رواية ألفا الجبل الأسود

البارت الثامن {1}

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

وضع جايكوب الملفات على المكتب ثم بدأ بدراستها لأنه لا يثق في تلك المستشارة مطلقا حيث إكتشف من خلال علاجه للمرضى أن بعضهم يعاني من أعراض مجهولة .
في أثناء ذلك ولج إلى الغرفة مساعده الشخصي برفقة شخص أخر والذي كان إحدى ممرضات المشفى والتي كانت مشرفة على حالة فانيسا .
قال المساعد بصيغة باردة و جامد خالية من مشاعر
《 هذه قائمة الأدوية التي إستهلكها مستشفى و معهد البحث منذ تولي المستشارة العمل 》ثم غادر المكان تارك تلك الممرضة غارقة في أمواج من القلق والخوف .
لم يظهر جايكوب لتلك المسكينة أي تفاعل مع وجودها ولا على أنه يستطيع قراءة أفكارها لأنه كان يتفحص قائمة الأدوية لعله يجد أية هفوة تمنح الأمل لضنونه لكنه إستدرك الأمر بعد أن شاهد ظلا يرتسم على أوراق التقرير
ليرفع رأسه حيث بادلته إبتسامة طفل صغير وقع في مأزق بينما تردد داخلها
《 غبية لماذا لا تتحكمين في فضولك 》.
أشار لها بالجلوس ولم تتأخر الممرضة في تنفيذ أوامره حيث جلست في أول مقعد يقابلها ثم خطابها قائلا بصوت هادئ 《 أرغب من فضلك في شرح ماحدث بالضبط يوم حضور تلك البشرية》.
إبتسمت إبتسامة متكلفة فهو خبير بهذه السلوكيات وقالت
《 طبعا سموك أنا في خدمتك》.
بدأت الممرضة بسرد ماحدث له ، فهو رغم أنه قرأ الملف لكنه أراد الإستماع إليها ، إنتبه إلى شيء لم يذكر في تقرير خلال حديثها إذ بتر كلامها بسؤالا
《 لماذا أخدتم ثلاثة عينات من دمها 》.
تفاجأت من فضوله لكن أجابت بصراحة عن إستفساره
《 أنا لا أعلم سبب ذلك كل ما في الأمر رغم أنني متأكد من أدائي لمهمات بشكل كامل لكن المخبر أعلمني أن العينات كانت ملوثة لذا إضطررت لأخد ثلاثة عينات منها 》.
شعر أن هناك سر في الموضوع وأن الماكثة أمامه لن تستطيع تقديم أكثر مما منحته لذا تعمد أن يلجأ إلى قدرته الثانية من أجل تحصيل معلومات أكثر حيث قدم لها ماء وهو يقول لها
《 تفضلي لقد أهلكت حضرتك بإستفساراتي الكثيرة أرجو أن يساعدك في إسترجاع أنفاسك 》.
إقترب إليها وهي كرد فعل حاولت أخد الماء منه حيث تلامست أصابعهما وفورا بدأ في غزو ذاكرتها والبحث عن دليل وماهي إلا ثواني حتى وجد ما يبحث عنه فقد شاهد أنها تدخل إلى المخبر وأمامها العينتين السابقتين وبعض الأنابيب بألوان غربية وبعض المواد الغربية من بينها خانق الذئاب لكنه عاد إلى الواقع نتيجة إلى إهتزازه بين يدي الممرضة التي هلعت بعد عدم إستجابته لندائها وتجمده .
ضنت أن مكروه قد أصابه لذا أسرعت إلى طلب مساعده بينما حاول هو تهدأت الوضع حيث أخبرها أنها مجرد روئ تأتي إليه ، ما كان من الممرضة إلا الأبتعاد وإصدار صوت تعجب 《 أوه》ثم إستأدنت للمغادرة بعدما شعرت لغرابة الموقف
ظل مساعد ينتظر تلك الضيفة لإلقاء عليها بعض التعليمات الصارمة بعد أن أصدر في حقه الأمير فرمان بالإبعاد عن مكتبه الشخصي مؤقتا.
لم تخالف الممرضة رغبته وأطلت بهيئتها الجميلة تتقدم للمغادرة وهي شاردة حيث أسرع إليها فكانت تشبه فريسة وقعت بين أنياب الفهد .
نتيجة ظهوره أمامها فجأة تراجعت إلى الخلف ولم تستطع الحفاظ على توازنها وكادت أن تسقط لولا يديه الفولاذية التى أمسكت بها، هذه الحركة كانت نار على عليهما إستشعرا لذة تسري بين أوردتهما بالإضافة إلى خفقان قلبيهما وإلى تصبغ وجنتيها بالأحمر .
حمم المساعد من أجل تدارك الأمر وإبعاد الخجل عن الممرضة إذ قال لها مهدد بصوت منخفض أطلق في جسدها قشعيرة وبرودة
《 سيدتي إذا أطلقت لسانك عن ماحدث في هذه الجدران فإنني مضظر إلى إرسالك في تذكرة بلا عودة إلى العالم الأخر 》كما أن ملامحه ساهمت في إضفاء الرعب على المكان .
فرت الممرضة من مكان بسرعة القصوى بعد أن ترك لها المساعد مجالا للمغادرة.
في الميتم كانت فانيسا تغط في نوم عميق بينما كانت تلك الشقراء تضع خطة لإختطاف ساحر أو ساحرة حيث جهزت حقيبتها المدرسية ثم وضعت فيها شريط لاصق و حبل ثم رداد الفلفل إذ شملت الخطة رش بعض رداد الفلفل ثم إيقاعه بحركات الكراتيه وبعدها تقيده بحبل ومنعه من الصراخ بشريط لاصق .
بعد إنتهاء أنجل من تجهيز كل شيء عمدت إلى النوم وهي متحمسة جدا للبدأ بتنفيذ مخططها .
مضى الأسبوع على الكل بأحداث مختلفة ومتباينة حيث أصبحت فانيسا تتحاشى تعامل مع الأخرين وتشعر دائما بالخطر كأنها في وكر لثعابين بينما أنجل قضت الفترة الزمنية في التجسس و مراقبة الطلبة والأساتذة لعلها تجد مؤشرا ورغم ذلك فقد فشلت فشلا ذريعا.
إستطاع جايكوب أن يجمع قطع الأحجية المفقودة
من مسألة فانيسا في تلك المدة إذ أدهشته الحقائق التي توصل إليها فقد رأى ماحدث في قاعة المصارعة و ما وقع لذلك الشيطان الصغير من إصابات مختلفة إذ تعرض لحروق من الدرجة الثانية في يديه وإلى كسور على مستوى العمود الفقري و إلى إحدى عشر غرزة في رأسه وكما أن العينات الثلاثة التي أخدت من فانيسا واحدة منهم حولت إلى جهة غير معلومة الأمر الذي أثر قلقه ، عاد إلى المكتب قرر أن يقترب من تلك البشرية أكثر
عندما كان يراجع بعض الملفات ولم يشعر بأنه يغفوا إذ سمع صوت يناديه من بعيد و مكان يعمه الظلام و الضباب حيث أخد يتبع الصدى حتى وجد نفسه أمام غرفة العرش في القصر الملكي وفجأة فتحت الأبواب على مصراعيها و فأبصر شخص ملقى في البلاط إقترب ليتبين أنه لإمرأة جملية الملاح لكن تظهر عليها علامات التعب والإرهاق كما تملئ جسدها عدة إصابات و فستانها تكسوه دماء .
نادى عليها بصوت مرتفع 《سيدتي هل أنت بخير 》لم تخيب أماله حيث رجعت إلى وعيها ثم إبتسمت له ووضعت في يده قلادة ثم تحدث بصوت متقطع 《 يحب عليك حمايتها ، أرجو أن تعوضها عن ما فعلته لها و أخبرها بأنني أسفة، القلادة هي مفتاح 》 ثم تحول إلى ضباب فتجمد مكانه وظل ينظر إلى القلادة ، إستيقظ من نومه ووجد نفسه يحمل القلادة بين يده فعلا ، لزمه هذا الحلم لمدة أسبوع .
في نهاية الأسبوع تجهزت كل من فانيسا و أنجل لذهاب إلى المشفى رغم أن الأولى كانت تتحجج من الصباح الباكر بعدم الذهاب و أما الثانية فقد جهزت حقيبة كبيرة و كانت متحمسة زيادة على اللزوم.
عند مدخل المستشفى ظلت الفتاتين تتشاجرا حول دخول من عدمه .
《أنا لا أريد الدخول أرجوكي ،ما رأيك في تناول المثلجات في محلك المفضل أنجي؟》قالت فانيسا بأسلوب إغراء .
《انت لا تستطيعين تحمل تكلفة المثلجات أيتها الغبية لذا توقف عن الهروب سوف ندخل إذ سوف نذخل لا مجال لتراجع 》تحدث أنجل بعصبية و غضب في الأخير.
كان جايكوب ينتظر أمام الإستقبال ويحمل العديد من الملفات لكن نظر إلى الساعة ووجد أنهما تأخرتا خمس دقائق عن موعد المطلوب وضع الوثائق ثم توجه إلى الخارج و تفاجأ أنهما تتعاركان ، تقدم إليهما وأراد قراءة أفكارهما لذا تقدم أكثر فأكثر .
كانت أفكار أنجل تتوافد إلى سمعه لو لم يكن موقف جاد لإنفجر من الضحك إلا أن الحيرة والفضول قد إحتلا صدره وتردد سؤال وحيد في عقله
《 كيف لتلك الصغيرة أن تقف خصم قوي أمام قدراته وتنجح في صدها دون مجهود 》، هنا تأكد أنه أمام مخلوق يفوق العالم الأسطوري قوة .
لم يبتلع الصدمة الأولى حتى تلقى الثانية عندما أدرك من خلال أفكار أنجل أنهما تعلمان بوجود عالم السحرة لذا قطع مسافة المتبقية بينهما و سارع لإلقاء التحية عليها .
《 لقد تأخرتما كثير عن التدريب سوف أطر لتعويض التأخر بوقت إضافي طويل نظر لنشاطكم الكبير 》
قال وهو يرسل لهم نظرات سخرية .
تبادلتا الإتهام بالنظرات بينهما ثم قطعت فانيسا الصمت قائلة
《 نحن أسفتان على ما حصل هنا لن نكرر ما حدث 》.
رد الأخر متحدثا بصوت هامس لم يصل لهما
《 لن يكون لديكم الوقت الكافي لتكرار سخافتكما مطلقا 》.
أشار لهما بالتقدم أمامه لكنه سمع أفكارك أنجل الشيطانية《 فقد دعني اجد ساحرة تحقق حلمي وبعدها سوف أفصل رأسك عن جسدك أيها الوحش بأربع عيون 》- جايكوب يضع نظرات - ، لم يصدق ماحدث لأنه أول مرة شخص يهدده ولا يخشى شيء.
وصلوا الإستقبال حيث أوقفهم ووضع بعض الملفات في أحضان فانيسا و جزء في أحضان أنجل مع تعمده لمس كل منهما غير أن هذه المرة حلفه الحظ كثيرا إذ وجد أن هذه الشرسة تشارك تلك البريئة جل حياتها لذا إحتفظ بكل الذكريات .
قادهما إلى إحدى الغرف الخالية حيث شرح لهما طريقة العمل حيث قال لها بصرامة 《 بما أنني أقدس المثالية جدا في العمل إذ عليكما أن تكونا في نفس المستوى من أجل ضمان تدريب ناجح لذا سوف أعمل معكم على خطة صارمة جدا ، أولا لن يكون تدريب بعد الأن في المشفى و ثانيا يجب عليكم تعلم الأعشاب الطبية و إستخداماتها ، في هذه الوثائق دراسة معمقة عن الأعشاب لذا عليكم حفظ هذه المعلومات ثم جمع الأعشاب في مدة شهر من الأن 》.

تجلت الصدمة عليهما لكن إحداهما كادت تطير من السعادة فيما الأخرى تحولت ملامحها إلى حيوان مفترس ينتظر فرصة للهجوم .
تسألت فانيسا بصوت مسموع كليهما قائلة بحيرة بالغة 《 ماذا نفعل الأن ؟ هل نغادر أم لا 》.
صرخت أنجل بصوت مرتفع وكأن أمالها قد تحطمة كليا 《 لا يمكن أن نغادر ،ولا يمكن 》.
راقب جايكوب أفعالهما كما إستمع إلى مخاوف أنجل ثم قال
《 هناك شخص ينتظركما خارجا مع حقائب لكما سوف تأخدان الملف الأولى و تبحثون عن النبتة الموجود فيه ، الأن هيا غادرا 》.
انقلبت الأية بين المرهقتين فأنجل قامت بعلامة نصر وأخرجت لسانها إلى فانيسا فيما كانت الأخرى تضع رأسها على طاولة و تشتم نفسها لأنها قدمت إلى هنا .
في نهاية اليوم قامت عاصفة بين الأمير جايكوب والطبية والتي إقتحمت بشكل همجي جدا مكتبه إذ قالت بعصبية مطلقة وملامح الغضب بارزة 《 كيف تجرأ أيها الأمير على معارضة قرارتي و التقليل من مكانتي و تعريض عالم الأسطوري إلى الخطر 》.
إندهش الأمير من سلوكها فالغضب قد أعمى بصيرتها لان رغم أن منصبها الإداري أعلى منه في المشفى لكن سلطته أعلى منها إذ يعتبر نائب للملك في هذه الثانوية.
تحدث الأمير بهدوء يخفى مشاعر الغضب منها
《 لا بد أن سيادتك قد تناست بعض الأمور الأساسية انني ممثل الملك هنا و وظيفتي هي تأمين الأمن والأمان لكل رعايا المملكة 》.
بالرغم من أنها مازالت تشعر بالغضب إلا أنها حاولت إظهار ملامح التأسف مع تصريحها الدبلوماسي الخبيث 《 أرجوا أن تعفوا عن تسرعي أيها الأمير 》.
أراد مجارتها في نواياها اذ تكلم لكنه ختم حديثه بتهديد صريح لها
《 لقد تقبلت إعتذارك أيتها الطبيبة لكن ليكن في علمك أن هذه أخر مرة أسمح بتجاوز مثل هذا 》.
استنجت من حديثه وجود مشاعر العداء لها عنده لذا قررت عمل هدنة معه من أجل تحقيق أهدافها حيث قالت
《 أطلب من سيادتكم الصفح عن التهور الذي قابلت به قراراتكم لكن لم يكن تصرفي تجاوزا وإنما كان دفاعا عن عالم الأسطوري 》 .
أجاب ببرودة عن تبريرها المتأخر
《 لقد أرسلت سابقا الخطة إلى مكتبك لتوقيع عليه والسماح ببعض الأمور في المشفى لكن التنفيذ بعد شهر من الأن 》
كادت أن تظهر سعادتها لأنه منح لها المجال لتقرب من البشرية وبالتالي الحصول على رغبته السرية .
نظر إلى ملامحها التى برزت عليها علامات الشر ولكنه كان يتوعد لها في سره بأن يكشف عن مخططاتها الجهنمية التي تمارسها في الخفاء.