الفصل السادس: غريبه عن ذاتها

11.2K 226 1
                                        


فكرت هارييت بتكاسل أن عليها التحرك. . . عليها أن تطلب منه الرحيل. . . الآن بعد أن حصل على مبتغاه. مع ذلك ودت لو أنها تستطيع أن تغفو. . . لكن روان تحرك. أنزل قدميه إلى الأرض. وقف وأخذ يتمطى بتكاسل. استدارت هارييت على جنبها
وسحبت الغطاء فوقها بشكل دفاعي. منعت نفسها من مراقبة رحيله. وبعد لحظات سمعت صوت الماء آتيا من مرشة الاستحمام. يا إلهي
ها هو يتصرف كأنه ينتمي إلى هذا المكانز كأننا متزوجان منذ فترة طويلة جداً.
من جهة أخرى
إنشغاله بالاستحمام يعني أنها وحيدة مع ملابسها. . . وحقيبتها. . . ومفاتيحها. إن تحركت بسرعة وهدوء تامين قد تتمكن من ارتداء ملابسها والمغادرة دون أن يلاحظ ذلك.

لكن إلى أين؟ بالطبع يمكنها دائما الذهاب إلى منزل إيزابيل لكن ذلك سيتضمن تفسيرات محرجة من الأفضل تجنبها. على أي حال أليس الوقت متأخراً جداً على المغادرة؟ ستبدو كمن يقفل باب الاسطبل بعد رحيل الحصان بوقت طويل. من جهة أخرى إلن يرسل تصرفها هذا رسالة خاطئة إلى روان مفادها أنها خائفة فيما هي بحاجة إلى إقناعه أن ماحصل لم يشكل أي فرق بالنسبة لها؟
فجأة شعرت بوخز حاد في قلبها. قالت بصمت آه يا إلهي تحول كل شيء إلى فوضى شائنة
عاد روان إلى غرفة النوم وهو يلف منشفة حول خصره ويستعمل أخرى ليجفف شعره تصاحبه رائحة خفيفة من صابونها القرنفلي المفضل قالت هارييت ببرود " لا تتردد بالتصرف كأنك في منزلك "
" شكرا لك حبيبتي مع ذلك لا أظن أن هذا سيحدث يوما ما "
توقف قليلاً ثم أضاف:
" جهزت لك الحمام "
" لماذا؟ "
" المياه الدافئة مريحة للمزاج والجسد عزيزتي هارييت لكن الخيار يعود لك "
" تأخر الوقت على إتخاذ القرار بنفسي كما سبق وأكدت لي "
" لم يحصل ذلك طوال الوقت. . . إن كنت تذكرين "
هو بالطبع يدرك عدم قدرتها على تكذيبه. . . اللعنة عليه اضاف بلطف قبل التوجه إلى غرفة الجلوس " لا تدعي المياه تبرد "
ارسلت هارييت نظرة حانقة في أثره لكن لم يخطر في بالها سبب واحد يمنعها من الأخذ بنصيحته. أزالت الغطاء عن جسدها وأخذت تنظر بقلق خوفاً من عودته ثم ركضت نحو الحمام.
غاصت في طبقة من الفقاعات الكثيفة وأراحت رأسها على الوسادة الصغيرة المثبتة على حوض الاستحمام. هي ليست معتادة على هذا النوع من الدلال وأزعجها كونه مخدراً للحواس. هي بحاجة إلى التفكير بسرعة بخطوتها التالية. كيف يمكنها مواجهته في ظل هذا الضعف المروع الذي أظهرته؟
" أتشاركينني الشراب؟ "
فتحت عينيها فجأة وجلست بسرعة. أدركت بغضب أنها لم تلاحظ دخوله. غطت صدرها بيديها وراحت تراقبه بعدائية. بينما جلس على حافة حوض الاستحمام وعرض عليها أحد الكوبين.
سألت هارييت " أتعتقد حقاً أن هناك ما يدعو للاحتفال؟ "
" ماذا؟ أعتقد ذلك. خذي شرابك "
راقب روان إدعانها المتردد باستمتاع وأضاف " أي نخب سنشرب؟ المستقبل ربما؟ "
" نخب ذهابنا في طريقين منفصلين. هذا هو المستقبل الوحيد الذي أتوق إليه "
" بالرغم مما حدث بيننا للتو؟ لقد سببت لي الحزن. مع ذلك ليكن ما تريدين ".
ارتشفت كارهة القليل من الشراب وبحركة متمردة أفرغت ما تبقى منه في الماء. سلمته الكوب الفارغ قائلة " الآن بعد أن أكملت طقس الاذلال هذا هل سترحل وتدعني بسلام؟ "
" أتيت لأقضي ليلتي هنا عزيزتي هارييت الليل لم ينتهي بعد "
" لكنك حصلت على مبتغاك. . . لِم تفعل هذا بي؟ "
" ولِم تخجلين بشدة من كونك امرأة؟ "
لم تتوقع هارييت هذا السؤال. مع ذلك رفعت ذقنها وقالت: "أشعر بالعار من السماح لنفسي بالتورط معك ومن عدم قدرتي على التعامل مع هذا الوضع. كان علي أن أعرف أن الفقر لا يعني الأمانة. لست سوى شخص حقير يستغل النساء وأنا لا أدري كيف سأتعايش مع نفسي بعد. . . ما حصل "
ساد الصمت لبرهة ثم قال روان بهدوء " إذاً ليس هناك ما أخسره "
ثم وقف. قبل أن تدرك هارييت ما الذي يحدث حملها روان ورفعها من الماء. تناول إحدى المناشف ولفها بها قامعاً مقاومتها الساخطة.
" جففي جسمك وعودي إلى السرير "
بدأ قلبها يخفق بشدة، وقالت:
" هل أنت مصر على إذلالي؟ "
" آه حبيبتي البريئة صدقيني ليس هذا ما أهدف إليه "
أضاف قبل أن يتركها:
" لا تدعيني أنتظرك لوقت طويل "
أخذت هارييت تجفف بشرتها ببطء وتحدق بالمرآة. حاولت أن تجد تلك الفتاة التي خرجت هذا الصباح من شقتها لتتمم صفقة عمل بسيطة. ظنت أنها مسيطرة على الوضع وأنها حققت انتصاراً. حسناً الآن باتت تعرف الحقيقة. هذه ليست أنا! حولني روان إلى شخص لا أعرفه. لم أشأ يوما أن أصبح هكذا. لماذا سمحت بحدوث ذلك؟ كيف. . . لماذا؟ هو آخر شخص يود أن يصبح زوجاً وأنا لا نية لدي أبداً بأن أصبح زوجة. هذه مجرد علاقة تدوم لليلة واحدة. مجرد انتقام لأنني جعلته يبدو أحمق أمام الشهود. . . أقر بذلك بنفسه.
نظرت إلى انعكاس صورتها في المرآة بهدوء. هو لا يريدها من أجل مظهرها أو قوامها فجمالها عادي وهي نحيلة كالقصبة. وبالطبع لم تجذبه نحوها عذوبة مزاجها. إن عذراء في الخامسة والعشرين من عمرها ليست امرأة مرغوبة في لندن في القرن الحادي والعشرين فما الذي يدفعه إلى تكبد هذا العناء بينما هناك الكثير من النساء الراغبات حوله؟
ألقت نظرة أخيرة على صورتها ثم استدارت. توجهت نحو الخزانة الصغيرة بجانب حوض الاستحمام وفتحت الدرج الأخير. وجدت هناك قميص نوم قطنية مطوية بأناقة احتفظت بها منذ أيام المدرسة. كادت الورود الصغيرة المطبوعة عليها تحتفي لكثرة ما غُسلت على مر السنين لكنها غير شفافة. ستتستر خلفها عندما تذهب إلى روان.
عندما تقدمت من السرير وجدته مستلقيا على ظهره شابكاً يديه خلف رأسه ويحدق نحو السقف. لاحظت أنه رتب الوسادات ورفع الغطاء حتى مستوى الخصر. التفت لينظر إليها، فرأت عينيه تتسعان.
قال بنبرة تكاد تكون تاملية: " الآن صرت أعرف كيف كنت تبدين في صغرك عزيزتي هارييت "
نظرت إليه هارييت بسرعة وإجفال ثم انسلت تحت الغطاء.
استيقظت هارييت وأخذت تدفع نفسها عبر طبقات النوم. انتظرت ليسيطر عليها الضغط المعتاد لكنها استغربت غيابه وعوضاً عن ذلك شعرت باسترخاء تام ونشاط يدب من كل أوصالها. طغت عليها سعادة غريبة. أدركت وهي تجبر نفسها على فتح جفونها المثقلة أنها تبتسم. ثم تذكرت. . .
جلست بسرعة. رفعت الغطاء عنها وراحت تحدق بذهول إلى السرير الفارغ بجانبها فيما أخذ قلبها يخفق بشدة. تساءلت للحظة إن كان خيالها يخدعها. . . إن كان هذا مجرد حلم. . . إلا أن إحساسها بكل ذرة من جسمها أكد خطأها. لقد قضت معظم ليلتها برفقة روان مستسلمة دون خجل لعلاقتهما الحميمة تذكرت كل شيء الآن في ضوء النهار. دفنت وجهها المشتعل خجلا في الوسادة. بدت مترددة وخرقاء في البداية كلنها تعلمت بسرعة واكتشفت أحاسيس لم تحلم يوماً بها.
تذكرت هارييت أنها استفاقت عند الفجر لتجد نفسها حبيسة ذراعيه وخدها مضغوط فوق قلبه. عندما حاولت الابتعاد إلى مسافة لائقة تمتم روان ناعساً بلغته الأم وشدها بقوة فلازمت مكانها ونامت مجدداً.
مع ذلك لم يجد مشكلة في تحرير نفسه منها عند الصباح. توقعت أن تجده هنا ليعانقها عندما تستيقظ. أرادت ذلك بشدة. . . جلست مجدداً ودفعت خصل شعرها عن وجهها. أصغت علها تسمع صوت تدفق الماء في الحمام أو تستشعر رائحة القهوة في الجو. . . أي دليل على وجوده في الأنحاء لكنها لم تجد سوى الصمت وأشعة الشمس التي تنساب عبر الستائر.
عضت هارييت على شفتها. نظرت إلى الساعة بجانب السرير وكتمت صرختها. رحل روان وكذلك النصف الأول من الصباح ما يعني أنها وللمرة الأولى ستتأخر عن عملها.
وقفت تحت المرشة تاركة المياه تنساب على جسدها. وتذكرت رائحة العطر على بشرته. فاقت الذكريات قدرتها على التحمل فاضطرت إلى وضع يدها على الحائط طلبا للدعم. عليها أن تدفن هذه الذكريات إن أرادت الشعور بالسلام من جديد.
فتشت في خزانة ملابسها عشرات المرات كلنها لم تجد شيئا غير الأسود الأسود والمزيد من الأسود. . . " تلك الأثواب الرسمية " كما أسماها روان. من الجيد أن ترتدي شيئا بسيطاً ومشرقاً شيئا يشبه هذا الصباح المشمس الرائع. توقفت قليلا ولوت شفتيها. قالت ساخرة من نفسها بصوت مسموع " من أنت الآن عزيزتي؟ هل أنت فراشة تخرج من شرنقتها أم حشوة العث ذاتها مغمورة بالأوهام؟ "
للوهلة الأولى بدت غرفة الجلوس على وضعها المعتاد ون أس أثر لروان فيها. بعدئذٍ رأت قصاصة ورق على الطاولة صفحة بالية الأطراف ممزقة بعشوائية على ما يبدو من دفتر رسم. رأت في وسطها حلقة ذهبية صغيرة. إنه خاتم الزفاف الذي أعادته إليه البارحة بلا مبالاة. في وسط الورقة قرأت خربشة بأحرف سوداء سميكة هي عبارة عن كلمة واحدة " تذكار ".
إذا أراد الانتقام. شعرت بالخدر فجأة. على الأقل لم يخطئ حدسها بهذا الشأن.
تضاعف اضطرابها الداخلي عندما رأت البواب جورج يفرز البريد في الردهة. قال الرجل بابتسامة مشرقة " صباح الخير سيدة زاندروس "
أدى ذلك إلى إحباط أي محاولة توبيخ سبق ان خططت لها بسبب قضية المفتاح. غمغمت إجابة خجولة وفرت مسرعة.
عندما وصلت هارييت إلى المكتب كان الاجتماع السنوي قد بدأ.
علق طوني بنبرة لاذعة " سرنا إنضمامك إلينا آنسة فلينت "
" آسفة لم يرن المنبه "
جلست هارييت منزعجة من رؤية جورج أودلاي وابتسامته العريضة المتواطئة مع أنيتا قال طوني بنبرة حادة أعادتها إلى الزمان والمكان الحاليين " بالمناسبة كيف جرت الأمور أمس؟ "
حدقت به للحظة وعاودها الاضطراب التام. قالت بصوت خافت جدا " ما الذي تقصده؟ "
" مبنى هايفورد. أفترض أنك كتبت التقرير بكفاءتك المتالقة المعتادة "
أجابت بهدوء " في الحقيقة لا لأن الأمور لم تتغير منذ التقرير الأول اعتقدت أن من الأسهل الاستناد إلى ذلك التقرير "
نظرت إلى جوناثان وأكملت " أفترض أنك تحتفظ بنسخة عنه ".
ساد الصمت للحظات ثم قال هذا الأخير بشكل فظ " لم أكتب تقريراً. ذهبت ببساطة إلى قسم الصيانة وطلبت منهم زيارة المكان "
" وهل أجريت إتصالاً بعد ذلك لتتأكد من إتمام الأمور؟ "
نظر إليها بعينين ناريتين وقال " لم أفترض أن الأمر ضروري فهم موضع ثقة. والله أعلم أن القضايا لم تكن مهمة "
قالت هارييت بنبرة ساخرة " آه، لا يقدر المستأجرون مدى إنشغالك "
سمحت لصمت غريب آخر أن يخيم على المكان قبل أن تنظر مجدداً إلى وجه طوني المنزعج وتقول " ساناقش هذا الأمر معك عندما ينتهي الاجتماع ".
أكملت في سرها أو بعد أن اكلم إيزابيل؟
في وقت آخر كانت لتهلل لانتصارها البسيط على أودلاي البغيض لكن نظراً لكل ما يدور في حياتها بالكاد شعرت هارييت بالفخر. أكملت الاجتماع وهي في عالم من أحلام اليقظة.
لم يكن ما تبقى من الصباح أفضل حالاً ظل تركيزها مشتتا وطغت على تفكيرها ذكرى الليلة الفائتة.
التقت سماعة الهاتف ثلاث مرات لتطلب رقم إيزابيل وتراجعت عن الأمر في المرات الثلاث.
" ما الأمر؟ هل مررت بليلة عصيبة؟ "
قفزت بتوتر ونظرت لترى طوني واقفاً في المدخل يراقبها. علا الاحمرار وجهها وردت بأسلوب دفاعي " لا لِم تسألني؟ "
قطب طوني حاجبيهن وقال " لأنك شاحبة جدا وكأنك. . .حسناً لا أهمية لذلك "
تقدم منها ويديه في جيبه وأكمل " هل حرارتك مرتفعة؟ أواثقة أن كل شيء بخير؟ أتشعرين بألم ما؟ "
حدقت في الشاشة أمامها " لا أظن ذلك "
تردد مجدداً وقال بلطف " جيد اتعلمين هارييت؟ لست مضطرة إلى بذل كل هذا الجهد طوال الوقت ربما يجب أن تأخذي أجازة. . . وتمرحي قليلاً. لن ينتقدك أحد إن فعلت "
قالت هارييت بصوت هادئ
" ربما يجب أن أتبع نصيحتك "
" ما أحاول قوله. . . كونك حفيدة جورجي فلينت لا يعني أن تكوني مثالية. يُسمح لك بارتكاب الأخطاء "
" حتى لو كانت أخطاء خطيرة؟
أكملت في سرها " هذا ما فعلته للتو. . . خطأ فادح. . . يجعلني أطرح أسئلة لا أود الإجابة عنها.
" نعم قد يسهل ذلك الأمور هنا ويحسن العلاقات داخل المكتب "
" أتريدني أن أقوم بعمل غير متقن؟ "
" لا أريدك أن تكوني شخصاً عادياً. اسمعي خذي أجازة هذا النهار تسوقي. . . قومي بنزهة إلى الحديقة العامة. . . عودي إلى المنزل ونامي قليلاً. . . أي شيء قد يشعرك بالراحة. هذا ليس اقتراحاً هارييت إنه أمر "
حدقت به هارييت وأخذت تتساءل بيأس هل بقى أي جزء في حياتها يمكنها الاختيار بشأنه؟ انتابها شعور غريب بأن الأسس التي بنت عليها وجودها بدأت تنهار وتتآكل وبدأ بنيانها يتداعى. من المذل إرسالها إلى البيت بهذه الطريقة مثل طالب مهمل أجبر على الوقوف في الممر. تناولت حقيبتها وتوجهت نحو المصعد. عندما خطت إلى خارج المبنى وقفت مترددة وشعرت ببعض الضياع لكسرها النمط اليومي الذي تعتمد عليه. لم تجذبها فكرة التسوق فالمشي وحيدة سيجعلها تستعيد تلك الذكريات. بدت فكرة العودة إلى الشقة أكثر إزعاجا أيضاُ. هناك ما زالت ذكريات الليلة الفائتة قوية جداًز عضت هارييت على شفتها السفلى. السيدة زاندروس رفعت كتفيها وأخبرت نفسها أن الجوع قد سبب هذا الفراغ الذي تشعر به في داخلها. طلبت سندويشاً لوجبة الغداء لكنها لم تنه سوى نصف الشطيرة المكونة من اللحم والسلطة. تذكرت أن ثلاجتها فارغة وأن تحضير وجبة العشاء قد يشغلها بالكامل.
هناك مخزن جيد لبيع الأطعمة على مقربة من شقتها. بعد التفكير اختارت الجبن فطيرة السبانخ بعض أنواع السلطة بعض الخبز علبة فريز وبعض الدراق وجدت هارييت نفسها تقف أمام قسم الأزهار فقررت أن تشتري باقة كبيرة من أزهار الفريزيا. عندما جلست في القطار راحت تتنشق عطرها وقالت لنفسها انا مجنونة حتماً لا أملك إناء أزهار حتى
عندما وصلت إلى الشقة قسمت الأزهار على ثلاث كؤوس طويلة أنيقة ووزعتها في أرجاء الغرفة. ثم رفعت كمي قميصها وأخذت تعمل. بدأت بغرفة النوم. أزالت الأغطية عن السرير ووضعت أغطية جديدة ثم وجهت اهتمامها إلى الحمام. ليتها تستطيع إزالة روان من فكرها كما تزيل الأوساخ من شقتها.
" أنا أحتقر نفسي "
آه لا جدوى من هذا التفكير عليها جمع شتات نفسها وترك ذكرياته جانبا مع خاتم الزفاف الذي وضعته في صندوق مع طقم اللؤلؤ الذي أهداها إياه جدها لمناسبة عيد مولدها الثامن عشر.بعد أن استحمتن ارتدت هارييت بيجاما ذات لون أزرق فاتحن وجلست لتأكل. بالطبع وضعت البيجاما ذات اللون الدراقي وقميص النوم في كيس بلاستيكي ودفنتهما في سلة المهملات وجدت نفسها تتفحص المكان وكأنها شخص غريب عنه. إنه ليس منزلا حقيقيا غريس ميد هو منزلها الفعلي وسيبقى كذلك إلى الأبد. لم تفكر يوماً بسؤال جدها إن كان يسمح لها بجلب بعض الأشياء إلى منزلها في لندن. ربما يتوجب عليها استبدال الستائر وشراء سجادة وربما. . . بعض الوسائد. كما يجدر بها أن تتوقف أيضاً عن تناول الطعام المجلد الجاهزن وتبدأ بشراء الطعام الحقيقي وتتعلم الطبخ مستعملة فرنها الذي يبدو جديداً من قلة الاستعمال. بالطبع بإمكان السيدة وايد أن تكتب لها طريقة تحضير بعض أطباقها المفضلة. رفعت الأطباق عن الطاولة ثم توجهت من جديد إلى غرفة الجلوس. بدأ الصمت المطبق يضايقها. . .
رن جرس الهاتف. فقفزت هارييت من مكانها وركضت لتجيب عليه.
" تيسا يسعدني سماع صوتك. متى عدتما؟ آه أنا بحالة جيدة كالمعتاد. غداً يوم الأحد؟ سيكون ذلك رائعاً "
أعادت سماعة الهاتف إلى مكانها. هذا شيء يمكنها التطلع إليه.

روايات احلام/ عبير: لن ترحل الشمسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن