٥..تطوّرات مفاجئة

1.6K 94 36
                                    

مرّت الأيّام سريعة و تلتها الأسابيع و الشهور..و لا هزان رأت وجه ياغيز مرة أخرى..و لا هو التقاها و لو صدفة..و انغمس كل منهما في حياته في محاولة لنسيان تلك الليلة و تجاوزها..لكن النسيان كان ضربا من المستحيل..و بقيت تلك الليلة بالنسبة لكليهما بمثابة الندبة التي لم و لن تشفى و لم و لن يمحى أثرها..هي تتذكرها كلما سمعت كلمة غزل أو إطراء و كأنها لطخة تلوّث جبينها و تمنعها من تقبّل أية علاقة مع رجل..و كأن ياغيز وصمها بوصمة عار جعلتها غير قابلة للحب أو للعلاقات..كان هو قد أتى مرتين الى باريس و إلى المعرض لعله يراها من جديد..لكنها كانت قد اتفقت مع جيريمي بأن يخبرها بموعد وصوله لكي تسافر هي الى تركيا و تتجنب لقاءه..و هذا ما كان يحدث فعلا..و لم يزعجها جيريمي بالسؤال عن السبب لأنه كان قد شعر بإنزعاجها منه منذ المرة الأولى التي التقيا فيها..و كانت كلما عادت الى تركيا ترى ابتسامة زينب ترتسم على شفتيها فتطمئن بأنها قد تجاوزت الأزمة الصعبة التي مرت بها و لم يبقى لها أي أثر سلبي عليها و كان يسعدها أن ترى أختها قد استأنفت حياتها بصفة طبيعية و عادت الى مدارج الجامعة لكي تواصل دراستها للمحاماة..دون أن تنسى المشاركة في مسابقات التمثيل و الاعلانات لكي تحقق حلمها بأن تكون وجها معروفا..لم تعارضها هزان و لم ترفض الفكرة لكنها كانت تصر على تشجيعها على الاهتمام بدراستها..و كانت تعي جيدا بأن فضيلة هي التي تملأ رأس زينب بأفكارها الغريبة عن الثراء السريع و استغلال الجمال في تغيير المستقبل و غيرها..
أما هو فكان كلما رأى أثر ذلك الجرح الغائر في كفّ يده تذكّر كلام هزان المهين و الصفعة التي تلقّاها منها..فتشتعل النيران في قلبه و يزداد غضبه أكثر فأكثر..صار يتابع صفحة المعرض الفرنسي على الانترنات و يرى صورها هناك..و يغتاظ كلما رأى ابتسامتها ترتسم على وجهها و كأنها تمكنت من فعل ما لم ينجح هو فيه..ألا و هو التجاوز و النسيان..واصل عيش حياته بنفس النسق المعتاد..يعمل نهارا و يشغل وقته ليلا بالنساء..يصطحب واحدة معه كل ليلة..يأخذها الى شقته الصغيرة التي يمتلكها بعيدا عن قصر أبيه..يصرّ على مناداتها بإسم هزان حتى و ان كان اسمها مغايرا..يعاشرها و هو يتخيل هزان..يقضي معها ليلة ساخنة ثم يمرّ الى غيرها..ظن بأنه سيصمد لوقت طويل على هذا المنوال دون أن يراها أو يلتقيها..لكنه لم يصمد سوى لشهر واحد فقط قبل أن يسافر الى باريس بحجة بعض الأشغال العالقة هناك..لكنه لم يلتقيها هناك..و تكرر الأمر في الشهر الموالي..فتأكد بأنها تتعمّد الاختفاء كلما علمت بمجيئه..كلّف أحد رجاله بالبحث وراءها لكي يعرف أكثر عن أهلها و عنها..فتمكن بذلك من الوصول الى منزل عائلتها..و علم بأن فضيلة تكون زوجة أبيها المرحوم و زينب هي أختها غير الشقيقة و التي تدرس المحاماة و تحلم في ذات الوقت بأن تصبح وجها إعلانيّا معروفا..أما هزان فقد أسست لنفسها حياة في باريس و لم يعد يربطها بتركيا إلا وجود أختها التي تحبها كثيرا فيها..و لم يهتم لمعرفة أية تفاصيل أخرى لأنه و بإختصار شديد وجد أسهل طريقة للضغط على هزان و لجعلها تستسلم له من جديد..كان يريد أن يحطم جبروتها و أن يكسر أَنَفَتَها أمامه لكي ينتقم منها على رفضها له و على تجرؤها على صفعه..لهذا لم ير لنفسه حلا مناسبا أكثر من ليّ ذراعها و إخضاعها له و تهديدها حتى ان لزم الأمر لكي يتخلّص من هوسه بها و من سيطرتها عليه..لعل ليلة أخرى معها تنجح في تخلّصه منها إلى الأبد..

مِن أجل أُختيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن