الليلة الخامسة

1.7K 17 0
                                    

عدت إلي المنزل ككل ليلة منهك من قلة النوم وكثرة التفكير فأنا لا أعلم لماذا يحدث هذا ولماذا أري كل هذه الكائنات وتلك الأحلام المفزعة التي تؤرقني نهاراً قبل الليل الذي كلما أقبل أشعر بأن قلبي ينقبض فلقد تحولت من عاشق لليل إلي كاره له.

كان الهدوء هو الذي يسيطر علي المنزل وأنتم تعرفون أنه هدوء ما قبل العاصفة، وجدت والدتي في إنتظاري وقالت

-عامل إيه يابني؟ أجهزلك الأكل دلوقتي ؟

لم ألق لها بالاً فالأغلب أنها ذلك الكائن وقد تجسد في هيئة والدتي ليطعمني الدود مرة ثانيه او يغرس أظافره في رأسي كما فعل من قبل، أغلقت باب غرفتي وجلست علي سريري وقررت أني لن أخرج منها مهما حصل حتي يأتي منقذي وهو أذان الفجر، وكالعادة غصت في نوم عميق.

ولكن تلك الكائنات أصبحت لعنتي ولا تتركني وشأني، رأيت نفسي أقف في غرفة قديمة تفوح منها رائحة الموت، مظلمة إلا ركن منها ينبعث منه ضوء أحمر يظهر بعض معالم الغرفة، غير مرتبة وأثاثها متهالك وسمعت أصوات غير مفهومة وصوت صراخ كأنه آتي من الجحيم فتحركت للأمام وأنا أتقدم خطوة وأتراجع خطوة، حتي رأيت والدتي نعم والدتي تجلس بصحبة رجل غريب الشكل يرتدي عباءة ملطخة بكثير من الألوان ولكن يسودها الأحمر، ذو لحية لاتحتوي سوي بضعة شعرات ولكنه قرر الإحتفاظ بهم لتزين وجهه العابس أو لتجذب الإنتباه بعيداً عن أنفه الكبير وأسنانه المحطمه، وأمامهم رأيتني وأنا بعمر العشر سنوات راقد أمام ذلك الشخص مغمض العينين وهو يتلو تلك الطلاسم والتعاويذ وكان يعم الهدوء، وفجأه هبت الرياح كما في الأفلام وبدأت تلك الكائنات في الظهور وإلتفت حول جسدي الصغير ووقفت صامته وكأنها في إنتظار من يأمرها بما تفعل، وبعد أن أنهي ذلك الشخص تعاويذه قال

-دلوقتي دلوقتي

فبدأت الكائنات بغرس أظافرها في جسدي الهزيل فشعرت بالألم وحاولت كتمان صوتي حتي لا يشعروا بوجودي ولكن كلما غرست تلك الكائنات أظافرها في جسدي الصغير شعرت بالألم الذي يزداد تدريجياً وكأن هناك ناراً تتسرب إلي جسدي أفقدتني القدرة علي الوقوف فجلست أرضاً أتلوي من الوجع، وظهرت تلك الفتاة الصغيرة التي رأيتها في المقابر وإقتربت من هيئتي الصغيرة وبدأت في طرد تلك الكائنات الصغيرة ولكن ذلك الرجل كان يمسك بيده شيئاً فرماه فوقها وما أن لمس ذلك الشئ جسدها بدأت بالإحتراق ولكن تبدل وجهها الملائكي إلي وجهه شيطان غاضب وقالت لذلك الرجل

-إوعي تفتكر إنك كده خلصت مني أو خلصته منه، تبقي بتحلم لأن حسابك جاي قريب أما هو فحسابه معايا لما يكبر

ثم نظرت إليّ فشعرت وكأن الكهرباء تسير في جسدي وإقتربت مني سريعاُ حتي أصبح وجهها مواجهاً لوجهي وقالت

-إنت المطلوب إنت الروح

وإختفت فجأه ليتبدل الموقف لأجد نفسي مقيدأً إلي شجرة ولكنها ليست كالشجر الموجود عندنا كانت طويلة جداً وسوداء وفروعها كثيرة ومتشابكة وأوراقها عبارة عن أجساد بشرية بعضها مازال بهيئته والبقيه منها من فقد ذراعاً ومن فقد أعضاؤه الداخليه وكأن تلك الكائنات أكلات لحوم بشرية، وظهر كائن أراه للمرة الأولي يرتدي فوق رأسه تاجاً يصدر ضوءاً من شدة توهجه وإقترب مني بجسده الضخم علي عكس البقية ولكن أصابعه رفيعة كالخيط وطويله فلفها حول عنقي فكانت كالنار تحرق في جسدي وبدأ بالضغط حتي فقدت قدرتي علي الصراخ ويده الأخري بدأ بتمريرها علي جسدي وكأنه يعبث بي ثم أدخل أصابعه بداخل جسدي وأخرج قلبي ورأيته نعم رأيت قلبي وهو ينبض بشدة وذلك الكائن أحكم قبضته عليه فشعرت بأني ألفظ أنفاسي الأخيرة فإقترب مني وقال

-ده هيكون مصيرك لو وافقتها وسمعت كلامها، زيك زي اللي انت شايفهم دول تضحيات بشريه

ثم ضغط بشده علي قلبي لأفقد الوعي وعندما أفقت وجدت نفسي في الجحيم نعم الجحيم الذي رأيته من قبل ولكن هذه المره رأيت بشراً أكثر يعذبون بمختلف الطرق، رأيت أحدهم يحرق وهو علي قيد الحياة حتي يصبح غباراً ثم يعود جسده بهيئته ويتكرر ذلك وكل مره يصرخ بنفس الشدة وكأن هذه أصبحت آخرته يعذب هكذا لأجل غير مسمي، ورأيت شخصاً يعلق من رأسه  ويصبّ فوقه سائل أسود اللون فيغلي رأسه وينفجر ثم يعود ثانية ويتكرر هذا وصوت صراخه لا يتغير، فأغلقت عيني حتي لا أري هؤلاء وهم يعذبون هكذا وعندما فتحت عيني وجدت نفسي مكان الشخص الأول ومن حولي تشتعل النار لتبدأ أولاً بقدمي ثم تنتشر لباقي جسدي وأنا أصرخ من شدة الألم، عندما يقع فوق يديك قطرة ماء ساخن فيصيبك الجنون فماذا سيكون حالك عندما تكون مكان الشخص الثاني فيقع فوقك ذلك السائل الذي يأكل الجلد واللحم.

وهنا ظهرت تلك الفتاة ثانية وأمسكت بيدي ليتبدل الموقف ثانية ونقف أمام قبر والدي في الظلام فقالت

-إوعي تسمع كلامهم هما عاوزين يبعدوني عنك وبيعملوا كل ده فيك علشان تخاف، بس إوعي تخاف طول ما أنا جنبك

فقلت بخوف يتخلله الغضب

-هما مين وإنتي مين أنا مش فاهم حاجه وإيه الكوابيس اللي أنا عايش فيها دي وبعدين إنتي عاوزه مني إيه ؟ وليه هو حذرني أعملك اللي انتي عاوزاه ؟

فتحول الوجه الملائكي إلي ذلك الوجهه الشيطاني ثانية وقالت

-هتعرف كل حاجه في وقتها متستعجلش

تركتني وذهبت لأفيق علي صوت والدتي وهو تقول

-اصحي يابني أصحي  إيه اللي عمل فيك كده؟!

ففتحت عيني لأري حروقاً منتشرة في أنحاء جسدي وبدأت أشعر بألم شديد فقلت بضعف

-إيه اللي بيحصلي يا أمي أنا تعبت خلاص ومعتش قادر أستحمل

فقالت والدته

-إهدي يابني أنا عارفه الحل، خلاص جه الوقت اللي تعرف فيه كل حاجه المهم دلوقتي نام علشان شغلك وبكره لما ترجع من شغلك هحكيلك كل حاجه

ياتري الليالي الجاية مخبية إيه؟؟؟

#السيد_محمود

ليالي الجحيم (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن