أمسكها روان بسرعة فهي لا تعرف إلى أين تذهب. وضع يدا كالملزمة على كتفها وجذبها إلى أقرب غرفة. أدارها بشدة لتصبح في مواجهته في الغرفة المظلمة.
..؟ كيف تجرأتِ على صفعي أمام طاقم عملي ".
قالت هارييت وهي تحاول تحرير نفسها من قبضته " ما كان ذلك روان؟ أهي هدية زفاف متأخرة؟ وجب عليك تحذيري مما سأراه ".
أكملت " هذا رائع عزيزي أهي امرأة أخرى تسنى لك دراسة كل جزء من جسدها؟ هل كانت أفضل مني؟ اعذرني إن وجدت الأمر مبالغ فيه.. تماما مثل عطرها ".
" احذري عزيزتي هارييت تبدين مثل امرأة غيورة ".
" أوضحتُ منذ البداية أنني لن أتدخل في حياتك الخاصة لكنني لن أقبل بأن أراها أمامي. توقعتك أن تكون أكثر حذرا ".
أشاحت بنظرها عنه وأكملت " ربما يجب أن تطلعني على اسمها فقد أود إلقاء تحية الصباح عليها إذا ما التقيت بها في صباح أحد الأيام تغادر غرفة نومك ".
" تدعى إبنيتا ديمترو ولن تلتقي بها في هذا المنزل أو في أي مكان آخر كما آمل. هي تنتمي إلى الماضي وما حدث اليوم ..."
-"لكنها كانت... عشيقتك ".
" بالطبع هارييت علمت عندما تقابلنا بوجود نساء أخريات في حياتي فكفي عن التظاهر ".
" أصبح التظاهر طبيعتي الثانية ".
نظرت هارييت حولها فرأت سريرا مرتبا عليه غطاء كبير وخزانة مؤلفة من عدة أدراج وخزانة كبيرة تغطي حائطا بأكلمه وباب مفتوح جزئيا من الواضح أنه يؤدي إلى الحمام.
" سأنام هنا الليلة وكل الليالي التي سوف أقضيها هنا. حبيبتك إبنيتا أدت لي خدمة كبيرة بعد تدخلها. لن يتساءل أحد عن سبب النفور بيننا. حلت المشكلة الآن ".
" أنتِ مخطئة. في هذه اللحظة يظن كل من في المنزل أننا معا في السرير نستمتع بمصالحة حميمة بعد أن كفرتُ عن أخطائي السابقة بهدية ثمينة لائقة وأننا سننسى المشكلة وستأخذين أنتِ مكانك كزوجة محبة مطيعة ".
أضاف بلطف " وهذا يا حبيبتي ما سيحصل بالضبط. أمام أنظار عالمنا الصغير على الأقل ".
" أتظنني سأعود إلى تلك الغرفة تحت أي ظرف؟ لا لن أفعل ".
" أظنك ستفعلين إلا إن كنتِ ترغبين بأن اقنعك بوسائلي الخاصة التي بدت فعالة جدا ليلة زفافنا. عندها سنحل الكثير من المشاكل ".
توقف قليلا، ثم قا ل " ماذا قلت؟ ".
" سأنام في تلك.. الغرفة ".
" لقد خاب ظني ".
ابتعد روان عنها وما لبثت أن سمعت حفيفا على الفراش. نظرت نحوه بدهشة فرأته ممدا على السرير بعد أن خلع حذاءه وجوربيه.
" ما الذي تفعله؟ "
" من المفترض أننا نقيم الآن علاقة حميمة ونحمل بعضنا إلى الجنة. بالطبع لا يمكن تحقيق ذلك في لحظات قليلة ".
وضع يديه تحت رأسه وأكمل " بالتأكيد ستجعلينني أتوسل في البداية لكن اتمنى ألا يطول الأمر ".
ثم نظر نحوها وقال " هناك كرسي إن أردت الجلوس أو يمكنك الإنضمام إليّ في السرير ".
" لا بأس بالكرسي ".
جلست هارييت على الكرسي مثل تلميذة مدرسة. بدأت الدقائق تمر ببطء. بدا روان مسترخيا كأنه على وشك الاستسلام للنوم.
" أيمكنني أن أطرح عليك سؤالا؟ "
" بالطبع ".
" إينيتا.. كيف تعرفت عليها؟ "
" كانت تقيم عند الشاطئ في فيلا استأجرتها صديقتها خلال فصل الصيف.إنها امراة تدعى ماريا كوسيداس. أقيم حفل هناك وتمت دعوتي. علمت إينيتا بطريقة ما أنني أطمح لأصبح رساما فحدثتني عن الفن وسألتني إن كان يمكنها رؤية أعمالي. أتت إلى المحترف في القرية في اليوم التالي فأبدت إعجابها بلوحاتي واقترحت أن أقوم برسمها. شرحت لها أنني لست خبيرا في تجسيد الشخصيات ".
توقف قليلا ثم أردف " وبينما كنت أشرح لها خلعت ملابسها لذا أصبح الجدال دون جدوى ".
" هل أغرمت بها؟ "
" عزيزتي هارييت دعينا نقول إنها في ذلك الوقت كانت تناسب حاجاتي ".
" هي.. رائعة الجمال. هل عملت في مجال عرض الأزياء؟ "
" ربما لكن طموحها الحقيقي ـ كما أخبرتني ـ هو التمثيل. على الرغم من عدم اعترافها بالامر في البداية لكنها حاولت إقناعي بتمويل مهنتها ".
" وهل فعلت؟ "
" رأيتها تمثل دورا صغيرا في إنتاج خاص. بدا تمثيلها مريعا ".
صرّ على أسنانه فجأة وقال " عندما رأيت غرفة النوم اليوم خطر لي أنها قد تنجح أكثر في العمل كمصممة ديكور.. أتساءل عن هوية الخادم الذي ساعدها ".
" بدوا جميعا تفاجئين. لعلها دخلت خلسة إلى هنا
" لا أظن ذلك. هي حاقدة لكنها ليست ساذجة. أظنها وضعت الخطة وجعلت أحدهم يضع اللوحة بهذه الطريقة ويسكب زجاجة من عطرها المفضل على السرير... سريرنا ".
توقف قليلا ثم أكمل " سأطلب من بانيتوس حرق كل الأغطية وكذلك اللوحة ".
" ألم تجلبها إلى هنا يوما؟ "
" لا التقينا في أماكن أخرى في الاستديو.. بيت ماريا.. شقتي في أثينا. كنت كثير الأسفار حينها وهي سافرت معي. لكن ليس إلى هنا. قررت منذ مدة طويلة أنني لن أحضر إلى منزلي سوى زوجتي.. حبيبتي ".
" لكنكما التقيتما عند الخليج وذلك كان حذاءها ".
" نعم. فقدته وهي في حالة من الغضب الشديد ".
" ولماذا.. افترقتما؟ "
" أخبرتها عن قراري بالسفر إلى لندن. ظننتها تريد المجيء معي لكن عندما أدركت أن الأمر لا يتضمن السفر على الدرجة الأولى والإقامة في فنادق الخمسة نجوم وأنني سأعيش من عملي الخاص انتهى حبها لي بسرعة قياسية. يبدو أنها أحبت أسلوب حياتي ولم تحبني أنا. شعرت بالغضب الشديد لأنني أفسدت خططها ثم انتابني الغضب أيضا لكوني فكرت للحظة واحدة أنها تريدني أنا لا حسابي المصرفي. عندما افترقنا أخذت تصيح وتقول إنني شخص حقير وإنها سوف تجعلني أندم يوما ما وأفترض أن اختيارها وقع على هذا اليوم ".
تحسس خده حيث صفعته هارييت وقال: " لا بد أنها ستشعر بالرضى عندما تعرف رد فعلك ".
" أنا.. أنا أعتذر.. لم أكن أعرف ".
ساد صمت وجيز ثم قال روان " والآن أتخبرينني شيئا.؟ "
" حسنا! هذا يعتمد على الموضوع ".
" لماذا لا تتكلمين أبدا عن والدتك؟ "
عضت هارييت على شفتها وقالت: " أفترض أن جدي ذكرها أمامك.. أخبرك بما حدث ".
" أخبرني أنها تركتك في رعايته عندما كنت طفلة صغيرة وأنك فقدت كل اتصال معها مؤخرا ".
أومأت هارييت إيجابا ونظرت نحوه قائلة " آخر عنوان وصلني كان من الأرجنتين. لكنها لم تجب عن أي من رسائلي.. رسائلنا. لا بد أنها تعرفت على شخص آخر.. رجل آخر.. وتابعت حياتها. هذا ما تقوم به عادة.. هناك دائما رجال آخرون ".
" ألهذا السبب.. لا وجود للرجال أبدا في حياتك؟ "
فكرت بألم أنه شديد الملاحظة. رفعت ذقنها وقالت " لو كان ذلك صحيحا لما وجدتني هنا "
قال روان بلطف " آه لكنك لست حقا هنا.. حتى الآن. أتعلمين؟ من الممكن اقتفاء أثرها ".
" كالبحث عن إبرة في كومة قش. إضافة إلى ذلك إن أرادت يوما التواصل معي فهي تعرف أين تجدني ".
" ألهذا السبب غريس ميد مهم جدا بالنسبة لك؟ هو المكان الذي تركتك فيه والذي ستجدك فيه مجددا.. إن عادت ".
" لا هو منزلي تماما كما أن هذا المكان هو منزلك. كفّ عن هذه التحليلات النفسية العميقة ".
" كما تشائين ".
جلس روان ونظر إلى ساعة يده ثم قال " حسنا أظن الوقت أصبح كافيا.. سأخبر تولا أنك نائمة وأطلب منها أن تجلب لك بعض القهوة وتوقظك بعد ساعة. عندما أذهب اخلعي ملابسك ونامي في السرير ".
" لماذا؟ "
تنهد بنفاد صبر ثم قال:
" ليقتنع الجميع أننا أقمنا علاقة حميمة ".
" آه، فهمت هكذا تقنع الجميع أنك عاشق رائع. حسنا لماذا عساي أفعل ذلك؟ "
" لأنني أطلب منك ذلك ".
ترك روان السرير بسرعة وتوجه نحوها. توقف قليلا وأخذت عيناه السوداوان تحدقان بوجهها ثم انتقلتا إلى أنحاء جسدها.جذبها فجأة نحوه وأخذت يداه تبحثان عن سحاب فستانها.
" ربما عليّ قمع ترددك حبيبتي عبر تذكيرك كيف يمكنني جعلك تشعرين إن أردت ذلك ". التقطت هارييت فستانها الذي كاد يسقط برعب وقالت " لا .. من فضلك سأفعل ما تطلبه عندما تغادر ".
وضع روان يده على عنقها وراح يمرر إصبعه ببطء متعمد على حافة حنجرتها ثم قال بلطف " الم تفكري يوما عزيزتي هارييت أننا يجب أن نكرر ما تشاركناه في تلك الليلة السحرية في لندن؟ ".
أحست بألم في قلبها لكنها قالت بسخرية " سحرية هو وصفك.. وليس وصفي ". أكملت في سرها يومها.. تركتني ورحت.
" هذا ما أحسست به. سمحت لنفسي بأن أحلم.. أملت أن تغير تلك الليلة الأمور بيننا. ظننت أنني.. إن تحليت بالقليل من الصبر فسوف تأتين معي ".
أكمل روان بصوت عميق:
" أتدرين كم يوم وليلة انتظرت حبيبتي قبل أن افقد الأمل؟ "
قالت في سرها وأنا لم أنتظر سوى ثمان وأربعين ساعة لأجدك مع لوسي وهكذا تخلصت من ضعفي. وقالت بصوت مرتفع " كان زواجنا صفقة تجارية ولم يتغير الأمر بالنسبة لي ". تركها روان بقسوة وقال " إذا دعينا نناقش بطريقة تجارية التعويضات التي يجب أن أقدمها بعد ما حصل. أنت ترفضين الياقوت والزمرد هل تقترحين شيئا آخر؟".
قالت هارييت ببرودة " ما أريده.. لا يمكنك تقديمه لي. إنه عودتي إلى منزلي.. غريس ميد ".
" إذا لا يسعني قول المزيد ".
تركها روان وخرج وبقيت هارييت وحدها في الغرفة وهي على وشك البكاء. همست قائلة " إنها مسألة بقاء. علي اجتياز هذا الوضع.. بطريقة ما ومهما كان الثمن ".
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير: لن ترحل الشمس
Romanceلن ترحل الشمس للكاتبة سارة كريفن الملخص ان لم تتزوجي قبل حلول عيد مولدك الخامس والعشرين ، لن ترثي غرايس ميد. لم يكن أمام هارييت فلينت خيار إلا الرضوخ لمشيئة جدها ، لكي تتمكن من الحصول على منزل العائلة ، لذا اتفقت مع الشاب اليوناني الوسيم روان زاند...