(١٨)

545 26 28
                                    

- هل لي بضغطة منك على النجمة عزيزي القارئ -

لم يبقَ لي في هذه الدنيا سواكِ أنتِ، فقط أنتِ..
أنتِ...
أنتِ من جعلتني أهدم قوانين لم أكن أعرف سواها
أنتِ من كسرتِ أسوار قلبي بلمسة حانية
أنتِ من أشعلتِ نار و اكملت ثأهرها!!
انتِ!!ا
انتِ من تقفين امامي و تهتفين بغيري!!
بل انتِ من بدأتها و انتِ من ستنهيها هذه المرة!!
انتِ و بكِ و معكِ سأكون
و إن حالت بيننا الدُنا فلنا الموت..
موت بطء..
ينهينا كلما أصريتي على بُعاد لعين!
"انتِ"
"انت يا فريدة انتِ"
"كنت لي و ستكونين!!"
لأخر نفس لك ستظلين!!"

- عيسى -




- المكان : القاهرة -
- التاريخ : السادس عشر من كانون الأول ٢٠٠٠ -


- قصر عزيز الديب -

جلست هي اعلى سريرها و مظاهر الأعياء قد ظهرت تحت عينيها فلم تتناول ما يصلب طولها في الأيام الماضية و لو حتى القليل رافضة للأكل تماماً بل اكثر ما يزعجها هو إلحاح امها و الخدم على التصرف بطبيعة كما لو شيئاً لم يكن ؛ لتسخر بين نفسها فحقاً بالنسبة لها كل شئ لم يكن فحياتها ؛ لم تكن هي قط!! حياتها..
تلك الكذبة و هم عاشته لسنين فقبل وفاة والدها كان كل شئ وردياً لدرجة لا يصدقها عقل!
اب مثالي! و ام حنون و اخوين كالحصن الحصين عليها!!
فها هي انعم من بالأرض ؛ أليس كذلك؟! او هكذا ظنت! فكان والدها يستثنيها عن الكل غامراً إياها بكل الحب و الحنان!!
فلم تطلب شئياً إلا و كان مجاب لها!! حنان مبالغ فيه كان واضحاً عن الكل ام عن اخوانها الصبيان فلا تنكر معاملتهم لها و كأنها نَسمة تمشي على الأرض رغم التفرقة بينهم!! تفرقة بشعة لربما كانت تسعد لأجلها بيوم من الأيام!!
تفرقة اختلقها يوسف الديب - والدها-
تفرقة قطعية لذلك الجبروت الذي لا كلمة لغيره! ليكن فظاً مع الكل إلا معها بل الأسوء كانت ترى إستمتاعه بإهانة ادهم او حتى في ذله لبدر و ضربهم بأبشع الطرق على اي خطأ حتى و لو كانت ذلة لسان او حتى نسيان!
لا تنكر ذلك الغرور الذي شعرت به حينها ؛ غرور اصطحب بالإستحقاق خاصة بعدما لمعت عينيها بحب عيسى لها!!
ذلك الحب..
نفسه الذي اعمى قلبها تماماً فماذا ستريد غير ذلك؟! ألم تمتلك الدنيا هكذا؟! و بالفعل كانت الدنيا بإحدى كفي يديها قبل ان ينقلب كل شئ كل..
شئ..
ليتحول كل شئ امام عينيها إلى ظلام دامس بعدما جاء عيسى لخطبتها ؛ رفض الكل و اولهم ادهم رفض رفضاً قاطعاً قائلاً بالحرف "قلت لا!!"
"دا بالذات لاء يا فريدة!!" و آتى من وراءه الكل مرددين نفس الكلمات و بعدها بأيام قليلة توفى والدها دون سابق إنذار!! لينكشف ذلك الستار الذي غطى كل شئ..
إتتضحت كل تلك المهازل امام عينيها ؛ صراخ ليلاً نهاراً بأخوها الأكبر بدر دون اي سبب واضح قد تفهمه هي وسط تلك المشاحنات..
استمر الوضع لأشهر حتى هدأت النزعات المستمرة قليلاً لكن الحال بالمنزل كان كما هو في وجهة نظرها كان الوضع كالبركان المتأهب للفوران..
بل ظل كل شئ على هكذا لسنتين ؛ سنتين رأت فيهم تلك القهرة التي ارتسمت على وجهه اخيها الأكبر فحتى شعيراته قد اكلهم الشيب و هو في اوئل الثلاثين ؛ حاولت معرفة السبب ليرفض الكل إطلاعها على اي شئ مما يدور بينهم مُتجنبين اي حديث معها ؛ صمت حل بالبيت و كأن كل منهم على عداء مع الأخر بل الأسوء ان كل محاولتها باءت بالفشل الذريع في معرفة اي سبب لما يدور حولها من مشاحانات معتادة في كل صباح و كأنها بداية لكل يوم..
اسئلة متكررة سألتها مراراً دون حظ يحلفها اسئلة "انا عايزة افهم في ايه طيب يا بدر؟!!"
"انا محدش في البيت دا بيفهمني حاجه يا ماما!!"
"و انتَ.."
"هتفضل لغاية امتى يا ادهم!"
"هتفضل لغاية امتى زيهم مخبي عني كل حاجه!!"
ظل الحال راكداً على ما هو عليه اسئلة دارت بين صدرها دون إجابة لكنه من يدم الوضع طويلاً حتى تقدم كل منهما لخطبتها فكان اولهم يحيى ذلك المجنون اللزج الذي صرح لها مراراً و تكراراً انه مغرم بها رغم كرهها الشديد رغم كرها الشديد المصرح له!! و الأسوء ان لحظتها كان كل ما تعرفه عنه انه بن صديق للعائلة اي يعني المفضل لديهم!!
اما عن الثاني فكان ياسين ذلك الوديع الهادئ بن تلك العائلة الأرستقراطية الذي يتلائم مع وضعها الإجتماعي عكس ما كان عيسى عليه..
حينها رفضت رفض تاماً بالزواج من يحيى و هددت الكل بقطع شراينها امام الكل إذا تزوجت به!!
لينتهي بها الأمر بالزواج من ياسين الذي كان و كأنه العوض عما رأت في اخر سنتين ليكن كل ما عشته معه هم ستة اشهر..
ستة اشهر..
لا اكثر فكل مرة كان يحاول ان يمسها كانت تتعذر فكل مرة كان عذر شكل حتى استسلمت..
استسلمت ليلتها فلا مفر فها هو اصبح زوجها!!
لا رجعة في ذلك!!
لتحبس تلك الدموع في عينيها مع كل لمسة لَمسها لها ؛ مع كل قبلة قبلها لجسدها بل مع كل مرة كانت تشعر به بداخلها..
كانت الدموع تتسرب لعينيها دون اي إرادة منها ؛ ستة اشهر قضتهم هي وحيدة بالليالي تبكي في الحمام كاتمة كل آهاتها كي لا يسمعها من نام ملئ جفنيه على سريرهما فكان كل ما يسيطر عليها هو الندم ؛ الحسرة على حالها فكيف تفعل به هذا؟!! كيف و هي ترى بعينيه الحب إتجاهها فكانت لا تطيق لمسته حتى و تتمنى الموت في كل مرة بل كانت تترجى الزمن فرصة ثانية فلن تظلم ياسين معها ذلك الذي لم يكن له ذنب بأي شئ ؛ فلازال قلبها متعلقاً بعيسى حتى لو حاولت إقناع نفسها بالعكس..
و في غمضة عين انتهى كل شئ بعد ان اختلس ياسين السمع على احدى محادثات التي دارت بين بدر و عزيز في منتصف الليالي..
و باليوم التالي اخبرها كل شئ و ليته لم يخبرها
فما زادها إلا انها أرادات ان تدفن نفسها حية قبل ان تعرف حقيقة عائلتها القذرة!!
بل كانت تلك حقيقتها التي لما كانت صدقت اي منها لكنها لطالما سألت نفسها مراراً و تكراراً من اين كل تلك الثروة ؛ حينها وقفت امامه كالصنم و هي تتلقى الصدمة واحدة تلو الأخري!!

طرف ثالثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن