الفصل السادس والأخير

25 6 6
                                    


الفصل السادس

وصلوا إلى المنزل ورافقتهم والدة إبراهيم؛ حتى تتأكد من أمان وسلامة كوثر، من بعد ما سقط قلبها في وقتٍ سابقٍ اليوم، حين رأتها ممدةً على السرير ويلتف حولها الطبيب ومساعدته كما يلتف قطيع الذئاب حول فريسته ينتظر زلتها أو سقوطها كي ينقض عليها، منذ رؤيتها لولدها وكيف أشرق وجهه حين أمسكت الطفل وتسلمته منه، أقسمت في داخلها أن تكون على قدر الأمانة التي تسلمتها، وأن تُحافظ له على أمانته التي وهبها إياها، وأثناء جلوسها والجميع حولها وصل أبا محمد إلى بيته واحتل الصالة ينظر إليها موجهًا بصره نحوها كأنه يخترقها يود لو كان ما أخبره به زياد صحيحًا، إلى أن استمع إليها توجه حديثها إليه تُطالبه المغفرة والصفح لما بدر منها قائلةً:

_ اغفر لي يا أخي ما بدَّر مني من زلل، والله لقد كان العقل غائبًا كغياب الأحباب الذين فارقونا، والوجه كان يكسوه الغشاوة التي أفقدته بصره، وأما القلب فكساه رّان أفقده بصيرته، اليوم جئت أطلب العفو منكم وأنتم أهل العفو والصفح، فصفحٌ جميل كجمال أخلاقكم، لذنبٍ ارتكبناه سهوًا في وقتٍ كان قد غاب فيه عنا رجاحة عقولنا.

طلب المغفرة من شخصٍ كشخص أم إبراهيم ما هو إلا انهزام وكسر لجبروت روحها المعارضة التي يعلمها الجميع، فما كان من أبا محمد إلا أن رفع عنها حرج الموقف بأن رد عليها قائلًا:

_ غفر الله لنا ولكِ كل الذنوب وأبعدنا وأبعدكِ عن الزلل، ووالله ما كنا إلا أهلًا وسنبقى كما كنا مهما حلَّ علينا من نوائب، ثم إن اليوم لمجلبة لكل خير، فأبا إبراهيم استيقظ وتحسن حاله وأنتٌ عُدتِ برشدكِ إلينا وزياد سيعود أيضًا بعد يومين.

تهلل وجه الجميع بالبشرى التى أتت تباعًا من بعد أيامٍ عجاف مرت عليهم، وبدأت الأيام تشرق من جديد بأعين الجميع وتوالت عليهم، ليظهر اهتمام ومحبة أم إبراهيم بكوثر وجنينها، بأن طالبتهم أن تأخذ كوثر مكانها في منزلهم، فهي زوجة إبراهيم وأم ولده وهذا حقها وحق ولدها عليهم؛ حتى تكون قريبةً منها وتستطيع أن تعتني بها وبجنينها، وكأنها تُعيد أيامها إلى فترة حملها بإبراهيم نفسه وتنتظر أن يهل عليها بإطلالته التي سلبت منها قلبها من الوهلة الأولى، فها هي تعد الأيام وتنتظر أن تُكحل عيناها برؤية عوضها عنه برؤية ولده، لكن مع كل الفرحة والأمل الذي يُزين قلبها، إلا أن عقلها بدأ يرسم الخوف من يومٍ سيأتي بلا شك، وهو يوم يتقدم لكوثر رجل يحتل قلبها ويخطفها من بينهم، فهي الأعلم بأنها ما زالت في ريعان الشباب، ولا بد وأن يأتي ذلك اليوم الذي ينتزع أحدهم هذه الوردة؛ حتى يُزين بها حياته ويملأ عبقها أركان منزله بشذاه، ومع خطفها من منزلهم سيختطف معها ولد إبراهيم فلن يمنع أحد أم عن ولدها وهي الأعلم بألم الفراق فقد ذاقت مرارته وقسوته، إلى أن هداها عقلها أن تزوج كوثر إلى زياد؛ حتى يبقى ولد إبراهيم بقربها ولا يُفارقها أبدًا، تعلم بأنها تفكر بأنانية لكن هو الحل الأمثل من وجهة نظرها وسيناسب الجميع، لذا بدأت بتهيئة الأمر بأن أخبرت زوجها الذي بدا مُؤيدًا لرأيها، فقد اتضح بأنه يخشى مما هيّ تخشاه، اما الآن فقد حان الوقت لتبدأ بإبلاغ أهم الأطراف، وهم زياد وكوثر، فماذا سيكون رأي كُلٍ منهم؟!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 12, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ما كان له أن يحدّثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن