الجزء الرابع: حطام من دون فائدة

752 104 70
                                    

دخلت جميلة قسم العناية تسبقها الفرحة إلى لقاء وحيدتها، بقيت طوال الطريق إلى المستشفى تسبّح الباري وتشكره على نعمه فتفيض دموعها حماسة وشوقًا لرؤية صغيرتها. ما إن أصبحت داخل القسم حتّى أوقفتها ممرّضة شابّة قائلةً:

-عفوًا سيّدتي، عليك الانتظار، يجب أن يخرج سيادة الرئيس أوّلًا

-أرجوك يا ابنتي، أنا أمّها، بلّغي سيادته أنّني هنا، أريد الدخول فورًا

-كما تشائين سيّدتي، دعيني أساعدك في تجهيز نفسك، عليك ارتداء البرنس المعقّم و...

وقبل أن تكمل الممرّضة الكلام فُتح باب الغرفة على مهلٍ ليخرج الرئيس فهبّت جميلة نحوه هاتفةً:

-وحيدتي بخير الآن... أليس كذلك؟

نزع عنه البرنس وهو يجيب باسم العينين:

-أجل سيّدتي، سحر بخير، هي بانتظارك...

سكت قليلًا ثمّ أردف بصوت هادئ ملقيًا يده على كتف الأمّ:

-تعرفين أنّها الآن لا تقوى على الكلام، أعرف أنّك تتوقين إلى سماع صوتها لكن... إن شاء الله ستسمعينه قريبًا

- بإذن الله ستعود كما كانت... تضجّ بالحياة والعافية

-----------------------------------------------------------------------------------------------

أشرقت الشمس على المعمورة يبذغ بين خيوطها الذهبيّة أملٌ جديدٌ يتفتّح مع براعم الصباح، هي مصدر الحياة والتجدّد تمدّ المرء بطاقة حيويّة لعيش ما يجود عليه القدر من جمالٍ أو قبحٍ في مغامراته اليوميّة. وما حمله هذا الصباح لسيادته لا يمكن أن يُعبَّر عنه في بضع كلمات، فروعة الخبر جعلته متأهّبًا عند باب الغرفة يتحرّق لرؤية حبيبته تخرج من العناية لتُنقل إلى جناحٍ في الطبقة الأخيرة لا يُفتح إلّا لكبار القوم. أراد الرئيس أن يوفّر لها جميع سبل الراحة من حيث امتياز الخدمة ورحابة المكان. غرفة كبيرة من الدرجة الأولى يتفرّع منها بهوٌ واسع مكتمل الأثاث ينفذ إلى شرفة تطلّ على زرقة السماء.

صادف انتظاره أمام قسم العناية مع وصول دكتور أرسلان آتيًا لمعاينة أحد المرضى بعد عودته من مؤتمر طبّيّ في ألمانيا، وفور رؤية الرئيس عند الباب تبادر إلى ذهنه أنّ السيّدة نازلي تقبع في إحدى الغرف فتوجّه صوبه فورًا يستعلم مستغربًا عن عدم إعلامه بالأمر كونه طبيبها الخاصّ:

-سيادة الرئيس، ماذا حصل؟ هل السيّدة الكبيرة بخير؟

-أجل دكتور بفضل الله هي بخير، أنا هنا لسبب آخر، سألت عنك فقيل لي إنّك مسافر، أردتُ أن تطّلع على ملفّ الآنسة سحر، سحر أوغلو

أخذه الجمود لثوانٍ ثمّ سأل مستوضحًا:

-سحر أوغلو؟؟ تقصد الممرّضة التي أرسلتها لتهتمّ بعلاج السيّدة الوالدة؟ ما بها الآنسة سحر؟ هي من خيرة الممرّضات وقد اخترتها بالذات لأنّني أعرف كفاءتها ونبل أخلاقها، وعرفت منها لاحقًا أنّها قامت بالمهمّة على أكمل وجه

سيادة الرئيس الموسم الثانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن