삼 3

656 54 102
                                    

-٠-٠-٠-٠-٠-٠٠-٠-٠-
بمنتهى الصبر كان سوبين ينتظر انتهاء يومه
الدراسيّ كي ينطلق نحو وجهته لرؤية ذلك
الشخص الذي لم تمضِ أربع وعشرون ساعة
بعد منذ التقائه به آخر مرة.

بدا ذلك الصبر جليًّا في قلمه الذي كان يخطُّ
أشكالًا عشوائية في أوراقه بحدة تجعله يبدو
كما لو أنه يطعمها مرارًا وتكرارًا.

ولم تغفل عينا رفيقه عن حركاته تلك ولم تكن
غريبة عليه؛ فهو اعتاد على ذلك من سوبين
كلما كان لديه أو لديهما معًا موعد مهم لا
يمكنهما الذهاب له سوى بعد انتهاء دروسهما.

في كل مرة لا يتمكن سوبين من كبت حماسه
ورغبته في الخروج من المكان في أسرع وقت
فيطلق تلك الرغبات على أوراقه المسكينة بعَون
من قلمه.

لا شيء غريب في الأمر سوى كونه لم يحدث
منذ فترة طويلة، ربما عامان، ربما أكثر، هو لا
يذكر أنه رأى سوبين يقوم بعادته تلك منذ وقت
طويل جدًا.

ابتسامته أبدت رضاه عن رؤيته لسوبين
متحمسًا لشيء ما هكذا لكنه لكن فضوله
ساهم في اختفائها سريعّا.

"لديك موعد ما؟" في محاولة لإخفاء ذلك
الفضول سأل سؤاله دون أن يرفع نظره عن
أوراقه بطريقة جعلته يبدو عابرًا.

"أجل." بنفس طريقة السؤال أجاب سوبين مجبرًا
الآخر على رفع عينَيه إليها مستغربًا طريقة الرد؛
فكما يعرف سوبين دانييل جيدًا، هو الآخر يعرفه
ويعلم أن حماسه الذي يرافق حركاته منذ بداية
اليوم عادةً لا تتماشى مع هذه الإجابة.

هو في العادة سيبقى يثرثر له عن الموعد وعما
به لفعله به وبمَن سيلتقي وكم هو متحمس لكل
ذلك لكنه الآن لم يفعل.

"مع شخص أعرفه؟" إجابة كتلك استدعت
سؤالًا آخر يشبع فضول السائل لكنه على غير
المعتاد لم يتلقَّ سوى كذبة.

"هيونينغ كاي، هل تحدثتُ معك عنه من قبل؟
هو قريب لي قادم من مدينة بعيدة لذا متحمس
لرؤيته." أخيرًا قرر سوبين النظر للآخر دون أن
يبدو في عينيه كونه يقول شيئًا سوى الحقيقة.

هو لا يريد إخفاء شيء عن صديقه المقرب لكنه
هو مَن بدأ بإخفاء أمر مهم كهذا عن سوبين، مع
ذلك سوبين سيخبره في نهاية المطاف لكن ربما
ينتظر إلى أن يفهم ما الذي يجري أولًا.

على الجانب الآهر بدا الحديث منطقيًّا لدانييل؛

فهو قد أخبره حقًا عن هذا القريب من قبل وعن
قدر حماسه لرؤيته له لكونهما لا يلتقيان سوى
نادرًا بحكم المسافة بينهما.

"حسنًا. أنت أخبرتني عنه سابقًا. لما بدوتَ متكتمًا
قليلًا؟ جعلتني أظنك تواعد أحدًا ما سِرًّا!" بنبرة
مازحة أبدى دانييل شكه الذي وجد ضحكة خافتة
من سوبين مجاريًا له.

سَدِيم | يُـ بِـحيث تعيش القصص. اكتشف الآن