الفصل الرابع: مفاجأه في الانتظار

11.6K 271 7
                                    

" ما الذي تفعله بحق السماء؟
"انتزعت هارييت يدها بقوة وأغضبها بشدة تورد خديها خجلا. بدا روان غير مهتم وقال:
"خاتمة رسمية لإعلان خطوبتنا".
" شكرا لك لكن يمكن الاستغناء عن الرسميات ".
قال مكشرا:"بالطبع إن كان هذا ما تريدينه".
" نعم هذا ما أريده ".
أدركت سخافة ردة فعلها فهي تثير جلبة كبيرة حول موضوع تافه مع ذلك تملكتها قناعة غريبة بأنها ستجد أثر قبلته على يدها على شكل علامة حارقة. تلهفت لصرف النظر عن الحادثة فقالت بسرعة:
" زاندروس...أهو اسم يوناني؟ ".
" يبدو عليك الاستغراب ".
" لا لكنك تتكلم الإنكليزية بطلاقة ".
" كانت أمي إنكليزية.قضيت الكثير من أيام طفولتي في هذا البلد وبدأت دراستي هنا.إذا متى تنوين إخبار جدك بتغير أوضاعك؟ "
" سأذهب إلى هناك في نهاية الأسبوع وأتحدث إليه ".
أومأ روان برأسه وقال" كيف ستفسرين وجودي في حياتك؟ لا يمكن أن أكون الحفيد الذي يتمناه ".
" لا أنت النقيض. هذا ما يجعل الأمر أفضل ".
" ربما من وجهة نظرك. لكن أتسمحين لي تقديم نصيحة؟ لا تتبجحي كثيرا بانتصارك فالرجال يكرهون أن تتغلب عليهم امرأة ".
" أنا بالكاد أتبجح.إنني أقوم بما أمرني به لذا لا يمكنه الاعتراض إذا نفذت الأمر بطريقتي الخاصة ".
" تشير خبرتي إلى أنه سيعترض بشدة. أتستحق كومة الأحجار إثارة إزعاجه؟ "
نظرت هارييت إلى الطاولة وقالت بشكل مختصر:
" لا تسئ فهمي.أنا أحبه..بالفعل أحبه لكنه لا يفهم حاجتي للعيش كامرأة مستقلة ولن يفعل أبدا ".
" ووالداك؟ ما رأيهما بالموضوع؟ "
" إنهما...لا وجود لهما في حياتي ".
" أنا آسف "
" لا تأسف خلال سنوات نشأتي تعودت على غيابهما ".
" أنت محظوظة. توفيت والدتي منذ حوالي ثلاث سنوات ولا يمكنني إبعادها عن تفكيري حتى الآن ".
رجع إلى الخلف في كرسيه وراح يتأملها ثم قال"هذا المنزل الذي تريدينه بشدةمن سيرثه من بعدك؟ ".
" يمكنني تبني طفل ".
رفع حاجبيه وقال متسائلا" امرأة عزباء أيسمح لك القانون بذلك؟ ".
" لما لا؟ بالنهاية أنا لست فقيرة. والأموال تفتح جميع الأبواب ".
ابتسم روان بسخرية قال" نعم بدأت أرى ذلك ولا يمكنني الاعتراض لأن أحد هذه أبواب فتح لي.
ألا تعتقدين أنك قد تقابلين يوما ما رجلا تحبينه وتودين أنجاب الأطفال منه؟ ".
" لا...لا أعتقد ذلك. من فضلك أيمكننا التغاضي عن نقاط الضعف الشخصية والعودة إلى عملنا؟ سبق وبدأت الإجراءات عندما اعتقدت أنني سأتزوج من ذلك الرجل لكن ما زال علينا القيام بالكثير من الأمور "
نظرت إلى يدها وقالت " على سبيل المثال أنا بحاجة إلى خاتم خطوبة ".
" هذه مسؤولية العريس.دعي الأمر لي ".
" لا يمكنك تحمل ثمنه وأنت لا تعرف القياس الصحيح ".
رمقها بنظرة تفحصيه وقال"بإمكاني التخمين. كذلك الأمر بالنسبة لكل قطعة ملابس ترتدينها الآن. أتريدين أن أثبت كلامي؟ ".
أغضبتها بشدة حقيقة أن وجهها احمر خجلا من جديد. قالت بسرعة " لا! شكرا لك "
وقفت هارييت وقام هو بالمثل.انتبهت مجددا إلى طوله الفارع وكتفيه العريضتين الملتصقتين بالقميص. أضافت بسرعة " يجب أن توقع على بعض الأوراق. ستكلمك محاميتي ".
توقفت قليلا ثم أضافت " بالنسبة لموعد الزفاف... أهناك أي يوم في الأسبوع لا يناسبك؟ ".
قال روان بلطف: "أنت مراعية جدا لشعوري. سأحرص على أن أكون جاهزا عندما تريدين ".
" سأرتب أمر زيارة السيد ساليفن إلى محترفك. أتمنى أن تسير الزيارة بشكل جيد. دعمه لك سيفيدك كثيرا ".
أدركت أنها بدأت بالثرثرة غير المجدية فتوقفت. بدأت تبحث عن المحفظة في حقيبتها.وضعت بعض النقود على الطاولة ثم ابتسمت بإشراق وقالت:"هذا سيغطي قيمة الفاتورة. إن أردت طلب أي شيء آخر من فضلك لا تتردد ".
ساد صمت غريب للحظة وكادت هارييت تشعر بالتوتر في الجو. بعدئذ أحنى روان رأسه بأدب ومرت اللحظة. عندما أصبحت في الخارج شعرت بانقطاع أنفاسها. سألت نفسها بصمت " ما سبب هذا الشعور بالضيق؟ يجدر بي أن أكون سعيدة جدا الآن.أخيرا انتهت مشاكلي ".
ذكرت نفسها عندما أوقفت سيارة الأجرة " لكن مازال علي إخبار جدي ".
انشغلت هارييت جدا في الأسبوع التالي إذ قضت معظم وقتها في الميد لاندرز حيث زارت المواقع التي حددتها في رحلات سابقة والتقطت الكثير من الصور الفوتوغرافية لترافقها مع مسودة التقرير.لن تترك شيئا للصدفة هذه المرة وستملك كل الأجوبة هذا ما فكرت به بتصميم كبير.لكن بالرغم من قرارها هذا وجدت صعوبة في التركيز بسبب الأرق الذي تعاني منه. من الواضح أن مواجهة جدها المنتظرة لا تفارق تفكيرها أبدا. عندما عادت إلى لندن بعد ظهر يوم الجمعة وجدت الأجواء الاحتفالية في فلينت أولادي. إنه عيد ميلاد جينا الفتاة التي تعمل في المحاسبة. لقد قطعت قالب الحلوى المزين بالشموع ووزعته على المكاتب في فترة الاستراحة وبعد العمل سيذهب الجميع للاحتفال. الجميع ما عدا شخص واحد...قالت جينا لهارييت بتعال
"لم نتوقع عودتك اليوم. لكن تفضلي بالانضمام إلينا...إن أردت".
ثم أخذت ترمق سروال هارييت الأسود العملي وقميصها بازدراء واضح. أجابت هارييت"شكرا لك.لكنني ذاهبة إلى البلدة هذا المساء".
انضم إليهما جون أولادي.ابتسم بحقد وقال " أذاهبة إلى كومة الأحجار الفخمة؟ لطالما اعتقد والدي بإمكانية تقسيمها إلى شقق فخمة وأنا واثق من صحة كلامه. هناك أرض كافية لإنشاء ملعب غولف كبير. تذكري هذا عندما تحصلين عليه في النهاية عزيزتي هارييت ".
نظرت إليه هارييت بحقد يوازي حقده وقالت: " لكن غريس ليس للبيع لا الآن ولا في أي وقت آخر ".
" تفترضين دائما أنك تملكين الخيار
ثم رحل وتركها تحدق في أثره وترتجف بشدة. هل وصلت نوايا جدها إلى مسامع في فلينت أولادي؟ إن صح ذلك ستشعر بالكثير من الفرح عندما تثبت أن الموضوع قد حسم لصالحها. سواء أعجب جورجي فلينت بالأمر أم لا عليه تقبل عريسها غير المتوقع. لم تستطع هارييت حتى الآن تحديد موقفها من روان فقد سيطر عليها روان زاندر على أفكارها أكثر مما تمنت وهي ليست متأكدة أنه ليس كما توقعت في البداية عندما وضعت مخططها وتمنت نوعا ما لو أنه خذلها ورحل بعيدا.
عندما وصلت إلى شقتها استحمت بسرعة وغسلت شعرها. كانت تنوي رفعه عن وجهها أو ربطه على شكل ضفيرة صغيرة. لكنها كادت تتأخر فقررت أن تسرحه وتبقيه منسابا على كتفيها. وجدت فستانا عاجي اللون في خزانتها فلبسته بعد شيء من التردد. عليها التركيز على الأمور التي يفضلها جدها والابتعاد عن تلك التي تثير تحمله عليها.هو يفضل أن ترتدي التنانير ومن غير المنطقي أن تزعجه بسبب موضوع تافه كاختيار الملابس. بدا سعيدا عندما اتصلت به أخيرا وأخبرته بزيارتها. خفت مؤخرا وتيرة لقاءاتهما وخيم عليها التوتر الذي فرضه إنذار جدها. ربما هو أمل أن يتصالحا.إن كان هذا صحيحا عليها أن تستمع إليه فربما قرر إعفاءها من تلك المهمة.
استمعت إلى الرسائل على المجيب الآلي بينما هي تجهز الحقيبة التي ستأخذها معها؟ تركت محاميتها إيزابيل كرين رسالة صوتية تقول أنها حضرت اتفاق ما قبل الزواج حسب تعليمات هارييت وهو جاهز للتوقيع لكن يجب مناقشته قبل ذلك. زمت هارييت شفتيها وفكرت بعناد " بكلمات أخرى، هي تريدني أن أتراجع عن الأمر. حسنا الأمر ليس جديدا ".
شعرت بالقليل من خيبة الأمل بسبب عدم وجود أي رسالة من داسموند سليفن الذي كان يخطط لزيارة محترف روان قبل يومين. قالت بصمت " هذا الرجل كثير المشاغل.ربما لم يجد الوقت المؤاتي حتى الآن. لن أفقد الأمل بهذه السرعة ". لكن بغض النظر عن قرار داسموند سيقيم روان معرضا خاصا به.هذا هو الاتفاق ومهما كان الثمن الذي ستدفعه، فالأمر يستحق العناء.
بعد نحو ساعتين قادت هارييت سيارتها نحو البلدة. عندما وصلت إلى غريس ميد ركنت سيارتها في الباحة الخلفية للمنزل على مقربة من الإسطبل القديم.دخلت عبر المطبخ لتلاقيها رائحة البط المشوي المغرية. بدت السيدة وايد أكثر بدانة وتقدما في السن.رحبت بهارييت بحنان وأخبرتها أن السيد فلينت موجود في غرفة الرسم. أضافت قائلة " معه ضيف آنسة فلينت ".

روايات احلام/ عبير: لن ترحل الشمسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن