دوامة..

3.4K 310 70
                                    

دوامة.. هذا هو التعبير الصحيح للذي باتت تعيش فيه.. لا تعلم كيف مرت الايام.. ولا تعلم كم دام كابوسها.. كل الذي تتذكره أنها كانت تكثر النوم.. و ترفض رؤية اي احد حتى و إن كان من المعزين.. فوالدها لم يترك لها وجها تقابل به الناس.. اما هو.. فكانت ترفض بشدة رؤيته رغم محاولاته الحثيثة..بين اتصال و حضور.. لكنها كانت عنيده.. و كان مجرد ذكره يصيبها بالجنون و بحالة هستيرية تتركها منهكة القوى .. فلجأت الى النوم .. و باتت ساعات نومها  تغلب ساعات يقظتها.. تهرب من كل شيء.. من خيبتها.. غربتها و وحدتها.. نحفت كثيرا و دخلت في احدى الحالات النفسية التي تسبب لها الاختناق حتى من شرب الماء.. و مع ذلك كانت تتوسل لام سروة ان لا ترى يوسف.. أن لا يسمحوا له بالاقتراب منها.. احيانا كانت تستيقظ وهي تشم رائحته أو كانت تتخيلها.. فتبكي و تنهار... و بات رعب آخر يرافقها.. رعب ان تكون قد حملت جنينا في داخلها... فخجلت و احتارت وقتها في امرها .. لا تستطيع ان تقول ان زواجها قد تم وأنها ربما الآن حامل.. ليالي قضتها في رعب جديد فبات يحرمها من لذة منامها.. حتى هذه النعمة التي كانت تهرب فيها.. حرمت منها .. بسببه مجددا..

و مرت اياما لا تتذكرها لشدة كمدها حتى رأت ما ينفي حملها.. فعادت نفسيتها إلى الاستقرار نوعا ما.. و بدأت تفكر كيف ستتصرف.. فوجودها ببيت سروة ليس هو الحل رغم انهم و يعلم الله لم يقصروا ابدا معها.. بل كانوا اهل لها.. سند.. و عونا ...ساندوها في محنتها و  في أصعب فترات حياتها.. لكن هي تعلم أن وضع جارهم المادي ليس باليسير.. وهي لا تريد ان تحمله ثقلا جديدا ..

و كان يوما من  احدى الايام .. بعد أن استردت استقرارها  النفسي و كان ذلك بعد مرور أشهر من وفاة والدها طلبت ان تتحدث مع عمها والد سروة حتى تتفهم اين هو موضعها و ما هو المتوفر لها الا ان الرد وقتها كان صادما لها.. فبعد السلامات و السوأل عن تحسن احوالها..جاء سوألها مختصرا مباشر

- عمي اريد اسالك عن بيت ابوية.. شنو وضعه؟ اگدر ارجعله؟ و كانت بسوألها تحاول ان تستدل طريقها..ان ترتب خطواتها ..الا ان رد جارهم خيب كل اماله

- وين ترجعين بنيتي.. البيت اساسا مو بيت ابوج بعد..طلع بايعه من زمان و هو مجرد مستأجر هسه..قالها بقلة حيلة..فتعثرت انفاس قمراء و احتارت لوهلة في امرها...تراقب كفيها بعقدة حاجب و قد شعرت ان الباب الاول اغلق في وجهها..فصمتت مفكرة تحاول ان تجد حل فوالدها مع الاسف لم يؤمن مستقبلها كما يجب على ما يبدو... و مر وقتا من الصمت و عادت بعدها تستوضح علها تصيب نفعا

- عمي يعني البيت ابوية ما دافع ايجاره لنهاية السنة مثلا؟

- والله يا بنيتي الي اعرفه صارله كم شهر ما دافع لان متعود يجمع الإيجارات و يدفعهن...انتي هنا ببيتج بنيتي الله يشهد.. انتي شنو تردين اني بخدمتج.. و يوسف هم موجود و هو رجلج بنيتي  .. مايصير مگاطعته لازم تسمعيه.. هذا واجبه و شغله الي صار ما تكدرين تلوميه عليه الله يرضى عليج.. عاد و صمت وقتا  ينتظر ان يرى وقع كلامه عليها فارتسمت ابتسامة  مريره  على ثغرها و ردت قائلة

حَيثُ كُنّاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن