الفَصل الأول: الرَجُل

300 22 2
                                    

تصويت وتعليق بين الفقرات لطفاً..

****

استيقظ على صوت منبهه العالي، في العادة تقوم هي بأغلاق المنبه ثم إيقاظه، يجب أن يعتاد على البرود في حياته، ترك فراشه ، لا يوجد ملابس جاهزة بالقرب منه، ارتسمت الابتسامة الساخرة على وجهه، ماذا قد يعتقد ؟ حسناً أنه أول يوم فقط، سوف يعتاد فيما بعد.

نادى بصوتٍ عالٍ "يا مروة .." وسريعاً ما لبت الخادمة ندائه بطرقها الباب اولاً ، ودخولها الغرفة حينما سمح لها بذلك "جهزيلي لبس الشغل" اومأت الخادمة بطاعة متجهة نحو خزانته، كانت على وشك أخذ أحد بذلاته، لكنه فجأة اوقفها "لا .. خلاص اطلعي هجهزهم بنفسي.." استعادت هي يدها لتومئ اليه متسائله بينما تُمسك بجلبابها بتوتر "تؤمر بحاجة تانية يا بيه؟"

"لا،ولما انادي على مامتك هي الي تيجي يا يـسرا، مش عايز اتعبك معايا"  اومئت يسرا سريعاً وانسحب من غرفته، سحقاً، دائماً ما تبوء خطط والدتها بالفشل ، ها هو أحرجها ، عضت شفتها السفلى مبتسمة، على الاقل نالت شرف رؤيته اليوم.

ركضت إلى المطبخ في أسفل القصر تحتضن أمها بشدة "شفته يامه شفته!" تأفتت أمها وهي تضع البطاطس في الزيت  لتحضير الأفطار "منتي بتشوفيه كل يوم يا فالحة ، فرقت إيه دلوقت؟" 

"فرق انه راجل عزابي ، مش قادرة اصبر حاسه اني هموت قبل ما يتحقق حلمي " اردفت بحالمية ناظرة إلى السقف، بينما في الخارج، قد نزل كريم بينما يتفقد هاتفه، وجد والدته وأخوانه مع زوجاتهم وأبنائهم، أخته وزوجها والأطفال جالسين على مائدة الأفطار ينتظرون حضوره، مر بجانب المائدة متجاهلاً الكرسيان الفارغان، حيث مكانه هو وياسمين ليقترب من أمه مقبلاً رأسها "صباح الخير .."

لم يقل اميرتي، او ملكتي ، لم يفعل أي شيء من المعتاد سوى تقبيل رأسها ، حتى أنه في العادة تحصل هي وزوجته على القبلة، اما الآن فلا شيء كالسابق، اجابته امه ممسكة بيده "صباح الفل يا حبيبي، اقعد افطر متروحش على لحم بطنك كده"

"ماليش نفس والله يامه، متستنونيش على العشا ورايا شغل كتير" انهى حديثه مغادراً القاعة، بل القصر كله، راكباً سيارته ومتوجهاً إلى شركته، وعقله لا ينفك عن استرجاع ملامحها التي لا يستطيع نسيانها أو نسيان شكلها، كل حواسه تفتقدها منذ الآن ، افتد ملمس بشرتها الناعم تحت كفه المناقض، افتقد رائحتها الكفيله بفقدانه عقله، اشتاق لشعرها الذي يمتع ناظريه كلما نظر اليه، اشتاق لصوتها الناعم الثقيل، اشتاق لها وبشدة.

لكنه بالتأكيد لن يعترف بهذا، لن تتمكن من كبريائه مرة أخرى، لقد انتهى الأمر.

كُـلهنَّ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن