✧²

201 19 45
                                    

✧✧✧

أرينا.

تقدمت بخطواتها المترنحة تحتضن كتابها السحري تستمد منه القوة، تتمتم بشيء ما بينما تنظر للكتاب وتقف في منتصف الميدان، حيث قبع في آخره شجرة شديدة الضخامة تحتمي الأزهار والحيوانات بظلها.

ملئت رئتيها بالهواء وتركت كتابها أرجوانيّ اللون ليطفو بجانبها، تقدمت اكثر لحيث كانت الطبيعة الأم متمثلة في الشجرة التي وقفت قبالتها، تقوس حاجباها بأسى وقبضت علي كفيها حين رأت الحيوانات تُحني رؤوسها وتبتعد من حولها، الأزهار كذلك احنت جذوعها واستدارت بينما تسمع الأنين الصادر منها لتسقط علي ركبتيها مستسلمة.

"لقد تغيرتي، أرينا." صوت الطبيعة الحكيم كعادته اخترق مسامعها ليزداد انقباض صدرها وضغطها علي كفيها، نظرت حولها لتمثايل الميدان وألوانه البيضاء والزرقاء؛ كوسيلة لكيلا تنهار وسطه.

"انظري الي هنا." قبضت علي فكها واحنت رأسها لتتساقط خصلات شعرها البيضاء المختلطة بالأزرق علي وجهها مخفيةً اياه.

"انتِ الآن آثمة.." فتحت أعينها بغتة لتظهر ارجوانيتيها الفريدة التي توسعت قزحيتيها وتتساقط من عينيها دمعة علي خدها الشاحب.

"تلوث بياضك بالسواد حينما انجرفتِ خلف مشاعرك وسرقتي روحًا بريئة من ارواح البشر يا أبنة الميدان." شهقت حينما ظهر فجأة ثلاث شابات بأجنحة وملامح قاسية طافيين بقرب الطبيعة، احتدمت انفاسها، ظهور الحارسات الثلاث لا يدل علي شيء سوى نهايتها.

"لم-لم اقصد! سهمي اصابة عن طريق الخطأ اقسم، لم اتقصد قتله!" وسط انفعالها وقفت بحدة لتنتبه وقتها بجذوع صغيرة خرجت من باطن الأرض لنباتات سامة ملتفة حول معصميها تقيد حركتها وتبث سمها داخل جسدها.

حولت انظارها لحيث اجتمعت الحارسات طافيين حولها مشكلين مثلثًا التهب بينران زرقاء خرجت من رؤوسه الثلاثة ما يشبه حبالًا التفت حولها بقسوة اجبرتها علي السقوط ارضًا.

"لطالما احببتك واحبتك الغابة وأرواحها لنقائك وروحك البيضاء، لن انكر خيبة املي حين تلوث بياضك واختلط بسواد الخطيئة.."

بدأت تأن بينما تنكمش علي جسدها من الألم المنبثق منه، بينما كتابها الطافي جوارها اشتعل فجأة بينران ارجوانية بدأت تلتهمه ببطئ لترتفع صرخاتها منتشرة في انحاء الغابة.

"لا يحيا آثمٌ بيننا."

رددت الطبيعة الأم لتنتصب الحارسات وتردد معها وتختفي أرينا وسط نيران مثلثهم التي تحولت نيرانه الزرقاء لواحدة ارجوانية شكلت اعصارًا خفيفة حرك جذوع الأشجار والأوراق المتساقطة ليختفي بعدها.

اختفت النيران كما اختفى جسد أرينا مخلفًا وراءه رمادًا حملته الرياح بعيدًا، انظار الحارسات بقيت معلقة حيث نقطة اختفائها وسط الميدان لتزفر احداهم وتتحرك لخلف الطبيعة وتتبعها واحدة وتبقى ثالثتهم متسمرة.

حيوانات الغابة ونباتاتها راقبت كل ما حدث بسكون يخبئ وراءه حزنًا علي الفتاة التي كانت بمثابة اميرة لهم. "وداعًا يا أبنة الميدان." انظارهم تعلقت بالحارسة التي تمتمت بخفوت ورفرفت لاحقة برفيقتيها.

واختفت ابنة الميدان وسطه فجأة كما ظهرت فجأة منذ ثمانية عشر عامًا. هذا ما فكرت به الطبيعة قبل ان تعود لتحجرها مرة أخرى.

✧✧✧

للمُبدعة بتاتس: Noha_Zayed

حُزن، أتمنى لو الطبيعة تعاقب الآثميين.
أرينا أثرت فيني بطريقة مؤلمة، فقط رأيت فيها هاله بنفسجية حزينة... فقط منبهرة كيف وصلت المشاعر3>.

رابع مشاركة وصلتنا هنا، لطيفة وخفيفة وموقف من عالم آخر.

إيكونا.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن