(٥)

1K 47 3
                                    

- هل لي بضغطة منك على النجمة عزيزي القارئ -

كنت كالغريب بأحلامي
احلام لم اعرف لها تفسير إلى حين رؤيتك
حين لمست يديك يداي لأول مرة
حين تقابلت شفتينا لحظتها
فهل أقع بالحب ثانية؟!
ام..
ام انه تأثير كان لك لم اعرف كيف أتفاداه!!

- نسمة -



- المكان : القاهرة -
- التاريخ : الرابع عشر من كانون الأول ٢٠٠٠ -

- نادي الجزيرة بالقاهرة -

جلست هي وسط تلك الخضرة التي تحاوطها من على كل جانب و اشعة الشمس تلك التي لمست كل انش من بشرتها ؛ قد يكون نهار ساطع للبعض و لكن ليس لأجلها او على الأقل ليس لها بعد الأن!! فكم كانت تسعدها اقل الأمور كنهار ساطع كنهار اليوم او الركض مع اول اشعة الشمس و ختام يوم بسهرة طويلة بإحدى الليالي الشتوية مع مشروب ساخن او حتى عناق طويل كان كفيل برسم تلك الضحكة على وجنتيها!! هكذا احبت الحياة بكل تفصيلة فيها!!
هكذا كانت "نسمة"
تبسمت بإستهزاء فتلك كانت حياتها قبل ان ينتهي كل شئ متحولاً لظلام دامس عتمة تامة ككافة كوابيسها هذه الأيام..
"ظلام" كالأربع سنوات الماضية التي مرت عليها..
اغمضت عينيها برهة مسترجعة لكل لحظة من هذا اليوم المشؤم فاربعة سنوات كانت كفيلة بأن تنسيها تلك الآلم التي عاشتها يومها..
ذلك اليوم الذي انهى كل شئ معه..
لكنها لم و لن تنسيها ابداً انها اصبحت عاقر!!
عقيم..
إمرأة دون نفع!!
شيئاً ما اخرجها للتو من شرودها للواقع المرير بعد ان لفظت بأحرف تلك السنوات الأربع على طرف لسانها و كأنها لتوها ادركت انهم اربعة سنوات بالفعل و ليست كلمات قد تلفظت بها للتو بل ايام و اسابيع قضتها في محاولات للنسيان!!
نسيان ما كتبته على نفسها من قهر و ذل فقط..
فقط تحت مسمى "الحب!!"
نمت تلك الإبتسامة الهازءة بجانب شفتيها كردة فعل على غباءها بل انانيتها المتناهية!!
فمن ستلوم؟!!
أ ستلومه؟!
هو؟!
زوجها المصون؟!
هو نفسه من حرمها من نعمة كنعمة الأمومة قبل طعنها و هي حامل في إبنه دون اي رحمة او حتى ثانية للتفكير قبلها؟!
أم ستلوم ذلك الحب الذي اعمى اخر ذرة بوجدانها حين تزوجت به؟!!
او حتى ستلوم قلبها على عشقه للرجل الخطأ؟! رغم تحذيرات الكل!!
فهي السبب!!
هي من تجاهلت اي مؤشرات قد ظهرت في وضوح من امام عينيها لسنوات دفعت هي ثمنها بالأخير لترفع هاتفها مرة اخيرة في اخر نصف ساعة في إلحاح و توتر بات على اصابعها تلك التي بدأت تهتز مع تذكرها لذلك النهار اللعين!!
و لعل اتصال اخر كان مخرج لها من تلك الذكريات التي لا تود تذكرها!!
رفعت سماعة هاتفها متصلة بها بإحدى صديقاتها الأثنتين..
فلولا لما كان للزمن رأي اخر لكان الثلاثة سوياً إلا آلان!!
فريدة و جيداء و هي ثالثهما كانا إذا رأيتهن معاً من بعيد لما فرقتهما عن الأخوة..
لكنها نهايات خالية مما كتبه القدر عوضاً عنهن لتبقى هي في حيرة بينهما بل كالوسيط بينهما منذ حين او بمعنى اصح منذ ان دخل عيسى بينهما الأثنتين في المعادلة ؛ دخل و فرق كل منهما عن الأخرى حين جنت جيداء فاضحة مشاعرها إتجاه عيسى و بأسوء وقت ممكن و بأبشع طريقة ممكنة و من امامها!!
امام فريدة تلك التي كانت قد حفرت حروف اسمه على جدران قلبها نفسه الذي امتلكه - عيسى - و من النظرات الأولى..
"الو.."
"ايوة يا فريدة فينكم؟!"
"ايه؟!"
"مش سامعاكي كويس!!"
التفت حينها سمعت نداؤه من بعيد ذلك الصغير الذي جرى بخطوات كبرت مع كل خطوة إتجاهها حتى اترمى في احضانها لحظتها متزامناً مع كلمات والدته قائلة "براحة يا فارس متجريش كده!!"
"فارس!!"
"ولد!!"
تراجعت نسمة للوراء خطواتين في تلك الثانية التي ارتمى فيها فارس في احضانها لتداعبه رافعة إياه لأحضانها قائلة "ما تسبيه يا فريدة على راحته!!"
لتهتف فريدة معقبة بعد ان وضعت كلتا اشياءهما اعلى تلك الطاولة قائلة "بقى شقي اوي يا نسمة!!"
مبيسمعش الكلام!!"
كله بسبب دلعك فيه!!"
"النهاردة كمان مكنش راضي يروح المدرسة لولا اني قلت له اننا جايين لك النادي بعديها.."
داعبته نسمة انف الصغير و في نبرة مزاح مزاولة "انا ادلع فيه براحتي!!"
"حبيبي دا الي جي عشاني.."
انزلت الصغير من بين احضانها حينها قبل ان تخرج تلك الألعاب من حقيبتها مهدية إياه لتعترض فريدة حينها في إمتعاض "يوه يا نسمة!!"
"انا مش قلت لك عنده لعب الدنيا لزمتهم ايه دول بس!!"
"انا اجيب له براحتي متدخليش انتِ بس!!" قالت نسمة بعد ان فتحت تلك الهدايا واحدة تلو الأخرى مع فارس لتلقنه درساً قائلة بعد ان اتخذت الأرض بجانبه "بس لو سمعت انك مش عايز تروح المدرسة تاني ساعتها هيبقى فيه زعل بس مش ماما الي هتزعل انا الي هزعل!!"
"اتفقنا؟!"
"اوعدني يلا!"
وعدها الصغير في هزة رأس لطيفة قائلاً "اتفقنا!!"
"فريدة.."
"كنت عايزة أسالك على حاجه كده!!"
سمعت فريدة نداءها حينها لتنزل بعينيها لها في إبتسامة سرعان ما إختفت حين واجهتها نسمة بذلك السؤال..
ذلك السؤال الذي فتح ابواب قد عزمت على عدم التفكير فيها او بالأخص هناو من امامها!!
نسمة..
تلك التي كانت في يوم شاهدة عيان على هذا العشق الذي جمعها هي و عيسى يوماً ما..
فسرعان ما وقفت نسمة مقتربة منها و هي تنفض التراب من كلتا يديها سائلة بهدوء كما لو لم تلقى قنبلة كفيلة بتفجير قلبها بسؤال كهذا "سمعت.."
"سمعت حاجه عن الي حصل..؟!"
إقتربت فريدة منها في نبرات متسائلة "الي حصل في ايه بالظبط..؟!"
اقتربت منها نسمة اكر و في كلمات ضمنت معانٍ لم يفهما إلا كلتاهما"يعني الي حاصل اليومين دول بين عيسى و جيداء.."
اعطتها فريدة ظهرها محاولة ألا تنجرف وراء توترها الذي كاد يفضح كل شئ بينما كانت تفرغ بعض من العصير لأبنها "يعني هعرف ايه يا نسمة..؟!"
"الي اعرفه الى الناس كلها عرفاه.."
"يعني الي حصل لعَلي.."
"دا الي انا اعرفه و لا اكتر و لا أقل.."
"غير كده هعرف منين!!"
استكملت فريدة كلماتها في نبرة غير مبالية قد زيفتها للتو "هو في حاجه حصلت تاني و لا ايه؟!"
تنهدت نسمة تنهيدة عالية في حيرة من امرها "مفيش.."
"بس المرة دي شكلها هترسي على طلاق!!"
"طلاق؟!"زيفت فريدة دهشتها كما لو لم تسمع تلك الكلمات منه هو شخصياً عيسى صباح امس حتى استكملت نسمة كلماتها "موضوع عَلي دا للأسف كسر ضهرهم.."
"و جيداء.."
" و لا بتاكل و لا بتشرب!!"
"و لا حتى عايزة تخرج من أوضتها.."
تنهدت فريدة قبل ان تضع ذلك الإبريق جانباً في صمت عبر عن تلك الكلمات التي لم تجدها حتى لتعلق لتنهي كلماتها قائلة "مش عارفة اقول ايه يا نسمة.."
"انا مش قادرة لغاية دلؤتي استوعب الي حصل.."
لزمت الصمت مرة اخرى فماذا ستقول و كلتاهما تعرف تلك الحقيقة المدفونة لسنوات طالت بعمر ذلك الصغير و أكثر الذي بدأ في اللهو دون عن كل تلك المشاكل اللعينة فقط في عالمه الخاص..
تقدمت فريدة من إبنها في خطوات معدودة قبل ان تنزل على ركبتها معطية إياه العصير بينما كانت تمسد على شعيراته تلك الحريرة في حب فقط متخيلة لحظة من دونه!!
مستحيل..
فحقاً ما حاله؟!!
ما حاله بعدما فقد اعز ما يملك؟!!
ابنه؟!!
دمه؟!
و لمَ تكررت كلماته على مسمعها الأن و اللعنة من امام نسمة تكررت كلماته على اذنيها كما لو تسمعه الأن "ارجوك يا فريدة.."
"انا محتاج لك.."
نزلت تلك الدمعه الخفية من عينيها لتمسحها في سرعة قبل ان تفاجأها نسمة سائلة ذلك السؤال التي تحاشت إطالة الحديث فقط لتتفادى سماعه"هو عيسى رجع كلمك تاني يا فريدة؟!"

طرف ثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن