الصفعه...

3.9K 315 58
                                    

و مر وقت طويل كان يوسف قد  أخذ خلاله   حماما سريع و جهز بعض الاحتياجات ثم اقترب من قمراء التي تكورت على نفسها بذات وضعها..تشد على شرشفه الخاص ..يغيب وجهها القمري بين خصلات شعرها التي غطت جانبه فجلس يوسف ببطء عند رأسها مبعدا بخفه شديدة خصلها السوداء...وعلى الضوء الخافت المنبعث من ممر الحمام ظهر له وجهها المتشنج حتى في منامها... فآثار الدموع لا تزال ترسم خطوطها على وجنتها بسبب كحلها الذي كانت تضعه آنفا..عقدة حاجبيها واضحة كأنها متألمه..فهل اوجعها حقا بتهجمه الذكوري ذاك!و ذهبت انظاره الى شفتيها المكتنزه..ورديه ناعمة.. لم يقبلها أبدا.لم يحقق لها رغبتها التي لم تبح بها.. لكنها كانت ملموسة من نظراتها المحتاجه...كان عنيفا بشكل حيواني لا يغتفر..ولا ينكر انها ضغطت بشكلا مزعج على اعصابه  .. مسح وجهه وهو يستغفر ..  ثم دثرها جيدا و رفعها بهدوء بين ذراعيه كأنها لا تزن شيئا .. كانت خفيفة الوزن جدا .. كوزن طفل صغير.. حملها بهدوء و خرج بها متوجها الى المنزل الداخلي ثم الى غرفتها.. كان لاول مرة يدخل إلى غرفتها الفقيرة.. غرفة صغيرة بسرير مرتب و مجموعة من الدمى القطنية باهتة اللون يبدو انها دمى قديمة .. توجه إلى فراشها ووضعها هناك ثم بقي لفترة يراقبها..يبدو انها لشدة تعبها لم تشعر بحمله اياها....  و تحولت  بعد حين نظراته الى الغرفه.. التي كل مافيها يدل على القدم يتأمل عالمها المتواضع...بسيط لا يدل على شخصيتها ابدا... ثم نهض واقفا..يملأ بحضوره المهيب غرفتها المتواضعه... و  توجه بخطوات رتيبة تجاه النافذة ليقف هناك مشدود الظهر بثبات تام  يتأمل الاراضي الشاسعة  امامه .. الشمس كانت ساطعة تملأ الاراضي الخضراء بشعاع لذيذ منعش.. تنبيء بيوم جديد مشرق.... أفكاره كانت مزدحمة ولا يعلم من أين يبدأ.. كيف يصل الخبر الى تلك الغافية خلفه.. وهو اساسا لا يستطيع ان يتنبأ بردة فعلها بعد ما جرى بينهما... فعاد بأنظاره اليها ملتفتا  ليجدها تنظر هي كذلك تجاه النافذة.. عيناها كانت مفتوحة ..تنظر بخواء ناحية النافذة دون ان تنظر اليه.. فاقترب بهدوء واثق  نحوها و اوقفه  لوهلة  صوتها البارد جدا..المتباعد جدا كأن صوت الامس الحار الشغوف..لم يكن لها

- اطلع بره يوسف

الا انه لم يبالي .. بل تقدم باتجاهها  كأنه لم يسمعها  حتى وصل عندها و جلس بجانبها دون ان ينظر نحوها....وقد اشتدت ملامحه و قناعا من الجلد قد تلبس ملامح وجهه المكتملة بوسامته الرجوليه..فكررت كلماتها بصوت  حاد خافت

- اطلع  لا  ريحتك تجيبلي الغثيان. اطلع ما اريد اشوفك

وبقي يوسف على صمته ينظر لملامح وجهها فيرى حسنا موجع.. فقد تغيرت ملامحها بين ليلة..و ضحاها ..فجاء صوته هادئا عقلاني 

- لازم نحجي.. بينا هواي كلام قمراء ...

و جن جنونها عندها.. فثارت بغضب و حاولت ان تنهض من مكانها مبعدة ماعليها من غطاء تنوي مغادرة المكان طالما يرفض هو تركها و ما ان تحركت حتى عادت و التصقت بسريرها الضيق بعد أن اكتشفت عريها... و عادت ذاكرتها نشطة لتلك اللحظات المره التي عاشتها قبل ساعات..و اجتاحها خلال ثانية احساس العجز ذاته مرة اخرى ..كأنه لا يزال يغتصب حق رفضها فضمت شفتيها تمنع عبرة البكاء التي باتت تتضخم و تشعر بها كتلة تمنعها من أخذ النفس.. فالتفت بشرشفه الخاص مرغمة تزكم انفها رائحته الرجولية القوية العالقة  فتزداد و تتضخم العبرة لديها.. و نهضت بتعثر تحاول ستر نفسها .. لم تبالي به ابدا فغايتها تبرر فعلها..لن تستطيع تنفس الهواء ذاته الذي يشتركها به...تريد الفرار من امام هذا الذي  استباح حقها..و استصغر شأنها بفعلته الغادرة تلك فتوجهت مسرعة الى خزانة ملابسها المتهالكة   في طرف الغرفه .تخرج منها قطع ملابس بشكل عشوائي غير مهتم..فتتناول ما تطاله يدها .. لم تنتبه حتى إلى شكلها المذهل بشعرها الأسود الثائر المتناثر  و بشرتها المحمرة بحمرة لذيذة منعشه و شهقات بكائها المتقطع و وعضها المستمر  لشفتيها الشديدة الحمرة ..و كان يوسف يتأملها بعقدة حاجب..يسمع نحيبها الخافت و يشعر في داخله بتأنيب ضمير قاتل..يراها تتوجه بتعثر مؤلم  الى خارج الغرفة فنهض يتبعها بهدوء فيراها تدخل الحمام على مايبدو و بقي ينتظرها بصمت مترقب...يرفع كل حين هاتفه يكتب شيئا ما ثم يعود و ينتظر في وقوفه حتى خرجت بعد وقتا ليس بالقصير...وجهها متغضنا تماما حتى اوشك على سوألها ان كانت بخير... الا انها تجاوزته بسرعة وقد لفت شعرها الطويل بمنشفتها..و عادت ودخلت غرفتها وقد ادركت انه سيتتبعها ولا مفر او مهرب منه الا خروجها من المنزل حتى عودة والدها...فتجاهلته و اتجهت مجددا لخزانتها تبحث عن حجابها

حَيثُ كُنّاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن