2}

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خلال اللقاء القصير الذي جمعه بالحرباء حيث كان مثير لريبة والشك ، في البداية إعتقد أنها تمارس عليه بعض ألاعيب ذهنية إذ سيطر الصمت المطلق على عقلها إلى أن بدأ يطفوا على سطح أنين مثقل بالألم الفظيع والذي جعله مرتبك جدا أن ملامحها كانت تشع سعادة .
حاول رؤية ذاكرتها لكسر ذلك التناقض المحير غير أنها إنفلتت من بين يديه بحجة العمل المتأخر كما تنفلت الأحجار من العقد إذ هرولت نحو الباب وعندما همت بالخروج سمع إستنجاد يأس يتردد في عقلها .
بقي ثواني يستوعب ماحدث في مكتبه فقد تأكد أن تلك الطبيبة تخفى أمر عظيم عن الجميع وان مهمته البسيطة قد تحولت إلى وحش كبير قد يلتهم الكل .
عند تلك الكائنات البائسة في الغابة والتي أرهقهم التعب و المشي الطويل حيث إستمر البحث في أرجاء الغابة بدون جدوى طيلة النهار .
ألقت كل منهما حقيبتها وإستلقت فانيسا بجانب أنجل من شدة الألم الذي سكن جسدهما وقد يتخيل الناظر لهما أنها جثت من جريمة قتل فيما كان مساعد جايكوب يستمتع بالأكل اللذيذ فهو لا يتذكر أنه حصل على مهمة شيقة مثل هذه مطلقا إذ تعمد إبعادهم عن مناطق تواجد نباتات الطبيبة و لا يعلم لما أقدم على هذا الأمر، ربما لأنه لم يحظى بوقت ممتع مثل هذا سابقا .
《 يا إلهي أنا أشعر أن جسمي مفكك و عظامي تنبض بالألم ، ربما هذه إشارة لنتوقف عن هذا التدريب ، ما رأيك أنجل؟ 》
تتحدث وهي تمسك أقدامها.
بالرغم من الوهن الشديد الذي تمكن منها إلا أن حديث فانيسا قد إستفزها كثير حيث أمسكت بها من قميصها ثم قربتها منها قائلة بصوت مرتفع
《 إسمعيني لو تطلب الأمر أن تموتي ألف مرة سوف نحصل على ما نريد ، هل فهمتي ؟ 》
في بعض الأحيان فانيسا تخشى أنجل وهذه واحدة من تلك الحالات ومن أجل تجنب المزيد من العصبية قالت بهدوء ممزوج بالإستعطاف
《 أنجل هل يمكنك أن تهدأ الأن ؟ أنت تبعثين  الفزع في المكان 》.
في الحقيقة أنجل لم تكن أقل منها رعبا إذ للمكان هيبته بالإضافة إلى أن موعد الغروب قد إقترب وهذه الغابة ليست مكان محبب لهما .
تقدم نحوهما مساعد جايكوب وقد تصارعت داخله مشاعر الندم والسعادة إذ أشفق على فانيسا لأنها تكبدت المشقة والعناء نتيجة عناد تلك الشقراء لكن إحساس الإنتقام من تلك العنيدة قد خفف وطأة الندم .
《 هناك بعض الطعام لكما في الحقيبة سوف نرتاح لمدة نصف ساعة ونكمل السير إلى الجهة المقابلة ، يجب عليكما الإسراع بقي ثلاثة ساعات لمغيب الشمس 》كان يشبه الرجل الألي وهو يلقى عليهم الأوامر .
وصلوا إلى منطقة واخدت أنظاره تجوب في الأرجاء حتى وقعت على الصيد المرغوب ، إستدار إلى الخلف لحثهم على المواصلة لكن لم يجد لهما أثر كما لم يشعر متى بتحديد إنفصلوا عنه .
شعر في الأول بأنه تم إستغفاله ثم تحولت مشاعره إلى الغضب الشديد حيث لم يسبق لأي شخص معارضته من قبل .
رجع على عقبه لإيجادهما وليته لم يعد إذ عثر عليهما في بركة من الوحل وقد غمرهما من الرأس إلى القدم ، صحيح أن منظرهما كان مضحكا جدا لأي شخص أخر لكن من وجهة نظره هو كاد الموقف أن يسبب له جلطة دماغية فقد تحول إلى بركان من الغضب المشتعل إذ صاح فيهما بأعلى صوته إذ قال
《 ألم أخبركما أن تظلا بجانبي مهما كان الأمر لماذا خالفتما أوامري ؟ 》.
تعلثمت فانيسا في الإجابة ثم تكلمت بصوت منخفض 《 كانت خطواتك سريعة جدا ولم نستطع اللاحق بك ، و بعدها سمعنا صوت من بين الأشجار حيث أصابنا الخوف وفجأة ظهر شيء لذا ركضنا في إتجاه المعاكس و الذي كان بركة الوحل 》.
أراد بشدة أن يسخر منهما لكن نظرات الشرسة التي وجهتها له أنجل جعلته يتراجع على أعماله الصبيانية .
《 لقد وجدت العشبة التي تبحثان عنها هي لا تبعد عن هنا إلا بضع أمتار فقط 》تحدث إليهما .
إلتقطت فانيسا و أنجل عدة عينات من العشبة و غادروا الغابة بعد يوم عصيب .
في الجهة الغربية حيث يقع جناح الأساتذة والذي كان خاليا إلا من شبح يجالس الظلام و يستمع بكأس من النبيذ بعد أن حاك خيوط خبثه .
قبل ساعات من الأن
ألغت الطبية عدة مواعيد من أجل التفرغ للقاء سيفتح لها أبواب النعيم في إعتقادها .
ترتشف القهوة الساخنة في إنتظار قدوم بيادق التي سوف تشن بهم الحرب قربيا .
دخل إلى مكتبها ثلاثة مراهقين منظرهم فوضوي أجسادهم تملأها الوشوم و ملامحهم بها سمة من القسوة .
تحدث أحدهم فور جلوسهم قائلا مستهزءا
《 كيف نخدم سيادة الساحرة العظيمة 》.
هي لم يعجبها كلامه لكن تجاوزته للحصول على مبتغاها إذ صرحت لهم
《 أريد منكم خدمة بسيطة في مقابل سوف أمنحكم هدية مميزة لطالما سعيت لها 》.
تحرك فيهم الفضول إلا أنهم أخفوا ذلك بإحتراف حيث قال
《 لا أظن أن مكانتك المتواضعة قد توفر لنا ما نريد 》.
ابتسمت لهم ثم أظهرت وثيقة وهي تقول
《 ربما تسخر من منصبي لكن أستطيع أن أوفر لكم صكوك حرية موقعة من طرف المجلس إذ وافقتم على طلبي 》.
إندهش كثيرا فهي وثيقة لا تصدر عن مجلس إلا في حالة النادرة جدا وهذا يعني أنها يائسة للحصول على غايتها لذا لابد من إبتزازها أكثر إذ قال
《 نحن نريد الحصول على المزيد من الأمور 》.
لم يخف عليها عليها نواياهم لذا قررت ضبط الأمور قبل أن تخرج عن حدها
《 لابد أن تعرف أنني سوف أمنحكم شيئين فقط لا ثالث لهما ، صك الحرية و تذكرة لدخول عالم الأسطوري في المقابل أن تقوم بمهمة صغيرة لي 》.
كان عرضها سخيا حيث لم يستطع قائدهم الرفض اذ قال
《 ماهي هذه المهمة 》.
《 أنها بسيطة مقارنة بأعمالكم السابقة فقط إختطاف طالبة 》
تكلمت الطبيبة بمنتهى الراحة كأنها تتحدث عن الجو.
إبتسم وقال
《 لابد من أنها سببت لك إزعاج كبير ويسعدنا أن نتخلص منها لأجلك.》
تحدث نافية الأمر
《 لا يجب أن تكون سليمة ، أرسلها إلى المختبر 》.
تكبدت الفتاتان العناء خلال فترة التحدي اذ لم يكتف جايكوب بمهمة الأولى بل أضاف إليهما مهمة أخرى حيث أجبرهما على الحضور اليومي إلى قصره من أجل تعليمهما تقنيات التداوي بالأعشاب .
اجتمع المساعد بفريق التحقيق في القصر حيث طلب من الخادمة إستدعاء الأمير إلى غرفة الإجتماعات .
قام الكل بإلقاء التحية للأمير ثم إنضم إليهم ليبدأ المساعد في وضع مجموعة من الوثائق أمام الأمير حتى يتسنى له تعرف على الجديد .
فقد قال مساعد
《 لقد وجد الفريق سرداب سري في المشفى يحتوي على وثائق قديمة و مهمة و هذه بعض منها برفقتكم سمو الأمير 》.
تعجب الأمير وقال
《 كيف وجدتهم هذه الوثائق وقد خضع المستشفى لعدة تحقيقات من قبل 》.
أجاب المساعد بملامح الفخر التي ظهرت عليه
《 لقد إستعنى بالسحر الأسود فقد وجد الفريق عدة رموز على الجدار تدل على المذخل السري 》.
الجميع في هذه الغرفة يعرف أن السحر الأسود يحتاج جزء من روح الشخص لنجاحه و كذا لكسره لذا تغيرت ملامح جايكوب بعد سماع كلام مساعده إذ طرح سؤال عليهم
《 من منكم قام بكسر السحر الأسود ؟ 》
كل العيون اتجهت نحو المساعد لكن ألسنتهم لم تنطق بحرف واحد مع ذلك الأمير كان يعلم الإجابة مسبقا لكنه أراد أن يتأكد من أن مساعده الأحمق لم يتهور كالعادة.
نهض الأمير وتوجه نحو مكتبه في نفس الغرفة وأخرج قارورة صغيرة الحجم ثم عاد إلى مكانه حيث سكب محتوى في قدح ماء وقال
《 المرة القادمة سوف أخد روحك اذ قمت بشيء متهور مثل هذا 》.
أشار المساعد لعدة صناديق كانت موجودة وتحدث
《 هذه كلها رسائل جاءت من ذوي المرضى تتوسل إدارة المركز العلاجي لإعادتهم إلى أسرهم 》
عد جايكوب أكثر من خمس صناديق في الغرفة بينما عدد المرضى لم يتجاوز عشرة فقط لذا قال
《 أليس عدد الصناديق مبالغ فيه 》.
أجاب المساعد
《 كلا سمو الأمير هذه بعض منها فقط ،لقد وجدنا 50 عنوان أي أن هناك 50 مريض 》.
تسأل جايكوب
《 ماذا ؟50 مريض لا يمكن ؟ أين البقية إذا ؟》.
قال المساعد
《 سمو الأمير حسب اخر إحصاء كان منذ ثلاثين سنة مضت ذكر فيها أنه هناك حالة وفاة واحدة 》.
أخد الأمير يتأمل الوثائق ثم تحدث
《 أنت تخبرني أن هناك 37 حالة مفقودة منذ ثلاثة عقود ولا أحد يعلم عنها شيء 》.
《 ليسوا مفقودين بمعنى الكلمة وإنما تم إخفائهم حيث حسب السجلات القديمة تم تسليمهم إلى أسرهم قبل ثلاثين سنة و عند الأهالي وثائق تأكد وجودهم في المركز إلى يومنا هذا 》
قال المساعد وأضاف
《 هذه الوثائق والدلائل تثبت أن مشرفة على المشفى ليست العقل المدبر وإنما هي واجهة لشيء أعظم 》.
جمع الأمير كل الوثائق وقال
《 جهز السيارة حالا يجب أن نعود إلى القصر الملكي 》.
بينما أمر المساعد بتجهيز السيارة سأل الأمير
《 لماذا نذهب إلى القصر الملكي و نترك المسألة معلقة هنا 》 .
《 إذ أردت حسم هذه قضية لا تذهب إلى النهاية وإنما يكون من البداية لذا يجب أن نرجع إلى وراء 》.
استغرقت الرحلة مبدأيا ساعة نحو المطار ثم استقل طائرة دولية إلى اليابان من أجل الوصول إلى مملكة السحر ، ترك مساعده يتولى جميع مهامه
قضى المساعد أكثر من ستة ساعات لإتمام المهام المكتبية حتى تيبست أقدامه وبقيت له مهمة خاصة حيث قصد جناح طلبة السنة الأولى وإنتظر إنتهاء الدوام حتى يقدم هدية لكل من فانيسا و أنجل مع رسالة تشجيع لكل منها على نجاحهما في التحدي .
بقي عدة دقائق حتى لمحهما من بعيد فأشار لهما وقد إنتبهت له أنجل ، اتجهتا إلى سيارته الفخمة حيث كان يتواجد.
《 مرحبا سيدي لم نراك منذ مدة طويلة ، كيف هي أوضاعك 》
تحدث فانيسا إليه بلهفة والتي أسعدته لأنه رأي فيها صدق المشاعر .
لمس كتف فانيسا مرتين فظهرت بين يديه زهرة حمراء والتي جعلت الأخرى تقفز من الفرحة بينما يقدم لها تلك الوردة قال 《 لقد أزهر يومي برؤيتك أيتها فاتنة 》 ثم توجه بالنظر إلى أنجل التي كانت مستعدة لأي حركة منه فهي من اللحظة الأولى التي إلتقت به لم تأمن جانبه مطلقا ، لذا ألقى عليها التحية بشكل فاتر .
《 هذه هدية لكما من السيد جايكوب على تميزكما في التدريب وقد كلفني بإحضارها كما منحكما السيد إجازة لمدة ثلاثة أيام 》
خاطبهما و هو يقدم الهدايا .
تبادلوا الشكر بينهم ثم غادر مسرعا بينما إلتحقتا بالحافلة .
في الميتم كانت كل واحدة منهم تتفحص القلادة خاصة بها حيث قامت فانيسا بوضعها على عنقها و منبهرة بجمالها في المرأة في حين قررت أنجل إبقاء قلادتها في علبة الجواهر .
خلد الكل إلى النوم والراحة إلا فانيسا التي كانت ترى كابوس مخيف جدا حيث كان دمار يعم الأرجاء و الحرائق منتشرة و الجثث المنتشرة في الطرقات و كانت تتجول حافية القدمين تسير بدون وجهة معينة وفجأة تجد نفسها أمام غابة سوداء اللون تنتشر فيها روائح كريهة و يحيط بها الضباب من كل صوب بالرغم من إحساس الهلع الذي كان يتملكها إلا أن جسدها كان يرفض التوقف وواصلت إقتحام الغابة حتى وصلت إلى بئر مهجور عندها سمعت خطوات قادمة من الجهة الأخرى .
كانت إمرأة ترتدي لباس أسود لكن الغريب أن ملامح غير موجودة مع ذلك كانت صوتها مسموعا .
فقد إقتربت من فانيسا تركض في سرعة تشبه سرعة كلب جائعا يبحث عن طعام قائلة
《 لم أتوقع أضحية طاهرة إلى درجة النقاء 》.
حاولت فانيسا المغادرة لكن جسدها توقف عن الحركة ثم شعرت بشيء يجذبها نحو المرأة و التي لم تكن سوى القلادة ما إن إقتربت منها حتى أحكمت قبضتها فيما كانت فانيسا تصرخ بأعلى صوتها كانت تلك المرأة تخرج مادة سوداء من رأسها الذي إنشق إلى نصفين وبدأت تغمر بها فانيسا التي لم تستطع أن تدخل الهواء إلى رئتها .
بعد أن أصبحت فانيسا مغطاة باللون الأسود رمت بها إلى البئر حيث بدأ تلك مادة اللزجة السوداء تصعد من البئر وتنزل كذلك من السماء إلى البئر ، بدأت أنفاسها في الإنقطاع ثم سمعتها تقول 《 لقد حان وقت الإنتقام من الكل لا رحمة أبدأ ، ليكن موت مباركا لإنتقامي أيتها المفتاح 》، بعدها فقدت الوعي وغرقت في السواد .
في الصباح الباكر استيقظت أنجل الأولى على غير العادة و نظرت إلى فانيسا النائمة وجدت الأمر غريب لكنها أكملت الطريق إلى الحمام وعند خروجها استغربت الوضع حيث إتجهت إليها لتجدها تتصبب عرقا و درجة حرارتها مرتفعة .
قامت أنجل بضرب وجه فانيسا ضربات خفيفة عدة مرات لعلها تستفيق لكنها لم تتجاوب معها ، مما دفعها إلى إيقاظيها بطريقة عنيفة حيث أخرجت فانيسا شهقة كبيرة كأنها تعوض نقص الأكسجين الذي لم تحصل عليه .
《 هل أنت بخير فاني 》 تحدث أنجل وهي تتفحصها بإهتمام قلق من أي خطب ما.
أزالت يد أنجل وأبعدتها قائلة
《 أنا بخير ولم أكن بخير مثل الأن 》.
تأكد أنجل أنها تعاني من عطب ما لكن لم تعرف ماهو و قد تأخر الوقت أيضا على إستجوابها .
بحثت فانيسا على ملابس باللون الأسود في خزانتها لكن لم تعثر على أي شيء بهذا اللون اذ قالت بتصميم
《 إنه ملابس طفولية جدا يجب التخلص منها 》، رأت خزانة أنجل مفتوحة جزئيا لذا تأملت قليلا لتجد غايتها.
إندهش الكل أثناء نزولها لتناول وجبة الإفطار حيث كانت على غير طبيعتها .
《عزيزتي هل أنت بخير ؟ 》قالت ماري وهي تشاهدها تأكل بفوضوية عكس طبيعتها وكأنها كانت محرومة منه لعدة أيام.
أجابت فانيسا بكل سعادة 《 أنا بخير ، أردت أن أبرز قلادتي فقط ، أليست جملية ؟》، مع ذلك كانت تظهر أنها تائهة للكل .
تجهز الكل للخروج معهم فانيسا التي كانت تعد الدقائق لبدأ إنتقامها بينما الجميع كان يتابع حركاتها ويتبادلون الإشارات فيما بينهم حيث كانت أخر إشارة تدعو إلى انتباه لها جيد .
اثناء سير الحافلة إلى الثانوية استغلت إنشغال الكل ثم أخرجت من يديها ما يشبه الإبر الرقيقة ثم أطلقتها على الصف الذي أمامها حيث كانت تحمل تلك الإبر المادة السوداء اللزجة ، إنتظرت ثواني وبدأت الأعراض بظهور
حيث أصابهم الغثيان و تحولت أعينهم و عروقهم إلى اللون الأسود ثم إنتقلت العدوى إلى الأخرين وبذلك أصبحت الحافلة بؤرة وباء ، سقط الجميع في غيبوبة ونزلت فانيسا من الحافلة حيث أخدت في نشر المرض والذي لم يسلم منها أي كائن حي إذ كلما تقدمت أكثر اكتساح اللون الاسود المكان.
لم تكن تهتم بعدد الضحايا التي خلفتها ورائها كل ما كان يشغل عقلها هي إحداث ضجة كبيرة لإخراج الجردان التي تسببت في إيذائها .
في اليابان إنتشر خبر قدوم الأمير إلى القصر الملكي والذي خلف حيرة لذى الملك مع ذلك تحشى التعليق عليه أمام الحاشية.
إقتحم أحد الحراس قاعة العرش بشكل فوضي و هو يحمل رسالة إلى جلالة الملك ، قدم رسالة إلى مستشار الملك .
في تلك اللحظة إلتحق الأمير الرابع المكان بينما الملك يتأكد من محتوى الرسالة .
《 هل عودتك تتعلق بهذه الكارثة 》سأل الملك بصوت مرتفع .
جايكوب استوعب أن الأمر خطير لان والده لا يثور إلا نادر مع ذلك أجاب 《أنا لا أعلم عما تتحدث عنه 》؟ هنا دخل مستشار الملك السابق إلى القاعة وقال 《 عودة سمو الأمير تتعلق بي جلالتك .》 .
أحتدم النقاش بين الوزراء و سأت الأحوال في قاعة بعد أخبار الصادمة لذا أصدر الملك قرار مغادرته مع الأمراء الثلاثة إلى المجلس الأعلى وبقاء الأمير الرابع في المملكة إلى حين عودته .
رفقهم الأمير الرابع إلى بوابة المملكة حيث إستخداموا تعويدة نقل بذل من وسائل النقل الحديثة لان الوضع لا يقبل التأجيل.
《 هل يمكنك التمرد على أوامر الملك في سبيل تحقيق أمنية أخيرة لمسن مثلي أيها الأمير ؟ 》قال مستشار ملك السابق وهو يتوسله بنظراته للقبول.
《 يا رجل أنت أكثر شباب مني، إذ كنت ترغب في عيش مغارة لابد لي من تحقيق طلبك ، أنت تعلم أنني أعشق التمرد 》قال جايكوب مبتسما ثم وضع يديه في يد المستشار وإختفوا .
وجد جايكوب نفسه أمام الثانوية غير أن الفرق كان كل شيء أسود بالمعنى الحرفي فالسماء كانت تملأها السحب السوداء بينما الأرض وتضاريسها كستها مادة لزجة سوداء وهناك العديد من الأجساد المترامية في الأنحاء تغلفها المادة كشرنقة الفراشة .
كانت صدمته كبيرة وبقى يتأمل المكان بنظرات بين الهلع و الفضول ثم وجه كلامه للمستشار 《 كيف حدث هذا ؟ لا يمكن أن يكون هذا حقيقي؟ أين البقية ؟ ما العمل أيها المستشار ؟》.
《 لقد جاءت من أجلي ، أريدك أن لا تتدخل في أي أمر فقط ألقى تعويدة الموت لا تهتم بي أو بأي كائن أخر عند إشارتي فقط إبدأ 》
تحدث المستشار بجدية وهو يبحث عن شيء ما في وسط السواد .
كاد جايكوب يستفسر من مستشار حتى شعر بشيء يلتف حول أقدمه ولم يستوعب حتى وجد نفسه معلقا في السماء وبدأت تحيط به تلك المادة السوداء شيء فشيء حتى بقي وجهه فقط ثم شعر بأنه هوى إلى الأرض ، لم يكن السقوط مؤلما لأن المستشار تدخل في أخر لحظة .
《 مرحبا أبي لم نلتق منذ فترة طويلة لماذا لم أحضى بهذا تعامل في أخر لقاء بيننا ؟ 》
قال صوت بعيد لكنه كان يحمل ألما كبير .
《 أنت هنا أيضا أيها الأمير ، أعتذر عن سؤ ضيافتي ، لا تكثر كثير سوف تجد أحسن رفقة في ناحية الأخرى بعد قليل لكن الأن إستمتع معي هذه هي هديتك لانك منحتني أنقى ضحية يمكني الحصول عليها 》
قالتها فانيسا - جسد خاص بفانيسا و روح ليست روحها - .
《 الأمر بيننا أبي 》
قالت فانيسا بحقد وكراهية وكأنها تتشوق لهذه اللحظة .
《 فانيسا توقفي ماذا تفعلين ؟ سوف تندمين ؟ أي كان انت توقفي لابد من حل الأمور بطريقة أخرى 》
صرخ جايكوب بأعلى صوته .
《 أنت مشاهد تثير الفوضى وأنا أحتاج الهدوء لتركيز مع أهدافي لذلك يحب أقوم بشيء لك 》 أشارت بيدها في اتجاه حيث إرتفعت المادة حول فمه وأغلقته .
《 نحن متأسفون لكننا في خضم نقاش عائلي سمو الأمير ، من كرم أخلاقي سوف أدعك تشاهد وتسمع .》
قالت فانيسا وهي تقوم بنصف إنحناء للأمير ثم إزدادت هالة السواد في محيطها حيث بدأت تمتد نحو مستشار في شكل روافد مائية سوداء حيث غمرت جسده بالجزء ثم أجبرته على الركوع بقي فقط محيط العيون والأنف لم تمتد فيهما المادة الغربية السوداء .
ثم إقتربت منه بقيت تنظر إلى عيونه الخائفة التي كادت تخرج من محجرها
《 أليس غريب أن تكون في نفس موقفي أبي ، لقد ظللت أتوسل أليك أن تنقذني لكن بذل من ذلك قمت برمي في بئر عميق بسبب ذلك ألفا الملعون ، سوف أتأكد أن تأخذ نصيبك اليوم ثم أنتقل إلى الأخرين 》.
قصدت جايكوب لتجلس بجانبه تنظر إلى والدها الذي خذلها في أكثر موقف إحتاجت إليه .
《 الأبوة ليست بالدم و إنما هي مسؤولية وسلوك إتجاه الأبن وأبي سقط في إمتحان الأبوة منذ أكثر من ثلاثين سنة 》
تحدث وهي تقبض يدها عاليا حينها تحولت تلك السوائل السوداء إلى شفرات حادة مزقت جسد المستشار إلى قطع متناثرة .
جعلت جايكوب معلق في الهواء ثم قالت
《 أتدري لقد سعدت برفقتك كثيرا ، سوف أتبادل الحديث معك في إنتظار رفقة القادمة، ربما أجعلك صديق مقرب مارأيك ؟ 》 .
جايكوب أخد يصدر بعض الأصوات لذا قالت فانيسا
《 إذا أعتبرها موافقة منك ، يجب أن تصغي جيدا فأنا لا أحب أن أكرر كلامي 》.
عدلت من جلوسها ثم بدأت في السرد
《 كان ذلك بالضبط من 80 سنة مضت إذ كانت أسعد أيام حياتي كنت مرشحة الأبرز لنيل منصب مستشار الملك والذي عملت لأجله بجهد و إجتهاد لعدة سنوات إلا أن جاء اليوم الذي غير مجرى سعادتي و تحول الحال إلى كابوس مميت .
كنت أشرف على اللمسات الأخيرة لإستقبال وفد من قطيع الجبل الأسود الذي يرأسه ألفا هنري بمناسبة تولي الأمير منصب ولي العهد .
قامت والدتي بتزين القصر بالورد البيضاء فقد كانت تحبها جدا ، كل شيء كان فاتن و يأسر القلوب .
وصلت الوفود الملكية إلى القصر وإكتملت ملامح الفرح فيه غير أن السعادة لا تكتمل أبدأ .
حصل هجوم شمل العديد من مراكز عالم الأسطوري وكانت عاصمة مملكة السحر من بينهم.
سقط الكثير من الجرحى والقتل في صفوفنا حيث تكون الهجوم من السينودكتوس الشرسة و إليسوس {سيول من هلام أسود يمتلك قدرة على إتخاد أي شكل ما ، ويبتلع أي شيء في طريقه }.
كنت في خضم القتال عندما لمحت أبي يسارع لحماية أبنائه من زوجته الأولى هنا تذكرت والدتي ، فقد كانت بشرية لا تمتلك أي قوى فإستخدمت خاصية الإنتقال للبحث عنها لكن لم أجدها في المرة الأولى .
عدت إلى قاعة العرش من جديد لأنها أخر مرة رأيتها فيها.
كنت أنادي عليها بأعلى صوتي حتى ظهرت لي بعد أن أزالت عقد الإختفاء _ كان هدية من ملكة _
في خضم العناق ظهر لنا كائن من إليسوس ، لذا أسرعت في إلقاء تعويدة التنقل بينما كان إليسوس يحاصرنا من كل جهات أفلتت يدها ورمت لي القلادة في لحظة إنتقالي.
بعد أيام وجدت نفسي في مشفى مبثورة الأقدم إذ أثناء إنتقال إلتصق بي كائن إليسوس .
لم ينجوا سوي خمسون شخصا من بينهم أنا من الموت المحتم بعد إصابات بالغة الخطورة فقد تم نقلنا إلى مركز خاص .
لم تتوقف المصائب عند هذا الحد بل تطور الأمر إلى وباء جديد أصاب الجميع .
تخوف المجلس الأعلى بقيادة ألفا هنرى من إنتشار داء و بموافقة أعضاء المجلس تم إقرار إعدام المرضى بإلقائهم في بئر الهلاك .
إقتحم حراس المجلس المشفى و أخذوا المرضى إلى الغابة الموت حيث يوجد بئر الهلاك إذ كان هذا المكان منفى للمشعوذين ثم بدؤوا في بإلقائهم واحد تلو الأخر حتى جاء دوري ، في بداية لم أصدق ما أرى لكن عندما أمسك بي حارسين و إقتربنا من البئر، أخدت أصرخ بأعلى صوتي لكن لم أجد يد المساعدة ، لمحت والدي يقف معهم ويلقى التعاويد الختم ، كنت أترجاه أن يقوم بإنقاذي لكن بذل ذلك كان هو من قام بدفعي إلى البئر.
رأيت وأنا أسقط ملامحه لاخر مرة ثم أطبق الظلام الدامس المكان .
بدأت الأصوات في الإندثار و شعرت بالتعب وبرودة الجو ثم بدأ الماء يتسرب في المكان و إرتفعت همهمات و حركات غربية .
فجأة سحبت إلى الأعماق ولم أستطع الصعود اذ كانت هناك شيء يبقيني في الأسفل حتى خرجت أنفاسي.
قبل وفاتي ألقيت تعويدة قصاص - تعويدة تسمح لروح الميت بأخد ثأره بنفسه حتى يحصل على غايته تبقى روح بين عالم الموتى والأحياء - .
استخدمت قلادة أمي للخروج من البئر ، فهي تنقل كل شيء ، مع إضافة صغيرة أنني أخرجت جميع الأرواح والتي أصبحت تابعة لي والأن أنا سوف أحصل على أنتقامي 》.
كانت تسمع خطوات قادمة نحوها لكنها لم تتحرك مطلقا فهي إعتقدت أنها الجردان التي تنتظرها لكن اتضح انها أختها غير شقيقة فقط" إميليا غريسي"، حصن صغير يجب إسقاطه من القلاع التي تنوي هدمها في حربها على عالم الأسطوري حيث لمعت عيون فانيسا بالحماس ولم تنتبه لها الطبيبة .
أمسكت أقدم الطبيبة " إميليا " وهي تدعى الخوف الشديد حيث قالت فانيسا
《 أرجوك لا تتركني هنا سوف تأتي وتقضي علينا جميعا 》.
《 كيف هو شكلها ؟ هل رأيتها؟ 》.
قالت الطبيبة بقلق صادق .
أجابت فانيسا
《 لا لم أرى شيء وجدته هكذا 》 وهي تشير إلى جايكوب.
《 سوف أساعدك لكن يجب عليك القدوم معي . 》 قالت الطبيبة وهي تستعجلها خوف من قدوم أحد .
فعلا ذهبت فانيسا مع الطبيبة إلى سيارة حيث وجدت شخصين أحدهم يجلس في مقعد السائق والأخر في المقعد المجاور لكن ملامحهم ليس بريئة .
قالت الطبيبة بعد ملاحظة لفانيسا
《 لا تقلقي هما فقط لخدمتي 》.
أشارت فانيسا برأسها مرتين دليل على تقبل الأمر.
كان طريق يصل إلى أعماق الغابة حيث يوجد منزل مهجور من الخارج لكنه مجهز بأحدث الأجهزة من الداخل .
- الطبيبة لم تخرج من محيط الثانوية -
《 إلى أين تأخدين أيتها الطبيبة 》
قالت فانيسا وهي خائفة .
《 يوجد هنا هاتف سوف نستخدمه للإتصال بأقاربك ، لا يمكنا مغادرة الثانوية بسبب الكائن الغريب 》
تكلمت الطبيبة.
اتجهت إلى القبو مباشرة لأنها لم تشعر بأي حركة في الأعلى .
ببطئ كانت تسير حتى وصلت إلى باب معاصر عن الطابع القديم للمنزل ، شرعت في دخول وإكتشاف ما وراءه.
كانت هناك العديد من الأجهزة و بعض المخلوقات الغربية والمشوهة لكن ما لفت إنتباهها هو كائن سينودكتوس المتصل ببعض الأجهزة و بالقرب منه بعض الإناث لكائنات أسطورية أخرى .
كانت تعلم أن شقيقتها حقيرة لكن ليس إلى هذه الدرجة
《 ما هذه الكائنات أيتها الطبيبة ؟ 》
قالت فانيسا وهي تتصنع الخوف.
《إنها مخلوقات أسطورية فانيسا ، العالم الذي تعيشين فيه صغير وهناك كائنات أخرى مثل المستذئبين ومصاصي الدماء والشياطين و السحرة و حوريات البحر والملائكة. كلها تعيش في الحقيقة وليست من عالم الخيال . 》
تتحدث و تزيل الأغطية من جدران الغرفة لتظهر تلك الكائنات التي تتحدث عنها تسبح في مواد كيميائية .
قالت فانيسا وكأنها تضغط على الحروف من أجل تأكد على إيصال السؤال لها .
《 احتاج إلى دمك لإيجاد علاج لوالدتي ، لا أريدك إحباطك لكن لا خروج لك من هنا مطلقا حتى وإن كلف الأمر حياتك بائسة》
صرخت الطبيبة .
أخدت تنادي على بعض الأشخاص ليدخل رجلان ويقتاد فانيسا إلى كرسي بقيود ثم وضعوا القيود لمنعها من الحركة .
《 أرجوك أنت ترتكبين خطأ كبير ، دعني أذهب من فضلك 》
أخدت تتحدث فانيسا و هي تحاول الهرب .
تقدم إليه وأحكمت قبضتها على دقنها
《 إستمعي لي أيتها الحقيرة ، أي جزء لحد الأن لم تدرك معناه ، أنت هنا مجرد فأر تجارب ليس لذلك الحق في الإعتراض 》.
《 أرى أنك لم تتغير إميليا مازلت بنفس الحقارة التى تركت عليها أيتها أنانية جبانة》
قالت فانيسا .
شلت الصدمة حركتها فقط شخص واحد كان يعلن كراهيته لها كانت أختها غير الشقيقة مونيكا .
《 مونيكا، مونيكا ، لا يمكن 》
قالت طبيبة .
《 أجل مونيكا ، عزيزتي لقد جئت من أجلك أختي .》
قامت بسهولة من الكرسي ، تسير إليها وهي تتحدث 《 كم رغبت في قتلك منذ أن رأيتك لكن لابأس من الإنتظار أحيانا 》.
قذفتها نحو إحدى هياكل المحفوظة والتي تهشم زجاجها و سقطت محتوياتها في الأرض. .
كان هناك خمس شياطين في ذلك المنزل المنعزل بإضافة إلى أختها .
《 اسف أميليا سوف أنتهي من ألعابك الفاسدة ثم سوف أتفرغ لك 》
قالت مونيكا .
كان هناك خمس شياطين في ذلك المنزل المنعزل بإضافة إلى أختها .《 اسف أميليا سوف أنتهي من ألعابك الفاسدة ثم سوف أتفرغ لك 》
قالت مونيكا .
إرتفعت قليلا عن الأرض و أطلقت قواها التي حجبت المنزل كليا ، بدأت قواها تخترق البيت من كل الجهات بهذف تحطيمه وإزالته من جذوره .
لم يجد الشياطين مهرب للخروج وبدؤوا في أطلاق ألسن من النيران لكن لم يتمكن منهم أحد من إضعاف الحاجز الأسود ، أصبح يضيق الحاجز شيء فشيء حتى سحقهم ثم أخدت الأطياف تأكل أجسادهم بينما أضحى البيت ركاما
《لقد أصبحنا وحدنا أختي 》
قالت مونيكا.
قامت بتثيبها في الجدار بإستخدام الأطياف ثم وجهت لها عدة طعنات في جسدها
《 كان لابد من قتلكم عندما كانت أمي تعاني في صمت من وجودكم في حياتها لكنها رفضت خوفا من تصرفات رفيقها لكن الأن لن أترك نسله على قيد الحياة أبدا . 》.
قامت بشق الطبيبة نصفين وتركت كل شيء كما هو فالأهم عندها أن تتخلص منها .
في مكان بعيد في ألاسكا حيث يعقد المجلس الأعلى للخوارق جلسة طارئة والتي ترأسها ألفا كارلوس .
إمتلئت القاعة بالكائنات الأسطورية فالأمر كان بالغ الاهمية حيث إنتشرت منذ عدة ساعات حادثة غربية في جميع القنوات التليفزيونية و في شبكة الإنترنت حيث إبتلعث مادة فضائية سوداء منطقة جغرافية كبير جدا في الولايات المتحدة الأمريكية.