الليلة الأولي

31.5K 229 24
                                    

أكتب إليك تلك القصة بعدما أصابني الإنهاك من إتباع تعليمات تلك الشيطانة حتي قررت أن أنهي حياتي قبل أن تكون نهايتي علي يديها والتي لن تكون نهاية سعيدة لذلك الإنتحار هو أفضل الحلول لديّ، لذا أكتب إليك الآن وأنا أعلم أنها لن تتركني أُكمل لك القصة فهي شيطانة خبيثة تتركني أفعل ما يحلو لها وعندما أريد فعل شئ يخالف إرادتها فإني أعيش أسوأ اللحظات والتي سأسرد لك تفاصيلها بترتيب الأحداث، لذلك دعني أبدأ لك منذ البداية.

لم ولن تكن تلك الليلة كباقي الليالي التي عشتها أو سأعيشها، عُدت إلي البيت في منتصف الليل وكان الجميع غارقاً في نومه علي عكس العادة فدخلت لتناول الماء لأجد هناك من ترك الطعام لي وكان ساخناً وكأن تم إعداده للتو فذهبت إلي غرفة والدتي لشكرها ولكني وجدتها في سبات عميق فلم أُلقي بالاً لذلك فيبدو أنها كانت منهكة وغرقت في النوم سريعاً.

عدت إلي غرفتي وقمت بتبديل ملابسي ولكن علي عكس العاده شعرت وكأن هناك أحداً يقف خلفي ويصدر أنفاساً ساخنة فتلفت فلم أجد أحداً ووقفت أمام المرآة أتأمل عيني وقد أصابها التعب والإرهاق من قلة النوم،  واتأمل وجههي وقد أصابه الشحوب من كثرة الانهماك في العمل، وانحنيت لأجلب فرشاة شعري وعندما رفعت رأسي رأيته هناك.... نعم نعم رأيته هناك يقف خلفي ياويلي ياويلي ما هذا؟! ماهذا المخلوق؟! جسده نحيل جداً وكأنه طفل من أطفال المجاعات، وعينيه حمراء اللون كما أخبرونا دائما في قصص العالم الآخر، ويديه فيها أصابع كثيرة رفيعة ومتشابكة، وقدميه ليس بها أصابع، وقرنين مخيفين كالثور الهائج في المضمار، كائن قبيح ودميم وكلما طالت مدة نظري إليه كلما شعرت بأن روحي تسحب من جسدي حتي أصبحت غير قادر علي التنفس وبدأت أصدر صوت حشرجة، حاولت مراراً عدم النظر وإغلاق عيني ولكني لم أقدر وكأني أصبحت مجبراً علي النظر إليه، وبدأ يقترب شيئاً فشيئاً وأنا مازلت أنظر إليه وبدأت أشعر بأن ناراً تحرقني من الخلف وتزداد حدتها كلما إقترب ذلك الكائن وبدأ قلبي ينبض بشدة حتي كاد أن يتوقف عن النبض، وعيني مازالت تنظر في عينيه ولوهلة بدأ شريط ذكرياتي يمر من أمامي ورأيت نفسي عندما كنت في سن العاشره وحيداً في المقابر وتلك الذكري مازالت تؤرق نومي حتي الآن ولكن هذه المرة رأيت شبح صغير يقترب مني شيئاً فشيئاً حتي وقف بجواري وكأنه يحميني وكلما أراد شبح آخر الإقتراب مني كان ذلك الشبح يبعده عني، وأفقت من تلك الذكري عندما وضع ذلك الكائن أصابعه المتشابكة فوق رأسي فشعرت وكأن هناك كهرباء تتسلل إلي داخلي وبدأ جسدي بالإنتفاض ووقعت أرضاً فاقداً للوعي، وبعد فترة إستعدت وعيي وكأن شيئاً لم يحدث فقلت محدثأً نفسي

-إيه ده بقي هو تعب الشغل طول اليوم هيخليني اشوف الحاجات دي واتهبل بقي

قمت من مكاني ووصلت إلي الحمام لينغلق الباب فور دخولي وبدأ النور في الوميض والإنطفاء وشعرت بأن الحرارة ترتفع كثيراً حتي شعرت بأن جسدي يذوب وبدأت أري خيالات تتحرك حولي وتحول لون الحمام إلي اللون الأحمر الخافت وبدأت تلك الخيالات تلامس جسدي لأشعر بأن أحدأ يمسك بسكين حاد ويلاعب جسدي به بينما يبتسم وجسدي ينزف وكأنه يستمتع بعذابي وبدأت تلك الخيالات تصدر أصواتاً عالية وكأنها تعلن عن إنتصارها علي تلك الفريسه السهلة التي لا حول لها ولا قوة، وفي ظل إنشغالي بتلك الخيالات وذلك الألم الفظيع الذي بدأت أشعر به في جميع أنحاء جسدي بدأت أستجمع شتات عقلي وأفكر في حل للتخلص من ذلك الكابوس فذهبت مسرعاً نحو الباب ولكني لم أجده وكأنه اختفي ثم عدت أفكر ثانية وتوصلت إلي أن القرآن ودعاء الله هو الحل الوحيد ولكن قبل أن أنطق بلفظ تذكرت أن ذلك لا يجوز في هذا المكان فإستسلمت وجلست أرضاً وكأني أنتظر ذلك الوحش ليظهر ثانيه وينهي حياتي ويريحني من ذلك العذاب ولكن يبدو أن تلك الليلة لن تنتهي وسأظل في ذلك الكابوس، بدأ الحائط يزداد إحمراراً وبدأ يتساقط منه سائل لزج أسود اللون وكلما إقترب مني ذلك السائل شعرت بأن جلدي يذوب حتي لمس جسدي فشعرت بأن جسدي يشتعل ولم أقوي علي تحمل الألم، وفي تلك اللحظة شعرت بأني سأققد الوعي من شدة الوجع فسمعت صوت أذان الفجر فكانت الإشارة ليتوقف كل شئ وكأنه المنقذ، إختفت تلك الخيالات وعاد كل شئ إلي ما كان، عدت إلي سريري وجسدي يحترق فكل مكان لمسته تلك الخيالات وذلك السائل الأسود أصبح لونه أسود ويؤلمني بشدة وكأن أحداً وضع فوقه ماءاً يغلي.

ولكن تلك الليلة كانت أهون الليالي التي عشتها وستعرف أن الألم الذي شعرت به في تلك الليلة لا يُقارن بما سأخبرك به الليالي القادمة....

#السيد_محمود


ليالي الجحيم (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن